مكالمة غامضة سبقت استهدافه... كيف قتلت إسرائيل «الشبح» فؤاد شكر؟

القيادي العسكري البارز في «حزب الله» أفلت من قبضة الولايات المتحدة لعقود

صورة لقيادي «حزب الله» فؤاد شكر خلال تظاهرة لعناصر من جماعة الحوثي في صنعاء (رويترز)
صورة لقيادي «حزب الله» فؤاد شكر خلال تظاهرة لعناصر من جماعة الحوثي في صنعاء (رويترز)
TT

مكالمة غامضة سبقت استهدافه... كيف قتلت إسرائيل «الشبح» فؤاد شكر؟

صورة لقيادي «حزب الله» فؤاد شكر خلال تظاهرة لعناصر من جماعة الحوثي في صنعاء (رويترز)
صورة لقيادي «حزب الله» فؤاد شكر خلال تظاهرة لعناصر من جماعة الحوثي في صنعاء (رويترز)

​أفلت فؤاد شكر من قبضة الولايات المتحدة لمدة 4 عقود، منذ مقتل 241 جندياً أميركياً في تفجير استهدف ثكنة عسكرية في العاصمة اللبنانية عام 1983، والذي يُعتقد أنه ساعد في التخطيط له. في نهاية يوليو (تموز) الماضي، قُتل شكر في قصف إسرائيلي على الطابق السابع من مبنى سكني في بيروت.

وتشير صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن شكر أحد مؤسسي جماعة «حزب الله» اللبنانية التي تصنفها الولايات المتحدة مجموعة إرهابية، وصديق مقرب من زعيم «حزب الله» حسن نصر الله لفترة طويلة، ولعب دوراً محورياً في تطوير ترسانة الصواريخ التي جعلت من «حزب الله» أكبر جماعة مسلحة في العالم من غير الدول.

خلال العشرة أشهر الماضية، كان شكر يقود معارك «حزب الله» عبر الحدود مع إسرائيل. ورغم اعتباره واحداً من أهم الشخصيات في تاريخ «حزب الله»، فقد عاش حياة شبه سرية؛ حيث يظهر فقط في اجتماعات صغيرة للخبراء الذين يثق بهم الحزب، لدرجة أنه وصف «بأنه كالشبح».

وظهر في بداية هذا العام لمدة وجيزة لحضور جنازة قريب له قُتل خلال المعارك ضد إسرائيل، كما قال أحد أقربائه.

وقال مسؤول في «حزب الله»، وفقاً لـ«وول ستريت جورنال» إن شكر قضى يومه الأخير، في 30 يوليو الماضي، في مكتبه بالطابق الثاني من مبنى سكني في حي الضاحية الجنوبية في بيروت، وكان يسكن في الطابق السابع من المبنى نفسه، ربما لتقليل الحاجة إلى التنقل في العلن.

في تلك الليلة، ووفقاً للمسؤول في «حزب الله»، تلقى شكر مكالمة من شخص ما يطلب منه الذهاب إلى شقته في الطابق السابع، وفي حدود الساعة 7 مساءً، قصفت إسرائيل الشقة وثلاثة أدوار تحتها، ما أدى إلى مقتل شكر وزوجته وامرأتين أخريين وطفلين. وأصيب أكثر من 70 شخصاً، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية.

كان هدف الاتصال جذب شكر إلى الطابق السابع؛ حيث جعل من الأيسر استهدافه. وقال المسؤول في «حزب الله» إن الاتصال جاء -على الأرجح- من شخص اخترق شبكة الاتصالات الداخلية للحزب، مضيفاً أن «حزب الله» وإيران يواصلان التحقيق في هذا «الفشل الاستخباراتي».

وتابع: «هناك اعتقاد بأن إسرائيل تغلبت على تقنيات مكافحة التجسس لدى (حزب الله) بتكنولوجيا أكثر تقدماً».

بعد أن فرضت إسرائيل حصاراً على بيروت في 1982، تراجعت العناصر المقاتلة إلى وادي البقاع في شرق لبنان. كان شكر في ذلك الوقت يعمل لدى المديرية العامة للأمن العام، وطُلب منه أن يرافق مجموعة من الدبلوماسيين الإيرانيين من الحدود السورية إلى السفارة في بيروت.

وفقاً لقاسم قصير -وهو محلل سياسي يعرف «حزب الله» وقد عرف شكر منذ أوائل الثمانينات- تم خطف الدبلوماسيين خلال الطريق، ويُقال إن حزب «القوات اللبنانية» هو من خطفهم. وأطلقوا سراح شكر باعتباره موظفاً في جهاز أمني، أما الدبلوماسيون فاختفوا.

ونقلت «وول ستريت جورنال» عن أحد أقرباء فؤاد شكر، أنه تدخل بنفسه في عام 1993، ليقنع مجموعة من المتظاهرين التابعين لـ«حزب الله» والمعترضين على اتفاقيات أوسلو في بيروت، بألا يصطدموا بقوات الآمن.

وبعد اندلاع القتال بين حركة «حماس» وإسرائيل عقب هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) انضم «حزب الله» للقتال، وبدأ في مهاجمة إسرائيل عبر الحدود، وقتلت إسرائيل نحو 400 عنصر مقاتل وقيادي من الحزب منذ ذلك الوقت.

ويضيف مسؤول «حزب الله»، لـ«وول ستريت جورنال»، أنه بسبب خوف نصر الله من الاختراق الاستخباراتي الذي مكَّن إسرائيل من قتل قادة الحزب، أمر في فبراير (شباط) مقاتليه وعائلاتهم بعدم استخدام الهواتف النقالة، وتابع: «لجأ (حزب الله) إلى استخدام لغة مشفرة، ليس فقط على القنوات المفتوحة، ولكن أيضاً على شبكة الاتصالات الداخلية الخاصة».

صورة لقيادي «حزب الله» فؤاد شكر خلال إحياء ذكرى أسبوع على اغتياله في بيروت (إ.ب.أ)

ويقول مسؤول «حزب الله» إنه في بداية اليوم الذي تم فيه استهداف شكر، أصدر «حزب الله» أوامر لكبار قادته بالاختباء، نظراً للمخاوف من أنهم قد يكونون في خطر، بعد مقتل عدة أشخاص بسبب مقذوف أصاب ملعباً في قرية مجدل شمس بالجولان، واتهمت إسرائيل «حزب الله» بالمسؤولية عنه، بينما نفى الأخير علاقته بالهجوم.

ويشير مسؤول «حزب الله» إلى أنه بعد القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية، لم يكن واضحاً على الفور ما إذا كان شكر قد قُتل.

ويقول: «بعض الأشخاص في (حزب الله) كانوا يعتقدون أنه قد يكون قد امتثل لأوامر الإخلاء وفرَّ. واستغرق الأمر وقتاً للعثور على جثته. كانت قد قُذفت إلى مبنى مجاور».

ويقول شاب جلس على الرصيف قرب المبنى الذي قُتل فيه شكر: «لقد سمعنا اسمه، لكننا لم نره مطلقاً»، مضيفاً: «لقد كان مثل الشبح»


مقالات ذات صلة

عمليات نسف إسرائيلية لمنازل في يارون وكفركلا بجنوب لبنان

المشرق العربي جنديان إسرائيليان خلال عمليات تمشيط جنوبي لبنان (موقع الجيش الإسرائيلي)

عمليات نسف إسرائيلية لمنازل في يارون وكفركلا بجنوب لبنان

أقدمت القوات الإسرائيلية على نسف عدد من المنازل، مساء الأربعاء، في بلدتَي يارون وكفركلا في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صور لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت ضمن مبانٍ مدمّرة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز) play-circle 01:09

تململ في بيئة «حزب الله» من بطء التعويضات

بدأ التململ في بيئة «حزب الله» يتوسع تدريجياً نتيجة التباطؤ في عملية دفع التعويضات عن خسائر الحرب، والمحسوبيات في توزيعها.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني أمام مبنى مدمر في بلدة الخيام في جنوب لبنان (رويترز) play-circle 02:51

تململ داخل بيئة «حزب الله» نتيجة البطء في دفع التعويضات والمحسوبية

رغم التطمينات التي يحاول «حزب الله» بثّها في أوساط جمهوره فإن التململ من التباطؤ في دفع التعويضات والمحسوبيات بدأ يتوسّع تدريجياً في بيئته.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي وقائد الجيش في الخيام (الجيش اللبناني - إكس) play-circle 02:51

«حزب الله» حدَّد مكاناً لدفن نصر الله

أفادت مصادر في «حزب الله» اللبناني «الشرق الأوسط»، بأن الحزب حدَّد مكاناً لدفن جثمان أمينه العام السابق، حسن نصر الله، موضحة أنه سيكون في «قطعة أرض تقع.

محمد شقير (بيروت)
العالم العربي القوات الإسرائيلية تفجر عدة منازل في جنوب لبنان (رويترز)

مقتل شخصين وجرح آخر في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

قتل شخصان وجرح شخص آخر في غارة إسرائيلية مساء اليوم (الاثنين) على جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل و«حماس» تتبادلان اتهامات «عرقلة صفقة غزة»

جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)
جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)
TT

إسرائيل و«حماس» تتبادلان اتهامات «عرقلة صفقة غزة»

جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)
جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)

بدَّدت إسرائيل وحركة «حماس»، أمس الأربعاء، أجواء التفاؤل بقرب عقد صفقة في قطاع غزة، تشمل هدنة مؤقتة وتبادلاً للأسرى، وتراشقتا بالاتهامات حول مسؤولية عرقلة الاتفاق.

وقالت «حماس» في بيان «إن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدّي، وقد أبدت الحركة المسؤولية والمرونة، غير أن الاحتلال وضع قضايا وشروطاً جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجَّل التوصل إلى الاتفاق الذي كان متاحاً».

وعلى الفور، ردَّ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ببيان مضاد، قال فيه إن «حماس تكذب مرة أخرى وتنسحب من التفاهمات التي تم التوصل إليها، وتواصل خلق الصعوبات أمام المفاوضات، ومع ذلك، ستواصل إسرائيل جهودها بلا كلل لإعادة جميع المختطفين».

ويُفترض أن يجتمع المجلس الأمني المصغر «الكابينت»، اليوم (الخميس)، من أجل مناقشة التفاصيل. وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»: «وصلنا إلى نقطة يجب أن نتخذ فيها قرارات، سواء بالإيجاب أو السلب».

وكان لافتاً أمس، تركيز كل وسائل الإعلام الإسرائيلية، المكتوبة والمرئية والمسموعة، على أن محمد السنوار، الذي يُعتقد أنه يدير «كتائب القسام» في غزة، وشقيق زعيم «حماس» الذي قتلته إسرائيل، يحيى السنوار، «هو الذي يعرقل الصفقة، لأنه يرفض تسليم قائمة بأسماء الرهائن». وقالت مصادر لـ«هيئة البث» الرسمية إن «حماس» تتجاهل ضغوط الوسطاء، وإن زعيمها في القطاع، محمد «يعرض مواقف أكثر تشدداً من شقيقه يحيى».