نتنياهو وعد بايدن بمرونة في مفاوضات «الهدنة» ثم نكث

تمسك بالبقاء في «فيلادلفيا»... والأميركيون مُصرّون على استمرار مباحثات القاهرة

نتنياهو وبايدن خلال لقاء في تل أبيب بأكتوبر الماضي (رويترز)
نتنياهو وبايدن خلال لقاء في تل أبيب بأكتوبر الماضي (رويترز)
TT

نتنياهو وعد بايدن بمرونة في مفاوضات «الهدنة» ثم نكث

نتنياهو وبايدن خلال لقاء في تل أبيب بأكتوبر الماضي (رويترز)
نتنياهو وبايدن خلال لقاء في تل أبيب بأكتوبر الماضي (رويترز)

على الرغم من الامتعاض من تصرف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي نكث وعوده للإدارة الأمريكية مرتين في أسبوع واحد، أكدت مصادر سياسية في تل أبيب أن الرئيس جو بايدن، ونائبته كاملا هاريس، مصممان على التوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل و«حماس»، وتوقف الحرب على غزة، ومواصلة عقد مباحثات في القاهرة بهذا الشأن، في حين يُقدِّر مراقبون في إسرائيل أن هذه المفاوضات تتعثر، بل و«مضيعة للوقت».

وكشفت المصادر الإسرائيلية تفاصيل ما جرى بين وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ونتنياهو، فقالت إن الأخير وافق على المقترحات الأميركية فعلاً لكنه طلب ألا يتم الإعلان عن ذلك، حتى يمنع حلفاءه في اليمين من الخروج ضدها.

وبحسب مسؤول رفيع المستوى فإن نتنياهو قال إنه «في حال موافقة (حماس) على الشروط الإسرائيلية المتعلقة بتفاصيل تبادل الأسرى، يمكن أن تتنازل حكومته عن شروطها، وتنسحب بشكل تدريجي من محور فيلادلفيا (بين مصر وقطاع غزة)، وممر نتساريم (يقسم غزة عرضياً)، ولكن يجب أن توافق (حماس) أولاً على ذلك».

إلا أن بلينكن سارع وكشف عن هذه الموافقة، فخرج نتنياهو ضدها، ونفى أنه وافق. وبسبب هذا التصرف سُمِعَت انتقادات في البيت الأبيض للوزير بلينكن.

واتصل بايدن بنتنياهو، الليلة الماضية، ليل الأربعاء – الخميس، ليحثه على المرونة، وانضمت إلى المكالمة نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، وطالبا نتنياهو بإنجاح الجهود الأميركية والتوصل إلى وقف إطلاق النار مع حركة «حماس».

وجاء في بيان للرئاسة الأميركية أن بايدن «شدد على الضرورة الملحّة لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن، وناقش المحادثات المرتقبة في القاهرة لإزالة أي عقبات متبقية». كما أبلغ الرئيس الأميركي رئيس الحكومة الإسرائيلية بـ«الجهود الأميركية المبذولة لدعم الدفاع عن إسرائيل في مواجهة التهديدات الآتية من إيران»، والجماعات المرتبطة بها. وقال له إن «إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يساهم في تجنّب اتساع نطاق النزاع في الشرق الأوسط».

تراجع

ووفق ما أفيد في واشنطن، فقد وعد نتنياهو، بايدن وهاريس بإبداء المرونة. ولكن بعد ساعات من النشر عن هذا الوعد، عاد نتنياهو ليتراجع، ونشر للإعلام تحت اسم مصدر سياسي رفيع المستوى أنه لم يغير موقفه.

ويفترض أن يُعقد اجتماع الليلة للمجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية؛ للتداول في تطورات المفاوضات. ويعد هذا المجلس هو صاحب الصلاحيات في إسرائيل لاتخاذ القرارات الاستراتيجية، وتبعاتها.

وبحسب وزير الدفاع، يوآف غالانت، الذي يؤيد المصادقة على الصفقة، فإنه يجب على نتنياهو أن يعرض الصفقة، ويوضح أن الموافقة عليها ستساهم في خفض التوتر في المنطقة، وأن عدم الموافقة تعني فتح الباب للتصعيد، وربما اشتعال حرب. وقال: «فليصوت الوزراء على هذا ويتحملوا المسؤولية».

نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (د.ب.أ)

وحذر مسؤول سياسي في إسرائيل من أن الولايات المتحدة ستخفض من جهودها للوساطة، وربما توقفها تماماً في حال وجدت أن الطرفين يتصارعان على مصالح ذاتية وحزبية. فقد سبق وأن تركوا ساحات صراع كهذه، عندما شعروا باليأس من التأثير على الأطراف. واليوم، حيث تعيش معركة انتخابات ساخنة، تجري إدارة الرئيس بايدن حسابات دقيقة وصعبة، حول الفوائد والأضرار من الوضع الحالي.

وكان بايدن وأعضاء فريقه يريدون تمرير مؤتمر الحزب الديمقراطي من دون حرب في الشرق الأوسط، وتم لهم ذلك، فإيران ترجئ الرد على اغتيال هنية وتبرد أعصابها. و«حزب الله» أيضاً لم يرد على اغتيال فؤاد شكر، وبدا أن المحور الإيراني لا يرغب في مواجهة اتهام بأنه خرّب إنجاز اتفاق يوقف الحرب على غزة.

اليمين المتطرف

بيد أن اليمين المتطرف المسيطر على حكومة نتنياهو ينظر إلى الأمور بشكل مختلف، ويعدها فرصة لتحقيق أطماعه التوسعية في الأراضي الفلسطينية، وحسم الصراع لصالح المشروع الاستيطاني.

وحذر رئيس تحرير صحيفة «هآرتس»، الوف بن، في مقال افتتاحي، من خطة حكومية لما يعرف بـ«اليوم التالي»، وبموجبها تسيطر إسرائيل على شمال القطاع وتدفع إلى الخارج نحو 300 ألف فلسطيني ما زالوا يعيشون هناك، حتى لو -كما اقترح الجنرال احتياط غيورا آيلاند، آيديولوجي الحرب- بتجويعهم حتى الموت أو طردهم إلى المنفى، كوسيلة لإخضاع «حماس».

وقال بن: «اليمين في إسرائيل ينظر بنهم إلى المنطقة ليكون فيها استيطان يهودي مع الإمكانية الكامنة العقارية الضخمة في هذه الطبوغرافيا المريحة والمشهد على شاطئ البحر».

فلسطينيون يقفون على شاطئ غزة خلال بناء الولايات المتحدة الرصيف المؤقت لإيصال المساعدات (رويترز)

وأضاف أنه «من تجربة 57 سنة من الاحتلال في الضفة الغربية وفي شرقي القدس، فإن الحديث يدور عن عملية طويلة تحتاج إلى الكثير من الصبر والقدرة على المناورات الدبلوماسية».

وتابع: «لن يقيموا في الغد مدينة يهودية كبيرة بقطاع غزة، بل هم يركزون على دونم تلو دونم، وكرفان تلو كرفان، وبؤرة استيطانية تلو الأخرى، مثلما يحصل في الخليل. وأما جنوبي القطاع، فسيتم إبقاؤه لـ(حماس)، التي ستضطر إلى الاهتمام بالسكان الذين ينقصهم كل شيء، والمحبوسين في حصار إسرائيلي، حتى بعد أن يفقد المجتمع الدولي الاهتمام بهذه الأزمة وينتقل إلى أزمات أخرى».

وشرح الكاتب الإسرائيلي أن «نتنياهو يُقدِّر أنه تقريباً بعد الانتخابات الأميركية سيخفت تأثير المتظاهرين الذين يؤيدون الفلسطينيين على السياسة الأميركية، حتى لو فازت كمالا هاريس. بالتأكيد إذا قلب دونالد ترمب الأمور رأساً على عقب وعاد إلى البيت الأبيض فإن نتنياهو يتوقع منه إطلاق يده في القطاع».


مقالات ذات صلة

نتنياهو يصر على إبقاء القوات الإسرائيلية بمحور فيلادلفيا

المشرق العربي معبر رفح الفاصل بين قطاع غزة والحدود المصرية (د.ب.أ) play-circle 01:35

نتنياهو يصر على إبقاء القوات الإسرائيلية بمحور فيلادلفيا

نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، تقارير تشير إلى أن إسرائيل تدرس الموافقة على نشر قوة دولية على امتداد شريط حدودي ضيق بين غزة ومصر.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية الرقيب بالجيش الإسرائيلي أوري أشكنازي نحميا (19 عاماً) قُتل بمعركة في قطاع غزة في 22 أغسطس 2024 (الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل رقيب بغزة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل جندي خلال معارك في جنوب قطاع غزة بوقت سابق اليوم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية تقف إلى جانب مبان مدمرة في قطاع غزة 3 يوليو 2024 (أرشيفية/ رويترز) play-circle 01:10

مطالب إسرائيل بالاحتفاظ بقوات في غزة تمنع التوصل لاتفاق هدنة

قالت 10 مصادر مطلعة إن خلافات حول وجود عسكري إسرائيلي مستقبلاً في غزة تقف عقبة كؤوداً في سبيل التوصل لاتفاق وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية محور فيلادلفيا (تايمز أوف إسرائيل)

مسؤول إسرائيلي: المقترح الأميركي بشأن الهدنة يلبي مطالبنا الأمنية

يعد نشر قوات الجيش الإسرائيلي على الممر الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة في حالة التوصل إلى اتفاق مع «حماس»، إحدى النقاط الشائكة الرئيسية في المفاوضات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته للقاهرة في 14 فبراير الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)

مصادر تركية: السيسي يزور أنقرة في 4 سبتمبر

قالت مصادر في وزارة الخارجية التركية إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيزور أنقرة في 4 سبتمبر المقبل تلبية لدعوة الرئيس رجب طيب إردوغان.

 سعيد عبدالرازق (أنقرة)

نتنياهو يصر على إبقاء القوات الإسرائيلية بمحور فيلادلفيا

TT

نتنياهو يصر على إبقاء القوات الإسرائيلية بمحور فيلادلفيا

معبر رفح الفاصل بين قطاع غزة والحدود المصرية (د.ب.أ)
معبر رفح الفاصل بين قطاع غزة والحدود المصرية (د.ب.أ)

نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، تقارير تشير إلى أن إسرائيل تدرس الموافقة على نشر قوة دولية على امتداد شريط حدودي ضيق بين غزة ومصر يُعرف باسم ممر فيلادلفيا (صلاح الدين).

وقال مكتبه، في بيان: «يصر رئيس الوزراء نتنياهو على مبدأ أن إسرائيل ستسيطر على ممر فيلادلفيا لمنع إعادة تسليح حماس، الأمر الذي من شأنه أن يسمح لها بتكرار الفظائع التي ارتكبت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)»، وفقاً لوكالة «رويترز».

ويعد نشر قوات الجيش الإسرائيلي على الممر الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة في حالة التوصل إلى اتفاق مع «حماس»، إحدى النقاط الشائكة الرئيسية في المفاوضات.