واشنطن تعلن حزمة مساعدات جديدة لكييف تزامناً مع هجوم كورسك

تشمل ذخائر لأنظمة الصواريخ والمدفعية وأسلحة مضادة للدبابات

صورة وزّعتها وزارة الدفاع الروسية تُظهر رتلاً من الآليات والجنود الروس يتوجهون إلى منطقة القتال في كورسك (إ.ب.أ)
صورة وزّعتها وزارة الدفاع الروسية تُظهر رتلاً من الآليات والجنود الروس يتوجهون إلى منطقة القتال في كورسك (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تعلن حزمة مساعدات جديدة لكييف تزامناً مع هجوم كورسك

صورة وزّعتها وزارة الدفاع الروسية تُظهر رتلاً من الآليات والجنود الروس يتوجهون إلى منطقة القتال في كورسك (إ.ب.أ)
صورة وزّعتها وزارة الدفاع الروسية تُظهر رتلاً من الآليات والجنود الروس يتوجهون إلى منطقة القتال في كورسك (إ.ب.أ)

بعد مضي 5 أيام على الهجوم الأوكراني المفاجئ على منطقة كورسك الروسية الحدودية، وسيطرة كييف على مساحة قُدّرت بنحو 200 كيلومتر مربع، يستبعد مراقبون أن تتمكّن روسيا من استعادتها بالكامل في وقت قريب. ورغم إعلانها أنها نجحت في وقف التقدم الأوكراني جزئياً، بعد دفعها بقوات من الاحتياط إلى المنطقة، فإن روسيا قد تضطر إلى سحب قوات مدربة من جبهات أخرى لاحتواء توغّل كورسك.

وبدا أن روسيا أوقفت تقدم الجنود الأوكرانيين باتجاه الشمال، لكنها لم توقف تقدمهم شرقاً، وفق تحليل أجراه «معهد دراسة الحرب»، وهو مركز أبحاث في واشنطن. وأظهر التحليل أيضاً أن الجيش الروسي يعتمد في الغالب على الوحدات التي تمّ نشرها بالفعل بالقرب من المنطقة، ويتكوّن معظمها من مجندين عسكريين وقوات غير نظامية، على عكس الجنود المتمرسين الذين يقاتلون في أوكرانيا. وهو ما دعا إلى التساؤل عمّا إذا كانت روسيا ستعيد نشر قوات أفضل تجهيزاً من الخطوط الأمامية داخل أوكرانيا؛ لاستعادة الأراضي التي استولى عليها الأوكرانيون، ودفعهم إلى خارج حدودها. ورأى المحلّلون أن الأمر قد يستغرق وقتاً، ومن شأنه أيضاً أن يُخفّف الضغط على القوات الأوكرانية في شرق وجنوب أوكرانيا، حيث تعاني من تفوق القوات الروسية عليها عدداً وعدّة، وتخسر أمامها مزيداً من الأراضي.

وما زاد من تعقيد الأمور بالنسبة لروسيا، أنها لم تكن تتوقع أن تُقدم أوكرانيا على هذه «المغامرة»، في ظل اطمئنانها من تردّد حلفاء كييف بالسماح لها بضرب العمق الروسي. لكن نجاح الهجوم في تحقيق تقدم سريع وتوسعه خلال أيام قليلة، قد يؤدي إلى تغيير في سياسة الدول الغربية الداعمة لكييف، بعدما التزم هؤلاء الصمت وامتنعوا حتى الآن عن ممارسة أي ضغوط على أوكرانيا للتراجع، أو على الأقل للتخفيف من حدة هجومها.

125 مليون دولار

عدّت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، على لسان مسؤوليها، أن أوكرانيا لم تخرق التزاماتها تجاه عدم استخدام الأسلحة التي تقدمها لها «إلّا في حالة تصديها لهجمات روسية قادمة من مناطقها الحدودية».

ومع مواصلة القوات الأوكرانية هجومها، أعلنت واشنطن، الجمعة، تقديم مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 125 مليون دولار لكييف. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، للصحافيين إن حزمة المساعدات تؤكد «التزامنا الثابت تجاه أوكرانيا في ظل استمرارها في مواجهة العدوان الروسي». وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في بيان، إن المساعدات ستأتي من المخزونات الأميركية و«تتضمن صواريخ اعتراضية للدفاع الجوي، وذخائر لأنظمة الصواريخ والمدفعية، وأجهزة رادار متعددة المهام، وأسلحة مضادة للدبابات». وأضاف بلينكن أن هذه المعدات «ستساعد أوكرانيا على حماية قواتها وشعبها ومدنها من الهجمات الروسية، وتعزيز قدراتها على خطوط المواجهة».

«تنسيق» أميركي - ألماني

دبابة روسية تأخذ وضعاً قتالياً في منطقة كورسك الحدودية مع أوكرانيا (أ.ب)

بدا «التنسيق» بين الحلفاء واضحاً، خصوصاً بين الولايات المتحدة وألمانيا، فيما يتعلق بتزويد الأوكرانيين بأسلحة يمكن لكييف استخدامها لمهاجمة روسيا. وبينما لم تمارس واشنطن ضغوطاً على كييف للتراجع عن هجوها على كورسك، التزمت برلين الموقف نفسه، حيث قالت وزارة الخارجية الألمانية، وفق صحيفة «بوليتيكو»، إن «لأوكرانيا الحق في الدفاع عن نفسها كما هو منصوص عليه في القانون الدولي... وهذا لا يقتصر على أراضيها».

وبينما لم يعلّق المستشار الألماني أولاف شولتس على الهجوم الأوكراني بعد كونه في إجازة صيفية، أعلن عديد من السياسيين الألمان، بمَن فيهم من المعارضة المحافظة، دعمهم الكامل للهجوم الأوكراني، والحق في استخدام الأسلحة الألمانية على الأراضي الروسية. وقال رودريش كيسفيتر، أحد كبار المشرِّعين من الحزب الديمقراطي المسيحي، لصحيفة «بوليتيكو»، إنه من المشروع تماماً ضرب مناطق داخل روسيا بأسلحة قدمتها ألمانيا.

ورغم أن الولايات المتحدة هي الداعم العسكري الرئيسي لأوكرانيا، فإنها تقوم بتنسيق مساعداتها ونوعية الأسلحة بشكل وثيق مع ألمانيا، ودائماً ما نسّق الطرفان عندما يتعلق الأمر بمساعدة أوكرانيا في كل شيء، بدءاً من الدبابات القتالية وحتى أنظمة الدفاع الجوي. ولا يزالان يقاومان حتى الآن تسليم صواريخ هجومية بعيدة المدى؛ «توروس» الألمانية، و«هيمارس» الأميركية، على الرغم من الضغوط القوية من أوكرانيا.

تقليل من أهمية الهجوم

وغيّرت برلين وواشنطن سياستهما بشأن ضرب الأراضي الروسية في مايو (أيار) الماضي، رداً على الهجوم الروسي على مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا. وصاغتا موقفهما بعناية في ذلك الوقت، عبر الحديث عن «حق أوكرانيا، الذي يكفله القانون الدولي، في الدفاع عن نفسها ضد هذه الهجمات».

وواصلت واشنطن التقليل من أهمية التوغل الأوكراني في كورسك، حيث قال كيربي، إن الولايات المتحدة «على اتصال بنظرائنا الأوكرانيين، ونحن نعمل على اكتساب فهم أفضل لما يفعلونه، وما أهدافهم، وما استراتيجيتهم».

ولا يزال من غير الواضح بعد ما هي أهداف أوكرانيا على المدى الطويل من التوغل في كورسك، أو ما إذا كان يمكنها الاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها. لكن بعد مضي 5 أيام على الهجوم، لا توجد إشارة وشيكة على انتهاء القتال. وتم تدمير رتل روسي كان في طريقه لمواجهة التوغل الأوكراني، وأظهرت مقاطع فيديو روسية جثثاً وشاحنات محترقة. كما شنّت أوكرانيا في الساعات الأولى من يوم الجمعة، هجوماً كبيراً بطائرات مسيّرة على البنية التحتية في جميع أنحاء منطقة ليبيتسك، في عمق روسيا، وضربت قاعدة جوية رئيسية.


مقالات ذات صلة

الأعاصير النارية... ظاهرة نادرة وخطيرة تهدد رجال الإطفاء في كاليفورنيا

الولايات المتحدة​ أحد رجال الإطفاء في ولاية كاليفورنيا قبل اندلاع حريق باليساديس يوم الثلاثاء 14 يناير 2025 (أ.ب)

الأعاصير النارية... ظاهرة نادرة وخطيرة تهدد رجال الإطفاء في كاليفورنيا

في الوقت الذي يواجه فيه رجال الإطفاء في ولاية كاليفورنيا الأميركية تحديات كبيرة بالفعل، قد يتعين عليهم أيضاً التعامل مع الأعاصير النارية.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا (الولايات المتحدة))
الولايات المتحدة​ جيك سوليفان ومايك والتز (أ.ف.ب)

مستشارا بايدن وترمب للأمن القومي يجتمعان لتسليم «الشعلة»

وضع مستشارا الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب خلافاتهما جانباً، على الأغلب، في حدث رمزي «لتسليم الشعلة» ركَّز على قضايا الأمن القومي.

«الشرق الأوسط»
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه بقادة كوبيين أميركيين بالبيت الأبيض في واشنطن يوم 30 يوليو 2021 (رويترز)

بايدن يعلن حظر التكنولوجيا الصينية والروسية في السيارات «لحماية الأمن القومي»

أعلن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، الثلاثاء، حظراً على التكنولوجيا الصينية والروسية في السيارات؛ مشيراً إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه بقادة كوبيين أميركيين بالبيت الأبيض في واشنطن 30 يوليو 2021 (رويترز)

بايدن يرفع كوبا عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب

قال مسؤول أميركي رفيع المستوى، اليوم الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي جو بايدن قرر رفع كوبا عن القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

من الهجرة إلى الحروب... ما أبرز تعهدات ولاية ترمب الثانية؟

تعهدّ دونالد ترمب، باتخاذ قرارات جذرية عند عودته إلى البيت الأبيض في مجالات شتّى، من الهجرة إلى المناخ والتجارة الدولية مروراً بأوكرانيا وغزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)
انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)
TT

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)
انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

انطلق اليوم (الأربعاء) من مركز كيندي الفضائي على ساحل الولايات المتحدة الشرقي، صاروخ واحد يحمل مركبتين فضائيتين، لمهمتين إلى القمر لحساب شركتين خاصتين، إحداهما أميركية والأخرى يابانية، على ما أظهرت مشاهد من بث حي للعملية.

وقد أُرسلت المركبتان الفضائيتان المحملتان بالأدوات العلمية إلى الفضاء، بواسطة صاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبيس إكس» الأميركية، المملوكة للملياردير إيلون ماسك.

انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

وانطلق الصاروخ بنجاح، الأربعاء، عند الساعة 01:11 صباحاً بالتوقيت المحلي (06:11 بتوقيت غرينيتش) من مركز كيندي للفضاء بولاية فلوريدا، في جنوب شرقي الولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

أُرسلت المركبتان الفضائيتان المحملتان بالأدوات العلمية إلى الفضاء بواسطة صاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبيس إكس» الأميركية المملوكة للملياردير إيلون ماسك (إ.ب.أ)

ويضم الصاروخ الروبوت الفضائي «بلو غوست» Blue Ghost الذي طورته شركة «فايرفلاي إيروسبيس» Firefly Aerospace لحساب وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، والروبوت الفضائي «ريزيلينس» Resilience التابع لشركة «آي سبيس» ispace اليابانية.

مصورون في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

وتأمَل الوكالتان في تكرار الإنجاز الذي حققته شركة «إنتويتيف ماشينز» Intuitive Machines الأميركية، بعد نجاحها في إرسال مركبة فضائية إلى سطح القمر في أوائل عام 2024، في سابقة على مستوى العالم لشركة خاصة.

وقبل ذلك، لم تنجح في إتمام هذه المناورة المحفوفة بالمخاطر إلا حفنة من البلدان، بدءاً بالاتحاد السوفياتي في عام 1966.

وستكون هذه المحاولة الأولى لشركة Firefly Aerospace، والثانية لشركة ispace التي فشلت مركبتها في الهبوط بأمان على سطح القمر في عام 2023.