كامالا هاريس... مسيرة شخصية ملهمة وسجل سياسي أقل إلهاماً

هاريس خلال اجتماع مع رئيس غواتيمالا في 2021 (أ.ف.ب)
هاريس خلال اجتماع مع رئيس غواتيمالا في 2021 (أ.ف.ب)
TT

كامالا هاريس... مسيرة شخصية ملهمة وسجل سياسي أقل إلهاماً

هاريس خلال اجتماع مع رئيس غواتيمالا في 2021 (أ.ف.ب)
هاريس خلال اجتماع مع رئيس غواتيمالا في 2021 (أ.ف.ب)

بإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن انسحابه من سباق الرئاسة ودعم نائبته كامالا هاريس مرشحة للحزب الديمقراطي، اليوم (الأحد)، توجهت الأضواء إلى من تطمح أن تكون أول امرأة في المكتب البيضاوي.

في الأسابيع الثلاثة بين تخبط بايدن في مناظرته أمام منافسه الجمهوري دونالد ترمب وإعلانه انسحابه، شبه البعض هاريس بأنها «فيل في الغرفة» يؤخر إعلان بايدن الانسحاب، بسبب عدد من «نقاط الضعف» التي كانت تحول دون أن تكون مرشحة إجماع داخل حزبها.

ويعكس هذا الوصف مستوى التحديات التي تنتظر الديمقراطيين والبيت الأبيض في عملهم لتحسين موقعها. فقد تعرضت هاريس، أول نائبة رئيس في البلاد، وأول شخص من أصول أفريقية - آسيوية يشغل هذا المنصب، لانتقادات بسبب قصورها عن لعب دور في قضايا سياسية حساسة على أجندة الرئيس بايدن.

على رأس هذه القضايا ملف الحدود الجنوبية، وأزمة الهجرة عبرها، الذي كلفها به بايدن في بداية ولايته، لتخفق في تحقيق نتائج تذكر، إضافة إلى حضورها الباهت على الساحة الدولية، غابت أيضاً عن التصدي لجهود الجمهوريين لتقييد حق التصويت.

ومع استطلاعات رأي تشير إلى مستوى قبول باهت لها، والجهود المكثفة من قبل الجمهوريين للاستفادة من ضعف شعبيتها، يمكن لهاريس أن تصبح أيضاً، عبئاً على فرص الديمقراطيين في غياب جهد قوي لإعادة تقديم شخصيتها العامة.

مسيرة شخصية مميزة

لكن في مقابل الحضور السياسي الضعيف، تعد حياة هاريس الشخصية مميزة. فأصولها اللاتينية الأفريقية والآسيوية الهندية تختصر «الحلم الأميركي» للعديد من المهاجرين إلى الولايات المتحدة. فوالدها من المهاجرين من جامايكا ووالدتها من الهند. وتروي هاريس (59 عاماً): «كانت والدتي تقول لي على الدوام قد تكونين الأولى في القيام بالكثير من الأمور، لكن احرصي على ألا تكوني الأخيرة».

هاريس خلال تجمع نظمته حملتها الانتخابية في مارس الماضي بكولورادو (أ.ف.ب)

فهي أول مدعية عامة سوداء لولاية كاليفورنيا، وأول امرأة في هذا المنصب وأول امرأة من أصول جنوب آسيوية تفوز بمقعد في مجلس الشيوخ الأميركي. وُلدت هاريس في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 1964 في أوكلاند بولاية كاليفورنيا. والدها دونالد هاريس كان أستاذاً في الاقتصاد، ووالدتها شيامالا غوبالان كانت باحثة في سرطان الثدي. لكنهما انفصلا عندما كانت هاريس في الخامسة تقريباً، وتولت والدتها تربيتها مع شقيقتها مايا.

نالت هاريس درجة البكالوريوس من جامعة «هوارد» إحدى جامعات السود التاريخية في واشنطن. ودرست القانون في كلية «هايستينغز» بجامعة كاليفورنيا. وتحدثت كثيراً خلال ترشحها للرئاسة عن مدى تأثير الجامعتين في تشكيل هويتها وآرائها حول الصراع العرقي والعدالة في أميركا، قبل أن تصبح مدعيةً، حيث شغلت منصب المدعي العام لسان فرانسيسكو لولايتين.

انتخبت مدعية عامة لكاليفورنيا في 2010 ثم في 2014، وتزوجت في العام نفسه من دوغلاس إيمهوف، وهو محامٍ أبيض لديه ولدان من زواج سابق.

وعندما كانت مدعية عامة، أقامت هاريس علاقة عمل مع ابن بايدن الراحل بو الذي كان يتولى المنصب نفسه في ولاية ديلاوير، وتوفي بالسرطان عام 2015.

من كبار منتقدي ترمب

وتعد هاريس من كبار منتقدي الرئيس السابق دونالد ترمب في العديد من القضايا؛ من تعاطيه مع أزمة تفشي جائحة «كورونا» إلى العنصرية وصولاً إلى الهجرة.

بايدن وهاريس خلال حملتهما الأولى في 2020 (رويترز)

وبعد انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، تعهدت هاريس بحماية المهاجرين من سياسات ترمب، ووصفت رسالته بـ«المظلمة» بعد يوم من تنصيبه، خلال مشاركتها في أكبر مظاهرة نسائية في واشنطن. وأدانت قراره الرئاسي بمنع مواطني سبع دول، غالبيتها مسلمة، من دخول الولايات المتحدة. كما صوّتت لمصلحة عزله في محاكمته بمجلس الشيوخ.

وسعياً «لإلحاق الهزيمة به»، أكدت على الحاجة لإعادة تشكيل «تحالف أوباما» الذي يضم أميركيين من أصول أفريقية وإسبانية ونساء ومستقلين وجيل الألفية. لكن فشلها في القيام بإصلاحات قضائية جنائية جريئة عندما كانت مدعية عامة، أثّر ولا يزال على شعبيتها، خصوصاً بين الناخبين السود الذين يُراهن اليوم على كتلتهم لدفع ترشيحها لمنصب الرئاسة.

حتى الآن لم تطلق هاريس أي وصف أو تسمية لموقعها. هل هي من يسار الوسط أو يمين أقصى اليسار أو في أي مكان بينهما. وعندما سألتها مراسلة عما إذا كانت «من أتباع أوباما»، ردت هاريس ببساطة: «أنا كامالا».

وفي السياسة الخارجية، لا تختلف هاريس عن الرئيس بايدن، سواء في الموقف من أوكرانيا وروسيا، أو مستقبل حلف الناتو، ونظرتها إلى «التنافس» مع الصين، والعلاقة مع ملف إيران النووي. ورغم دعمها سياسات بايدن من إسرائيل، لكنها قالت إنه ينبغي أن نحظى بصوت يحترم النقاش حول السياسات بما يضمن دعم إسرائيل، وبأن هناك فارقاً بين انتقاد السياسات والسياسيين ومعاداة السامية.

صحيح أن دعم بايدن لترشيح هاريس منحها دفعة، لكن طريقها ليست معبدة بالكامل إلى البيت الأبيض، وقبله إلى مؤتمر الحزب الديمقراطي في 17 أغسطس (آب)، حين سيتوجب عليها إقناع منتقديها بقدرتها على هزيمة ترمب. وإذا حصلت على تفويض مؤتمر الحزب الشهر المقبل، فقد يمنحها فرصة أكبر لدخول التاريخ كأول رئيسة سوداء للولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

حلفاء هاريس يدعون المندوبين الديمقراطيين إلى دعمها قبل مؤتمر الحزب

الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

حلفاء هاريس يدعون المندوبين الديمقراطيين إلى دعمها قبل مؤتمر الحزب

قالت مصادر متعددة إن مسؤولي حملة نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس وحلفاءها وأنصارها بدأوا في إجراء اتصالات لضمان دعم مندوبي الحزب الديمقراطي لترشيحها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس كامالا هاريس خلال مشاركتها في حدث انتخابي في ميشيغان الأربعاء 17 يوليو (أ.ب)

ماذا بعد انسحاب بايدن؟

أثار انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة قبل أربعة أشهر فقط من انتخابات 5 نوفمبر مخاوف من تعميق الانقسامات في صفوف الحزب الديمقراطي.

رنا أبتر (واشنطن)
خاص بايدن وهاريس في حديقة الورود بالبيت الأبيض سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

خاص «الشرق الأوسط» تستطلع آراء مسؤولين سابقين حول ما بعد انسحاب بايدن

رحّب كبار الديمقراطيين بقرار الرئيس الأميركي جو بايدن الانسحاب من السباق، بعد أسابيع من الضغوط المكثّفة فاقمها أداؤه الكارثي في المناظرة أمام دونالد ترمب.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون (رويترز)

رئيس مجلس النواب الأميركي: على بايدن الاستقالة «فوراً»

عدَّ رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري، مايك جونسون، أنه يتعين على الرئيس جو بايدن الاستقالة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته البيت الأبيض ليستقل المروحية الرئاسية في 15 يوليو (تموز) 2024 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري بعد انسحاب بايدن... من هم أبرز منافسي هاريس؟

دخل السباق الرئاسي الأميركي منعطفاً مهماً بعد انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق، ورغم تزكيته نائبته كامالا هاريس، فإن أمامها منافسين محتملين في مؤتمر الحزب.

هبة القدسي (واشنطن)

حلفاء هاريس يدعون المندوبين الديمقراطيين إلى دعمها قبل مؤتمر الحزب

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
TT

حلفاء هاريس يدعون المندوبين الديمقراطيين إلى دعمها قبل مؤتمر الحزب

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

قالت مصادر متعددة إن مسؤولي حملة نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس وحلفاءها وأنصارها بدأوا في إجراء اتصالات لضمان دعم المندوبين لترشيحها، قبل المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في أغسطس (آب) المقبل.

وسيكون التواصل، الذي بدأ بعد وقت قصير من انسحاب الرئيس جو بايدن من حملة إعادة انتخابه، يوم الأحد، ضرورياً لضمان أن تحل هاريس محل بايدن في انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) كمنافس لمرشح الحزب الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب.

وقال مصدر مطلع «يعمل الكثير من الأشخاص على هذا الأمر الآن»، مضيفاً «لقد أوضحت أنها ستعمل على كسب دعمهم».

ووفق وكالة «رويترز» للأنباء، فقد امتنع مكتب هاريس عن التعليق.

وسيجتمع حوالي أربعة آلاف مندوب ديمقراطي في شيكاغو في الفترة من 19 إلى 22 أغسطس (آب) لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي، وكان معظمهم ملتزمين بدعم بايدن، وبعد إعلانه المفاجئ، أصبحوا غير مُلزمين بأي قانون أو قواعد حزبية لمساندة أي شخص.

وكان بايدن المرشح المفترض للحزب، لكنه لا يملك سلطة مباشرة على اختيار المرشح الرسمي للمندوبين.

وتحتاج هاريس إلى دعم 1969 من المندوبين الديمقراطيين البالغ عددهم 3936 مندوباً لتأمين ترشيحها في مؤتمر أغسطس (آب).