«المركزي» السعودي يستكشف إمكانات العملات الرقمية لتسهيل المدفوعات عالمياً

«باينانس» لـ«الشرق الأوسط»: «إم بريدج» قد يقدّم حلول تسوية جديدة إلى صادرات النفط والغاز

انضم البنك المركزي السعودي إلى مشروع «إم بريدج» بصفته «مشاركاً كاملاً» (البنك المركزي)
انضم البنك المركزي السعودي إلى مشروع «إم بريدج» بصفته «مشاركاً كاملاً» (البنك المركزي)
TT

«المركزي» السعودي يستكشف إمكانات العملات الرقمية لتسهيل المدفوعات عالمياً

انضم البنك المركزي السعودي إلى مشروع «إم بريدج» بصفته «مشاركاً كاملاً» (البنك المركزي)
انضم البنك المركزي السعودي إلى مشروع «إم بريدج» بصفته «مشاركاً كاملاً» (البنك المركزي)

مع تخلي كثير من المستهلكين عن النقد المادي، وفي ظل تسارع تطور العملات المشفرة، راحت المصارف المركزية في العالم تتحرك كي تضمن عدم تخلّفها من جهة وتوفير غطاء قانوني وآمن لاستخدام هذا الشكل من العملات غير الورقية، أو ما يُعرف بـ«العملات الرقمية»، من جهة أخرى.

وفقاً لـ«بنك التسويات الدولية» فإن 135 دولة واتحاداً نقدياً، تمثّل 98 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تعمل على استكشاف العملات الرقمية للمصارف المركزية. وكان هذا العدد 35 دولة فقط في عام 2020. وحالياً هناك 68 دولة في مرحلة متقدمة من الاستكشاف؛ التطوير أو التجربة أو الإطلاق. في حين وصلت 19 دولة من دول مجموعة العشرين الآن إلى مراحل متقدمة من تطوير العملات الرقمية للمصارف المركزية، وفق خدمة تعقّب العملة الرقمية للمصرف المركزي التابع لـ«المجلس الأطلسي».

كما تولي المصارف المركزية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى اهتماماً متزايداً بدراسة العملات الرقمية؛ إذ يشير صندوق النقد الدولي إلى أن نحو ثلثي بلدان هذه المنطقة تدرس اعتماد العملات الرقمية لمصارفها المركزية، بوصفها وسيلة لتعزيز الشمول المالي وتحسين كفاءة المدفوعات العابرة للحدود.

وحسب إحصائية صندوق النقد الدولي، فإن 19 بلداً من منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تعمل على اعتماد عملات رقمية لمصارفها المركزية.

وكان آخر من أعلن دراسة اعتماد هذا النوع من العملات، البنك المركزي السعودي (ساما)، وذلك في ظل تنامي اهتمام المملكة بأشكال النقود المستقبلية؛ إذ انضم المركزي السعودي بصفته «مشاركاً كاملاً» إلى مبادرة متعددة للبلدان للعملة الرقمية، معروفة باسم مشروع «إم بريدج»، الذي وُضع بوصفه بديلاً محتملاً لنظام الدفع «سويفت» لتمكين عمليات دفع دولية أسرع وربما أرخص.

المصدر: صندوق النقد الدولي

وشرح رئيس قسم التطوير لدى «بينانس» في السعودية، رئيس العلاقات المؤسسية للشركة في الإمارات بندر التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، بأن مشروع «إم بريدج» هو عبارة عن مبادرة تعاونية يقودها «بنك التسويات الدولية» لاستكشاف إمكانات العملات الرقمية الصادرة عن المصارف المركزية في تسهيل التجارة والمدفوعات الفورية عبر الحدود.

ويضم هذا المشروع المصارف المركزية في كل من الصين، وتايلاند، وهونغ كونغ، والإمارات، والسعودية.

بالإضافة إلى المصارف المركزية الخمسة المشاركة، يضم المشروع 27 كياناً رسمياً آخر بصفة مراقب، مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمصارف المركزية في دول كثيرة، منها النرويج، وكوريا الجنوبية، وتركيا، وفق ما قال التونسي. وأوضح أن هذه المشاركة المتنوعة ستسهّل تجربة التعامل مع تكنولوجيا العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، ضمن آلية الحماية المشتركة المعروفة بـ«صندوق الرمل»؛ مما يشجع على مزيد من الرؤى والمدخلات القيّمة والابتكار من كل من القطاعين العام والخاص، لمواصلة تطوير هذه التجربة، وتسليط الضوء على قدراتها على نطاق عالمي.

وقال التونسي: «يشكّل مشروع (إم بريدج)، الذي جرى إطلاقه في 2021، حلاً مبتكراً لمعالجة الثغرات وتحديات عدم المساواة في الإجراءات الحالية المتبعة للمدفوعات عبر الحدود».

وأشار إلى أن هذا المشروع يهدف إلى استكشاف واختبار استخدامات العملات الرقمية الصادرة عن المصارف المركزية، لتسهيل التجارة والمدفوعات عبر الحدود، بجانب تعزيز سرعة وكفاءة المعاملات.

تكلفة منخفضة

ويرى التونسي أن نجاح هذا المشروع سيُسهم في تسريع المدفوعات عبر الحدود وخفض تكلفتها؛ ما سيؤدي بالتالي إلى تعزيز آفاق التجارة عبر الحدود وتحسينها.

أما بالنسبة إلى أهمية هذا المشروع للسعودية، فيعتقد أنه قد يقدم حلول تسوية جديدة لصادرات النفط والغاز؛ ما يسمح بالتسوية الفورية بالعملات الرقمية الصادرة عن المصارف المركزية للدول المشاركة. وعلى نطاق أشمل، ستصبح التجارة مع هذه الدول أكثر كفاءة، لتنعكس الفائدة في نهاية المطاف على جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المستهلك النهائي.

كما أن الخبرات الإضافية في مجال «البلوكتشين» وتقنية السجلات الموزعة التي سيجلبها مشروع «إم بريدج» ستمنح الجهات التنظيمية في السعودية مزيداً من الراحة والسهولة في إتاحة تنظيم وتطبيق أوسع نطاقاً للعملات المشفرة، وغيرها من الحلول الأخرى القائمة على تقنية «البلوكتشين».

بين العملات الرقمية والمشفرة

من جهة أخرى، تحدّث التونسي عن الفرق بين العملات الرقمية التي تدرس المصارف المركزية اعتمادها وتلك المشفرة مثل «البتكوين» و«الإيثريوم»، فقال إن هناك أنواعاً كثيرة ومختلفة من العملات الرقمية، ولكل منها خصائص واستخدامات خاصة، وإن العملات المشفرة، مثل «البتكوين» و«الإيثريوم»، هي عملات لا مركزية تستخدم تقنيات التشفير لتعزيز أمن المعاملات والتحكم بإنشاء وحدات جديدة من تلك العملات، وتعتمد على تقنية «البلوكتشين»؛ لضمان الشفافية وعدم قابلية تغيير سجلات المعاملات.

وتُعرف تقنية «البلوكتشين» أو «سلسلة الكتل» بأنها آلية متقدمة لقواعد البيانات تسمح بمشاركة المعلومات بشكل شفاف داخل شبكة أعمال، وتخزّن قاعدة بيانات «سلسلة الكتل» البيانات في كتل مرتبطة ببعضها في سلسلة. وتُعد هذه البيانات متسقة زمنياً؛ لأنه لا يمكن حذف السلسلة أو تعديلها من دون توافق من الشبكة.

بينما العملات الرقمية هي عبارة عن نُسخ رقمية عن العملات الورقية التي تصدرها وتنظّمها المصارف المركزية، وفق التونسي.

«بعكس العملات المشفرة، فإن هذه العملات الرقمية تُعد عملات مركزية، وتهدف عادة إلى تحسين كفاءة أنظمة الدفع، وتعزيز الشمول المالي، وتزويد الحكومات بأدوات أفضل للسياسات النقدية»، قال التونسي.

وذكر أن هذه العملات تختلف عن طرق الدفع الرقمية التقليدية من خلال المسؤولية المباشرة للمصرف المركزي؛ ما يضمن الثقة والاستقرار. وقال إنها «لا تزال تُعد عملات ناشئة، وتتباين في تصميماتها، بدءاً من العملات الرقمية للمصارف المركزية المخصصة لتعاملات الجملة بين المؤسسات المالية، وصولاً إلى العملات الرقمية للمصارف المركزية الخاصة بتعاملات الأفراد التي يمكن لعامة الناس الوصول إليها لإنجاز معاملاتهم اليومية».

وقال التونسي إنه يُستفاد من كل نوع من العملات الرقمية لأغراض مختلفة، بدءاً من المعاملات اللامركزية المباشرة بين الأفراد (P2P) (العملات المشفرة) وصولاً إلى الأدوات المالية التي تنظّمها الحكومات (العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية)؛ إذ يلبي كل منها احتياجات متنوعة ضمن منظومة الاقتصاد الرقمي.


مقالات ذات صلة

ترمب يختار رجل الأعمال ديفيد ساكس لترؤس «وكالة الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية»

الولايات المتحدة​ رجل الأعمال الأميركي ديفيد ساكس يتحدّث خلال اليوم الأول من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري لعام 2024 في ميلووكي بولاية ويسكونسن الأميركية في 15 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

ترمب يختار رجل الأعمال ديفيد ساكس لترؤس «وكالة الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية»

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أن رجل الأعمال اليميني والمستثمر ديفيد ساكس سيصبح «رئيس وكالة الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية في البيت الأبيض».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص تسعى المنصة لتحقيق قفزة نوعية كبيرة في سوق العملات الرقمية مع وضع مبادئ مبتكرة لاقتصاد تلك العملات (كونتس)

خاص رائدة أعمال سعودية تبتكر أول بروتوكول لعملة رقمية حصينة من الانخفاض

تهدف رائدة الأعمال السعودية رند الخراشي لإرساء معايير جديدة لعالم التمويل اللامركزي «DeFi».

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد تمثيلات العملات المشفرة في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

بعد الحظر... المغرب يستعد لتنظيم سوق العملات المشفرة

قال محافظ البنك المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري، يوم الثلاثاء، إن مشروع قانون لتنظيم العملات المشفرة يخضع حالياً لعملية التبنّي في المغرب.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني، إلغاء استخدام نظام «سويفت» في التبادلات التجارية الإيرانية واستخدام العملات الوطنية في تسوية المعاملات مع دول «بريكس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تمثيل لعملة البتكوين يظهر أمام مخطط للأسهم (رويترز)

«البتكوين» تواصل صعودها التاريخي... هل تتجاوز حاجز الـ100 ألف دولار؟

تسارعت وتيرة ارتفاع سعر «البتكوين» نحو الـ100 ألف دولار يوم الخميس؛ حيث يراهن المستثمرون على نهج أكثر دعماً للعملات الرقمية في عهد دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

فرنسا تضيف أول مفاعل نووي إلى شبكة الكهرباء منذ 25 عاماً

مفاعل «EPR» النووي من الجيل الثالث في فلامانفيل (أ.ف.ب)
مفاعل «EPR» النووي من الجيل الثالث في فلامانفيل (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تضيف أول مفاعل نووي إلى شبكة الكهرباء منذ 25 عاماً

مفاعل «EPR» النووي من الجيل الثالث في فلامانفيل (أ.ف.ب)
مفاعل «EPR» النووي من الجيل الثالث في فلامانفيل (أ.ف.ب)

قالت شركة الكهرباء الفرنسية، المملوكة للدولة، إن فرنسا ربطت مفاعل «فلامانفيل 3» النووي بشبكتها، صباح السبت، في أول إضافة لشبكة الطاقة النووية في البلاد منذ 25 عاماً.

وبدأ المفاعل العمل في سبتمبر (أيلول) الماضي، قبل توصيله بالشبكة، وسيدخل الخدمة بعد 12 عاماً من الموعد المخطط له في الأصل، وبتكلفة نحو 13 مليار يورو (13.56 مليار دولار) أي أربعة أمثال الميزانية الأصلية.

وقالت شركة الكهرباء الفرنسية في بيان السبت: «نجحت فرق شركة الكهرباء الفرنسية في توصيل مفاعل (فلامانفيل) الأوروبي المضغوط بالشبكة الوطنية في الساعة 11:48 صباحاً (10.48 بتوقيت غرينتش). ويولد المفاعل الآن الكهرباء».

يعد مفاعل «فلامانفيل 3» الأوروبي المضغوط أكبر مفاعل في فرنسا بقدرة 1.6 غيغاواط وأحد أكبر المفاعلات في العالم، إلى جانب مفاعل «تايشان» الصيني بقدرة 1.75 غيغاواط، الذي يعتمد على تصميم مماثل، ومفاعل «أولكيلوتو» الفنلندي.

والمفاعل يعد أول محطة يتم توصيلها بالشبكة الرئيسية في فرنسا، منذ «سيفو 2» في عام 1999، لكنها تدخل الخدمة في وقت من الاستهلاك البطيء للكهرباء في الوقت الحالي، إذ تصدّر فرنسا كمية قياسية من الكهرباء هذا العام.

وتخطط شركة «إي دي إف» لبناء 6 مفاعلات جديدة أخرى للوفاء بتعهد عام 2022 الذي قطعه الرئيس إيمانويل ماكرون كجزء من خطط التحول في مجال الطاقة في البلاد، على الرغم من أن هناك الكثير من التساؤلات لا تزال قائمة حول تمويل وجدول زمني للمشاريع الجديدة.