بعد اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله».. تصعيد طويل الأمد قبل التسوية

المواجهات مفتوحة على كل الاحتمالات وتل أبيب «جاهزة» لكل السيناريوهات

عمال الدفاع المدني أمام المباني التي استهدفها القصف في عملية اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله» فؤاد شكر (د.ب.أ)
عمال الدفاع المدني أمام المباني التي استهدفها القصف في عملية اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله» فؤاد شكر (د.ب.أ)
TT

بعد اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله».. تصعيد طويل الأمد قبل التسوية

عمال الدفاع المدني أمام المباني التي استهدفها القصف في عملية اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله» فؤاد شكر (د.ب.أ)
عمال الدفاع المدني أمام المباني التي استهدفها القصف في عملية اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله» فؤاد شكر (د.ب.أ)

وضعت عملية اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله»، فؤاد شكر، بقلب الضاحية الجنوبية لبيروت، مسار المواجهات بين الحزب وإسرائيل أمام كل الاحتمالات، وعلى رأسها التصعيد الذي يتحدّد بناءً على ردة فعل «حزب الله»، وما سيليها من ردود أفعال من الطرفين، قبل أن تؤدي في نهاية المطاف إلى حلّ سياسي سيكون ثمنه باهظاً، لا سيما في ضوء عمليات الاغتيال المتتالية التي تقوم بها إسرائيل وتستهدف قادة في «المحور الايراني».

ولا شكّ أن استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، زاد مستوى الخوف من الدخول في حرب واسعة غير معروفة النتائج في لبنان، رغم الدعوات للتهدئة وضرورة التوصل إلى تسوية. وهو ما انعكس إرباكاً في صفوف المسؤولين اللبنانيين مع تسجيل حراك سياسي ودبلوماسي لافت، لكن من دون معرفة الصورة التي ستكون عليه الساعات والأيام المقبلة.

وهذه الضبابية ظهرت عبر تصريحات وزير الإعلام، زياد مكاري، أثر انتهاء اجتماع مجلس الوزراء الطارئ، حيث كان واضحاً بالقول رداً على أسئلة الصحافيين: «المنطق العسكري يقول إنه سيكون هناك رد من (حزب الله)، ولكن لا نعرف كيف»، مع إقراره بأن الجميع متخوف من حصول حرب، والاحتمالات مفتوحة، واصفاً الأمور بـ«المعقدة، ولا يمكننا التكهن بما يمكن أن يحصل...».

هذه الاحتمالات المفتوحة، يتحدث عنها أيضاً، كل من اللواء الركن المتقاعد الدكتور عبد الرحمن شحيتلي، وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور عماد سلامة، في وقت أعلن فيه وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت: «أن إسرائيل لا تسعى لتوسيع رقعة الحرب لكنها جاهزة للتعامل مع جميع السيناريوهات».

وأثنى غالانت خلال لقائه ضباط سلاح الجو، على عملية اغتيال شكر، الذي تقول إسرائيل إنه المسؤول عن هجوم صاروخي وقع، السبت الماضي، وأسفر عن مقتل 12 طفلاً وفتى في هضبة الجولان.

وقال غالانت، بحسب بيان صادر عن مكتبه: «لقد كان الأداء (الليلة الماضية) في بيروت دقيقاً وعالي الجودة ومركزاً»، مضيفاً: «لا نريد الحرب، لكننا نستعد لكل الاحتمالات، وهذا يعني أنه يجب أن تكونوا مستعدين لكافة التطورات، وسنقوم بعملنا على جميع المستويات في الدوائر الأعلى منكم».

وانطلاقاً من هذا الواقع يصف شحيتلي الوضع بـ«غير المريح، ولا نستطيع أن ندعي غير ذلك»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «كل الاحتمالات واردة والتسوية لن تأتي على البارد بل سنشهد تصعيداً حتى الوصول إليها».

ويرى أن «الاعتداء الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت لن يمر دون رد يتناسب مع الحدث وأهميته من ناحية المكان والشخصية المستهدفة والخسائر التي أوقعها، بحيث كل ذلك سوف يؤخذ بعين الاعتبار ليأتي الرد ضمن هذا الميزان وربما أكثر، لتعود بعدها وتصبح الكرة في ملعب إسرائيل». ويضيف: «إذا ردت تل أبيب بالتصعيد يعني نحن ذاهبون نحو تصعيد أكبر، وإذا اكتفت برد محدود، يمكن البحث آنذاك عن حلول دبلوماسية، التي ستجمّد إلى حين معرفة أين ستذهب عملية الرد والرد المعاكس». من هنا، يؤكد: «لن يستطيع أي طرف أن يهزم الآخر عسكرياً بصورة مطلقة لذلك مهما حصل من تصعيد لا بد من تسوية والذهاب إلى حل دبلوماسي».

عمال البلدية يزيلون كابلات الكهرباء من أمام المباني المتضررة نتيجة القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)

من جهته، يرى سلامة أنه لن تكون هناك حرب واسعة إنما استمرار المعركة لأمد طويل، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «عملية اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية تعكس مدى تعقيد وصعوبة الوضع القائم بين إسرائيل وإيران. هذه العملية قد تؤدي إلى ردود فعل انتقامية من حزب الله، الذي قد يشن هجمات تستهدف مصالح إسرائيلية. ومع ذلك، فإن هذه الردود ستبقى ضمن إطار الانتقام المحدود ولن تتصاعد إلى حرب إقليمية شاملة وقاتلة».

لكن هذه العمليات الانتقامية والهجمات المتبادلة تُعكر بلا شك جهود الحل السلمي وتُعطل محاولات التهدئة، بحسب ما يؤكد سلامة، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى «إطالة عمر حرب الاستنزاف القائمة بين الطرفين، إذ تسعى كل من إسرائيل وإيران إلى الحفاظ على وضعية اللا سلم واللا حرب لتحقيق مصالحهما الاستراتيجية».


مقالات ذات صلة

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

المشرق العربي نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:39

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت، وتركّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:54

مقتل مدير مستشفى و6 من زملائه في قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل مدير مستشفى دار الأمل قرب بعلبك في شرق لبنان مع ستة من زملائه العاملين في المستشفى، الجمعة، في ضربة إسرائيلية استهدفت منزله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حميّة الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حيدر
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حيدر
TT

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حميّة الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حيدر
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حيدر

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هدف الغارات العنيفة على منطقة البسطة في قلب بيروت فجر اليوم (السبت)، كان القيادي الكبير في «حزب الله» طلال حميّة.

ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن إعلام إسرائيلي أن «حزب الله» عيّن حمية رئيساً للعمليات خلفاً لإبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وكان برنامج «مكافآت من أجل العدالة» الأميركي رصد مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني.

وقال البرنامج إن حمية يُعد رئيس منظمة الأمن الخارجي التابعة لـ«حزب الله» التي تتبعها خلايا منظمة في جميع أنحاء العالم.

وبحسب البرنامج، تشكل منظمة الأمن الخارجي أحد عناصر «حزب الله» المسؤولة عن تخطيط الهجمات الإرهابية خارج لبنان وتنسيقها وتنفيذها.

مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل معلومات عن طلال حيدر الملقب بـ«الشبح»

وفي 13 سبتمبر 2012، صنَّفت وزارة الخزانة الأميركية حمية بشكل خاص كإرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي «13224» بصيغته المعدلة على خلفية دعم أنشطة «حزب الله» الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وفي مختلف أنحاء العالم.

ونتيجة لهذا التصنيف تم حظر جميع ممتلكات حمية، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأميركية، وتم منع الأميركيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع حمية.

أبو جعفر «الشبح»

يعد طلال حمية المُكنّى بـ«أبو جعفر» والذي يبلغ من العمر نحو 50 عاماً، القائد التنفيذي للوحدة «910»، وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

وهو القائد التنفيذي الحالي للوحدة، ومُلقَّب بـ«الشبح» من قِبل القيادات العسكرية الإسرائيلية لعدم وجود أي أوراق ثبوتية رسمية له في لبنان، ولابتعاده تماماً عن الحياة الاجتماعية والظهور العلني، واتباعه بصرامة الاحتياطات الأمنية المشددة لحظياً.

ويُدير حميّة الوحدة في منصب شغله قيادي «حزب الله» الأشهر عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق عام 2008، كما يحمل عدّة أسماء مستعارة من بينها طلال حسني وعصمت ميزاراني.

خليفة بدر الدين

وقد خلف طلال حمية قائد الوحدة السابق مصطفى بدر الدين، صهر مغنية وخليفته والذي قُتل أيضاً في سوريا عام 2016.

وينحدر طلال حمية من منطقة بعلبك الهرمل، وقد عمل إلى جانب كلٍّ من بدر الدين ومُغنية ووزير الدفاع الإيراني السابق أحمد وحيدي، كما كان وفق معلومات «الموساد» مسؤولاً عن نقل ترسانة «حزب الله» عبر سوريا.

بدأ نشاطه مع «حزب الله» في منتصف الثمانينات، وكانت انطلاقته الأولى كمسؤول أمني في الحزب من برج البراجنة، حيث كان المسؤول عن العديد من العناصر التي أصبحت فيما بعد من أهم القيادات العملياتية في الحزب، كما كان حميّة نائب مغنية في شبكة «الجهاد»، وهي وحدة البعثات الخاصة والهجمات الخارجية في «حزب الله».