السياسة تكسر صعود الأسواق المالية العالمية

تصدرت قائمة المخاطر لمديري الأموال السيادية

متداولون يراقبون شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم المركّب في كوريا الجنوبية (أ.ب)
متداولون يراقبون شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم المركّب في كوريا الجنوبية (أ.ب)
TT

السياسة تكسر صعود الأسواق المالية العالمية

متداولون يراقبون شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم المركّب في كوريا الجنوبية (أ.ب)
متداولون يراقبون شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم المركّب في كوريا الجنوبية (أ.ب)

أطاحت السياسة الأسواق العالمية من قمم قياسية وعلى مدى أسابيع قليلة مضطربة صعدت إلى الواجهة، حيث يواجه المستثمرون احتمالية أوروبا المنقسمة بشكل متزايد وأميركا الانعزالية وتباطؤ نبض التجارة العالمية.

فقد تصدّرت الجغرافيا السياسية قائمة المخاطر لمديري الأموال السيادية هذا العام، وبعد ارتفاع هائل، تتدفق الأموال من بؤر التوتر المحتملة - مثل سوق الأوراق المالية في تايوان - إلى ملاذات مثل الذهب، الذي وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق الأسبوع الماضي.

خط التفكير هو أن فترة السلام والتجارة الحرة قد انتهت وأن الفترة التالية تبدو أقل ربحية، وفق تقرير لـ«رويترز».

ما يقرب من نصف سكان العالم يصوّتون هذا العام والنتائج حتى الآن تدعم التحول في المزاج: انتخبت تايوان رئيساً مكروهاً في بكين، وتوجه الناخبون إلى اليمين في فرنسا، وحصلوا على أكبر أغلبية يسارية في بريطانيا منذ جيل كامل.

وعلى مدى ثمانية أيام فقط، أحدثت الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة موجات من الصدمة: أصيب المرشح الأوفر حظاً دونالد ترمب برصاصة، واستقال جو بايدن قبل أقل من أربعة أشهر من يوم الاقتراع.

وقد بدأت الأسواق تتكيف، ودفعت الأخبار المخاوف الجيوسياسية إلى مقدمة أذهان المستثمرين.

وقال إريك كنوتزن، كبير مسؤولي الاستثمار متعدد الأصول في شركة «نوبرغير بيرمان» التي تدير أصولاً بقيمة 481 مليار دولار: «إنها بالتأكيد واحدة من أهم الاعتبارات التي عملنا عليها في عمليتنا طوال العام». وأضاف: «إن الطريقة رفيعة المستوى التي يتم بها إظهار ذلك هي تقييم مستويات المخاطر الإجمالية لمحفظتنا».

وقد كان ذلك واضحاً بالفعل في الأسعار، حيث تركز الأسواق على الفور على اثنين من المخاطر المحتملة التي من المرجح أن تتفاقم بسبب فوز ترمب: التضخم والقيود أو الاضطرابات في مبيعات أشباه الموصلات، وخاصة بالنسبة لتايوان.

وارتفع الذهب، الذي يعدّ أداةً للتحوط من التضخم ومستفيداً من طلب المصارف المركزية في ظل مناخ من عدم الثقة، إلى مستوى قياسي فوق 2450 دولاراً للأوقية في الأيام التي أعقبت محاولة اغتيال ترمب، وهو الحدث الذي حفز أنصاره.

وقال براشانت كوثاري، الرئيس التنفيذي لشركة «ألفا ألترنافيز»: «من المرجح أن تكون جميع سياسات ترمب تضخمية - سواء كانت تخفيضات ضريبية أو هجرة أو إعادة دعم، وبالتالي هبوط الدولار... لذلك من المرجح أن ينخفض ​​الدولار مقابل الذهب».

في الوقت نفسه، تم القضاء على أكثر من 100 مليار دولار من القيمة السوقية لشركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات في أقل من أسبوع بعد أن بدا ترمب غامضاً بشأن التزامه بحماية تايوان وصناعة الرقائق.

مؤشر المخاطر عبر المضيق الخاص بـ«غولدمان ساكس»، والذي يحلل الأخبار، أقل من القمم، لكنه انتعش خلال الأسبوع الماضي.

تراجعت العملة التايوانية إلى أدنى مستوياتها في أكثر من ثماني سنوات يوم الاثنين مع فرار المستثمرين من الجزيرة التي تُعدّ في طليعة تكنولوجيا صناعة الرقائق والخط الأمامي للتوتر بين الولايات المتحدة والصين.

وقال نورمان فيلامين، كبير الاستراتيجيين في «يونيون باكير بريفيه»: «إن عودة هذه المخاطر الجيوسياسية قد أضعفت بشكل فعال الحماس لتجارة أجهزة الذكاء الاصطناعي».

مخاطر الذيل

نظراً لأن مديري الأموال أصبحوا أكثر يقيناً من تخفيضات أسعار الفائدة الأميركية في سبتمبر (أيلول) وبقاء الجمهوريين في البيت الأبيض؛ فإن المخاوف الجيوسياسية تتسرب إلى التفكير طويل المدى حول الإمكانات الاقتصادية للعالم والمخاطر التي تتراكم في الخلفية.

فقد بدأت أسعار الفائدة المرتفعة تؤثر سلباً كما يتباطأ نمو الصين. وهناك حروب في الشرق الأوسط وأطراف أوروبا، حيث تصطف القوى الكبرى على طرفي نقيض.

قال ديفيد بيانكو، كبير مسؤولي الاستثمار في الأميركتين في «دي واي إس»: «نرى التوترات لا تزال عالية وتوقف العواقب السياسية التي من المحتمل أن تستمر خلال العقد».

وأشار إلى مخزونات وسلع الطاقة والدفاع بما في ذلك النحاس واليورانيوم على رادار الاستثمار.

وتخلفت الأسهم الفرنسية عن أوروبا وضربت الديون السيادية أكبر خصم لها على ألمانيا منذ اثني عشر عاماً بسبب مخاوف من أن الحكومة المنقسمة ستكون متشككة في اليورو وتكافح لإصلاح الموازنة.

وقال ديفيد زان، رئيس الدخل الثابت الأوروبي في «فرانكلين تمبلتون»: «نحن نعاني نقصاً في الوزن بالنسبة لسندات فرنسا وإيطاليا؛ لأننا نعتقد أنه سيكون هناك ضجيج سياسي أثناء التفاوض بشأن عجز أقل في الموازنة».

من المؤكد أنه لا يوجد شعور بالذعر في البيع الذي دفع مؤشر «إس آند بي 500» إلى نحو 3 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، وهو أمر يعدّه الكثيرون من المشاركين في السوق تراجعاً صحياً - بل إعادة النظر في كيفية التجارة المخاطر السياسية.

في الوقت الحالي، يرتفع تقلب الأسهم الأميركية، مقاساً بمؤشر VIX، ولكنه منخفض وفقاً للمعايير التاريخية، وحتى أوائل الأسبوع الماضي، لم تكن هناك تدفقات دراماتيكية إلى ما يسمى «صناديق مخاطر الذيل» المصممة للربح في حالة الانكماش.

في الوقت الحاضر، هناك خيارات مدتها ستة أشهر بشأن التحركات الجامحة في السوق، مثل الانخفاض الكبير في الأسهم أو التحول المفاجئ في تداول الدولار بسعر رخيص؛ مما يشير إلى أنها غير مرغوب فيها.

ولكن كانت هناك بعض عمليات الشراء في الآونة الأخيرة - كما يشهد الأداء الباهت للأسهم الصينية - وانحسار التفاؤل الذي كان سبباً في دفع العائدات في الدورات السابقة.

وقال مايكل روزن، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «أنجيليس للاستثمارات» في سانتا مونيكا: «على مدى ثلاثين عاماً، استفاد المستثمرون من أعظم حقبة العولمة والاستقرار الجيوسياسي التي شهدها العالم... قد بدأ عصر جديد أكثر خطورة».


مقالات ذات صلة

سوق الأسهم السعودية تبدأ تداولات الأسبوع مرتفعة بتأثير قطاع الطاقة

الاقتصاد أحد المستثمرين في السوق المالية السعودية (أ.ف.ب)

سوق الأسهم السعودية تبدأ تداولات الأسبوع مرتفعة بتأثير قطاع الطاقة

افتتح مؤشر سوق الأسهم السعودية الرئيسية «تاسي» تداولات الأسبوع، يوم الأحد، على ارتفاع بنسبة 0.22 في المائة، وبفارق 25.41 نقطة، ليقفل عند مستويات 11836 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الدرع العربي للتأمين التعاوني (الشركة)

ارتفاع إيرادات التأمين يدفع أرباح «الدرع العربي» إلى 19 مليون دولار في 2024

ارتفع صافي ربح شركة «الدرع العربي للتأمين التعاوني» العائد للمساهمين، بعد الزكاة، بنسبة 6 في المائة إلى 71 مليون ريال (19 مليون دولار) في 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة من داخل إحدى شركات المطاحن بالمدينة المنورة غرب السعودية (الهيئة العامة للأمن الغذائي)

أرباح «المطاحن الرابعة» ترتفع 19.7 % وتتجاوز 45 مليون دولار في 2024

ارتفع صافي ربح شركة «المطاحن الرابعة» بنسبة 19.7 في المائة ليبلغ 171 مليون ريال (45.6 مليون دولار) في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تنهي تداولات الأسبوع متراجعة 87 نقطة

تراجع مؤشر سوق الأسهم السعودية الرئيسية، خلال ختام جلسات الأسبوع، يوم الخميس، بنسبة 0.74 في المائة وبفارق 87.75 نقطة، ليقفل عند مستويات 11811 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح شركة «الماجد للعود» في معرض للعطور أقيم بالسعودية عام 2023 (إكس)

التوسع الجغرافي يدفع أرباح «الماجد للعود» للنمو 5.6 % في 2024

ارتفع صافي ربح شركة «الماجد للعود» السعودية، التي تعمل في مجال العطور وتجارة العود، بنسبة 5.6 في المائة ليبلغ 157 مليون ريال (41.9 مليون دولار) في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وزير الطاقة الأميركي: نهدف لإلغاء مبيعات الاحتياطي النفطي ودعم المشاريع النووية الصغيرة

وزير الطاقة الأميركي يتحدث في افتتاح مؤتمر «سيرا ويك» في هيوستن (أ.ب)
وزير الطاقة الأميركي يتحدث في افتتاح مؤتمر «سيرا ويك» في هيوستن (أ.ب)
TT

وزير الطاقة الأميركي: نهدف لإلغاء مبيعات الاحتياطي النفطي ودعم المشاريع النووية الصغيرة

وزير الطاقة الأميركي يتحدث في افتتاح مؤتمر «سيرا ويك» في هيوستن (أ.ب)
وزير الطاقة الأميركي يتحدث في افتتاح مؤتمر «سيرا ويك» في هيوستن (أ.ب)

قال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت يوم الاثنين إنه يخطط للعمل مع الكونغرس بشأن إلغاء المبيعات المفروضة سابقاً من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي باعتباره وسيلة واحدة لمعالجة المخزونات المنخفضة.

وأمر الكونغرس ببيع نحو 100 مليون برميل من الاحتياطي، وهو أكبر مخزون طوارئ من النفط الخام في العالم، مع تحديد بيع 7 ملايين برميل للسنة المالية 2026 – 2027، ومبيعات أخرى حتى عام 2031.

وقال رايت لـ«رويترز» في مقابلة في مؤتمر «سيرا ويك» في هيوستن، وهو أكبر تجمع لصناع الطاقة في العالم: «أي شيء مع الكونغرس أكثر صعوبة، كما تعلمون، وهذا يستغرق وقتاً».

وأوضح أن الأمر سيستغرق من خمس إلى سبع سنوات و20 مليار دولار لإعادة ملء الاحتياطي.

باع سلف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جو بايدن، ما يقرب من 300 مليون برميل من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، بما في ذلك أكبر عملية بيع له على الإطلاق بعد حرب روسيا على أوكرانيا في عام 2022.

وقال رايت إنه بسبب مشاكل الصيانة المستمرة، فإن إعادة ملء الاحتياطي تستغرق وقتاً أطول من البيع منه.

وقالت وزارة الطاقة يوم الجمعة إن رايت لن يطلب من الكونغرس 20 مليار دولار لشراء كل شيء دفعة واحدة، وإن العمل مع المشرّعين لشراء النفط قد يستغرق سنوات.

يريد رايت أيضاً تعزيز صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال.

وقد تحدث ترمب عن مشروع الغاز الطبيعي المسال المقترح في ألاسكا بقيمة 44 مليار دولار في خطابه أمام الكونغرس الأسبوع الماضي. وقال إن اليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى تريد الشراكة مع الولايات المتحدة في خط أنابيب «عملاق» للغاز الطبيعي في ألاسكا، مدعياً أنها ستستثمر «تريليونات الدولارات لكل منها». ويحتاج مشروع الغاز الطبيعي المسال في ألاسكا إلى خط أنابيب بطول 800 ميل لجلب الغاز من شمال ألاسكا لإرساله إلى العملاء في آسيا ولم يتم اتخاذ قرارات استثمارية نهائية بعد.

وقال رايت إن جميع الخيارات لدعم المشروع مطروحة على الطاولة بما في ذلك ضمان قرض محتمل من مكتب برامج القروض التابع لوزارته.

أضاف: «ستنظر الإدارة في كل السبل الممكنة لبناء مشروع بنية تحتية كبير مثل هذا»، لافتاً إلى أن ذلك يشمل الدبلوماسية وضمان قرض محتمل، مما سيساعد المشروع في الحصول على التمويل بمعدل أقل من الذي تقدمه البنوك.

وحصل السيناتوران الأميركيان ليزا موركوفسكي ودان سوليفان على بند في قانون البنية التحتية لعام 2021 للغاز الطبيعي المسال في ألاسكا ليكون مؤهلاً للحصول على ضمان قرض فيدرالي بقيمة 30 مليار دولار تقريباً مرتبط بالتضخم.

وإذا استخدمت إدارة ترمب طلب الشراء المحلي للغاز الطبيعي المسال في ألاسكا، فسيمثل ذلك تغييراً في السياسة من ولايته الأولى بصفته رئيساً عندما لم يستفد بشكل كبير من طلب الشراء المحلي. واستخدم بايدن طلب الشراء المحلي بشكل متكرر ووقع على تشريع لزيادة مساعداته المالية إلى مئات المليارات من الدولارات.

كما قلل رايت من أهمية المعارضة الإقليمية لخطوط أنابيب الغاز الطبيعي الجديدة في مناطق مثل شمال شرقي الولايات المتحدة، قائلاً إنه لا يتوقع أن تعيق بناء مشاريع جديدة.

وقال: «الجميع يريدون أسعار طاقة أقل. الجميع في نيويورك، الجميع في نيو إنغلاند».

في أول يوم له في منصبه، وقّع ترمب على إعلان طوارئ للطاقة يهدف إلى توسيع السلطات الفيدرالية لدفع المشاريع الكبرى مثل المولدات وخطوط الأنابيب والنقل لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة. وقال رايت، الذي تنحى عن مجلس إدارة شركة المفاعلات الصغيرة «أوكلو» عندما تم تأكيده وزيراً للطاقة، إن الإدارة من المرجح أيضاً أن تقدم للتكنولوجيا النووية الناشئة الدعم المالي والتنظيمي، لكنه لم يوضح كيف.

ويُنظر إلى المفاعلات الصغيرة على أنها حل جزئي محتمل لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة من مراكز البيانات، ولكن لا توجد محطات تجارية حتى الآن.