«هدنة غزة»: ضغط دولي يُعزز جهود الوسطاء نحو صفقة المحتجزين

دعوة أسترالية - كندية - نيوزيلندية لإنهاء الحرب... وترقب لجولة مباحثات قطر

امرأة فلسطينية تحمل ابنتها بجوار أنقاض منازل دمرت خلال غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة (رويترز)
امرأة فلسطينية تحمل ابنتها بجوار أنقاض منازل دمرت خلال غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: ضغط دولي يُعزز جهود الوسطاء نحو صفقة المحتجزين

امرأة فلسطينية تحمل ابنتها بجوار أنقاض منازل دمرت خلال غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة (رويترز)
امرأة فلسطينية تحمل ابنتها بجوار أنقاض منازل دمرت خلال غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة (رويترز)

تصاعدت الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة والدفع نحو هدنة ثانية، تعززها دعوة أسترالية - كندية - نيوزيلندية لإنهاء الحرب، وسط ترقب لجولة مفاوضات جديدة يقودها الوسطاء، الأسبوع المقبل، في قطر.

تلك الضغوط، لا سيما الأميركية، «تحمل لغة أكثر جدية مما سبق، قد تُقرب من اتفاق هدنة وتعزز جهود الوسطاء»، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط». ورجح الخبراء أن تشهد المفاوضات بالجولة الجديدة «بحث الإجراءات التنفيذية وسد الفجوات للوصول إلى المرحلة الأولى من بين 3 مراحل أعلنها مقترح للرئيس الأميركي في نهاية مايو (أيار) الماضي».

وخلال لقاء مباشر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في واشنطن، دعاه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى «التوصّل لاتفاق في أسرع وقت ممكن»، معرباً عن «الحاجة إلى سدّ الفجوات المتبقية، وإزالة العقبات التي تعوق تدفّق المساعدات الإنسانية على القطاع وإطلاق سراح الرهائن»، وفق ما ذكره البيت الأبيض، الخميس.

كما قالت نائبة بايدن، المرشحة بسباق الرئاسة، كامالا هاريس، عقب لقاء نتنياهو، إنها عقدت معه محادثات «صريحة وبناءة». وبلهجة وصفتها وسائل إعلام غربية بأنها «حادة»، أكدت هاريس للصحافيين أنها «لن تصمت» على ما يحدث في غزة، مشيرة إلى أنها دعت نتنياهو لإنهاء الحرب.

وفي مؤشر إيجابي، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي: «لا تزال هناك فجوات» بين إسرائيل وحركة «حماس» في محادثات وقف إطلاق النار؛ إلا أننا «أقرب الآن مما كنا من قبل، ونعتقد أنه يمكن التوصل لاتفاق»، مطالباً الطرفين بـ«تقديم تنازلات».

وانضم لقائمة الضغوط الدولية، ثلاث دول من أقرب حلفاء واشنطن، هي أستراليا ونيوزيلندا وكندا، ووفق بيان مشترك، الجمعة، دعت تلك الدول إلى «إبرام اتفاق هدنة».

مركبات عسكرية إسرائيلية تناور بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

مؤثرة ومفيدة

«الضغوط الدولية المتزايدة» عدّها أستاذ العلاقات الدولية، الخبير في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، مؤثرة وستضعها إسرائيل في اعتبارها، خاصة أن أهمها جاء من واشنطن وبشكل مباشر، «ما يعزز جهود الوسطاء في إنهاء الأزمة».

ويمكن قراءة نتائج تلك الضغوط التي وصفها فهمي بـ«الكبيرة»، لا سيما في ضوء مخرجات لقاء بايدن مع نتنياهو وتصريحات هاريس، وكلاهما «مؤشر على لغة جادة أكثر مما سبق تريد إبرام اتفاق في أقرب فرصة».

وهو ما يؤيده المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، بأن الضغوط الأميركية والدولية «ستفيد الوسطاء في مرحلة التفاوض المقبلة»، خاصة أن بايدن يبدو من لقائه مع نتنياهو أنه «لا يريد مغادرة ولايته بالبيت الأبيض دون إنجاز اتفاق».

ذلك الزخم بشأن الحرب في غزة، يأتي وسط ترقب لجولة مباحثات ستلتئم، الأسبوع المقبل، في قطر، بعد تأجيل انعقادها الخميس الماضي، وإعلان وسائل إعلام إسرائيلية إتمامها بعد لقاء نتنياهو مع بايدن لبحث «سبل دفع الاتفاق».

مسعفون يفرغون جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا في شمال قطاع غزة وقام الجيش الإسرائيلي بتسليمهم في رفح (أ.ب)

ولا يعلن عادة أطراف الوساطة، قطر ومصر والولايات المتحدة، عن جدول الاجتماع المرتقب، غير أن مسؤولاً غربياً ومصدراً فلسطينياً ومصدرين مصريين تحدثوا لـ«رويترز» عن أن إسرائيل تسعى إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل لاتفاق».

وأهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع؛ خشية أن يكون من بينهم مسلحون من (حماس)»، وسط رفض من الحركة، والثاني بـ«احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

ومراراً، دعا الوسطاء إلى «عدم استهلاك الوقت»، كان بينها مطالبة مصر قبل أيام إسرائيل بعدم عرقلة المفاوضات الجارية بشأن التهدئة بقطاع غزة، عبر طرح «مبادئ جديدة» تخالف ما تم الاتفاق عليه بهذا الصدد.

التعديلات الجديدة، وفق تقديرات الدكتور فهمي، ستكون على طاولة المفاوضات المقبلة لبحث كيفية تنفيذ الإجراءات، بعد انتهاء التوافقات بشأن السير فيها، موضحاً أن «ملف النازحين حسم أمر عودتهم؛ لكن هناك نقاطاً في كيفية التنفيذ فقط ستناقش».

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

سيناريوهان للأزمة

وهناك سيناريوهان يخيمان على الأجواء بعد زيارة نتنياهو لواشنطن والضغوط الكبيرة من أجل الوصول إلى الهدنة؛ السيناريو الأول، وفق فهمي، أن «يواصل بايدن الذي تحرر من قيود الترشح لولاية جديدة ضغوطاً أكبر على نتنياهو لتجاوز تلك العقبات الإجرائية التي تضعها إسرائيل، وبالتالي يقبل الأخير بهدنة جديدة، وهذا السيناريو الأكثر واقعية»، أما السيناريو الثاني فيتمثل في «إصرار نتنياهو على إطالة أمد المفاوضات لدفع (حماس) إلى التشدد وإفساد ترتيبات الصفقة وتأخيرها تحت بنود جديدة (معرقلة)».

وتحدث الرقب عن أهمية اللقاء المنتظر بين نتنياهو والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. وقال في ضوء تلك المحادثات أيضاً: «سيتحدد سقف التوقعات بشأن جولة المفاوضات في الدوحة، التي يعتقد أنها ستكون (سهلة) لو قبل نتنياهو بالضغوط وذهب لاتفاق، أو (صعبة) حال أصر على إطالة أمد المفاوضات والرضوخ لليمين الإسرائيلي المتطرف الرافض لوقف الحرب».

وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، الخميس، أكد ترمب أن «إسرائيل بحاجة لإنهاء الحرب واستعادة الأسرى بسرعة».

وبشأن عودة إسرائيل للحديث عن البقاء برفح والتمسك بقيود جديدة تجاه النازحين، يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن تلك التسريبات إن صحت، فهي مؤشر على أن «المفاوضات كلما خطت خطوة للأمام فالجانب الإسرائيلي يريد عودتها للخلف»، مضيفاً: «لكن الجميع سيترقب جولة المفاوضات المقبلة التي ستحدد كثيراً من الأمور بشأن مستقبل الأزمة في غزة».


مقالات ذات صلة

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

المشرق العربي ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن) علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تطلق قنابل إنارة فوق خان يونس في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: معارك خان يونس أجبرت 180 ألف شخص على النزوح

أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 180 ألف فلسطيني اضطروا للنزوح خلال أربعة أيام من القتال العنيف حول مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (خان يونس)
الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

أميركا ترجئ ترحيل بعض اللبنانيين بسبب التوتر بين إسرائيل و«حزب الله»

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، أن الولايات المتحدة أرجأت ترحيل بعض المواطنين اللبنانيين من البلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 25 يوليو (أ.ب)

البيت الأبيض يحذّر نتنياهو من خطورة تنازلاته للمتطرفين في حكومته

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن اللقاءات الثلاثة التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في واشنطن مع بايدن وهاريس وسوليفان، كانت صعبة للغاية.

نظير مجلي (تل أبيب)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
TT

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل. وهاجم المرشح الجمهوري لسباق الرئاسة الأميركي منافسته المحتملة كامالا هارس، مشيراً إلى أن تصريحاتها عقب لقائها بنتنياهو، مساء الخميس، في البيت الأبيض، تنم عن عدم احترام، وطالب حركة «حماس» بإطلاق سراح الرهائن «فوراً».

وقال ترمب، في بداية الاجتماع الموسع مع نتنياهو في مقر إقامته بمنتجع مارلارغو بولاية فلوريدا، إنه لا يعرف كيف يمكن لأي أميركي يهودي أن يصوّت لكامالا هاريس، لأن تصريحاتها تنم عن عدم الاحترام لإسرائيل.

وأشار إلى علاقته الوثيقة بإسرائيل، مؤكداً أنه تمتع كرئيس للولايات المتحدة بعلاقات مع إسرائيل أفضل من أي رئيس أميركي على الإطلاق. وقال: «لقد أيّدت حق إسرائيل في مرتفعات الجولان والقدس، ونقلنا السفارة، وأوقفنا الاتفاق النووي الإيراني، وهو ربما أفضل شيء قمنا به، ولم نمنحهم أموالاً في ظل إدارة ترمب، ولم يكن أحد يشتري نفطهم، والآن أصبحوا دولة غنية، وهذا أمر مؤسف».

ووعد ترمب، إذا فاز في الانتخابات، بإنهاء كل الحروب في منطقة الشرق الأوسط، محذراً من أنه إن لم يفز، فإن الأمر سينتهي إلى حروب كبرى، وربما حرب عالمية ثالثة.

من جانبه، أشار رئيس الوزراء نتنياهو إلى صعوبة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، وفي إجابته عن أسئلة حول مفاوضات وقف إطلاق النار وإرسال فريق إسرائيلي إلى المفاوضات في العاصمة الإيطالية روما، أوضح أنه يتوقع بعض التحركات التي تأتي بسبب الضغوط العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد «حماس».

وقال: «الموقف صعب للغاية للرهائن، وهم ليسوا في حالة جيدة، ومن الواضح أنهم لا يعاملون بشكل صحيح، ونأمل أن يكونوا بخير، لكن هناك كثيراً من الرهائن، وأنا غير متأكد من صحتهم، وهذا الوضع غير مقبول».

من جهة أخرى، استمع أعضاء مجلس الأمن في نيويورك الجمعة إلى ما سمّاه دبلوماسيون «رجع صدى تقشر له الأبدان» لنساء فلسطينيات يستغثن في غزة لإنقاذ أطفالهن الذين يتضورون جوعاً وتفتك بهم الأمراض إذا نجوا من المستويات الرهيبة من الحملة العسكرية الإسرائيلية في كل أنحاء القطاع.

وكان أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى مساعد الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» مهند هادي، الذي يتولى أيضاً مهمة نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، مكرراً المناشدة من أجل وقف إطلاق النار، وتمكين المنظمات الدولية من تقديم المساعدات للفلسطينيين، بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية، والإطلاق الفوري وغير المشروط للرهائن، في مطالبات ردّدتها أيضاً نائبة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» لشؤون الدعم العملياتي، أنطونيا دي ميو.