قيادات درزية في الجولان: نرفض إراقة قطرة دم ردّاً على ضربة مجدل شمس

جنازة غيفارا إبراهيم 11 عاماً الذي قُتل في غارة جوية من لبنان قبل يومين في بلدة مجدل شمس الدرزية في الجولان (أ.ف.ب)
جنازة غيفارا إبراهيم 11 عاماً الذي قُتل في غارة جوية من لبنان قبل يومين في بلدة مجدل شمس الدرزية في الجولان (أ.ف.ب)
TT

قيادات درزية في الجولان: نرفض إراقة قطرة دم ردّاً على ضربة مجدل شمس

جنازة غيفارا إبراهيم 11 عاماً الذي قُتل في غارة جوية من لبنان قبل يومين في بلدة مجدل شمس الدرزية في الجولان (أ.ف.ب)
جنازة غيفارا إبراهيم 11 عاماً الذي قُتل في غارة جوية من لبنان قبل يومين في بلدة مجدل شمس الدرزية في الجولان (أ.ف.ب)

رفضت قيادات دينية ومحلية درزية في الجولان السوري المحتل إراقة «قطرة دم واحدة» بعدما توعّدت إسرائيل بالرد على ضربة صاروخية في بلدة مجدل شمس نسبتها إلى «حزب الله» اللبناني، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وطالت الضربة السبت ملعباً لكرة القدم في بلدة مجدل شمس الدرزية، ما أدى إلى مقتل 12 من الفتية والفتيات. ونفى «حزب الله» «أي علاقة» له بالحادث.

وتوعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ«رد قاسٍ» على هذا القصف خلال زيارته مجدل شمس الاثنين، فيما تُبذل جهود دولية لتجنب مزيد من التصعيد بين الدولة العبرية والحزب.

واحتج العشرات من سكان البلدة على زيارة نتنياهو، واحتشدوا خلف حواجز معدنية تحت مراقبة عناصر من الشرطة، وفق صحافي في «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت «الهيئة الدينية والزمنية في الجولان السوري المحتل» في بيان ليل الاثنين: «نرفض أن تُراق قطرة دم واحدة تحت مُسمى الانتقام لأطفالنا، فالتاريخ يشهد لنا بأننا كُنا وما زلنا دُعاة سلام ووئام بين الشعوب والأُمم حيث تُحرم عقيدتنا القتل والانتقام بأي صفة أو هدف».

وشددت على أن «التصريحات الخارجة عن الإجماع الجولاني سواء كانت من داخل الجولان أو خارجه لا تمثل إلا صاحبها».

وتحتل إسرائيل مرتفعات الجولان السورية منذ حرب يونيو (حزيران) 1967، وأعلنت ضمّ أجزاء واسعة منها مطلع الثمانينات من القرن الماضي. ولم يعترف المجتمع الدولي بهذه الخطوة، باستثناء الولايات المتحدة في 2019.

ويناهز عدد سكان مجدل شمس 11 ألف نسمة غالبيتهم من الدروز الذين ما زالوا يحملون الجنسية السورية ورفضوا الحصول على الجنسية الإسرائيلية.

وأثارت الضربة في مجدل شمس مخاوف دولية متجددة من تفجر نزاع إقليمي مرتبط بالحرب المستمرة في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، والتي اندلعت إثر الهجوم غير المسبوق للحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وقال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب الأحد إن عدة دول، من بينها فرنسا والولايات المتحدة، تحاول احتواء مخاطر التصعيد.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الإسرائيلي: «حزب الله» سيتحمل المسؤولية عن هجوم الجولان

المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (رويترز)

وزير الدفاع الإسرائيلي: «حزب الله» سيتحمل المسؤولية عن هجوم الجولان

أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، نظيره الأميركي لويد أوستن، اليوم الاثنين، أن «حزب الله» سيتحمل المسؤولية عن هجوم صاروخي على مجدل شمس في الجولان.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي تظاهر أهالي مجدل شمس ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال زيارته لقرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان الاثنين (أ.ف.ب)

مجدل شمس ترفض المتاجرة بمأساتها

هذه المشاهد التي يعرفها أهل غزة جيداً من خلال أكثر من 4 آلاف مذبحة منذ بداية الحرب، كانت جديدة على أهل مجدل شمس الجيل الجديد من أبناء وبنات الجولان.

نظير مجلي (تل أبيب )
تحليل إخباري رجل فلسطيني مصاب يغطي وجهه بينما يسير معه آخر عقب غارة إسرائيلية على دير البلح (رويترز)

تحليل إخباري ​«هدنة غزة»: مخاوف «اتساع الحرب»... هل تعزز «ضغوط الوسطاء»؟

تتصاعد مخاوف اتساع نطاق الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة إلى جنوب لبنان إثر توترات تزداد كان أحدثها تداعيات الهجوم الصاروخي على قرية «مجدل شمس» بالجولان المحتل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي سيارة مدمَّرة نتيجة غارة جوية على جنوب لبنان 19 يوليو (تموز) 2024 (أ.ب)

قتيلان و3 جرحى في قصف إسرائيلي بمُسيرة على سيارة بجنوب لبنان

قال الدفاع المدني اللبناني إن شخصين قُتلا وأصيب ثلاثة آخرون، بينهم طفل، في هجوم إسرائيلي بطائرة مُسيرة قرب بلدة شقرا بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أ.ف.ب)

أميركا تحمّل «حزب الله» مسؤولية الهجوم على الجولان

قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تحمل «حزب الله» اللبناني مسؤولية الهجوم الصاروخي الذي أدى إلى مقتل 12 طفلاً وفتى بهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل أمس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مئات من اليمين الإسرائيلي بينهم نواب ووزراء يهاجمون قواعد عسكرية

TT

مئات من اليمين الإسرائيلي بينهم نواب ووزراء يهاجمون قواعد عسكرية

احتجاجات خارج سجن سديه تيمان جنوب إسرائيل حيث فُتح تحقيق في التعذيب الممنهج لأسرى فلسطينيين (رويترز)
احتجاجات خارج سجن سديه تيمان جنوب إسرائيل حيث فُتح تحقيق في التعذيب الممنهج لأسرى فلسطينيين (رويترز)

لم تكد إسرائيل تفيق من صدمتها من الهجوم الشرس الذي شهدته ثلاث قواعد عسكرية للجيش وللشرطة العسكرية، حتى قامت مجموعة كبيرة من نشطاء اليمين تقدر بالمئات، ومعهم نواب ووزراء من حزبي الائتلاف الحاكم، «الليكود» بقيادة بنيامين نتنياهو، و«الصهيونية الدينية» بقيادة بتسلئيل سموترتش وايتمار بن غفير، طيلة الليلة الفائتة، بالاحتجاج على التحقيق مع جنود مشتبه بهم بممارسة التعذيب الوحشي مع أسرى فلسطينيين، وطالبوا بإقالة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، وسط تشجيع من مختلف القوى السياسية والشعبية.

وقال الجيش الإسرائيلي، في إحاطة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، إنه اضطُرَّ إلى «تعليق مناقشات حول العمليات التي يعدها في الجبهة الشمالية ضد «حزب الله»، للرد على قصف بلدة مجدل شمس، وإن رئيس الأركان، هليفي، هُرع إلى مواقع الهجوم، وقرر تحويل «قوات كانت تنفذ مهام دفاعية عملياتية في الضفة الغربية لتعزيز القوات في قاعدة بيت ليد بدءاً من الثلاثاء». وقال هليفي نفسه إن «وصول مثيري الشغب ومحاولات اقتحام القواعد هو سلوك خطير يصل إلى حد الفوضى، ويضر بالجيش وأمن الدولة والمجهود الحربي».

عناصر شرطة إسرائيلية يعاينون أضراراً بعد حرق شاحنة وكتابة شعار «الانتقام» على أخرى في مكب للسيارات في الضفة (أ ف ب)

تراشق اتهامات حول 7 أكتوبر

من يسميهم هليفي بمثيري الشغب هم نحو 2000 شخص من النشطاء السياسيين والمحترفين الحزبيين الذين فجَّروا العداء والكراهية ضد الجيش باعتداءات جسدية على الجنود، وتنفيذ أعمال تخريب في المباني. ومع أن القضية التي رفعوا لواءها هي ما سموه «الغضب على الشرطة العسكرية التي تدافع عن حماس»، فإن المسألة الحقيقية تكمن في حملة التحريض الأرعن لليمين على قادة الجيش وغيره من الأجهزة الأمنية. فعلى الرغم من كل ما تقوم به هذه الأجهزة من عمليات حربية عدوانية جنونية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والحرب في لبنان، فإن اليمين يتهمها بأنها «جبانة... تخلت عن عقيدة القتال والاشتباك والإقدام». وهناك من يتهم هذه القيادات بأنها علمت مسبقاً بهجوم «حماس»، لكنها لم تفعل شيئاً لمنعه، على أمل أن يؤدي ذلك إلى سقوط حكومة نتنياهو. وقد كان الإسرائيليون يستخفون بهذه الرؤيا، ويعدونها «هوس عقلية المؤامرة»، إلا أن الوزير بن غفير عاد ليتحدث عن هذه المؤامرة في رسالة وجهها، الثلاثاء، إلى نتنياهو يطلب منه فيها أن يفحص إذا كان غالانت، وزير الدفاع، وقادة الأجهزة الأمنية قد علموا بهجوم «حماس» مسبقاً، ولماذا لم يمنعوه.

تعذيب ممنهج

كانت القضية التي فجرت كل هذه الضجة تتعلق بالأنباء التي انتشرت في أوروبا حول تعذيب الأسرى الفلسطينيين في سجن «سدي تيمان» القائم في قاعدة عسكرية إسرائيلية في النقب. فقد وصلت معلومات عن تعذيب رهيب ومنهجي ضد معتقلي «حماس»، أدى في بعض الأحيان إلى موت الأسير أو تحطيمه نفسياً وجسدياً من جراء اعتداءات جنسية وجسدية مختلفة. وقامت مؤسسات حقوقية في بريطانيا بإرسال وفود وإعداد تقارير عن هذه الجرائم، ما اضطر الشرطة إلى فتح تحقيق. وقالت الشرطة إنها تفعل ذلك لغرض حماية ضباط الجيش من محكمة الجنايات الدولية التي يمكن أن تصدر أوامر اعتقال ضدهم. لكنها تمتنع عن ذلك في حال القناعة بأن إسرائيل تقوم بإجراءات قضائية.

معتقل فلسطيني سابق على سرير بالمستشفى حيث تظهر آثار جروحه بسبب تعذيبه في المعتقلات الإسرائيلية (رويترز)

وحاولت الشرطة العسكرية اعتقال 9 جنود مشتبه بهم ممن يخدمون في معتقل «سديه تيمان»، مساء الاثنين. وحضرت قوة من الملثمين، فتصدى لهم الجنود. وبدا أن جهة ما في الشرطة سربت أمر الاعتقال قبل وقوعه، فحضر مئات النشطاء في اليمين للاحتجاج، دفاعاً عن الجنود المتهمين، مطلقين عليهم لقب «أبطال». وخلال ذلك اعتدوا على جنود آخرين حاولوا منع الفوضى. ثم قام نحو 1200 شخص آخر من قوى اليمين بمهاجمة مقر المحكمة العسكرية الواقع هو أيضاً في قاعدة بيت ليد العسكرية في أواسط البلاد. وقد بدا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية فقدت السيطرة على الموقف، خصوصاً بعدما انضم إليهم وزراء ونواب. وكشف أحد قادة الشرطة أن القيادة العليا تلقت أوامر بتجاهل الموضوع وتركه لمعالجة ضباط صغار دون تجربة.

«غوانتانامو إسرائيل»

بدا أن الأمر الجوهري الكامن في حقيقة وجود تعذيب رهيب وجريمة اغتصاب صعق منها الأطباء اليهود الذين عالجوا الأسير الفلسطيني، تحولت إلى قضية ثانوية. الأمر الذي جعل صحيفة «هآرتس» تتساءل: «هل تعلمون أنكم تدافعون عن مرتكبي جريمة اغتصاب؟ وأن من يغتصب فلسطيني اليوم سيغتصب يهودياً غداً؟ وأن من يعتدي على فلسطيني سيعتدي على إسرائيلي؟». وقالت: «لقد تبين أن سديه تيمان منشأة تعذيب بشكل واضح، تحدث فيها أمور فظيعة جداً. الشهادات التي بدأت تصل من أشخاص يخدمون في هذه المنشأة أو من الذين تحرروا منها كانت شهادات فظيعة. ظروف اعتقال غير إنسانية، تنكيل حقيقي بما في ذلك التحرش الجنسي، والاعتداء الجنسي القاسي، ومنع النوم، وإسماع موسيقى بصوت عالٍ فترة طويلة، وعنف جسدي قاسٍ. ليس عبثاً أن سديه تيمان حصلت على لقب «غوانتنامو إسرائيلي». 4 آلاف معتقل تم إحضارهم إلى إسرائيل منذ الغزو البري في غزة، وأكثر من 40 في المائة منهم تم إطلاق سراحهم وعادوا إلى القطاع. المعنى هو أنهم لم يكونوا من مقاتلي «حماس». وبناءً على ذلك فإن وجودهم في المنشأة والتعذيب الذي تعرضوا له كان دون أي مبرر «أمني». في الأصل لا يوجد ولن يوجد مبرر أمني للتنكيل السادي الذي يتهم فيه الجنود الذين تم اعتقالهم الآن من أجل التحقيق معهم.

اشتباكات بالأيدي بين الشرطة الإسرائيلية ونشطاء اليمين الذين اقتحموا قاعدة بيت ليد العسكرية (وكالة الأنباء الألمانية)

واختتمت تقول: «إسرائيل تعيش لحظة حاسمة، يجب عليها فيها التقرير هل هي دولة ما زال يوجد فيها سلطة قانون أو أنها دولة تحكمها كتائب مسلحة من اليمين الاستيطاني، تهب للدفاع عن الجنود حتى عندما يتم الاشتباه فيهم بارتكاب جرائم صادمة وليس لها أي مبرر أمني، وإلا فإن الرسالة التي سنرسلها للعالم هي رسالة واحدة، وهي أن إسرائيل لا تريد وهي غير قادرة على التحقيق مع نفسها. من هنا فإن المسافة إلى إصدار أوامر اعتقال وفرض عقوبات وعزلة دولية ستكون قصيرة جداً».