المعارضة التركية تتساءل عن اختفاء 700 ألف لاجئ سوري

تحذير أممي من العودة الطوعية لعدم توافر ظروف ملائمة

أحد مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود التركية - السورية (أرشيفية)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود التركية - السورية (أرشيفية)
TT

المعارضة التركية تتساءل عن اختفاء 700 ألف لاجئ سوري

أحد مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود التركية - السورية (أرشيفية)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود التركية - السورية (أرشيفية)

فجّرت معلومات كشف عنها وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عن أن أكثر من 700 ألف سوري داخل تركيا لم يُعثر عليهم في عناوينهم المسجلة لدى سلطات الهجرة، جدلاً واسعاً، ودفعت بالمعارضة إلى تقديم مذكرة إلى البرلمان تتساءل فيها عن مصيرهم.

وكشف يرلي كايا عن أن 729 ألفاً من أصل 3 ملايين و103 آلاف سوري في تركيا لا يوجدون في العناوين المسجلين عليها، محذراً بأن السوريين الذين لا يحدّثون عناوينهم خلال 5 أشهر، لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة، مثل التعليم والصحة.

وقال يرلي كايا، أمام اجتماع للتثقيف حول حقوق الإنسان عقده «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، الاثنين، إنه جرى إرسال رسائل تحذيرية بالعربية والإنجليزية والتركية إلى الأشخاص الذين لا يمتلكون عناوين، لتحديث عناوينهم خلال 150 يوماً، وأنهم سيُحرمون من جميع الخدمات التي تقدمها الدولة؛ بما فيها التعليم والصحة.

ولفت إلى أن عدد المهاجرين في تركيا يبلغ 4 ملايين و437 ألفاً؛ منهم السوريون الخاضعون لنظام «الحماية المؤقتة»، بالإضافة إلى مليون و109 آلاف شخص يحملون تصاريح إقامة، و224 ألفاً تحت الحماية الدولية.

وأعلن «حزب الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، الخميس، أنه تقدم بسؤال إلى رئاسة البرلمان التركي، موجهٍ إلى وزير الداخلية، حول وضع هذا العدد من السوريين غير الموجودين في عناوينهم المسجلة لدى مديرية الهجرة التابعة لوزارة الداخلية، وهل يوجدون حتى الآن داخل تركيا، وأين يقيمون؟

وعلق الكاتب الصحافي مراد يتكين، في مقال على مدونته، الخميس: «لن نفاجأ إذا جرى إسقاط سؤال المعارضة من جانب نواب حزبَي (العدالة والتنمية) و(الحركة القومية) الذين يشكلون الأغلبية في البرلمان».

وأضاف: «لا أناقش ما إذا كان عدد الـ3 ملايين و103 آلاف الذي قدمه يرلي كايا يعكس العدد الحقيقي للاجئين السوريين في تركيا أم لا، لكن الأرقام التي تحدث عنها تعني أن الدولة لا تعرف مكان وجود كل واحد من 4 ملايين يُفترض أنهم مسجلون، وأنهم قادمون من سوريا، وماذا يفعلون».

توابع حادثة قيصري

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا (حسابه على إكس)

ولفت يتكين إلى أن «هناك ما هو أكثر مأسوية»، في إشارة إلى خبر موقع «دوار» الإخباري التركي، الذي ذكر أن 3 آلاف سوري غادروا مدينة قيصري (وسط تركيا) على خلفية أعمال العنف التي اندلعت، وإغلاق 24 مصنعاً كانوا يعملون فيها. متسائلاً: «إذا خرج 3 آلاف سوري من قيصري بعد الأحداث الأخيرة فأين ذهبوا؟ عادوا إلى بلادهم أم ذهبوا إلى مدن أخرى، وهل عناوينهم معروفة؟ وماذا يفعلون؟».

وتابع أن «التصريحات القاسية تدفع بالجماهير، التي لا تدرك الوضع الحقيقي، إلى توجيه ردود الفعل على هذا الوضع المشوه نحو السوريين العابرين من البوابات المفتوحة، وليس نحو من فتح البوابات لهم دون حدود (الحكومة التركية). إن الانفجارات التي تنزلق إلى العنصرية خاطئة وخطرة في الوقت نفسه».

محال مملوكة للسوريين تعرضت للحرق في أحداث قيصري أواخر يونيو الماضي (إكس)

وشهدت ولاية قيصري، في 30 يونيو (حزيران) الماضي أعمال عنف استهدفت ممتلكات السوريين، حيث أقدم مواطنون أتراك على حرق محال السوريين، وتحطيم سياراتهم، وقذف منازلهم بالحجارة، على خلفية انتشار أخبار مغلوطة تتعلق باتهام شاب سوري بالتحرش بطفلة تركية عمرها 5 سنوات، تبين بعد ذلك أنها سوريةٌ وأنها ابنةُ عمه. ورغم ذلك، فإن أعمال العنف ضد السوريين لم تتوقف عند قيصري، بل امتدت إلى ولايات أخرى.

وفي مطلع يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن السلطات اتخذت إجراءات ضد مشغلي حسابات على منصات التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى مشاركة 343 ألف منشور يحرض على السوريين من نحو 79 ألف حساب، عقب اندلاع أحداث قيصري، وتبين أن 68 % منها كانت استفزازية وسلبية، و37 في المائة من حسابات وهمية.

العودة غير آمنة

ووفق يتكين، أوضح بعض استطلاعات الرأي أن اللاجئين السوريين جاءوا في المرتبة الثانية بعد الأزمة الاقتصادية في البلاد، من بين الأسباب التي أدت إلى هزيمة حزبَي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» (تحالف الشعب) في الانتخابات المحلية يوم 31 مارس (آذار) الماضي.

وقال إنه «من الضروري رؤية أن الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي حاول إطاحة الرئيس السوري منذ عام 2011، هو أكثر من يحاول الآن صنع السلام معه، وهذا ليس بسبب إصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقط، لكن ربما يحتاج الأمر إلى إدراك أن اتخاذ بعض الخطوات الآن أصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى».

وتشكل مشكلة اللاجئين ورغبة حكومة إردوغان في إعادة أكثر من مليون ونصف المليون سوري إلى بلادهم بطريقة طوعية وآمنة، أحد أهداف إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى طبيعتها بعد أن أصبحوا يشكلون عبئاً كبيراً على الحكومة بسبب مشاعر الغضب في الشارع التركي.

سوريون عند إحدى البوابات الحدودية التركية إلى سوريا (إكس)

في السياق ذاته، أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها لا تشجع العودة الطوعية للاجئين السوريين على نطاق واسع في الوقت الحالي، نظراً إلى عدم توفر الظروف الأمنية والمادية اللازمة للعودة بعد.

وذكرت المفوضية، في تقرير الثلاثاء، أن الأزمة السورية في عامها الـ14، لكن الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية مستمرة في التدهور، وأنها تواصل العمل على معالجة مخاوف العائدين من النازحين داخلياً، واللاجئين المعرضين للخطر، من خلال خدمات الحماية والمساعدة في مناطق عودتهم، بغض النظر عن طريقة العودة.

وسبق أن أكدت منظمة العفو الدولية، في تقرير يوم 27 مايو (أيار) الماضي، أن منظمات حقوق الإنسان تتفق بالإجماع على أنه لا يوجد أي مكان في سوريا يمكن عَدّه آمناً لعودة اللاجئين.


مقالات ذات صلة

دمشق تسعى إلى تسويات في درعا مقابل تسليم السلاح

المشرق العربي سوريون في إحدى أسواق مدينة درعا (سانا)

دمشق تسعى إلى تسويات في درعا مقابل تسليم السلاح

وثَّق ناشطون في درعا مقتل أكثر من 37 شخصاً خلال شهر يوليو الماضي، بينهم 26 مدنياً، جراء تصاعد التوتر على خلفية الانفلات الأمني وانتشار السلاح.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية تركيا ورسيا تسعيان لإعادة الدوريات المشتركة على طريق «إم 4» كخطوة رمزية لنجاح جهود التطبيع مع دمشق (أرشيفية)

اتصالات «التطبيع» بين أنقرة ودمشق لم توقف التصعيد

تشهد مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا تصعيداً شديداً وهجمات متواصلة للجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

فيدان: لقاء إردوغان والأسد سيكون في دولة ثالثة حال انعقاده

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن اللقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد، قد يُعقد في دولة ثالثة حال الاتفاق عليه، ومن دون شروط مس

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تقاعد المصارع فاتح ريحاني منذ 15 عاماً لكنه لم يتخلَّ عن رياضته المفضلة بل اتجه للتدريب (الشرق الأوسط) play-circle 03:57

«حلم الأولمبياد» بعيد عن الرياضيين بشمال غربي سوريا

بين الرياضيين الذين يعيشون شمال غربي سوريا التي تقع تحت أكثر من نفوذ وسيطرة من يشعر بالغبن لعدم تمكنه من المشاركة في الأولمبياد والعودة للمنافسة.

حباء شحادة (إدلب)
المشرق العربي سكان بلدة الدرباسية يدلون بأصواتهم في انتخابات تمهيدية للمجالس المحلية بمناطق شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

رئيس «المجلس الوطني الكردي»: لا مصلحة لنا في معاداة تركيا

أبدى رئيس «المجلس الوطني الكردي» خشيته من عملية عسكرية جديدة في الشمال السوري إن مضت الإدارة في انتخاباتها المحلية، وطالب تركيا باحترام الخصوصية الكردية.

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))

تحذير أميركي لإيران من ضربة مدمرة لحكومتها الجديدة إذا هاجمت إسرائيل

مقاتلات «إف-22» تصل إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية بالشرق الأوسط أمس (سنتكوم)
مقاتلات «إف-22» تصل إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية بالشرق الأوسط أمس (سنتكوم)
TT

تحذير أميركي لإيران من ضربة مدمرة لحكومتها الجديدة إذا هاجمت إسرائيل

مقاتلات «إف-22» تصل إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية بالشرق الأوسط أمس (سنتكوم)
مقاتلات «إف-22» تصل إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية بالشرق الأوسط أمس (سنتكوم)

أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أميركي، الخميس، بأن الولايات المتحدة حذّرت إيران من أن حكومتها المنتخَبة حديثاً واقتصادها قد يتعرضان لضربة مدمّرة، إذا شنت هجوماً كبيراً ضد إسرائيل.

وقال المسؤول الأميركي إن «هذا التحذير جرى إبلاغه مباشرة، وكذلك من خلال وسطاء، دون أن يقدم تفاصيل محددة». وأضاف: «لقد أرسلت الولايات المتحدة رسائل واضحة إلى إيران مفادها أن خطر التصعيد الكبير إذا قامت بهجوم انتقامي كبير ضد إسرائيل هو خطر مرتفع جداً»، مشيراً إلى أن هذه الرسائل حذّرت طهران أيضاً من «وجود خطر جسيم على اقتصاد إيران واستقرار حكومتها المنتخَبة حديثاً إذا سلكت هذا المسار».

وأشار مسؤولون إلى أن الرسالة الأميركية لطهران لم تكن تهدف إلى التهديد بشن عمل عسكري أمريكي ضد أهداف في إيران، بل كانت تهدف إلى التحذير من مخاطر إثارة رد عسكري قوي من إسرائيل،

كما لم يتأكد المسؤولون مما إذا كان «حزب الله» يخطط للهجوم، في الوقت نفسه بشكل منسق مع إيران أم بشكل منفصل. ويملك «حزب الله» ترسانة كبيرة من الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى إسرائيل، والخشية هي أن تهاجم الجماعة وإيران، في الوقت نفسه، لمحاولة إغراق الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية.

وقال مسؤول أمريكي آخر: «في المرة السابقة حصلنا على إشعار مسبق بشكل أكبر، وهذه المرة يعتمد الناس على أفضل التخمينات».

ويُعتقد أن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الذي أدى اليمين، الأسبوع الماضي، منفتح على تجديد الحوار مع الغرب، على الرغم من أن السياسات العليا يحددها، منذ فترة طويلة، المرشد الإيراني علي خامنئي.