الرئيس الإيراني يُقدّم تشكيلة الحكومة للبرلمان

رشح عراقجي لمنصب وزير الخارجية

بزشكيان يتوسط  قاليباف (على اليمين) ورئيس السلطة القضائية الإيرانية خلال مراسم اليمين الدستورية يوليو الماضي (د.ب.أ)
بزشكيان يتوسط قاليباف (على اليمين) ورئيس السلطة القضائية الإيرانية خلال مراسم اليمين الدستورية يوليو الماضي (د.ب.أ)
TT

الرئيس الإيراني يُقدّم تشكيلة الحكومة للبرلمان

بزشكيان يتوسط  قاليباف (على اليمين) ورئيس السلطة القضائية الإيرانية خلال مراسم اليمين الدستورية يوليو الماضي (د.ب.أ)
بزشكيان يتوسط قاليباف (على اليمين) ورئيس السلطة القضائية الإيرانية خلال مراسم اليمين الدستورية يوليو الماضي (د.ب.أ)

أرسل الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، التشكيلة الوزارية المرشحة للحكومة إلى البرلمان، من بينها وزيرة واحدة، اليوم (الأحد)، بعد 10 أيام من أدائه اليمين الدستورية.

وتعهّد بزشكيان بتشكيل حكومة «وفاق وطني». وتتألف الحكومة الإيرانية من 19 وزارة. وسيقوم البرلمان هذا الأسبوع بمراجعة أهلية الـ19 المقترحين في اللجان المتخصصة، وبدءاً من الأحد المقبل ستتم مناقشتهم في جلسات مكثفة للبرلمان.

ووفقاً للقائمة التي قرأها محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، في جلسة اليوم، رشح بزشكيان: عباس عراقجي لتولي منصب وزير الخارجية، والقيادي في «الحرس الثوري» مسعود أسكندري لوزارة الداخلية، وأبقى على إسماعيل خطيب وزيراً للاستخبارات. وقدم الجنرال عزيز نصير زاده وزيراً للدفاع، وأعاد عباس صالحي وزير الثقافة في حكومة حسن روحاني، للوزارة ذاتها.

ويتعيّن على الرئيس الإيراني أن يحصل على موافقة مسبقة من المرشد لتسمية الوزراء في الخارجية، والداخلية، والاستخبارات، والدفاع، والثقافة.

وقال المتحدث باسم البرلمان علي رضا سليمي: «إن اللجان المتخصصة ستبدأ من مساء اليوم في دراسة البرامج والأهداف ووجهات نظر الوزراء المقترحين، وستتواصل هذه العملية في الأيام المقبلة خلال جلستين يتم عقدهما يومياً».

وأعلن سليمي أن الوزراء المقترحين سيحضرون جميع اللجان المتخصصة في البرلمان، وأن اللجان ستقدم نتائج دراساتها وتلخيصاتها إلى هيئة الرئاسة نهاية هذا الأسبوع.

وستبدأ الجلسات العلنية للبرلمان لمراجعة كفاءة الوزراء المقترحين بين يومي السبت والأربعاء من الأسبوع المقبل.

ومن اللافت أن التشكيلة ضمت 3 وزراء من حكومة إبراهيم رئيسي، و5 من حكومة حسن روحاني.

عراقجي من «الحرس الثوري» إلى الدبلوماسية

وكان تعيين عراقجي خطوة متوقعة، نظراً لدور حليفه محمد جواد ظريف في حملة بزشكيان، ومن ثم تعيينه نائباً للرئيس في الشؤون الاستراتيجية.

وعراقجي دبلوماسي محنك، شغل خلال السنوات الثلاث الماضية، منصب أمين عام اللجنة الاستراتيجية العليا للسياسات الخارجية، الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي.

واشتهر عراقجي عندما تولى قيادة فريق المفاوضين النوويين خلال المفاوضات من 2013 إلى 2021، ولعب دوراً محورياً في المفاوضات التي انتهت بالاتفاق النووي عام 2015، وكذلك المفاوضات التي جرت في نهاية حكومة حسن روحاني، بهدف إحياء الاتفاق النووي.

وشغل حينها منصب نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية في عهد وزارة محمد جواد ظريف.

عباس عراقجي (أ.ف.ب)

كما سبق أن شغل منصب سفير إيران لدى كل من اليابان وفنلندا، ومنصب نائب وزير الخارجية لشؤون آسيا والمحيط الهادي لمدة عامين، قبل أن يصبح المتحدث باسم الوزارة في عام 2013 لفترة قصيرة.

كما شغل لفترة قصيرة منصب رئيس بعثة الجمهورية الإسلامية في منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة.

عباس عراقجي وُلد عام 1962 في طهران، في عائلة ثرية تعدّ من تجار طهران، واختار مساراً مختلفاً عن أفراد عائلته، لكنه تزوج ابنة التاجر علي عبداللهيان، المحسوب على حزب «مؤتلفة الإسلامي»، أبرز التشكلات السياسية في بازار طهران.

انضم عراقجي إلى «الحرس الثوري» في بداية تأسيسه، وشارك في الحرب الإيرانية - العراقية التي اندلعت في عام 1980.

وانضم بعد خمس سنوات إلى كلية الوزارة الخارجية، قبل أن ينتقل للمملكة المتحدة، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الفكر السياسي من جامعة «كنت» في منتصف التسعينات.

في يونيو (حزيران) 2016، نقلت مجلة «رمز عبور» التابعة للأجهزة الأمنية، عن قائد «الحرس الثوري» الأسبق، جواد منصوري، قوله إن عراقجي «دخل السلك الدبلوماسي بمهام من (الحرس الثوري)»، مشدداً عن أن عراقجي «ينتمي إلى (فيلق القدس)» في إشارة إلى الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري».

وفي الحوار نفسه، سلط منصوري الضوء على دور «الحرس الثوري» في تسمية السفراء الإيرانيين لدى الدول العربية، وذكر في حواره أن السفراء لدى العراق ولبنان وسوريا هم من منتسبي «فيلق القدس».

ونفى كل من عراقجي والخارجية الإيرانية هذه التصريحات.

العميد عزيز نصير زاده ثالث قيادي من الجيش على التوالي لمنصب وزير الدفاع بعد أمير حاتمي في حكومة حسن روحاني ومحمد رضا أشيتاني في حكومة إبراهيم رئيسي (مهر)

كما رشح العميد عزیز نصیر زاده، نائب رئيس هیئة الأركان المسلحة، خلال السنوات الثلاث الماضية، وزيراً للدفاع. وهو طيار سابق لطائرة «إف-14 تومكات». وكان نصير زاده قائد القوات الجوية الإيرانية في الفترة من 2018 إلى 2021. ستكون هذه هي المرة الأولى التي يتولى فيها عضو في القوات الجوية الإيرانية وزارة الدفاع.

وزير الاستخبارات

قام رجل الدين، إسماعيل خطيب، بمهام قيادية في الأجهزة الأمنية منذ انضمامه إلى سلك المخابرات في عام 1979، وتولى رئاسة إدارة الاستخبارات في مدينة «قم»، ومنذ عام 2019، تولى رئاسة جهاز الأمن في مؤسسة «آستان رضوي» التي تشرف على إدارة أموال وممتلكات ضريح الإمام الثامن في مشهد، وهي من المؤسسات الدينية الاقتصادية الضخمة الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني. وتربطها صلات وثيقة بـ«الحرس الثوري».

وزیر الاستخبارات إسماعیل خطیب (فارس)

تولى خطيب منصب وزير الاستخبارات خلال حكومة إبراهيم رئيسي، وتراجعت الخلافات التي خرجت للعلن بين وزارة الاستخبارات والجهاز الموازي لها في «الحرس الثوري» إلى حد بعيد.

قبل 4 أيام فقط من اغتيال رئيس حركة «حماس»، إسماعيل هنية، قال وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، لوسائل الإعلام المحلية إن إيران نجحت «في تفكيك وتدمير شبكة من المتسللين من (الموساد) الذين كانوا يغتالون كل يوم بعض علمائنا، ويخربون منشآتنا الرئيسية»... ثم جاءت صدمة اغتيال هنية.

وزير الداخلية

ورشح بزشكيان أيضاً العميد إسكندر مومني (62 عاماً) رئيس لجنة مكافحة المخدرات، ومساعد وزير الداخلية في حكومة إبراهيم رئيسي، لوزارة الداخلية. كان مومني من قيادات «الحرس الثوري» الإيراني في الحرب الإيرانية - العراقية، قبل أن ينتقل لمناصب قيادية في جهاز الشرطة.

إسكندر مومني خلال جلسة لجنة مكافحة المخدرات في الحكومة السابقة (الرئاسة الإيرانية)

وتتعامل وزارة الداخلية مع تنفيذ قوانين العفاف والحجاب، وقواعد اللباس على النساء والرجال. وفي عام 2022، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة بعد وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجاز الشرطة لها واعتقالها بدعوى سوء الحجاب.

واحتج بزشكيان حينها، وكتب على منصة «إكس» أنه «من غير المقبول في الجمهورية الإسلامية اعتقال فتاة بسبب حجابها ثم تسليم جثتها لعائلتها».

وقد تعهد بزشكيان بتقليص تطبيق قانون الحجاب، فضلاً عن تحسين العلاقات مع الغرب والعودة إلى الاتفاق النووي.

وزير الثقافة والإعلام

عباس صالحي المرشح لوزارة الثقافة والإعلام رجل دين لا يرتدي العمامة، ولديه مواقف معتدلة، كان قد تولى رئاسة هذه الوزارة من قبل. يبلغ من العمر الآن 61 عاماً، وبعد استقالة علي جنتي، وزير الثقافة في حكومة حسن روحاني الأولى، تم تعيينه خليفة له بسبب خلافات بين الوزير حينها والحوزة العلمية في «قم» حول الرقابة على الكتب. كان صالحي نائباً ثقافياً لجنتي قبل توليه الوزارة.

عباس صالحی (إیلنا)

بعد وفاة محمود دعائي، المدير السابق لصحيفة «إطلاعات» في عام 2022، تم تعيين صالحي بقرار من المرشد الإيراني علي خامنئي خليفة له.

وکان صالحي أعلن قبل أسابيع أنه لا ينوي قبول المقترح، لكنه تراجع عن موقفه السابق. وذكرت تقارير أن خامنئي وافق على بقائه رئيساً لمؤسسة صحيفة «إطلاعات»، أثناء توليه منصب الوزير.

وزيرة بعد عقد

واقترح بزشكيان أيضاً فرزانه صادق لتكون وزيرة للنقل والتنمية الحضرية. فرزانه صادق البالغة من العمر 53 عاماً، هي حالياً مديرة في الوزارة. ستكون فرزانه ثاني وزيرة إيرانية منذ ثورة عام 1979. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستتم الموافقة عليها.

وكانت فرزانه صادق شغلت سابقاً منصب أمين المجلس الأعلى للتخطيط العمراني والعمارة في إيران، ونائباً للعمارة والتخطيط العمراني في وزارة الطرق والتنمية الحضرية. وتحمل شهادة الماجستير في العمارة من جامعة طهران، ودكتوراه من الجامعة الحرة في طهران. ولديها 28 عاماً من الخبرة العملية. وعملت لفترة قصيرة في بلدية طهران.

فرزانه صادق (وزارة الطرق والتنمية الحضرية)

ويسعى البرلمان المتشدد إلى فرض مزيد من القيود الثقافية والاجتماعية على النساء. وعبَّر كثير من النواب عن معارضتهم عندما قرأ رئيس البرلمان اسمها خلال جلسة يوم الأحد.

الوزيرة الوحيدة السابقة التي تمت الموافقة عليها من البرلمان منذ الثورة كانت في عام 2009، عندما حصل الرئيس محمود أحمدي نجاد على منصب لمرضية وحيد دستجردي، وزيرة للصحة.

ومع ذلك، عين الرؤساء الإيرانيون نساء في مناصب نائب الرئيس، وهو دور لا يتطلب الموافقة البرلمانية.

في الأسبوع الماضي، عيَّنَ بزشكيان زهراء بهروز آذر، نائبة للرئيس لشؤون النساء والأسرة.

حقيبة النفط

وأعلن بزشكيان تقديم محسن باكنجاد (58 عاماً)، مرشحاً لوزارة النفط، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، بعد نشر أنباء عن تكليف عماد حسيني نائب وزير النفط الأسبق، بيجن زنغنه.

وكان يشغل منصب نائب وزير النفط المشرف على الموارد الهيدروكربونية بين عامي 2018 و2021.

وذكرت مصادر إيرانية متطابقة أن حسيني وهو من أهل السنة استُبعد من التشكيلة في اللحظات الأخيرة ليلة السبت.

محسن باکنجاد (وزارة النفط)

وأوضحت المصادر أن باكنجاد «لم يحصل على تقييم مرتفع في لجنة اختيار الوزراء ولم تكن لديه فرصة للحصول على المنصب».

وذكرت مواقع إيرانية أن نائب الرئيس الأسبق، إسحاق جهانغيري، كان مرشحاً للوزارة، وشملت القائمة محمود أمين نجاد المسؤول في شركة الغاز الإيرانية، والنائب السابق بهروز نعمتي، ومساعد وزير النفط السابق ركن الدين جوادي، والمدير التنفيذي السابق لشركة النفط الوطنية الإيرانية غلامحسين نوذري، بالإضافة إلى وزير الاقتصاد الأسبق مسعود كرباسيان، الذي رفض قبول المهمة.

ورُفض ترشح جهانغيري، وجوادي، وواجه نوذري معارضة الإصلاحيين.

همتي يتولى الاقتصاد

يعد ترشيح عبد الناصر همتي (67 عاماً)، محافظ البنك المركزي الأسبق في حكومة حسن روحاني، من بين مفاجآت تشكيلة مسعود بزشكيان.

ووافق همتي على تولي حقيبة الاقتصاد، لكن من غير المرجح أن يحصل على ثقة البرلمان.

عبد الناصر همتي خلال مناظرة رئاسية في 2021 (التلفزيون الرسمي)

وكان همتي قد أُقيل من منصب المحافظـ، بعدما ترشح لانتخابات الرئاسة الجمهورية في 2021، لكنه هُزم أمام الرئيس السابق إبراهيم رئيسي. ومع ذلك، بقيت انتقاداته الحادة للمسؤولين، وصراحته من محاور الجدل في البلاد، خصوصاً في فترة إبراهيم رئيسي.

وحاول همتي الترشح مجدداً لانتخابات الرئاسة الأخيرة، التي جرت مبكراً بسبب وفاة الرئيس الإيراني لكن «مجلس صيانة الدستور» رفض طلبه هذه المرة.

ويحمل في سجله مناصب إدارة في هيئة التلفزيون الرسمي، وكذلك رئاسة منظمة التأمين الإيرانية لفترتين، وهو حاصل على دكتوراه الاقتصاد من جامعة طهران. وتولي منصب محافظ «المركزي» لفترتين.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

تباين بشأن حكومة بزشكيان... من «حكومة مثالية إلى ممكنة»

شؤون إقليمية بزشكیان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي خلال اجتماع الحكومة الأربعاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)

تباين بشأن حكومة بزشكيان... من «حكومة مثالية إلى ممكنة»

تباينت ردود الأفعال في إيران حيال التشكيلة الحكومية التي قدّمها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وظهرت مؤشرات على خلافات عميقة بينه وبين حلفائه الإصلاحيين.

«الشرق الأوسط» (عادل السالمي)
الولايات المتحدة​ المرشّح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركيّة دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب بعد اختراق حملته الانتخابية: الحكومة الإيرانية تقف وراء الهجوم

ذكر المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية دونالد ترمب أن شركة «مايكروسوفت» أبلغته بأن موقعاً إلكترونياً لحملته الانتخابية تعرض للاختراق من قبل الحكومة الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون أمام ملصق للمرشد خامنئي وإسماعيل هنية في طهران (أ.ف.ب)

إيران تعزل «الانتقام» عن «الهدنة»... ولا خلاف بين الرئيس و«الحرس»

أطلقت إيران، السبت، رسائل تصعيد جديدة، بعدما عزلت ردها على إسرائيل عن اتفاق محتمل لوقف النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية منظومة «خرداد» الدفاعية وصواريخ باليستية تُعرَض أمام مقرّ البرلمان الإيراني في ساحة بهارستان وسط طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

طهران تسلم موسكو «قريباً» أسلحة موجهة بالأقمار الاصطناعية

من المحتمل أن تسلم إيران أسلحة موجهة بالأقمار الاصطناعية إلى روسيا؛ لاستخدامها في حربها على أوكرانيا، وفقاً لـ«رويترز»

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا صورة (أرشيف) إيران متهمة بتزويد الحوثيين بصواريخ بحرية لمهاجمة السفن (أسوشييتد برس)

مصادر مخابراتية: إيران ستزود روسيا بمئات الصواريخ الباليستية قريباً

قال مصدران مخابراتيان أوروبيان لـ«رويترز» إن عشرات الأفراد العسكريين الروس يتلقون التدريب في إيران على استخدام أنظمة الصواريخ الباليستية قريبة المدى (فتح-360).

«الشرق الأوسط» (موسكو)

تباين بشأن حكومة بزشكيان... من «حكومة مثالية إلى ممكنة»

بزشكیان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي خلال اجتماع الحكومة الأربعاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بزشكیان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي خلال اجتماع الحكومة الأربعاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

تباين بشأن حكومة بزشكيان... من «حكومة مثالية إلى ممكنة»

بزشكیان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي خلال اجتماع الحكومة الأربعاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بزشكیان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي خلال اجتماع الحكومة الأربعاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)

تباينت ردود الأفعال في إيران حيال التشكيلة الحكومية التي قدّمها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. وظهرت مؤشرات على خلافات عميقة بينه وبين حلفائه الإصلاحيين والمعتدلين، بعدما قام بتسمية 8 من أصل 19 حقيبة وزارية لسياسيين محسوبين على التيار المحافظ.

وأبدت «جبهة الإصلاحات»، الإطار التنسيقي لأطراف التيار الإصلاحي، تحفظاً ضمنياً إزاء التشكيلة، قبل ساعات من إعلانها رسمياً تحت قبة البرلمان.

وقالت آذر منصوري، رئيسة «جبهة الإصلاحات» عبر منصة «إكس»: «كنا قلنا في رسالة جبهة الإصلاحات إلى الرئيس: في المرحلة الأولى من تشكيل الحكومة، لا تدع التعيينات الخاصة والإجراءات غير السليمة تؤدي إلى استبعاد الكفاءات وإحباط الناس من اختيارهم، خاصة أولئك الذين كانوا مترددين في التصويت لك حتى يوم الاقتراع».

وفي نفس السياق، نقلت وكالة «إيلنا» الإصلاحية عن النائبة الإصلاحية السابقة بروانة سلحشوري قولها إن «بزشكيان رسب في أول امتحان له، باستثناء حالات نادرة». وأضافت: «الحكومة التي تشكلت ليس أساسها الكفاءة والتخصص واستشارة الفرق واللجنة الاستراتيجية، بل على أساس المحاصصة والتدخلات الصريحة من قبل هذا وذاك».

وحذّرت سلحشوري، بزشكيان، قائلة إن «التجربة العالمية أظهرت أن عمر مثل هذه الحكومات قصير، ولا تصل إلى نهايات جيدة».

وانتقد النائب السابق، جليل رحيمي جهان آبادي، التشكيلة الحكومية المقترحة من بزشكيان. وانتقد النائب الذي ينحدر من مدينة تربت جام وحيدرية، ذات الأغلبية السنية في شرق البلاد، عدم وفاء بزشكيان بوعوده في تسمية وزير من أهل السنة.

وكتب عبر منصة «إكس»: «فخامة الرئيس، تم منح 8 وزارات للمحافظين الذين وقفوا ضدك وضدنا ولم يختاروك. بينما لم تُخصص وزارة واحدة لأهل السنة الذين دعموك وحركة الإصلاحات بصدق. أين الوفاق الوطني في هذه الحكومة؟ ألسنا جزءاً من الشعب الإيراني؟».

على خلاف الانتقادات، قال حسين مرعشي، الأمين العام لحزب «كاركزاران» (كوادر البناء)، فصيل الرئيس الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إن «الحكومة التي قدّمها بزشكيان إلى البرلمان تختلف بنسبة 50 في المائة عن الحكومة التي قدّمتها اللجنة الاستشارية برئاسة ظريف».

وأضاف: «جزء من هذا الاختلاف يعود إلى استعلامات الأجهزة الأمنية، وهو إجراء قانوني، حيث تم رفض بعض الأفراد. كما أن السيد طبيبيان أخذ في اعتباره توجهات البرلمان في تشكيل جزء من الحكومة».

وتابع مرعشي أن «الحكومة التي قدمها بزشكيان هي حكومة ممكنة، بينما كانت الحكومة التي اقترحتها اللجنة كانت حكومة مثالية». وأضاف: «بالتأكيد هناك فرق بين الحكومة المثالية والحكومة الممكنة. ما حدث كان نتيجة للقيود والظروف التي واجهها بزشكيان. بشكل عام، أنا راضٍ عن التشكيلة العامة للحكومة، ولكن هناك بعض النواقص في بعض الوزارات التي قد تجعل عمل الحكومة أكثر صعوبة».

ودافع عن إبقاء وزير الاستخبارات إسماعيل خطيب، قائلاً: «لا بد أن هناك مصالح عليا كانت وراء قرار بزشكيان».

وفي إشارة إلى سبب عدم تقديم مرشحين من أهل السنة، قال مرعشي: «ليست لديّ معلومات دقيقة، ولكن وجود وزيرة في الحكومة هو من النقاط الإيجابية، وغياب وزير من أهل السنة هو من نواقص الحكومة».

واختتم مرعشي بالإشارة إلى ارتفاع متوسط الأعمار في قائمة الحكومة الرابعة عشرة المقترحة، قائلاً: «هذا النقص ناتج عن عدم تربية الكوادر الشابة».

استقالة ظريف!

وقبل ذلك بساعات، انتشر خبر استقالة محمد جواد ظريف من منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وهو منصب جديد لم يكن موجوداً ضمن المناصب التي حول الرئيس الإيراني. وكان ظريف مسؤولاً عن اللجنة الاستشارية التي جرى تشكيلها مؤقتاً للإشراف على اقتراح الوزراء.

وساهم ظريف قبل ذلك بشكل كبير في فوز بزشكيان على منافسيه المحافظين في انتخابات 28 يونيو (حزيران) الماضي، وجولة الإعادة في 5 يوليو (تموز).

وقالت صحيفة «آرمان ملي» الإصلاحية: «إذا كانت استقالة أو مقاطعة فهي احتجاج على قائمة وزراء بزشكيان».

وكتبت الناشطة هنجامة شهيدي، على منصة «إكس»: «إذا كانت مسألة استقالة ظريف من منصبه المستحدث كنائب استراتيجي صحيحة، فيجب أن نتوقع انسحابات من نوع الاتفاق النووي، وأخرى مماثلة في حكومة بزشكيان».

وقالت ناشطة إصلاحية على منصة «إكس»: «السيد بزشكيان، حذار أن تكون قد قبلت استقالة ذلك الرجل الكبير! إذا لم يقف خلفك، فلن نقف نحن أيضاً، وإذا لم نكن، فستصبح الرئيس الأكثر كرهاً في تاريخ إيران». وقد سأل مستخدم آخر يحمل اسم «مصدر مطلع» تحت هذه التغريدة: «ظريف!».

ولم یتضح علی الفور، ما إذا كان الحديث عن استقالة ظريف قد حدث بالفعل، أو يأتي في سياق الشائعات التي انتشرت في الأيام الأخيرة حول التشكيلة الحكومية، وشغلت المهتمين بمتابعة تشكيلة الحكومة.

ظريف خلال مشاركته في اجتماع الحكومة الأربعاء الماضي (الرئاسة الإيرانية)

وبالتزامن مع ذلك، تعرض ظريف لهجوم شرس في البرلمان، من النائب أمير حسين ثابتي المقرب من المرشح الرئاسي، سعيد جليلي.

وقال ثابتي في كلمة أمام البرلمان، الأحد: «كنا نعتقد خلال الانتخابات أن هناك أشخاصاً أفضل منك لإدارة البلاد، ولذلك لم نصوت لك؛ ولكن اليوم أنت رئيس جمهورية لكل الشعب الإيراني، ونجاحك هو نجاحنا جميعاً». وتابع: «إذا تمكنّا من المساعدة في أي مجال لدفع حكومتك نحو التقدم وحل مشاكل البلاد، فإن من واجبنا القيام بذلك... لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن نجاحك لن يكون ممكناً مع أي شخص وأي تركيبة في الحكومة. لا يمكن التحدث عن الوحدة الوطنية وحكومة الوفاق الوطني. وفي الوقت نفسه، تعيين شخص في أروقة الحكومة كان قد خلق انقساماً زائفاً بين الدبلوماسية والميدان في السنوات الماضية، وعدّ (...) قاسم سليماني عقبة أمامه، ثم تدّعي أنك تسعى لتشكيل حكومة وحدة وطنية! هل ستقوم بذلك مع رموز الانقسام الوطني؟».

وكان ثابتي يشير إلى قضية «الدبلوماسية والميدان»، التي طرحها ظريف في شهادته للأرشيف الإيراني، خلال الحكومة السابقة، وجرى تسريبه في مارس (آذار) 2021. ويوجه ظريف انتقادات لدور «الحرس الثوري» خصوصاً مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، في تقويض السياسة الخارجية الإقليمية والاتفاق النووي لعام 2015، عبر توسيع التعاون الميداني مع روسيا في الحرب السورية.

وعود لم تتحقق

وتحت عنوان «حكومة الوعود، التي لم تحقق الآمال»، نصح المحرر السياسي في موقع «بولتون نيوز» منصة استخبارات «الحرس الثوري»، بزشكيان بالتحدث إلى الناس، والشفافية.

وأضاف الموقع: «عندما قدّم الرئيس خلال فترة الانتخابات وعوداً كثيرة بتشكيل حكومة شابة، متنوعة وشاملة، أصبح كثيرون يأملون أن تكون الحكومة الجديدة ممثلة لكل فئات المجتمع»، ورأى أن «الوعود كانت تشير إلى تغييرات جذرية في هيكل الحكومة، وتعد بمشاركة الشباب، والنساء، وأهل السنة في قيادة الوزارات. ولكن الآن، وبعد نشر قائمة الوزراء المقترحة، يبدو أن هذه الوعود لم تتحقق، ما أثار مخاوف جدية بين أنصار الحكومة ومعارضيها على حد سواء».

وقال المحلل السياسي، أحمد زيدآبادي، إن «تركيب الحكومة بالشكل الذي تم تقديمه للبرلمان، وبالنظر إلى الأهداف التي حددها بزشكيان لنفسه، يحتوي على اثنتين أو 3 ثغرات أساسية».

لكنه رأى أن من «حق الرئيس اختيار فريقه... عدم ملائمة الوزراء مع بعض، هي مشكلة بزشكيان في الدرجة الأولى. إذا كان يعتقد حقاً أنه يمكنه العمل مع بعض هؤلاء الأفراد، فلا يوجد سبب يجعلنا نتدخل أكثر منه!». وقال: «قبضة الرئيس في إيران ليست مفتوحة تماماً لانتخاب الوزراء، تشارك الجماعات والمحافل السياسية في تفاصيل هذا الموضوع بشكل غير معتاد». وأضاف: «ما يهمنا الآن هو التزام الحكومة بوعدها لإنهاء هذه الحالة غير المستقرة. ما تبقى هو أمر ثانوي».

وأشار زيدآبادي إلى تغييب أهل السنة مرة أخرى من تشكيلة الحكومة، وقال: «في قائمة الحكومة المعلنة يوم أمس، كان اسم سيد عماد حسيني من المواطنين السنة مرشحاً لوزارة النفط، لكن هذا الاسم غاب عن القائمة الرسمية اليوم».

وتساءل: «ماذا حدث خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية؟ هل هناك حساسية من بعض الأوساط تجاه وزير سني؟» وزاد: «بينما تُغطى جدران المدينة بصور إسماعيل هنية، ويثني المسؤولون في البلاد على مكانته كوليّ من أولياء الله، ويهددون بالانتقام لدمه، فما معنى هذه الحساسية الضيقة وغير الوطنية تجاه استخدام أهل السنة في الحكومة؟».

وختم: «ألم يكن هنية سنياً؟ كيف تكون سنيته غير مرفوضة ولا تثير حساسية، بينما سنيّة بعض المواطنين الآخرين مثيرة للقلق؟».