السينما السعودية تترقب موجة جديدة من «المهرجانات السينمائية»

هيئة الأفلام تدعم 39 سينمائياً بورشة مختصّة بالتنظيم... قبلاوي لـ«الشرق الأوسط»: هي الأولى عربياً

تضم الدورة 39 مشاركًا من صُنّاع الأفلام السعوديين (الصور من هيئة الأفلام)
تضم الدورة 39 مشاركًا من صُنّاع الأفلام السعوديين (الصور من هيئة الأفلام)
TT

السينما السعودية تترقب موجة جديدة من «المهرجانات السينمائية»

تضم الدورة 39 مشاركًا من صُنّاع الأفلام السعوديين (الصور من هيئة الأفلام)
تضم الدورة 39 مشاركًا من صُنّاع الأفلام السعوديين (الصور من هيئة الأفلام)

يجتمع 39 سينمائياً سعودياً، مساء كل يوم، بمدينة الخُبر، للمشاركة في ورشة تدريبية متخصصة، تحت عنوان «إدارة المهرجانات السينمائية»، تقام هذا الأسبوع، بتنظيم من هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة، وذلك ضمن برنامج «صنّاع الأفلام» الذي يرعى المواهب الوطنية في صناعة الأفلام السعودية، حيث تقدم هذه الورشة تجربة تعليمية معرفية شاملة ومكثفة حول إدارة المهرجانات السينمائية، تُكسِب المشاركين المهارات والمعرفة الضرورية لتخطيط وتنظيم المزيد من المهرجانات السينمائية في السعودية.

في حديث له مع «الشرق الأوسط»، أوضح مقدِّم الورشة الخبير السينمائي مؤسس مهرجان (مالمو) للسينما العربية، محمد قبلاوي، أنه لمس حماساً كبيراً من قبل المشاركين لإقامة مهرجانات جديدة تواكب نمو القطاع السينمائي السعودي، وأضاف: «أعتقد أن هذه الورشة الأولى من نوعها في الدول العربية، وتتوجَّه للمشاركين ممن هم على 3 مستويات: مديري المهرجانات، والعاملين في المهرجانات (بصفة دائمة أو مؤقتة)، وصنّاع الأفلام ممن لديهم شغف بصناعة المهرجانات السينمائية».

محمد قبلاوي أثناء تقديمه أول ورشة عربية لإدارة المهرجانات السينمائية بمدينة الخبر (الصور من هيئة الأفلام)

مهرجانات مختصّة

بسؤال قبلاوي عن أبرز مشاريع الورشة التي تستمر على مدى 5 أيام، كشف أن كثيراً منها يتناول المهرجانات السينمائية المختصّة، حيث يحمل المشاركون أفكاراً جديدة نحو إقامة مهرجانات سعودية تختص بـ«الأفلام الوثائقية» أو «الأفلام القصيرة» ونحو ذلك، مبيناً ضرورة أن يقوم على تنظيم وإدارة هذا النوع من المهرجانات صُناع الأفلام أنفسهم، وذلك للاستفادة من معرفتهم السينمائية، بحكم الاختصاص.

جانب من حضور الورشة الذي يسعى عدد كبير منهم لتنظيم مهرجانات سينمائية مختصة بالبلاد (الصور من هيئة الأفلام)

المهرجانات السعودية

ومع وجود مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الذي يستعد لدورته الرابعة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ومهرجان أفلام السعودية الذي اختتم دورته العاشرة، في مايو (أيار) الماضي، وكلاهما يُقام في السعودية، كان لا بد هنا من طرح السؤال على قبلاوي عن مدى الحاجة لوجود مهرجانات جديدة، ليردّ: «المغرب أكبر دولة عربية تضم مهرجات سينمائية بما يصل إلى 81 مهرجاناً، ما بين متخصصة ودولية، كبيرة أو صغيرة حجم... قد يظن البعض أن هذا العدد كبير، لكن مقارنة بتعداد السكان فهو لا يُذكر»!

يقول قبلاوي، الذي يعيش في السويد منذ نحو 36 عاماً، إن «عدد سكان السويد 10 ملايين، لكنها تضم 256 مهرجاناً، وقد تشير كلمة (مهرجان) إلى فعالية أو نادٍ سينمائي أو أنشطة نهاية الأسبوع، إلا أن كل هذه المهرجانات تحظى بدعم الدولة». ويردف: «أنا، بوصفي سينمائياً، أتمنى أن يكون هناك مهرجان سينمائي في كل مدينة، وفي المملكة العربية السعودية هناك حراك سينمائي كبير خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب الحضور والوصول إلى المهرجانات السينمائية العالمية، بالتالي من الرائع أن نسمع أن هناك مهرجاناً سينمائياً في كل مدينة سعودية، وهذا هو الشيء المنتظَر».

محمد قبلاوي (الصور من هيئة الأفلام)

ويبدو لافتاً ما ذكره قبلاوي من أن مهرجان البحر الأحمر السينمائي يُقام في جدة، ومهرجان أفلام السعودية يقام في المنطقة الشرقية، مما يعني عدم وجود مهرجان سينمائي سعودي يقام في العاصمة، الرياض، مضيفاً: «برأيي نحتاج الآن إلى التركيز على العاصمة بما لا يقل عن 3 مهرجانات سينمائية، في الرياض وحدها»، مشيراً في الوقت ذاته إلى ضرورة أن يقيم المهرجان صنّاع الأفلام من أبناء المدينة، باعتبارهم الأكثر مقدرة على قراءة المدينة ومخاطبة جمهورها عن قرب.

تأتي هذه الورشة المتقدمة ضمن برنامج «صنّاع الأفلام» الذي يُقام لرعاية المواهب السينمائية الوطنية (الصور من هيئة الأفلام)

فرص استثمارية

وبسؤاله عن أسباب تعثُّر عدد من المهرجانات السينمائية الخليجية التي سبق أن أُقيمت ثم توقَّفت، أكد على وجود حاجة ماسَّة لتنويع مصادر الدعم المالي لضمان استمرارية واستدامة المهرجان، بدلاً من الاكتفاء براعٍ واحد. ويتابع: «البعض يعتقد أن المهرجان السينمائي هو شأن سينمائي صرف، وهذا غير صحيح؛ فكل مهرجان يُنعش قطاع السياحة والفندقة والمطاعم ومتاجر التجزئة وغيرها، مما يعني ضرورة دخول الشركات في دعم الحراك السينمائي وصناعة المهرجانات».

وعودة لورشة «إدارة المهرجانات السينمائية: دليل عملي للمحترفين»، فلقد تضمَّنت محاورها: إعداد خطة المهرجان، وبناء هيكلة فريق العمل، وإعداد الميزانية، والبحث عن رعاة ومشاركين، وتحديد فريق العمل وتوزيع المسؤوليات، وإعداد محاور المهرجان، ووضع خطة المهرجان التسويقية، إلى جانب إغلاق الفعالية وتحليل النتائج. ومن المتوقَّع أن يكتسب المتدربون في هذه الورشة مهارات التخطيط والإدارة الشاملة للمهرجانات، بما في ذلك وضع الأهداف، وإعداد الميزانية، وبناء الفريق، وتنظيم اللوجيستيات، واختيار الأفلام، وتطوير الاستراتيجيات التسويقية، وفهم أهمية أسواق وصناديق الدعم لتحسين جودة المهرجان في السنوات المقبلة.

جدير بالذكر أن محمد قبلاوي منتج ومخرج وخبير سينمائي ومستشار فني، أدار العديد من المشاريع وصناديق الدعم السينمائية حول العالم، وعمل لفترة طويلة في مجال الإنتاج والإخراج التلفزيوني والسينمائي، خصوصاً الأفلام الوثائقية، كما أنه حاصل على جائزة الصناعة الإبداعية من مدينة مالمو في السويد لعام 2023، وجائزة شخصية العام العربية السينمائية ضمن نتائج مركز السينما العربية على هامش انعقاد مهرجان برلين 2022.


مقالات ذات صلة

تطبيق «إكس» منصة السعوديين للأخبار

يوميات الشرق تطبيق «إكس» منصة السعوديين للأخبار

تطبيق «إكس» منصة السعوديين للأخبار

أظهرت دراسة أجراها المركز السعودي لاستطلاعات الرأي أن تطبيقات «واتساب»، و«سناب شات»، و«يوتيوب» هي الأكثر استخداماً في السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الدكتور العيسى يدشن خلال زيارته لمالاوي عدداً من البرامج والمبادرات (الشرق الأوسط)

«رابطة العالم الإسلامي» تدشن برامج تنموية في الجنوب الأفريقي

احتفت رابطة العالم الإسلامي بـ6 آلاف يتيم تحتضنهم في مالاوي، بينما تسلم الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام للرابطة «وسام الجمهورية» تقديراً لعنايته بالأيتام

«الشرق الأوسط» (ليلونغوي)
الخليج وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي مستقبلاً نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان في لندن (واس)

وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا يناقشان أوضاع غزة

ناقش الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع نظيره البريطاني ديفيد لامي، المستجدات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأوضاع بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إبرام أول اتفاقية تأمين على مجموعة مبانٍ تراثية (وزارة الثقافة)

السعودية تدشن وثيقة التأمين الثقافي

دشنت وزارة الثقافة السعودية «منتج التأمين الثقافي» الذي يوفر للقائمين على الأصول الثقافية ومقتني الأعمال الفنية تغطية تأمينية لها وحمايتها من الأضرار.

عمر البدوي (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (الشرق الأوسط)

محمد بن سلمان يعزي أمير الكويت وولي عهده

أعرب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن خالص عزائه لأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد وولي عهده الشيخ صباح الخالد في وفاة الشيخ سالم العلي.

«الشرق الأوسط» (جدة)

هجوم واسع على إعلامي مصري اقترح إلغاء تدريس «التاريخ» و«الفلسفة»

الإعلامي المصري تامر أمين (حساب قناة «النهار» على «فيسبوك»)
الإعلامي المصري تامر أمين (حساب قناة «النهار» على «فيسبوك»)
TT

هجوم واسع على إعلامي مصري اقترح إلغاء تدريس «التاريخ» و«الفلسفة»

الإعلامي المصري تامر أمين (حساب قناة «النهار» على «فيسبوك»)
الإعلامي المصري تامر أمين (حساب قناة «النهار» على «فيسبوك»)

تعرّض إعلامي مصري لهجوم شديد على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد انتشار فيديو له يتحدّث خلاله عن أهمية بعض المواد الدراسية، وعدم أهمية مواد أخرى، مقترحاً إلغاء تدريس بعض المواد النظرية، والاهتمام بالمواد المؤهّلة لسوق العمل الواقعي.

وتصدّر الإعلامي المصري تامر أمين الترند على منصة «إكس»، الأربعاء، بتساؤله عن مدى أهمية تدريس مواد مثل التاريخ والفلسفة والجغرافيا في الثانوية، ومقلّلاً من أهمية تدريس اللغات لسنوات، في حين أن هناك «كورسات» تُتيح ذلك، وقال: «ما أهمية أن يدرس طالب الثانوية تاريخ 3 سنوات، دون شعارات نريد الكلام الذي يأتي بمكاسب ويؤدي للتقدم»، حسب وصفه.

وتحدّث عن أن هذه المواد ضرورية في التعليم الأساسي (المرحلتين الابتدائية والإعدادية)، لكن بدءاً من المرحلة الثانوية يتم تجهيز الطالب لسوق العمل.

وعَدّ البعض أن ما ذكره الإعلامي المصري جزء من خطة تقوم عليها وزارة التربية والتعليم المصرية، حيث أعلن الوزير، الأربعاء، إعادة هيكلة المواد الدراسية بالثانوية العامة، لتصبح مواد علم النفس والجيولوجيا و«اللغة الأجنبية الثانية» مواد نجاح ورسوب لا تُضاف للمجموع، بينما تم إلغاء تدريس الجغرافيا في الصف الأول الثانوي، لتصبح مادة تخصص في العام التالي.

وهو ما يعلّق عليه الدكتور عثمان فكري، أستاذ الإعلام المساعد بجامعة القاهرة قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حقيقة الأمر أن الرجل كان يمهّد لما تم إعلانه في المؤتمر الصحافي الخاص بخطة إعادة هيكلة الثانوية العامة، الأربعاء».

وعَدّ فكري «هذا الهجوم في محله في حقيقة الأمر؛ لأن هذه المواد ذات أهمية كبيرة للغاية، وتبني شخصية الطالب»، وتابع: «كما أنها ليست المرة الأولى التي يخرج فيها تامر أمين بتصريحات مثيرة للرأي العام، وفيما يبدو أن هذا مقصود».

وكتب صاحب حساب باسم «أحمد مصطفى» على «إكس»، ونشر خبراً عن وزارة التعليم ونظام الثانوية الجديد، وإلغاء الجيولوجيا وعلم النفس واللغة الأجنبية الثانية، ودمج الرياضيات، كتب: «يعني تامر أمين لم يكن ينطق عن الهوى».

وعلقت صاحبة حساب باسم «فرح» على «إكس» بأن «كليات اللغات التي تخرّج تامر أمين من إحداها لن يدرّسوا لك ما تدرسه كتب تعلّم اللغة الإنجليزية في شهرين، بل كل ما يتعلق باللغة وشعبها وتراثها».

وعدّ الأكاديمي التربوي محمد حسن، أستاذ المناهج وفلسفة العلوم بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا «هذه التصريحات تفتقد الصواب»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن تصميم المناهج في الجامعات الغربية يركّز على شقين: الأول إلمام الطالب بالقوانين العلمية، حتى تكون لديه رؤية وتصوّر للعالم، والثاني هو بناء الإنسان، من خلال مجموعة من الأفكار والمهارات التي توفرها المواد النظرية».

وأضاف أن «تنمية المهارات الاجتماعية عبر التعليم أمر مهم جداً، والقول بالاهتمام بالمواد العلمية أو العلوم الأساسية، وإهمال مواد مثل علم النفس وعلم الاجتماع والمنطق أعتقد أن هذا ينطوي على نظرة قاصرة».

وأوضح الأكاديمي التربوي أن «النظريات العلمية المجرّدة لا تشكّل وعياً، وإنما يكون تشكيل الوعي عن طريق التاريخ، هذا مثلاً يؤهل الطالب لفهم الواقع، فمواد العلوم الاجتماعية هي التي تبني الإنسان».

وحذّر من أن إهمال هذه المعارف والعلوم الاجتماعية «من شأنها أن تؤدي لصناعة إنسان قد يكون لديه علم، لكنه مجوّف».

واستمرت التعليقات التي ترفض تصريحات تامر أمين، خصوصاً حول أهمية تعلّم اللغات.

وترى الدكتورة ليلى عبد المجيد، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أنه «يجب على الإعلاميين ألّا يتحدثوا في شيء إلا عن معرفة وفهم، ومتابعة لكافة التطورات، فالمناهج وطرق التدريس تطورت كثيراً، وأي إعلامي يخاطب الناس يجب أن يدرك ذلك، حتى لا يقول للناس أفكاراً قد تؤدي إلى كوارث على المجتمع».

وتعليقاً على تصريحات أمين قالت لـ«الشرق الأوسط»: «ما أريد قوله للزميل الإعلامي العزيز أنه حتى من يدرسون في الكليات العلمية مثل الطب والصيدلة والهندسة والزراعة وغيرها من المهم لهم أن يدرسوا الأدب والتاريخ وعلم النفس والفلسفة والمنطق، فهذه المواد تبني الوعي والوجدان، فالعلوم الإنسانية والاجتماعية مطلوبة لنهضة أي مجتمع وتطوّره وتقدّمه، وبدونها يكون المجتمع بلا ضمير، وإذا كنا نتحدث عن المواد المؤهّلة لسوق العمل فهذه السوق متغيّرة، وتحتاج دراسات من فترة إلى أخرى».