​«هدنة غزة»: مخاوف «اتساع الحرب»... هل تعزز «ضغوط الوسطاء»؟

الجامعة العربية أعلنت عن «اتصالات دولية» لخفض منسوب «التوتر الإقليمي»

رجل فلسطيني مصاب يغطي وجهه بينما يسير معه آخر عقب غارة إسرائيلية على دير البلح (رويترز)
رجل فلسطيني مصاب يغطي وجهه بينما يسير معه آخر عقب غارة إسرائيلية على دير البلح (رويترز)
TT

​«هدنة غزة»: مخاوف «اتساع الحرب»... هل تعزز «ضغوط الوسطاء»؟

رجل فلسطيني مصاب يغطي وجهه بينما يسير معه آخر عقب غارة إسرائيلية على دير البلح (رويترز)
رجل فلسطيني مصاب يغطي وجهه بينما يسير معه آخر عقب غارة إسرائيلية على دير البلح (رويترز)

تتصاعد مخاوف اتساع نطاق الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة إلى جنوب لبنان، إثر توترات تتزايد، كان أحدثها تداعيات الهجوم الصاروخي على قرية «مجدل شمس» في الجولان المحتل، وتعهد حكومة بنيامين نتنياهو برد قاسٍ على «حزب الله»، بالتوازي مع تعثر أحدث جولات مفاوضات هدنة غزة التي استضافتها روما.

القلق من احتمال اندلاع حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط بسبب لهيب الحرب بين إسرائيل و«حماس»، عده خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يعزز ضغوط الوسطاء والمجتمع الدولي على الجانب الإسرائيلي لإنهاء حرب غزة سريعاً، كونها أساس اشتعال الأوضاع في البحر الأحمر وجنوب لبنان».

وقتل 12 شخصاً إثر سقوط صاروخ قالت إسرائيل إنه أطلق من لبنان على ملعب كرة قدم في بلدة «مجدل شمس» في مرتفعات الجولان المحتلة، في هجوم وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه «الأكثر دموية» على المدنيين الإسرائيليين منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

واستضافت روما، الأحد، جولة مفاوضات جديدة ضمت كبار مسؤولي الاستخبارات بمصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية الأحد، عن مسؤولين مطلعين أن المباحثات «ظلت عالقة عند عدد من القضايا نتيجة إصرار نتنياهو على بعض الشروط»، المتصلة بالإصرار على وضع آلية لتفيش النازحين والتمسك بالبقاء في محور فلادليفيا على غير الرغبة المصرية.

وبالتالي «لم يحدث أي تقدم» خلال الاجتماع مع الوسطاء في روما، وفق ما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، نقلاً عن مصدر إسرائيلي، مشيرة إلى أن اللقاء في روما عُقد «من أجل اللقاء فقط»، وأن نتنياهو أضاف «شرطاً جديداً» وهو الحصول على أسماء الأسرى الأحياء الذين سيفرج عنهم.

غير أنّ مسؤولاً مصرياً توقع في حديث لوكالة «أسوشييتيد برس» الأميركية، أن هجوم «مجدل شمس» الذي تتهم إسرائيل «حزب الله» اللبناني بارتكابه، «قد يُعزز من أهمية مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة»، موضحاً أن «الوسطاء سوف يستخدمون هجوم الجولان للضغط للوصول إلى وقف إطلاق النار في غزة وتجنب حرب شاملة».

فلسطينيون يشقون طريقهم أثناء فرارهم من البريج بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء المنطقة (رويترز)

ولذا، فإنه «لا مفر من مواصلة الضغوط وتضيق الخناق» على نتنياهو لوقف أي اتساع للحرب بالمنطقة والذهاب لاتفاق هدنة بغزة، وفق ما يرى الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، مرجعاً ذلك إلى أن اجتماع روما كشف عن أن نتنياهو مُصر على «فتح جبهات جديدة وتفجير أي تقدم» عبر «شروط غير مقبولة».

ودلّل على ذلك بتقديم نتنياهو شرطاً جديداً بروما يتضمن الحصول على قائمة أسماء الأسرى الأحياء، رغم معرفته أن طلبه سيرفض من «حماس»، معتقداً أن المخاوف المتزايدة من اتساع الحرب قد تعجل بتهدئة بغزة، على اعتبار أن وقف الحرب بالقطاع سيوقف أي تصعيد مع «الحوثيين» و«حزب الله»، الداعمين لـ«حماس».

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة يوم 7 أكتوبر الماضي، يُسجل تبادل شبه يومي للقصف عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بين «حزب الله» الداعم للحركة وفصائل حليفة له من جهة؛ والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، زادت عليه مؤخراً هجمات للحوثيين وصلت إحداها إلى تل أبيب، ورد الجانب الإسرائيلي بضربة طالت أحد موانئ اليمن.

ويقع نتنياهو بين ضغوط الأميركيين لوقف الحرب بغزة وعدم توسعها بلبنان، وتهديدات اليمين المتطرف بالانسحاب من الحكومة وفق تقديرات السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، الذي أشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيسعى بالمقابل إلى تعطيل أي وصول لاتفاق، ويضع شروطاً محل رفض، لشراء الوقت والمماطلة في إبرام صفقة.

وتسعى دول كثيرة أبرزها الولايات المتحدة إلى تفادي التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، بعدما توعدت الدولة العبرية بالردّ على الضربة الصاروخية، وسط مخاوف من أن أي تصعيد محتمل سيشكل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة برمتها.

كما حذرت إيران الداعمة للحوثيين و«حزب الله»، وفق بيان للخارجية الأحد، إسرائيل من أن «أي مجازفة» في لبنان قد تؤدي لاتساع الحرب، بينما أعرب أمين الجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، في بيان، الاثنين، عن قلقه إزاء احتمالات توسع دائرة المواجهة عن نطاقها الحالي ما «قد يجر الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية»، لافتاً إلى أنه سيُجري عدداً من الاتصالات الدولية للمساعدة في «احتواء الوضع»، وعدم رفع منسوب التوتر الحالي تجنباً لمواجهة موسعة «ستهز استقرار المنطقة بشكل غير مرغوب فيه».

سبق أبو الغيط، تحذير مصر، في بيان للخارجية، الأحد من «مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان، خشية أن تؤدي إلى انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة».

وجدّدت مصر التي تقود الوساطة لإنهاء حرب غزة مع قطر والولايات المتحدة «التحذير من مخاطر استمرار إسرائيل في حربها ضد قطاع غزة، مُطالبةً بضرورة التوصل لوقف فوري وشامل لإطلاق النار يُنهي المُعاناة الإنسانية في قطاع غزة في أسرع وقت».

إلا أن نتنياهو أكد خلال زيارته لموقع سقوط الصاروخ في بلدة «مجدل شمس» أنه «لا يمكن أن تسمح دولة إسرائيل لما حدث أن يمر، وردنا قادم وسيكون قوياً»، فيما نقلت «رويترز» عن مسؤول دفاعي كبير، الاثنين، أن إسرائيل تريد إيذاء «حزب الله» اللبناني، لكنها لا تريد جر المنطقة إلى حرب شاملة، بينما قال مسؤولان آخران إن إسرائيل تتأهب لاحتمال اندلاع قتال يستمر عدة أيام.

وباعتقاد الدكتور أحمد فؤاد أنور، فإن «نتنياهو يتمنى فتح جبهة جديدة لاستمرار مكاسبه الشخصية وبقائه السياسي، ولا يضع الفاتورة الكبيرة لاتساع الحرب في اعتباره، لكن قد تضع ضغوط الوسطاء والاتصالات والتحذيرات العربية والدولية حدّاً لهذا التهور الذي يهدد المنطقة عبر استخدام واشنطن أدواتها مثل رفع الغطاء السياسي عن إسرائيل في مجلس الأمن، ووقف الصادرات وهو ما تدرسه بريطانيا حالياً، ويثير قلقاً واسعاً بالدولة العبرية».

لذا الأقرب وفق السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أن يوجه نتنياهو ضربة محدودة للبنان، تفادياً لرد الفعل من «حزب الله» والتحذيرات الدولية، ويعود مستمراً في المماطلة في ملف الهدنة في قطاع غزة، دون أن يذهب لاتفاق «قريباً».


مقالات ذات صلة

أميركا تحمّل «حزب الله» مسؤولية الهجوم على الجولان

الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أ.ف.ب)

أميركا تحمّل «حزب الله» مسؤولية الهجوم على الجولان

قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تحمل «حزب الله» اللبناني مسؤولية الهجوم الصاروخي الذي أدى إلى مقتل 12 طفلاً وفتى بهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل أمس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر (أ.ف.ب)

زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي: إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها

قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جندي إسرائيلي فوق دبابة بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع غزة (أ.ب)

تقرير: «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترحات جديدة

أكد مصدر قيادي فلسطيني اليوم (السبت)، أنه في ظل ما يردده رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أنه سيقدم اقتراحاً جديداً، فإن حركة «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون في مستشفى «ناصر» يندبون ويحزنون حول جثث ذويهم الذين قتلوا خلال هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة (د.ب.أ)

إسرائيل تطلب من سكان غزة إخلاء مناطق جنوب خان يونس «مؤقتاً»

قال بيان للجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، إن الجيش طلب من الفلسطينيين إخلاء الأحياء الجنوبية في منطقة خان يونس بقطاع غزة «مؤقتاً».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

وزير الدفاع الإسرائيلي: «حزب الله» سيتحمل المسؤولية عن هجوم الجولان

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (رويترز)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (رويترز)
TT

وزير الدفاع الإسرائيلي: «حزب الله» سيتحمل المسؤولية عن هجوم الجولان

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (رويترز)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (رويترز)

أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، نظيره الأميركي لويد أوستن، اليوم الاثنين، أن جماعة «حزب الله» المدعومة من إيران ستتحمل المسؤولية عن هجوم صاروخي تسبب في مقتل 12 طفلاً وفتى في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.

وقال مكتب غالانت إنه أطلع أوستن على الهجوم الصاروخي الذي وقع يوم السبت على مجدل شمس. وأضاف مكتبه: «أشار الوزير غالانت إلى أن الهجوم الذي وقع يوم السبت يمثل تصعيداً كبيراً، وأن (حزب الله) وكيل إيران سيتحمل المسؤولية عنه».