«طالبان» تسرع من وتيرة بناء المدارس الدينية في أفغانستان

رغم انخفاض معدلات الحضور بين الطلاب وفقدان الأمل في المستقبل

طالبات في كابل يقفن بجانب رسم على الجدران يوضح أهمية التعليم في أفغانستان (أ.ف.ب)
طالبات في كابل يقفن بجانب رسم على الجدران يوضح أهمية التعليم في أفغانستان (أ.ف.ب)
TT

«طالبان» تسرع من وتيرة بناء المدارس الدينية في أفغانستان

طالبات في كابل يقفن بجانب رسم على الجدران يوضح أهمية التعليم في أفغانستان (أ.ف.ب)
طالبات في كابل يقفن بجانب رسم على الجدران يوضح أهمية التعليم في أفغانستان (أ.ف.ب)

يبدو أن حكومة حركة «طالبان» الأفغانية قد بدأت في تنفيذ خطة مدروسة جيداً لاستبدال التعليم العلماني العصري كله بالتدريب العسكري والتعليم الديني في جميع أنحاء أفغانستان.

حجر الأساس لإنشاء

14 مدرسة دينية جديدة

فقد أعلنت وزارة التعليم التابعة لـ«طالبان» مؤخراً أن قادتها وضعوا حجر الأساس لإنشاء 14 مدرسة دينية جديدة في ولايات بدخشان، وبغلان، وغزني، وبلك، وبانغشير، وبكتيكا.

كما تم تكثيف العمل على بناء مدارس دينية أخرى في 14 مقاطعة خلال الشهرين الماضيين.

وتشير التقارير إلى أن حركة «طالبان» تبني مدرسة جهادية كبيرة في كل ولاية، تستوعب كل منها 1000 طالب، مع خطط لبناء ثلاث مدارس دينية في كل منطقة.

نساء أفغانيات يرتدين البرقع يسرن على طول الطريق خلال الاحتفال بالذكرى الثالثة لاستيلاء «طالبان» على أفغانستان بالقرب من ميدان أحمد شاه مسعود بكابول في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وبحسب إعلان «طالبان»، فإن هذه المدارس الدينية ستدرّس التقنيات العسكرية وآيديولوجيات الحركة لطلابها؛ وذلك بهدف إدامة دورة العنف والسُلطة الخاصة بهم.

إغلاق مدارس البنات بشكل دائم

وكانت الحركة الأفغانية قد أغلقت مدارس البنات في جميع أنحاء أفغانستان بشكل دائم عام 2022، مرجعة ذلك إلى أسباب ثقافية.

أفراد أمن «طالبان» يقفون للحراسة عند نقطة تفتيش في قندهار في 13 أغسطس 2024 عشية الذكرى الثالثة لاستيلاء الحركة على أفغانستان (أ.ف.ب)

وفي عام 2023، سرّحت سلطات حركة «طالبان» جميع الموظفات من مدارس البنين في جميع أنحاء أفغانستان؛ مما يعني أن الأولاد الأفغان قد بدأوا في تلقي التعليم من قِبل معلمين ذكور غير مؤهلين في مدارسهم.

وكانت سلطات الحركة الأفغانية قد أعربت، في الماضي، عن رأي مفاده أنه لا يوجد فرق بين المدارس والمعاهد الدينية.

وأشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أن الدراسة في مثل هذه المدارس الدينية لا تعد الطلاب للتعليم العالي أو لسوق العمل التنافسية حول العالم؛ وهو ما يُعد من سمات التعليم الحديث.

صحن جامع بالعاصمة كابل في انتظار المصلين (أ.ف.ب)

وجاء في تقرير حديث نشرته منظمة «هيومان رايتس ووتش» أن سياسات حركة «طالبان» ألحقت الضرر بتعليم الذكور بشكل متساوٍ، لكن الأمر لم يجذب انتباه العالم، وأشار التقرير إلى أن «(طالبان) سرّحت جميع المعلمات من مدارس البنين؛ مما ترك الكثير من هؤلاء الأولاد يتلقون التعليم من قِبل معلمين غير مؤهلين أو اضطرارهم إلى الجلوس في الفصول الدراسية من دون وجود معلمين على الإطلاق، كما اشتكى الأولاد وأولياء أمورهم من زيادة مقلقة في استخدام العقوبات البدنية، بما في ذلك ضرب المسؤولين للأولاد أمام المدرسة بأكملها بسبب طريقة تصفيف الشعر أو الملابس المخالفة أو استخدام الهاتف المحمول، فضلاً عن إلغاء الحركة بعض المواد الدراسية بما في ذلك الفنون والرياضة واللغة الإنجليزية والتربية المدنية؛ مما أدى إلى تراجع جودة التعليم في البلاد»، بحسب «هيومان رايتس ووتش».

الملا عبد الغني بارادار نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية المعين من قِبل «طالبان» (وسط الصورة) يتفقد حرس الشرف خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الثالثة لانسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان في قاعدة باغرام الجوية بمقاطعة باروان - الأربعاء 14 أغسطس 2024 (أ.ب)

وصحيح أن «طالبان» لم تحظر تعليم الأولاد، لكن سياساتها تسببت في إلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها بتعليم الذكور في أفغانستان، حيث «أدت التغييرات التي تم إجراؤها إلى زيادة المخاوف بين الأولاد بشأن الذهاب إلى المدرسة، بالإضافة إلى انخفاض معدلات الحضور وفقدان الأمل في المستقبل، كما أدت الأزمة الإنسانية والاقتصادية المتفاقمة في البلاد إلى فرض ضغوط أكبر على الأولاد للعمل من أجل دعم أسرهم؛ مما أجبر الكثيرين منهم على ترك الدراسة بشكل كامل، ويعاني الأولاد بشكل متزايد القلق والاكتئاب ومشكلات الصحة النفسية الأخرى في دولة يعدّ توفر الخدمات الخاصة بالصحة النفسية فيها أمراً نادراً».

أحد أفراد أمن «طالبان» يصلي بينما يحتفل الناس بالذكرى الثالثة لاستيلاء الحركة على أفغانستان بالقرب من ميدان أحمد شاه مسعود بكابول في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

ويقول مسؤولون من الأمم المتحدة إنه على المستوى التنظيمي، فإن حركة «طالبان» تشجع الطلاب بنشاط على الالتحاق بالمدارس الدينية، حيث تدير الحركة حالياً أكثر من 7 آلاف مدرسة دينية رسمية في مختلف أنحاء أفغانستان.

وفي الفترة بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وفبراير (شباط) 2024 وحدها، تخرج من هذه المؤسسات ما يقرب من 2500 طالب، الكثير منهم من الفتيات المحرومات من الذهاب إلى المدارس أو الجامعات التقليدية.

الفتيات أكثر اهتماماً بالدروس الدينية

وبسبب تلك التغيرات في التي طرأت على المجتمع الأفغاني، أصبحت الفتيات الآن أكثر اهتماماً بالدروس الدينية، حيث أُغلقت الفرص التعليمية كافة أمامهن، وعلى الرغم من الانخفاض الملحوظ في التقارير المفصلة التي تنشرها وسائل الإعلام التي تديرها «طالبان» حول أنشطة هذه المدارس الدينية ومدى انتشارها مقارنةً بالأعوام السابقة، فإن القيادة السياسية والعسكرية للحركة تواصل التركيز بشكل كبير على هذه المؤسسات الدينية، وفي العام الماضي، التقى زعيم حركة «طالبان»، هبة الله آخوند زاده، معلمي المدارس الجهادية في نمروز؛ مما سلّط الضوء على الأهمية التي توليها الحركة لمثل هذه المؤسسات التعليمية.

فتيات مراهقات يدرسن القرآن الكريم في مدرسة على مشارف كابل (أ.ف.ب)

ويعرب الخبراء الدوليون عن قلقهم الشديد بشأن مستقبل أفغانستان في ضوء هذه السياسات المدمرة التي تتبناها «طالبان»، كما باتت هناك مخاوف متزايدة من أن تصبح مساهمة كابول في سوق العمل العالمية ضئيلة في السنوات المقبلة.


مقالات ذات صلة

صدامات لدى محاولة المحققين الكوريين الجنوبين توقيف الرئيس

آسيا أنصار يتجمعون داخل الحاجز الذي يسد الطريق المؤدي إلى مقر إقامة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول في سيول بوقت مبكر من يوم 15 يناير 2025 بتوقيت كوريا الجنوبية (أ.ف.ب)

صدامات لدى محاولة المحققين الكوريين الجنوبين توقيف الرئيس

أفادت وكالة «يونهاب» للأنباء، الأربعاء، أنّ صدامات اندلعت لدى محاولة المحقّقين الكوريين الجنوبيين توقيف الرئيس المعزول يون سوك يول في مقرّ إقامته الرسمي.

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

يحتفل الأمازيغ حول العالم بعيد رأس السنة الأمازيغية المعروفة باسم «يناير» في 12 أو 13 من يناير التي توافق هذه السنة عام 2975 بالتقويم الأمازيغي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه بقادة كوبيين أميركيين بالبيت الأبيض في واشنطن 30 يوليو 2021 (رويترز)

بايدن يرفع كوبا عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب

قال مسؤول أميركي رفيع المستوى، اليوم الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي جو بايدن قرر رفع كوبا عن القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا سفن تابعة لـ«الناتو» تبحر خلال مناورات السواحل الشمالية في بحر البلطيق 18 سبتمبر 2023 (رويترز)

«الناتو» يعزّز انتشاره العسكري في بحر البلطيق بعد تخريب كابلات

قال الأمين العام لحلف الناتو، اليوم (الثلاثاء)، إن «الناتو» سينشر سفناً وطائرات ومسيرات في بحر البلطيق ردا على تخريب عدة كابلات بحرية يشتبه في وقوف روسيا وراءه.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
شمال افريقيا جانب من جهود إخماد الحرائق في مدينة لوس أنجليس (أ.ب)

«السوشيال ميديا» العربية منقسمة إزاء حرائق لوس أنجليس

مع استمرار الحرائق بمدينة لوس أنجليس واتساع نطاقها لتطول مناطق كانت بمنأًى عن النيران، امتدت آثار الحرائق إلى «السوشيال ميديا» العربية.

محمد عجم (القاهرة )

سلطات كوريا الجنوبية تقبض على الرئيس المعزول يون

موكب من السيارات يصطحب الرئيس المعزول يون سوك-يول تنفيذا لمذكرة التوقيف الصادرة بحقّه (أ.ف.ب)
موكب من السيارات يصطحب الرئيس المعزول يون سوك-يول تنفيذا لمذكرة التوقيف الصادرة بحقّه (أ.ف.ب)
TT

سلطات كوريا الجنوبية تقبض على الرئيس المعزول يون

موكب من السيارات يصطحب الرئيس المعزول يون سوك-يول تنفيذا لمذكرة التوقيف الصادرة بحقّه (أ.ف.ب)
موكب من السيارات يصطحب الرئيس المعزول يون سوك-يول تنفيذا لمذكرة التوقيف الصادرة بحقّه (أ.ف.ب)

دخل الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك-يول الأربعاء مقر هيئة التحقيق بفساد كبار المسؤولين بعد أن اعتُقل تنفيذا لمذكرة توقيف صدرت بحقّه في قضية محاولته الفاشلة قبل شهر ونصف فرض الأحكام العرفية في البلاد.

واقتيد يون من مقرّ إقامته الرسمي المحصّن بشدّة في وسط سيول ضمن موكب أمني إلى مقرّ هيئة التحقيق بفساد كبار المسؤولين بعد أن أعلن فريق مشترك من المحقّقين والشرطة أنّهم نفذوا مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه.

وأعلن الرئيس الكوري الجنوبي المعزول أنّه وافق «حقنا للدماء» على الرضوخ لأوامر المحقّقين بالمثول أمامهم لاستجوابه بشأن محاولته الفاشلة قبل شهر ونصف فرض الأحكام العرفية في البلاد، على الرغم من أنه يعتبر هذا التحقيق غير قانوني. وقال يون في رسالة مصوّرة نشرت بعد أن أوقفته سلطات التحقيق واقتادته إلى مقرّها «لقد قررتُ الردّ على مكتب التحقيق بقضايا الفساد»، مؤكّدا في الوقت نفسه أنّه لا يعترف بشرعية التحقيق لكنه يخضع له «من أجل تجنّب أيّ إراقة مؤسفة للدماء».

وكانت سلطات التحقيق في كوريا الجنوبية أعلنت في وقت سابق أنّها اعتقلت الرئيس المعزول لاستجوابه بشأن محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد، ليصبح بذلك أول رئيس في تاريخ البلاد يتم توقيفه أثناء وجوده في السلطة. وقالت السلطات التي تحقّق مع يون بتهمة التمرّد إنّ «مقرّ التحقيقات المشترك نفّذ مذكرة توقيف بحقّ الرئيس يون سوك-يول اليوم (الأربعاء) في الساعة 10:33 صباحا (01,30 ت غ)».