معرض هولندي زوّاره مُصابون بالخرف

تغيير التفكير يُمهِّد لمُصالحتهم مع الحياة وعدِّهم قيِّمين اجتماعياً

يستطيع الفنّ أن يُنقذ (إكس)
يستطيع الفنّ أن يُنقذ (إكس)
TT

معرض هولندي زوّاره مُصابون بالخرف

يستطيع الفنّ أن يُنقذ (إكس)
يستطيع الفنّ أن يُنقذ (إكس)

اقترب 8 أشخاص من سجادة بلون اللافندر وعطرها في معرض من تنظيم متحف «كونستموسيوم دين هاغ» في هولندا. كان 4 منهم مصابين بالخرف، و4 آخرين من أقاربهم ومقدِّمي الرعاية لهم. قالت آني فيرستيج (88 عاماً) لبويوكي برويننبيرغ هايسما (90 عاماً) الجالسة على كرسيها المتحرّك: «قرِّبي أنفك من الأرض وشمّيها، إنها رائعة».

في هذا السياق، نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن مُرشدة المتحف يكه برينس قولها: «هذه الجولة تتعلّق باللون، وهنا اللون يتماشى مع الرائحة».

لم تكن جولةً عاديةً، بل مثَّلت جهداً متفانياً للترحيب بالزوّار المصابين بالخرف ومقدِّمي الرعاية لهم. انطلقت جولة «الاتصال بالفن» الشهر الماضي، ومن المقرَّرة إقامتها في الجمعة الأخير من كلّ شهر.

علَّقت المتحدّثة باسم المتحف مايكي ستافهورست: «القلب لا يُصاب بالخرف. لا تزال لهؤلاء الأشخاص مشاعرهم، ويمكنهم التعبير عن الرضا. أما بالنسبة إلى مقدِّم الرعاية، فهذا يجلب قدراً من المساواة، إذ يمكن له وللمريض التحدُّث عن الموضوع عينه، وإضافة شيء ما، وهذا أمر ثريّ جداً».

في الجولة الافتتاحية، تأمَّل الزوّار ومقدّمو الرعاية 4 أعمال فنية، من بينها لوحة بول سينياك الانطباعية «كاسي، كاب لومبارد، أوبوس 196»، ولوحة أليكسي فون جافلينسكي التعبيرية، «رأس امرأة».

كانت تعابير وجه برويننبيرغ هايسما، التي قال ابنها إنها مكثت في دار الرعاية لـ4 أشهر بعدما أصبح من الصعب عليه رعايتها، تحمل ابتسامة دائمة، وكرَّرت كلمة «رائع» مرّات.

وقال جيرون سميت (74 عاماً)، وقد شُخِّصت إصابته بالخرف بعد سقوطه عن دراجته قبل عامين، إنه كافح في حياته. واستطرد: «لا أستطيع الكفاح بعد الآن. أنا بلا هدف». وبحلول فترة بعد الظهر، استرخى قليلاً.

نُظِّمت الجولات الفنّية المجانية في لاهاي بفكرة مستوحاة من «مشروع ألزهايمر» في «متحف الفنّ الحديث» بنيويورك ضمن مشروع أكبر لتكييف المجتمع الهولندي مع تقدُّم عمر سكانه، إذ شُخِّص المصابون بالخرف بين الهولنديين بنسبة 1 بين كلّ 3 نساء، و1 بين كلّ 7 رجال.

لطالما شكّل التعامُل مع الخرف أولوية لكوني هيلدر، آخر وزيرة هولندية للرعاية طويلة الأمد، فقالت في تصريح سابق: «من الضروري مواصلة العمل لضمان معاملة الأشخاص المصابين بالخرف بوصفهم أعضاء ذوي قيمة في المجتمع. من المهم أن يكونوا قادرين على المُشاركة في الحياة الاجتماعية والأنشطة المعنوية، وأن يجري تحفيزهم، فالعلم أظهر أنّ ذلك قد يعزّز الوظائف الإدراكية لعدد منهم، ما يعيد إليهم حياتهم من جديد. كل هذا يتطلَّب تغييراً كبيراً في التفكير».


مقالات ذات صلة

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».