إمام أوغلو يتحدى حكومة إردوغان بالرحيل قبل حبسه وحظره سياسياً

تراشق بالتصريحات الحادة مع وزير العدل حول قضية «الحمقى»

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو تحدى الحكومة مؤكداً أنها سترحل قبل أن تحصل على حكم بحبسه وحظر نشاطه السياسي (من حسابه على إكس)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو تحدى الحكومة مؤكداً أنها سترحل قبل أن تحصل على حكم بحبسه وحظر نشاطه السياسي (من حسابه على إكس)
TT

إمام أوغلو يتحدى حكومة إردوغان بالرحيل قبل حبسه وحظره سياسياً

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو تحدى الحكومة مؤكداً أنها سترحل قبل أن تحصل على حكم بحبسه وحظر نشاطه السياسي (من حسابه على إكس)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو تحدى الحكومة مؤكداً أنها سترحل قبل أن تحصل على حكم بحبسه وحظر نشاطه السياسي (من حسابه على إكس)

تشكّلت ملامح أزمة سياسية جديدة في تركيا على خلفية التراشق بين رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى «حزب الشعب الجمهوري» أكرم إمام أوغلو، ووزير العدل يلماظ تونتش؛ بسبب احتمالات مواجهته حظر النشاط السياسي لمد 5 سنوات على خلفية قضية تعود إلى عام 2019 عندما انتُخب رئيساً لبلدية إسطنبول للمرة الأولى.

ودخل إمام أوغلو وتونتش في سجال وتراشق حادَّين بالتصريحات على مدى الأيام الثلاثة الأخيرة، بعدما سُئل الأول عن احتمالات تأييد محكمة الاستئناف العليا الحكم الصادر بحبسه بتهمة إهانة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات الذين قرروا إعادة الانتخابات في إسطنبول عام 2019 على الرغم من فوزه في الجولة الأولى على منافسه رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم، لوصفه إياهم بـ«الحمقى».

إمام أوغلو ورئيسا «حزب الشعب الجمهوري» الحالي أوزغور أوزيل والسابق كمال كليتشدار أوغلو خلال إحدى الفعاليات في أغسطس الماضي (من حسابه على إكس)

تلويح بالانتخابات المبكرة

ورداً على السؤال، قال إمام أغلو، الذي يُنظر إليه على أنه المرشح الأوفر حظاً للفوز برئاسة تركيا في أول انتخابات مقبلة، إن الحكومة الحالية، التي يرأسها الرئيس رجب طيب إردوغان، لن تشهد قرار المحكمة العليا بحظر نشاطه السياسي لأنهم سيعودون إلى بيوتهم من خلال الانتخابات المبكرة قبل أن تنظر المحكمة القضية.

وأضاف، خلال مقابلة تلفزيونية ليل الثلاثاء - الأربعاء، أنه «حال قرر الاستئناف التأكيد على الحكم الصادر ضدي، فلن يبقى أولئك الذين في السلطة يوماً واحداً، الناس سيخرجون إلى الشوارع ويعلنون العصيان، تأييد الحكم سوف يسيء إلى سمعة تركيا في الخارج، الأمر الذي سوف يعمّق حالة عدم الثقة بالاقتصاد».

وعدّ إمام أوغلو أن «العملية القضائية الحالية غير عادلة، وتنطوي على تلاعب سياسي، وهدفها هو جعله محظوراً سياسياً من خلال عمل سخيف».

وزير العدل يلماظ تونتش (من حسابه على إكس)

الحكومة تبدي غضبها

ورداً على هذه التصريحات، قال وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، : «لا يمكن لأحد أن يرهب أعضاء السلطة القضائية برفع أصابعه في البرامج التلفزيونية، القضاء لديه قراراته في إطار الدستور والقوانين والتشريعات ذات الصلة، ولا يليق بأحد أن يقول كلاماً في هذه القضية الجارية، أو يهدد القضاء».

وأضاف، قاصداً إمام أوغلو دون ذكره بالاسم، «عندما لا يعجبك قرار المحكمة الابتدائية، يمكنك الاستئناف وتقديم الدفاع عن نفسك هناك، والقضاء هو الذي يقرر، لا يحق لأي سلطة أن تهدد القضاء بشكل صاخب وأن ترفع أصابعها وتقول: لا يمكنك اتخاذ هذا القرار».

بدوره، عاد إمام أوغلو وردّ على تصريحات تونتش، في تصريحات (الجمعة)، بقوله: «لم أشر بإصبعي إلى القضاء، بل أشرت إليك أنت (وزير العدل). لقد أشرت بإصبعي إلى أعضاء الحكومة الذين يؤثرون في القضاء مثلك، هذا الإصبع ليس إصبعي، بل هو إصبع الناس، مكانه في صناديق الاقتراع، سيكون عليك الذهاب إلى صناديق الاقتراع. سيتعين عليك المغادرة قبل أن تصدر المحكمة العليا قرارها».

وأضاف: «أتحداكم في الميدان... هذه الأمة سوف تقف، هذه الأمة لن تترك لك الوقت حتى تصدر المحكمة العليا قرارها وسترسلك إلى بيتك، وطريقتها واضحة... الانتخابات المبكرة ستأتي».

إمام أوغلو وإلى جانبه رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش خلال المؤتمر العام لـ«حزب الشعب الجمهوري» في أنقرة الجمعة (من حساب إمام أوغلو على إكس)

وقائع قضية إمام أوغلو

وقضت محكمة تركية في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2022، بحبس إمام أوغلو لمدة سنتين و7 أشهر و15 يوماً، ومنعه من ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات بتهمة «إهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات».

وبدأت القضية عندما انتقد وزير الداخلية السابق سليمان صويلو، إمام أوغلو، الذي تحدث في المؤتمر الأوروبي للسلطات المحلية والإقليمية في عام 2019، قائلاً: «أقول للأحمق الذي يذهب إلى البرلمان الأوروبي ويشكو من تركيا، إن هذه الأمة ستجعلك تدفع ثمن ذلك».

وردّ إمام أوغلو على صويلو قائلاً: «إن أولئك الذين ألغوا انتخابات 31 مارس (آذار)، وعندما ننظر إلى ما حدث وما يحدث في العالم، وفي أوروبا، من حيث صورتنا في أعينهم، سنجد أن أولئك الذين ألغوا الانتخابات هم الحمقى».

وعلى أثر ذلك، قدّم أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات شكوى جنائية ضد إمام أوغلو بدعوى أنهم تعرّضوا للإهانة، ورفع مكتب المدعي العام في إسطنبول دعوى قضائية ضده بتهمة «الإهانة العلنية للموظفين العموميين الذين يعملون كلجنة بسبب واجباتهم».

وفي المرحلة الأولى قضت المحكمة الجنائية في إسطنبول بمعاقبة إمام أوغلو بالحبس لمدة سنتين و7 أشهر و15 يوماً، ومنعه من ممارسة النشاط السياسي 5 سنوات، وظلت القضية قيد الاستئناف أمام المستوى الأدنى من المحكمة العليا، والتي تعدّ أيضاً «محكمة استئناف» حتى الآن، لكن تأييدها للقرار سيعني فرض الحظر السياسي على إمام أوغلو.


مقالات ذات صلة

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

تواجه «عملية السلام» في تركيا أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة لزعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان ثبتها مسلحون من الحزب عند سفح جبل قنديل شمال العراق عند إعلان انسحابهم من تركيا في 26 أكتوبر الماضي (رويترز)

زيارة مفاجئة من «وفد إيمرالي» لأوجلان في أجواء متوترة

قام «وفد إيمرالي» بزيارة مفاجئة إلى زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في محبسه، غرب تركيا، وسط قلق من التصريحات حول «عملية السلام».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية خلال خطاب أمام المؤتمر العام الـ39 لحزبه في أنقرة (حساب الحزب في إكس)

انتخاب أوزيل رئيساً لحزب «الشعب الجمهوري» للمرة الرابعة في عامين

تعهد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، بانتزاع حزبه السلطة في البلاد بالانتخابات المقبلة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل يتوسط قيادات وأعضاء بارزين في افتتاح المؤتمر العام الـ39 في أنقرة في 28 نوفمبر (حساب الحزب في «إكس»)

«الشعب الجمهوري» يسعى لتثبيت زعامة أوزيل للمعارضة التركية

انطلق في أنقرة، الجمعة، المؤتمر العام العادي الـ39 لحزب «الشعب الجمهوري» بعد موجة من التحقيقات والضغوط القضائية التي وصلت إلى حد المطالبة بإغلاقه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية لجنة وضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» وعملية السلام بالبرلمان التركي (حساب البرلمان في إكس)

تركيا: تأجيل اجتماع برلماني وسط جدل حول زيارة أوجلان

أرجأ البرلمان التركي اجتماعاً للجنة المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» للاطلاع على فحوى زيارة وفدها لزعيم الحزب السجين عبد الله أوجلان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.