ما دوافع تركيا لإنهاء نزاع ساحل «أرض الصومال» بين الصومال وإثيوبيا؟

تربطها علاقات وثيقة بطرفي النزاع ووساطة هدفها الحفاظ على مصالحها

وزير الدفاع التركي خلال لقاء مع نظيريه الصومالي والإثيوبي في ختام جولة المفاوضات الثانية في أنقرة الثلاثاء (الخارجية التركية)
وزير الدفاع التركي خلال لقاء مع نظيريه الصومالي والإثيوبي في ختام جولة المفاوضات الثانية في أنقرة الثلاثاء (الخارجية التركية)
TT

ما دوافع تركيا لإنهاء نزاع ساحل «أرض الصومال» بين الصومال وإثيوبيا؟

وزير الدفاع التركي خلال لقاء مع نظيريه الصومالي والإثيوبي في ختام جولة المفاوضات الثانية في أنقرة الثلاثاء (الخارجية التركية)
وزير الدفاع التركي خلال لقاء مع نظيريه الصومالي والإثيوبي في ختام جولة المفاوضات الثانية في أنقرة الثلاثاء (الخارجية التركية)

ذهبت المفاوضات بين الصومال وإثيوبيا التي تتوسط فيها تركيا لحل النزاع على ساحل «أرض الصومال» على البحر الأحمر والتي أصبح يطلق عليها «عملية أنقرة» إلى جولة ثالثة ستعقد في 17 سبتمبر (أيلول) المقبل بعد انتهاء الجولة الثانية التي عقدت في العاصمة التركية يومي الاثنين والثلاثاء دون التوصل إلى نتيجة.

وستعقد الجولة الثالثة من المفاوضات وسط تفاؤل حذر من طرفي النزاع بالتوصل إلى اتفاق لإنهائه، ومراقبة، من كثب، من جانب المجتمع الدولي لما إذا كانت جهود أنقرة ستحل النزاع الذي قد يقود استمراره إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة غير مستقرة بالفعل.

وساطة تركية وترحيب دولي

وتدخلت تركيا لحل النزاع بين إثيوبيا والصومال، الذي ينذر بخطر التحول إلى صراع ساخن، بطلب من أديس أبابا. وتعد «عملية أنقرة» إحدى مبادرات الوساطة الدولية المهمة في الفترة الأخيرة. وأبلغ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، نظيره التركي، هاكان فيدان، خلال اتصال هاتفي بينهما، الاثنين بالتزامن مع انعقاد الجولة الثانية للمفاوضات، أن الولايات المتحدة تدعم المفاوضات بين البلدين الأفريقيين الجارين.

وتنبع أهمية المبادرة التركية، بحسب مراقبين، من التوتر الذي تشهده البحار الإقليمية بسبب هجمات الحوثيين في اليمن على السفن المارة في البحر الأحمر منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وشنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هجمات جوية وبحرية على أهداف للحوثيين في اليمن بداية العام لمنع وقوع هجمات.

مؤتمر صحافي مشترك لوزراء خارجية تركيا والصومال وإثيوبيا في ختام جولة المفاوضات الثانية في أنقرة الثلاثاء (الخارجية التركية)

تفاؤل بالحل

وقال فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الصومالي أحمد معلم فقي، والإثيوبي، تاي أتسكي سيلاسي إن الجولة الثانية ناقشت ملفات أكثر وكانت شاملة أكثر من الجولة الأولى، وتم تناول بعض سبل الحلول المحددة خلال الاجتماعات، وتهدف هذه الصيغ إلى إزالة الخلافات القائمة والاتفاق على إطار عمل مقبول للجانبين، معربا عن امتنانه جراء هذا التقدم.

وأضاف فيدان أن الفرصة أتيحت للتركيز على التفاصيل والأبعاد الفنية للخطوات الملموسة التي يتعين اتخاذها، لافتا إلى أنه ثمة تقارب كبير بين الطرفين حول بعض المبادئ الأساسية والعناصر المحددة، ما يعد تقدما كبيرا.

وأوضح أن تركيا تهدف إلى إزالة المخاوف القائمة وحل المشكلات ليس لصالح الصومال وإثيوبيا فحسب، بل لصالح المنطقة بأكملها.

بدوره عبر سيلاسي عن ثقته بأن تركيا ستتوصل إلى الحل بشكل عاجل، وهو ما سيضمن لإثيوبيا منفذا مباشرا على البحر الأحمر، وعن تفاؤله بعقد اجتماعات مثمرة بشكل أكبر في الجولة الثالثة والأخيرة من المحادثات.

وأكد فقي أن الجولة الثانية من المفاوضات مع إثيوبيا سجلت تقدما، مشددا على عزم الصومال الحفاظ على سلامة أراضيه وسيادته ووحدته. وعبر عن أمله في «التوصل إلى حل نهائي في الجولة الثالثة في ظل الزخم الذي تحقق في الجولة الثانية».

مفاوضات مكوكية

كانت الجولة الأولى من المفاوضات عقدت يومي 1و2 يوليو (تموز) الماضي وتم الاتفاق على عقد الجولة الثانية في 2 سبتمبر المقبل لكن تركيا عملت مع الطرفين على تقديمها إلى 12 أغسطس (آب) الحالي. ولا يلتقي الجانبان الصومالي والإثيوبي وجها لوجه، ويقوم الوسيط التركي بنقل مطالب كل طرف للآخر.

وبدأت المشكلة بين الصومال وإثيوبيا في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي عندما وقعت الأخيرة اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال» التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991 لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، تشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر.

وبحسب ما رشح عن الاتفاقية، حتى الآن، فإنها تشمل استغلال إثيوبيا 20 كيلومترا من ساحل أرض الصومال على البحر الأحمر لمدة 50 عاما مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

وقال «رئيس» أرض الصومال، موسى بيهي عبدي، بعد توقيع الاتفاقية بأيام، إن إثيوبيا تسعى إلى استئجار جزء من الخط الساحلي لإقامة قاعدة بحرية، وليس للقيام بأنشطة تجارية كما كان يعتقد في السابق.

وتعتمد إثيوبيا، الدولة الحبيسة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي، حاليا على جيبوتي المجاورة في معظم تجارتها البحرية، وقال رئيس وزرائها، آبي أحمد، إن «إثيوبيا أثبتت للعالم أن طلبها للوصول إلى البحر الأحمر هو طلب مشروع، وأنها تسعى فقط للوصول إلى البحر».

وقال مستشار الأمن القومي الإثيوبي، رضوان حسين، إن الاتفاقية تمهد الطريق لبلاده للتجارة البحرية في المنطقة بمنحها إمكانية الوصول إلى قاعدة عسكرية مستأجرة على البحر الأحمر، وإن «أرض الصومال» ستحصل على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة.

وتزايد التوتر بين إثيوبيا والصومال، وهدد الطرفان بعضهما بعضا بالقوة العسكرية.

تركيا والصومال وقعا اتفاقية إطارية للتعاون العسكري والاقتصادي في 8 فبراير الماضي (وزارة الدفاع التركية)

علاقات وثيقة بالطرفين

وأبدت تركيا، التي ترتبط بعلاقات وثيقة بطرفي النزاع، قلقها حيال الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال، وأكدت أن الالتزام بسيادة الصومال ووحدة أراضيه من متطلبات القانون الدولي.

وكان التطور الذي جعل تركيا جزءاً من هذا التوتر الإقليمي هو «الاتفاقية الإطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي» الموقعة مع الصومال في 8 فبراير (شباط) الماضي.

وبموجب هذه الاتفاقية، ستقوم تركيا، التي لديها بالفعل أكبر قاعدة عسكرية بالخارج في مقديشو، عاصمة الصومال، بحماية المياه الإقليمية الصومالية لمدة 10 سنوات والمساهمة في تنمية الموارد البحرية.

ومنذ حوالي أسبوعين، وبناء على هذه الاتفاقية، وقعت تركيا والصومال اتفاقية تقوم تركيا بموجبها بالبحث عن النفط والغاز في 3 مناطق قبالة سواحل الصومال في البحر الأحمر، بدءا من نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، ووافق البرلمان التركي قبل أيام على مذكرة رئاسية بإرسال قوات إلى الصومال، بينها عناصر بحرية، لمدة عامين.

تركيا وقعت مع الصومال منذ أسبوعين اتفاقية للتنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحله في البحر الأحمر (وزارة الطاقة التركية)

وساطة تحركها المصالح

ورأى مراقبون أن الاندفاع التركي لإنهاء النزاع الصومالي الإثيوبي، عبر اتفاق يضمن وصولا لإثيوبيا إلى البحر الأحمر مع عدم المساس بوحدة الصومال وسيادته، مرجعه مصالحها في الصومال التي تتبلور في مجال الطاقة، واتخاذ الاحتياطات اللازمة تجاه مبادرة محتملة من إثيوبيا.

والصومال من بين الدول التي استثمرت فيها تركيا أكبر قدر من الاستثمارات السياسية والاقتصادية والعسكرية منذ عام 2011.

وتمتلك تركيا، التي تقدم الدعم الفني والتدريب للقوات المسلحة الصومالية ضمن نطاق اتفاقية التدريب والتعاون العسكري الموقعة في عام 2012، قاعدة عسكرية كبيرة في مقديشو، تعرف باسم «توركصوم» هي أكبر قواعد تركيا العسكرية بالخارج.

وفي 8 مايو (أيار) الماضي، قدم الممثل الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي، مولاتو تيشومي ويرتو، ووزير الخارجية تاي أتسكي سيلاسي، رسالة رسمية من رئيس الوزراء، آبي أحمد، تحتوي على طلبه للوساطة إلى الرئيس رجب طيب إردوغان، وذلك بعد 3 أشهر من توقيع الاتفاقية العسكرية والاقتصادية الإطارية بين أنقرة ومقديشو.

جانب من التدريبات العسكرية في القاعدة العسكرية التركية في مقديشو (توركصوم) (أرشيفية - الدفاع التركية)

وسبق ذلك اجتماع لوزيري خارجية إثيوبيا والصومال في نيروبي في 9 و10 مارس (آذار) لم يحقق أي نتائج.

وتولي إثيوبيا أهمية كبيرة للعلاقات مع تركيا، ويرجع طلبها الوساطة التركية إلى أسباب مهمة سواء على مستوى العلاقات الإقليمية أو الثنائية، إذ تتوتر علاقاتها مع جارتيها، السودان وجنوب السودان، بسبب الخط الحدودي المتنازع عليه، فضلا عن الخلافات مع مصر بسبب سد النهضة.

كما تشهد إثيوبيا، التي تتمتع بهيكل حكومي فيدرالي، توترات أحياناً داخل البلاد مع مناطق تيغراي وأمهرة وأوموريا، وكانت هناك صراعات مسلحة خطيرة للغاية، خاصة ما بين عامي 2020 و2022، مع جبهة تحرير شعب تيغراي في شمال البلاد، واتهم الغرب أديس أبابا بـ«التطهير العرقي».

وفي ظل هذه المشاكل، سعت إثيوبيا إلى تطوير التعاون العسكري والصناعي الدفاعي مع تركيا في السنوات الأخيرة، وتم توقيع اتفاقية للتعاون في مجال الصناعة الدفاعية بين البلدين في عام 2013، كما تم بعد ذلك التوقيع على اتفاقيات الإطار المالي والعسكري العسكري خلال زيارة آبي أحمد لأنقرة في أغسطس (آب) 2021.

وباعت تركيا، في نطاق هذا التعاون، طائرات مسلحة من دون طيار إلى إثيوبيا، استخدمت بشكل خاص ضد جبهة تحرير تيغراي.

وتنصح تركيا، التي تدخلت لحل المشكلة بين الصومال وإثيوبيا، البلدين بالتغلب على المشكلة من خلال الحوار ووفقا للقانون الدولي.


مقالات ذات صلة

إردوغان بحث مع عباس التطورات في غزة والأراضي الفلسطينية

شؤون إقليمية استقبال إردوغان لعباس خلال زيارته لتركيا في يوليو 2023 (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع عباس التطورات في غزة والأراضي الفلسطينية

استقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في مستهل زيارته لتركيا التي تستمر يومين يلقي خلالها كلمة أمام البرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية إردوغان انتقد المعارضة أثناء إلقاء خطاب خلال الاحتفال بالذكرى 23 لتأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)

إردوغان ينتقد المعارضة ويحذر أعضاء حزبه من التراخي

قال الرئيس التركي إن حزب العدالة والتنمية الحاكم ظل على رأس السلطة في البلاد لأكثر من 22 عاماً بدعم من الشعب وبقدرته على تدمير «الألعاب القذرة»

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
أفريقيا جندي صومالي خلال مظاهرة احتجاجية في مقديشو بالصومال الأربعاء 3 يناير 2024 (أ.ب)

انتهاء جولة ثانية من المحادثات بين إثيوبيا والصومال في أنقرة دون اتفاق

انتهت جولة ثانية من محادثات بوساطة تركية بين الصومال وإثيوبيا بشأن اتفاق ميناء وقَّعته أديس أبابا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية دون التوصل إلى اتفاق.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية لقاء أكشنار المفاجئ مع إردوغان في 5 يونيو الماضي فجر أزمة مع حليفها السابق كليتشدار أوغلو (الرئاسة التركية)

صدام حاد بين أكشنار وكليتشدار أوغلو على خلفية زيارتها لإردوغان

طغت على السطح السياسي في تركيا معارك بين الحلفاء السابقين في المعارضة دارت حول اتهامات بـ"الخيانة" لرئيسة حزب "الجيد" السابقة ميرال أكشنار.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية عناصر من الشرطة التركية تقتاد منفذ هجوم حديقة مسجد إسكي شهير إلى التحقيقات (إكس)

مخابرات تركيا تضبط خلية سيبرانية باعت معلومات لتنظيمات إرهابية

أعلنت المخابرات التركية عن تفكيك خلية تجسس سيبراني مؤلفة من 11 شخصاً استولت على بيانات شخصية لآلاف الأشخاص في تركيا وكثير من دول العالم، والقبض على أعضائها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

جدري القردة «طارئة صحية عالمية»... ماذا نعرف عنه ولماذا يثير قلقاً؟

ظهور حالات إصابة بمرض جدري القردة في إقليم نيراجونجو بالقرب من غوما إقليم شمال كيفو (رويترز)
ظهور حالات إصابة بمرض جدري القردة في إقليم نيراجونجو بالقرب من غوما إقليم شمال كيفو (رويترز)
TT

جدري القردة «طارئة صحية عالمية»... ماذا نعرف عنه ولماذا يثير قلقاً؟

ظهور حالات إصابة بمرض جدري القردة في إقليم نيراجونجو بالقرب من غوما إقليم شمال كيفو (رويترز)
ظهور حالات إصابة بمرض جدري القردة في إقليم نيراجونجو بالقرب من غوما إقليم شمال كيفو (رويترز)

أعلنت منظمة الصحة العالمية جدري القردة (إمبوكس)، الأربعاء، طارئة صحية عالمية.

وأعلنت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا أمس أن الانتشار المتزايد لفيروس جدري القردة «إمبوكس» في جميع أنحاء القارة الأفريقية يشكّل حالة طوارئ صحية، محذّرة من أن الفيروس قد ينتقل في نهاية المطاف عبر الحدود الدولية.

وعقدت منظمة الصحة العالمية الأربعاء اجتماع خبراء خاصاً بها؛ للنظر في إصدار إعلان طوارئ مماثل بشأن «إمبوكس». وقالت وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة إن هناك أكثر من 14000 حالة، و524 حالة وفاة هذا العام، وهو ما يتجاوز بالفعل أرقام العام الماضي.

وحتى الآن، فإن أكثر من 96 في المائة من جميع حالات الإصابة والوفيات موجودة في الكونغو. ويشعر العلماء بالقلق من انتشار نسخة جديدة من المرض هناك التي قد تنتقل بسهولة أكبر بين الناس.

فماذا نعرف عن «إمبوكس»؟ وما يمكن القيام به لاحتوائه؟

تُظهر هذه الصورة غير المؤرّخة التي قدّمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية صورة مجهرية إلكترونية ملوّنة لجزيئات جدري القردة (باللون الأحمر) الموجودة داخل خلية مصابة (باللون الأزرق) (أ.ب)

ما هو «الإمبوكس»؟

تم التعرف على مرض «الإمبوكس»، أو ما يُعرف بجدري القردة، لأول مرة في عام 1958، عندما تفشّى مرض شبيه بالجدري في القردة. وحتى وقت قريب كانت معظم الحالات البشرية تظهر في وسط وغرب أفريقيا، لدى الأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق بالحيوانات المصابة.

وفي عام 2022 تأكّد أن الفيروس يمكن أن ينتقل عبر الجنس، ما أدّى إلى تفشّي المرض في أكثر من 70 دولة لم تكن قد سُجّلت فيها أي حالات سابقة.

طبيب يتحقّق من تطوّر الآفات الجلدية على أذن طفل مصاب بجدري القردة (رويترز)

ينتمي «الإمبوكس» إلى عائلة الفيروسات نفسها التي ينتمي إليها الجدري، لكنه يتسبّب في أعراض أخفّ، مثل الحمى والقشعريرة وآلام الجسم. وفي الحالات الأكثر شدة قد تظهر آفات على الوجه واليدين والصدر والأعضاء التناسلية.

ماذا الذي يسبّب القلق في أفريقيا؟

ذكرت وكالة مكافحة الأمراض والوقاية في أفريقيا أنه تم اكتشاف فيروس في 13 دولة أفريقية، مع زيادة بنسبة 160 في المائة في الحالات، و19 في المائة في الوفيات مقارنةً بالعام الماضي.

وهذا العام ظهرت نسخة جديدة من الفيروس في الكونغو، يمكن أن تقتل حتى 10 في المائة من المصابين، وقد تنتشر بسهولة أكبر. وعلى عكس التفشي السابق، الذي كان يسبّب آفات على الصدر واليدين والقدمين، تتسبّب النسخة الجديدة في أعراض أخفّ وآفات على الأعضاء التناسلية، ما يجعل الكشف عنها أكثر صعوبةً.

أيضاً تم تحديد حالات جديدة في 4 دول شرق أفريقية: بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا، وهي مرتبطة بتفشّي الكونغو. وفي ساحل العاج وجنوب أفريقيا تم الإبلاغ عن نسخة أقل خطورةً من الفيروس.

هل اختلف الفيروس عن عام 2022؟

خلال تفشّي الفيروس في عام 2022، كان الرجال المثليّون وثنائيو الجنس يشكّلون الغالبية العظمى من الحالات، وكان الفيروس ينتشر بشكل رئيسي من خلال الاتصال الوثيق، بما في ذلك الممارسات الجنسية، ومع ذلك تغيّرت الصورة بشكل كبير في أفريقيا، حيث يمثّل الأطفال دون سن 15 عاماً الآن أكثر من 70 في المائة من حالات الإصابة بالفيروس، و85 في المائة من الوفيات في الكونغو.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قُبَيل الاجتماع الطارئ بشأن المرض في الكونغو، إن المسؤولين يتعاملون مع عدة حالات تفشٍّ في دول مختلفة، «بأنماط انتقال عدوى، ومستويات مخاطر متنوعة». وأضاف: «سيتطلّب وقف هذا التفشي استجابة قوية وشاملة».

ممرّضة مختبَر تأخذ عينة من طفل مشتبه بإصابته بجدري القردة (رويترز)

كيف يمكن إيقاف الفيروس؟

تمت السيطرة على تفشّي مرض «الإمبوكس» عام 2022 في العديد من البلدان باستخدام اللقاحات والعلاجات المتاحة في الدول الغنية، بالإضافة إلى التوعية بتجنّب السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، ومع ذلك كانت اللقاحات والعلاجات نادرة في أفريقيا.

وقال ماركس، من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إن التلقيح، بما في ذلك تلقيح الأفراد ضد الجدري، قد يكون مفيداً في مكافحة المرض.

وأضاف: «نحن بحاجة إلى توفير كميات كبيرة من اللقاحات لتطعيم الفئات الأكثر عُرضةً للخطر، مثل العاملين في مجال الجنس، والأطفال، والبالغين في مناطق التفشّي».

وأعلنت الكونغو أنها تُجري محادثات مع الجهات المانحة؛ لبحث إمكانية الحصول على تبرعات باللقاحات، وقد حصلت بالفعل على بعض المساعدات المالية من بريطانيا والولايات المتحدة.

من جانبها، أفادت منظمة الصحة العالمية بأنها خصّصت 1.45 مليون دولار من صندوق الطوارئ لدعم جهود التصدي لفيروس «إمبوكس» في أفريقيا.