«نتفليكس» تتطلع لمد الجسور بين الثقافات وتمكين رواة القصص المحلية نحو العالمية

«الشرق الأوسط» تزور استوديوهاتها في العاصمة الإسبانية مدريد وتطّلع على خططها لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

منشأة نتفليكس في العاصمة الإسبانية مدريد (الشرق الأوسط)
منشأة نتفليكس في العاصمة الإسبانية مدريد (الشرق الأوسط)
TT

«نتفليكس» تتطلع لمد الجسور بين الثقافات وتمكين رواة القصص المحلية نحو العالمية

منشأة نتفليكس في العاصمة الإسبانية مدريد (الشرق الأوسط)
منشأة نتفليكس في العاصمة الإسبانية مدريد (الشرق الأوسط)

تأمل شبكة «نتفليكس»، من خلال مساعيها في تطوير صناعة الأفلام والمحتوى، في دمج القصص من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والترويج لها نحو العالمية، وذلك من خلال رفع المعايير المحلية في إنتاج المحتوى، عبر شراكات متنوعة مع صُناع المحتوى المحليين. «الشرق الأوسط» زارت مركز الشبكة العالمية في شمال العاصمة مدريد، وكان التركيز الأساسي لهذه الزيارة يتمثل في فهم آلية رفع معايير التصوير من المحلية إلى العالمية، وكيف يلعب هذا المركز في إسبانيا دوراً في هذه الاستراتيجية. المركز الأوروبي لـ«نتفليكس»، وهو منشأة حديثة مخصصة لإنتاج بعض المحتوى الأوروبي للمشاهدين في جميع أنحاء العالم، وعند الدخول استقبلني لاري تانز، نائب الرئيس للمحتوى في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ودييجو الفيوس، نائب الرئيس للمحتوى في إسبانيا والبرتغال. كان هناك بعض التجهيزات لتصوير مسلسلات جديدة، وكانت المحطة الأولى في جولتنا مشاهدة تلك الاستوديوهات التي جُهّزت لتصوير مسلسل من حقبة تاريخية سابقة، وكيف جرى بناء الاستوديوهات وفقاً لتلك الحقبة.

رواية القصص الأصيلة والتبادل الثقافي

يقول لاري تانز، نائب الرئيس للمحتوى في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، عن النهج الذي تتبعه «نتفليكس» في دمج إنتاجات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في محفظتها العالمية: «نريد توفير أفضل الموارد لشركائنا المُبدعين للقيام بأفضل ما لديهم من عمل». وأضاف: «إذا كان جلب الإنتاج إلى هنا منطقياً، فسنَعبر الثقافات. بالنسبة لنا، يتعلق الأمر حقاً بالأصالة المحلية في رواية القصص. نحن ننتج في جميع أنحاء المنطقة - في الكويت والسعودية والإمارات ومصر والأردن، يتعلق الأمر بالعثور على أفضل وجهة نظر ومكان لرواية قصة». وشدد تانز على أهمية الأصالة، وقال: «هدفنا هو سرد القصص بشكل حقيقي من وجهة نظر محددة، ومنح المبدعين أفضل الموارد لتحقيق ذلك، وكما رأيتم، اليوم، لدينا القدرة والموارد للقيام بأشياء عظيمة». وقال: «لو كان الأمر منطقياً، لكان من دواعي سرورنا أن نفكر في مشاريع متعددة الثقافات».

الاستفادة من الموارد لتحقيق النجاح المحلي والعالمي

من جهته توسّع دييغو الفيوس، نائب الرئيس للمحتوى في إسبانيا والبرتغال، في الرؤية الاستراتيجية وراء مركز مدريد، وقال: «كانت استراتيجيتنا الوحيدة في إنشاء هذه المنشأة هي مضاعفة توفير الموارد لأفضل رواية للقصص، نحن نجعل هذا متاحاً للمبدعين والمنتجين لدينا، لكننا لا نركز على ضمان سرد جميع القصص هنا، نحو 40 في المائة فقط مما لدينا يتم إنتاج القصص في مدريد». وسلط ألفيوس الضوء على المرونة، والدعم الذي يقدمه المركز، مشيراً إلى الاستخدامات المتنوعة للمسرح الصوتي الافتراضي، ومرافق ما بعد الإنتاج الشاملة. وقال: «على سبيل المثال، كانت أجنحة ما بعد الإنتاج مشغولة بالكامل بفيلمنا الوثائقي عن الدوري الإسباني، الذي جرى إطلاقه، هذا العام، لقد عملنا مع أكثر من 60 شركة إنتاج في إسبانيا، وأكثر من 400 شركة في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، يتعلق الأمر بمنحهم الموارد اللازمة للقيام بعملهم أفضل عمل».

استوديو الإنتاج والصوت في مركز نتفليكس بمدريد

إنتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: صدى محلي بالمعايير عالمية

ومع الاهتمام الكبير بإنتاجات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقدرتها على تحقيق النجاح العالمي، قال تانز: «نأمل أن يحققوا نجاحاً كبيراً لدى جمهورنا الناطق باللغة العربية، والمنطقة. على سبيل المثال، يُعدّ مسلسل (مدرسة الروابي للبنات) من الأردن هو المسلسل العربي الأكثر مشاهدة على الإطلاق، أولاً وقبل كل شيء، فإنه يتردد صداه. مع أعضائنا الناطقين باللغة العربية، تتمتع المنطقة بتقاليد السينما المصرية التي تتم مشاهدتها على نطاق واسع، لذلك لدينا فرص لجلب القصص الإبداعية من مصر إلى الدول العربية، والعكس».

ويؤكد ذلك ما حققه الفيلم السعودي «جرس إنذار»، والذي تدور أحداثه داخل مدرسة صارمة للبنات، يندلع حريق مجهول المصدر يخرج عن السيطرة، لتُثار بعد ذلك التساؤلات عما إذا كان الحريق حادثاً عرضياً أم مفتعلاً، والذي كان في القائمة العالمية لأفضل عشر أفلام «توب 10» للأفلام غير الإنجليزية، وكان بقائمة «توب 10» في نحو 37 بلداً، بالإضافة إلى فيلمي «الناقة»، و«الخلاط+»، اللذين كانا أيضاً على تلك القائمة.

الخطط المستقبلية تعاون محلي قوي مع المنطقة

وفي مَعرض حديثه عن إمكانية إنشاء مركز نتفليكس في بلد عربي، قال لاري تانز: «ما زلنا نعمل مع المبدعين المحليين، ونستخدم المرافق هناك، لا يتعلق الأمر بالمساحة المادية فحسب، بل يتعلق أيضاً بامتلاك الموهبة والقدرات التقنية اللازمة لتشغيل خدمات عالية الجودة. ليس لدينا خطط لبناء مركز في المنطقة، لكننا نواصل دعم الإنتاج المحلي».

الموازنة بين المعايير العالمية والمحتوى المحلي

وأخيراً سألت عن الموازنة بين المعايير العالمية والمحتوى المحلي، فأجاب تانز: «توقعات أعضائنا عالية، وإنتاجنا بحاجة إلى تلبية هذه المعايير. نريد أن نصنع أفضل نسخة من كل قصة، وهذا لا يعني دائماً النسخة الأكثر تكلفة، تحديد الحجم الصحيح لنطاق المشروع. إن مطابقة السرد القصصي أمر بالغ الأهمية، سواء في هوليود أم ألمانيا أم فرنسا». ومع اختتام الزيارة في مركز نتفليكس بمدريد، فالشبكة العالمية تسعى من خلال الالتزام بسرد القصص الأصلية وتوفير موارد عالية المستوى، لتمكين المبدعين، من خلفيات متنوعة، من مشاركة وجهات نظرهم مع العالم. وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يعني ذلك مستقبلاً واعداً، حيث يمكن للقصص المحلية أن تتألق على المسرح العالمي، ويتردد صداها بعمق مع الجماهير المستهدَفة، مع إمكانية الوصول إلى المشاهدين على نطاق واسع، وفقاً لما ذكره المسؤولون في «نتفليكس».


مقالات ذات صلة

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

يوميات الشرق «مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

تختتم «نتفليكس» عامها بمسلسل من الطراز الرفيع يليق باسم الأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز ورائعتِه «مائة عام من العزلة».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

يعرفه الجميع بوصفه الرئيس الأميركي الأسبق، لكنّ قلةً تعلم أن باراك أوباما دخل مجال الإنتاج التلفزيوني وبات يسجّل الوثائقيات بصوته، أحدث أعماله على «نتفليكس».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق فيلم جديد على «نتفليكس» يروي جزءاً من سيرة مريم العذراء (نتفليكس)

«مريم» على نتفليكس... فرصة ضائعة لرواية سيرة والدة المسيح

من الاستعانة بممثلين إسرائيليين، إلى الغرق في مغالطاتٍ تاريخية ودينية، مروراً بنصٍ يعاني السطحية، أثار فيلم «Mary» السخط أكثر مما أثار الإعجاب.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)

نجمة بلخادم جزائرية مرشحة لجائزة فرنسية لنساء الأعمال

نجمة بلقاسم (الفيغارو)
نجمة بلقاسم (الفيغارو)
TT

نجمة بلخادم جزائرية مرشحة لجائزة فرنسية لنساء الأعمال

نجمة بلقاسم (الفيغارو)
نجمة بلقاسم (الفيغارو)

جاءت سيدة الأعمال المغربية نجمة بلخادم ضمن الأسماء العشرة المرشحة للفوز بجائزة «بيزنس وذ أتيتود» التي تكافئ أكثر امرأة مجددة في المؤسسة الخاصة التي تديرها، وتقدم وجهاً إيجابياً لنشاطها التجاري.

وهذه هي الدورة التاسعة من الجائزة التي تشرف على تنظميها المجلة النسائية الملحقة بصحيفة «الفيغارو» الباريسية. ويشارك قراء المجلة في التصويت، بالإضافة إلى لجنة تحكيم مؤلفة من 5 شخصيات. ومن المقرر أن يتم اختيار الفائزة من بين 110 نساء قدمن ملفاتهن للمسابقة.

وشرحت كل مرشحة دورها في تطوير مساهمة المرأة في اقتصاد البلد، وتجربة وسائل تقنية حديثة، والانخراط في القضايا الكبرى التي تشغل المجتمع، وابتكار أساليب إنتاج غير مطروقة، وتوفير فرص عمل جديدة، والحفاظ على ما هو موجود من وظائف.

وتدير بلخادم منصة «نوليج» المتخصصة في تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة التعليم. فهي تتيح للمعلمين والمعلمات تحويل كثير من الوسائل التعليمية -مثل النصوص والأفلام والصور والتسجيلات- إلى وسائط دعم تفاعلية. أي أنه أسلوب يسمح بتوفير اختبارات سريعة للطلاب، وبطاقات تعليمية، وملخصات فورية، في دقائق معدودة، مما يوفر وقتاً ثميناً للمعلمين في تحضير حصصهم ومحاضراتهم. وتتوجه المنصة حالياً إلى المعلمين في مراحل تعليمية من المدرسة المتوسطة والثانوية، وحتى التعليم العالي.

ولفت مشروع بلخادم النظر لأنه يسعى إلى الحفاظ على سيطرة الجانب الإنساني على ثورة الذكاء الاصطناعي، ومحاربة وضع هذا الذكاء قيد الاستخدام العام قبل 5 سنوات. وقد وقف المعلمون موقف المتردد منه؛ نظراً لما يمكن أن يتسبب فيه من تزوير للجهد البحثي الحقيقي الذي يقوم به الطالب. والمقصود بسيطرة الجانب الإنساني هو إمكانية تدخل المعلم في المعلومات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي وتحويرها؛ إذ يمكنه أن يطلب منه وضع اختبار لطلاب صف محدد من صفوف المراحل الدراسية.

وتمثل بلخادم نموذجاً للشابة المهاجرة التي شقت طريقها بكثير من الدأب والعمل. وهي تقول إنها نشأت في أسرة متواضعة لأب عامل وأم ربة منزل. وفي بيتهم ومع أشقائها الأربعة لم يكن التحصيل الدراسي موضوعاً مطروحاً للنقاش. لقد كان عليها أن تواجه تقاليد محيطها، والنظرة المسبقة لدور المرأة المحدود في خدمة العائلة؛ لكنها أبدت منذ البداية حرصاً على التعلم والتفوق، وتوجهت نحو الدراسة الأدبية، ثم جاءت النقلة الكبيرة في مسيرتها حين انتقلت إلى دبلن في آيرلندا، لتعمل في شركة «ميتا»، وهناك أثبتت جدارتها في ميدان الاتصالات والتقنيات الحديثة. وعند عودتها إلى باريس اشتغلت على أطروحة في العلوم المعرفية، حول تأثير الذكاء الاصطناعي على التعلم. وبعد فترة من الدراسة والمحاولات أسست في عام 2019 شركتها التي تعدها مغامرة تخوض في بحر الذكاء الاصطناعي.