أفادت وسائل إعلام عبرية، الاثنين، بأن الوفد الإسرائيلي المشارك في المفاوضات الرامية إلى تحقيق تهدئة بين حركة «حماس» وإسرائيل في غزة، عاد من الجولة التي استضافتها القاهرة من دون اتفاق.
لكن في المقابل، لم يقر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بحدوث فشل أو وجود دليل على أزمة، ونقلت مصادر إسرائيلية عنه أنه خلال زيارته إلى إسرائيل، الاثنين، «حوّل الأنظار نحو اجتماع آخر سيُعقد بعد (الأربعاء) بحضور رؤساء الوفود».
وتقود الولايات المتحدة ومصر وقطر، محاولات وساطة لإقرار اتفاق على تهدئة ووقف الحرب التي تدور منذ أكثر من 10 أشهر في غزة، وأودت بحياة ما يزيد على 40 ألف قتيل في القطاع.
والتقى بلينكن، الاثنين، الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقال إنه لا يزال «متفائلاً بالتوصل» إلى اتفاق قريب. لكن نتنياهو، بدا أكثر تحفظاً، وأعلن تمسكه بالشروط الجديدة التي طرحها، وفي صلبها «الامتناع عن الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وإبقاء قوات على محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، وعلى محور نتساريم، وفرض (فيتو) على أسماء أسرى فلسطينيين سيجري إطلاق سراحهم مقابل الرهائن الإسرائيليين».
ومع أن بلينكن أفاد بأن لقاءه مع نتنياهو حدث في «أجواء إيجابية»، إلا أن مصادر إسرائيلية نقلت عن مسؤول في مكتب نتنياهو أنه «أصر على التمسك بالمصالح الأمنية الإسرائيلية الحيوية»، وهو ما ترجمه متابعون مناوئون لنتنياهو على أنه استمرار في السعي لإجهاض الصفقة.
لقاء جديد
بدورها، تحدثت مصادر أميركية عن أن رؤساء الوفود (لدول الوساطة) سيلتقون من جديد في القاهرة، الأربعاء، لكي يسعوا إلى إغلاق الثغرات، وجسر الخلافات، وإنهاء المفاوضات بنجاح. وأفادت بإمكانية «استمرار لقاءات القاهرة أيضاً، الخميس والجمعة، ونية بلينكن العودة إلى تل أبيب والقيام بزيارات مكوكية بين مصر وإسرائيل».
لكن الانطباع في تل أبيب أن نتنياهو لا يريد هذه الصفقة، وحتى لو أراد فإنه لا يستطيع تمريرها؛ ولذلك فإنه يقامر بإجهاضها والتدهور نحو حرب إقليمية، لكن الأميركيين يغطون عليه على أمل أن يقتنع في النهاية، ويسير على طريقهم.
المرحلة الأولى
وذهب عاموس هرئيل، في مقال نشرته صحيفة «هآرتس»، الاثنين، إلى المعنى السابق، وقال: «في بداية الأسبوع الحالي، الذي يبدو أنه حاسم لصفقة التبادل وربما منع حرب إقليمية، جرى تحديث رسائل الخطاب السياسي للجميع. من يؤيدون رئيس الحكومة، يطلون فجأة على واقع بديل... كلمة صفقة لم تعد كلمة فظة، وليس بالضرورة أن يجري التخلي عنها، يجب فحصها بجدية».
ووفق هرئيل فإن «نتنياهو يفحص الذهاب إلى المرحلة الأولى في الصفقة (التي سيجري فيها إطلاق سراح عدد من المخطوفين، بينهم نساء وكبار سن «لأسباب إنسانية»)، وتوسل إلى شركائه في اليمين المتطرف كي يؤجلوا انسحابهم من الائتلاف، حيث إنه في الأصل في الطريق إلى المرحلة الثانية ستنفجر المفاوضات مع (حماس)، وعندها يمكن العودة للقتال في غزة، كما هم (وهو «أي نتنياهو») يريدون».
وبشأن مدى استجابة وزراء اليمين المتطرف لتلك الصفقة على الأقل في مرحلتها الأولى، قال الكاتب: «احتمالية استجابة الوزير إيتمار بن غفير، والوزير بتسلئيل سموتريتش، لذلك ضئيلة في الوقت الحالي؛ فهما يستندان إلى دعم ناخبيهما لمواقفهما المتطرفة حتى فيما يتعلق بإدارة الحرب. ونتنياهو يظهر مرونة معينة، وبهذا يهدئ الأميركيين».
وتابع هرئيل: «الافتراض المعقول هو أن المفاوضات ستفشل في نهاية المطاف، ولكن رسائل نتنياهو الإيجابية ربما تُحسِّن بشكل قليل وضعه إزاء الإدانات الأميركية، وغضب عائلات المخطوفين. وفي لعبة الاتهامات التي ستبدأ عندها سيريد العودة وإلقاء المسؤولية عن رفض الصفقة على (حماس)، لكن من غير المؤكد أن الإدارة الأميركية ستتعاون معه في ذلك؛ فورقة رئيسية توجد في يد الرئيس الأميركي (جو بايدن)، وهي خوف نتنياهو من أن يتهمه علناً بإفشال المفاوضات؛ الأمر الذي لم يحدث منذ بداية الحرب».
لكن هذا اللعب على الجميع يُخرج رؤساء جهاز الأمن الإسرائيلي عن أطوارهم، فهؤلاء لا تقنعهم التصريحات المتفائلة؛ لأنهم يعرفون الوضع الحقيقي. وفي الشهر الماضي، أدخل نتنياهو إلى المفاوضات عقبتين، هما: سيطرة إسرائيل على ممر نتساريم في وسط القطاع، وعلى محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر.
ومؤخراً، وجهت المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، الانتقاد لطريقة اتخاذ القرارات الاستراتيجية المهمة، التي اتخذت من دون المصادقة المطلوبة. وكذلك توجه ووزير الدفاع، يوآف غالانت، إلى نتنياهو مباشرة، وعبر الإعلام طالباً عقد جلسة لمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، وطرح الموضع للتصويت. ويقول غالانت إن إجهاض الصفقة سيشعل حرباً إقليمية والقانون يلزم رئيس الحكومة في هذه الحالة على طرح المسألة والتصويت عليها، حتى يعرف من يصوت ضد الصفقة أنه صوت لصالح الحرب.