تبون الرئيس الذي يريد أن يكون قريباً من الجزائريين

نجح في تغيير صورته كأحد وجوه النظام إلى رئيس بوجه أبوي

الرئيس الذي بات يُعرف عند جلّ الجزائريين بلقب «عمّي تبون» (رويترز)
الرئيس الذي بات يُعرف عند جلّ الجزائريين بلقب «عمّي تبون» (رويترز)
TT

تبون الرئيس الذي يريد أن يكون قريباً من الجزائريين

الرئيس الذي بات يُعرف عند جلّ الجزائريين بلقب «عمّي تبون» (رويترز)
الرئيس الذي بات يُعرف عند جلّ الجزائريين بلقب «عمّي تبون» (رويترز)

تمكّن عبد المجيد تبون، المرشح الأوفر حظاً للفوز بالرئاسة الجزائرية، المقررة، السبت، من تغيير صورته كأحد وجوه النظام إلى رئيس بوجه أبوي بالنسبة لكثيرين، لكن سجله في مجال الحريات لا يزال يتعرّض لانتقادات كثيرة.

جزائرية تحمل لافتة عليها صورة الرئيس تبون خلال حملة الانتخابات الرئاسية (أ.ب)

ويعدّ تبون (78 عاماً) أوّل رئيس جزائري من خارج صفوف جيش التحرير الوطني، الذي قاد حرب الاستقلال ضد المستعمر الفرنسي (1954 - 1962)، وتمّ انتخابه في 12 من ديسمبر (كانون الأول) 2019 في اقتراع سجّل نسبة مقاطعة كبيرة، ووسط الحراك الشعبي المطالب بإسقاط النظام، بعد أن نجح في إسقاط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وحاول تبّون استيعاب عداء المتظاهرين في الحراك الشعبي، المؤيد للديمقراطية، وأكد أنه يسير على خطى «الحراك المبارك»، شاكراً الشعب على إنقاذ البلاد من الانهيار، الذي كانت ستمثله ولاية خامسة لبوتفليقة، الذي توفي في سبتمبر (أيلول) 2021. وأصدر في بداية ولايته عفواً عن عشرات من سجناء الرأي.

مؤيدون للرئيس تبون في حملة لإقناع ناخبين بالانتخاب (حملة المترشح)

لكن حملة القمع تزايدت بعد ذلك فساهمت، مع جائحة «كوفيد»، في انحسار التجمعات والحراك، بدءاً من ربيع 2020، وانتهى الحراك مع سجن أبرز وجوهه.

بعد خمس سنوات على رأس البلاد، يصف مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف، الجزائري حسني عبيدي، حكم تبون بأنه «يعاني من نقص في الديمقراطية»، لافتة إلى أن هذا مؤشر ضعف للمستقبل. واتهمت «منظمة العفو الدولية» غير الحكومية في بيان أصدرته في 2 من سبتمبر الماضي، السلطات بمواصلة «قمع حقوق الإنسان»، التي تراجعت بشدة «من خلال حلّ الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وغلق وسائل الإعلام المستقلة». كما دانت المنظمة غير الحكومية «الاعتقالات التعسفية»، التي طالت نشطاء سياسيين، ما يدلّ على سلوك «نهج عدم التسامح نهائياً مع بروز آراء معارضة».

«عمّي تبّون»

عندما وصل تبون إلى السلطة، وصف متظاهرون الرئيس الجديد بأنه «رئيس مزوّر جاء به العسكر»، لكن مع مرور السنوات استطاع أن يكسب قلوب الكثير من الجزائريين ويغيّر صورته، بعد أن حاول التقرّب من الشعب، وعبّر عن افتخاره خلال مقابلة نشرت في نهاية مارس (آذار) الماضي، بلقب يطلق عليه وهو «عمّي تبون». كما أراد أن يظهر استقلاله عن الأحزاب، التي فقدت مصداقيتها بعد دعمها اللّامشروط لبوتفليقة خلال ولاياته الأربع.

ركّز تبّون على التحسن الاجتماعي والاقتصادي بعد نجاحه في إخماد الحراك الشعبي (أ.ف.ب)

في هذا السياق، يرى عبيدي في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «الرئاسة تحوّلت من مؤسسة وهمية إلى مركز للسلطة الحقيقية»، بل أصبحت «الحَكَم وقطب وساطة بين كل الأطراف في السلطة». وتبون هو أيضاً القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع الوطني، ويصطحب في عدد كبير من تحركاته ونشاطاته قائد الأركان، الفريق أول سعيد شنقريحة، ويرى أن الجيش الذي دعم سقوط بوتفليقة «هو العمود الفقري للدولة».

حصيلة اقتصادية جيدة

ركّز تبّون على التحسن الاجتماعي والاقتصادي الذي حصل خلال حكمه، وبدأ يجوب البلاد منذ شهور لإبراز دوره في انتعاش «ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا»، بعد «عقد من حكم العصابة»، في إشارة إلى بوتفليقة ومحيطه. وبالاعتماد على المداخيل غير المتوقعة في الميزانية بسب ارتفاع أسعار الغاز منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، وعد الرئيس المنتهية ولايته برفع الرواتب ومعاشات التقاعد ومنح البطالة، في مواجهة مطالب الطبقة الوسطى بتحسين قدرتها الشرائية.

المرشح عبد العالي حساني مخاطباً مؤيديه في حملته الانتخابية (أ.ف.ب)

تخرّج عبد المجيد تبون في المدرسة الوطنية للإدارة سنة 1965، وشغل منصب والٍ (محافظ) مرات عدّة خلال الثمانينات، ويعتمد في تسيير البلد أكثر على خبرته الطويلة في مختلف مراكز السلطة ومعرفته الجيدة بأجهزتها. كما شغل لفترة وجيزة منصب وزير منتدب للجماعات المحلية في عام 1991 في ظل رئاسة الشاذلي بن جديد، قبل أن يختفي عن الساحة السياسية. أخرجه بوتفليقة بعد انتخابه في عام 1999 من عزلته، وعيّنه وزيراً بحقائب مختلفة حتى عام 2002. وبدأت عشر سنوات أخرى من العزلة حتى عودته في 2012 إلى الحكومة، ثم رئيساً للوزراء عام 2017. لكنه أقيل بعد ثلاثة أشهر بعد تهجمه على رجال أعمال، يدورون في فلك الرئيس، ويستحوذون على كل الصفقات الحكومية، وغالبيهم اليوم موجودون في السجن بتهم فساد تتعلق بهذه الصفقات. وتخلّى الرئيس التاسع للجزائر، الأب لثلاثة أولاد وبنتين، عن التدخين بعد إصابته بفيروس «كورونا» في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، فتم نقله للعلاج في مستشفى بألمانيا، حيث خضع لعملية جراحية في قدمه اليمنى في يناير (كانون الثاني).

المرشح يوسف أوشيش في حملته الانتخابية (إ.ب.أ)

ويدخل عبد المجيد تبون انتخابات السبت بثوب الفائز بولاية ثانية من خمس سنوات، في مقابل المرشح الإسلامي عبد العالي حساني شريف، والمرشّح الاشتراكي يوسف أوشيش. ورغم إعلانه دخوله السباق الرئاسي «مرشحاً حرّاً»، فإنه يلقى دعم الأحزاب الرئيسية في البرلمان، بينهم حزب «جبهة التحرير الوطني».



القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.