كامالا هاريس... مسيرة شخصية ملهمة وسجل سياسي أقل إلهاماً

TT

كامالا هاريس... مسيرة شخصية ملهمة وسجل سياسي أقل إلهاماً

كامالا هاريس (أ.ب)
كامالا هاريس (أ.ب)

بإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن انسحابه من سباق الرئاسة، ودعم نائبته كامالا هاريس، مرشحة للحزب الديمقراطي، في يوليو (تموز) الماضي، توجّهت الأضواء إلى مَن تطمح أن تكون أول امرأة في المكتب البيضاوي.

وفي حين أعادت هاريس بعض الحماس للحملة الديمقراطية منذ تنصيبها مرشّحة رسمية عن الحزب، في المؤتمر الوطني بشيكاغو، ونجحت في تحقيق مستويات قياسية من التبرّعات، لكن الاستطلاعات لا تزال تضعها في مستوى متقارب للغاية مع مُنافسها الجمهوري دونالد ترمب في سبع ولايات محورية.

ويخشى كبار الديمقراطيين من أن تؤثر خبرة هاريس المحدودة في السياسة الخارجية على حظوظها الانتخابية، خاصّة أنها تخوض سباقاً تهيمن عليه الحرب في غزة وأوكرانيا. أما داخلياً فقد تعرّضت هاريس، أول نائبة رئيس في البلاد، وأول شخص من أصول أفريقية - آسيوية يشغل هذا المنصب، لانتقادات بسبب قصورها عن لعب دور في قضايا سياسية حساسة على أجندة الرئيس بايدن. وعلى رأس هذه القضايا ملف الحدود الجنوبية، وأزمة الهجرة عبرها، الذي كلفها به بايدن في بداية ولايته، لتخفق في تحقيق نتائج تُذكر، وإضافة إلى حضورها الباهت على الساحة الدولية، غابت أيضاً عن التصدي لجهود الجمهوريين لتقييد حق التصويت.

مسيرة شخصية مميزة

في مقابل الحضور السياسي الضعيف، تعد حياة هاريس الشخصية مميزة. فأصولها اللاتينية الأفريقية والآسيوية الهندية تختصر «الحلم الأميركي» لكثير من المهاجرين إلى الولايات المتحدة. فوالدها من المهاجرين من جامايكا، ووالدتها من الهند. وتروي هاريس (59 عاماً): «كانت والدتي تقول لي على الدوام: قد تكونين الأولى في القيام بكثير من الأمور، لكن احرصي على ألا تكوني الأخيرة».

هاريس خلال تجمع نظمته حملتها الانتخابية في مارس الماضي بكولورادو (أ.ف.ب)

فهي أول مدّعية عامة سوداء لولاية كاليفورنيا، وأول امرأة في هذا المنصب، وأول امرأة من أصول جنوب آسيوية تفوز بمقعد في مجلس الشيوخ الأميركي. وُلدت هاريس في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 1964 في أوكلاند بولاية كاليفورنيا. والدها دونالد هاريس كان أستاذاً في الاقتصاد، ووالدتها شيامالا غوبالان كانت باحثة في سرطان الثدي، لكنهما انفصلا عندما كانت هاريس في الخامسة تقريباً، وتولت والدتها تربيتها مع شقيقتها مايا.

نالت هاريس درجة البكالوريوس من جامعة «هوارد»، إحدى جامعات السود التاريخية في واشنطن. ودرست القانون في كلية «هايستينغز» بجامعة كاليفورنيا. وتحدثت كثيراً خلال ترشحها للرئاسة عن مدى تأثير الجامعتين في تشكيل هويتها وآرائها حول الصراع العِرقي والعدالة في أميركا، قبل أن تصبح مدّعيةً، حيث شغلت منصب المدعي العام لسان فرنسيسكو لولايتين.

انتخبت مدعية عامة لكاليفورنيا في 2010، ثم في 2014، وتزوجت، في العام نفسه، من دوغلاس إيمهوف، وهو محامٍ أبيض لديه ولدان من زواج سابق.

وعندما كانت مدعية عامة، أقامت هاريس علاقة عمل مع ابن بايدن الراحل، بو، الذي كان يتولى المنصب نفسه في ولاية ديلاوير، وتُوفي بالسرطان عام 2015.

من كبار منتقدي ترمب

وتُعدّ هاريس من كبار منتقدي الرئيس السابق، دونالد ترمب، في عدد من القضايا؛ من تعاطيه مع أزمة تفشي جائحة «كورونا»، إلى العنصرية، وصولاً إلى الهجرة.

بايدن وهاريس خلال حملتهما الأولى في 2020 (رويترز)

وبعد انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، تعهدت هاريس بحماية المهاجرين من سياسات ترمب، ووصفت رسالته بـ«المظلمة»، بعد يوم من تنصيبه، خلال مشاركتها في أكبر مظاهرة نسائية بواشنطن. وأدانت قراره الرئاسي بمنع مواطني سبع دول، غالبيتها مسلمة، من دخول الولايات المتحدة. كما صوّتت لمصلحة عزله، في محاكمته بمجلس الشيوخ.

وسعياً «لإلحاق الهزيمة به»، أكدت الحاجة لإعادة تشكيل «تحالف أوباما» الذي يضم أميركيين من أصول أفريقية وإسبانية ونساء ومستقلين وجيل الألفية. لكن فشلها في القيام بإصلاحات قضائية جنائية جريئة عندما كانت مدعية عامة، أثّر، ولا يزال، على شعبيتها، خصوصاً بين الناخبين السود الذين يُراهن، اليوم، على كتلتهم لدفع ترشيحها لمنصب الرئاسة.

وحتى الآن لم تطلق هاريس أي وصف أو تسمية لموقعها؛ هل هي من يسار الوسط أو يمين أقصى اليسار أو في أي مكان بينهما. وعندما سألتها مراسلة عما إذا كانت «من أتباع أوباما»، ردت هاريس ببساطة: «أنا كامالا».

وفي السياسة الخارجية، لا تختلف هاريس عن الرئيس بايدن، سواء في الموقف من أوكرانيا وروسيا، أم مستقبل حلف الناتو، ونظرتها إلى «التنافس» مع الصين، والعلاقة مع ملف إيران النووي. ورغم دعمها سياسات بايدن من إسرائيل، لكنها قالت إنه ينبغي أن نحظى بصوت يحترم النقاش حول السياسات بما يضمن دعم إسرائيل، وبأن هناك فارقاً بين انتقاد السياسات والسياسيين ومعاداة السامية.

صحيح أن دعم بايدن ترشيح هاريس منحها دفعة، لكن طريقها ليس معبَّداً بالكامل إلى البيت الأبيض، وقبله إلى مؤتمر الحزب الديمقراطي في 19 أغسطس (آب) الماضي، حيث سيتوجب عليها إقناع منتقديها بقدرتها على هزيمة ترمب. وإذا حصلت على تفويض مؤتمر الحزب، الشهر المقبل، فقد يمنحها فرصة أكبر لدخول التاريخ بصفتها أول رئيسة سوداء للولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

ترمب يهدد بضم بنما وغرينلاند

الولايات المتحدة​ ترمب يتحدث في تجمع بفينيكس الأحد (رويترز)

ترمب يهدد بضم بنما وغرينلاند

أثار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، جدلاً بطرحه ضم قناة بنما وجزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك، إلى السيادة الأميركية، وذلك بعد تهديدات مشابهة عندما تحدث.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السيناتور الديمقراطي بن كاردين (رويترز)

سيناتور أميركي «قلق للغاية» حيال حقوق الإنسان في عهد ترمب

قال السيناتور الديمقراطي بن كاردين، إنه يشعر بالقلق حيال تراجع الاهتمام بملف حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، خلال الفترة الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

منع المدعية ويليس من مقاضاة ترمب في قضية التدخل بنتائج الانتخابات في جورجيا

قضت محكمة استئناف في جورجيا، الخميس، بمنع المدعية العامة لمقاطعة فولتون، فاني ويليس، من مقاضاة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والعديد من حلفائه.

«الشرق الأوسط» (أتلانتا)
المشرق العربي تصاعد الدخان عقب انفجار في قطاع غزة كما شوهد من جنوب إسرائيل (أ.ب)

بلينكن «متفائل» بإمكان التوصل لهدنة في غزة قبل انتهاء ولاية بايدن

أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنّه ما زال «متفائلًا» بإمكان التوصّل خلال ولاية الرئيس جو بايدن إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

إغلاق وكالة أميركية لمكافحة التضليل الإعلامي بعد قطع التمويل عنها

شعار وزارة الخارجية الأميركية (موقع الوزارة)
شعار وزارة الخارجية الأميركية (موقع الوزارة)
TT

إغلاق وكالة أميركية لمكافحة التضليل الإعلامي بعد قطع التمويل عنها

شعار وزارة الخارجية الأميركية (موقع الوزارة)
شعار وزارة الخارجية الأميركية (موقع الوزارة)

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء أن وكالة تابعة لها تعنى بتعقب التضليل الإعلامي الأجنبي قد أنهت عملياتها بعد إلغاء الكونغرس تمويلها وبعدما ظلت لسنوات هدفا لانتقادات مستمرة من قبل الجمهوريين.

وأغلق «مركز المشاركة العالمية» الذي تأسس عام 2016 أبوابه الاثنين رغم تحذير خبراء من خطر حملات التضليل الإعلامي التي يقوم بها خصوم الولايات المتحدة مثل روسيا والصين. وأشارت الخارجية في بيان عندما سئلت عن مصير موظفي المركز والمشاريع الجارية بعد الإغلاق، أنها تجري مشاورات «مع الكونغرس بشأن الخطوات التالية».

وكان لدى «مركز المشاركة العالمية» ميزانية سنوية تبلغ 61 مليون دولار وطاقم عمل من نحو 120 موظفا. ويترك إغلاقه وزارة الخارجية من دون أداة متخصصة لتتبع ومكافحة المعلومات المضللة من منافسي الولايات المتحدة. وسُحب بند تمديد تمويل المركز من النسخة النهائية لمشروع قانون الإنفاق الفدرالي الذي أقره الكونغرس الأسبوع الماضي.

وواجه المركز منذ فترة طويلة تدقيقا من قبل أعضاء جمهوريين في الكونغرس اتهموه بفرض الرقابة على الأميركيين. كما وجه إيلون ماسك انتقادات شديدة للمركز عام 2023 واتهمه بأنه الأسوأ في «الرقابة الحكومية الأميركية» و«تهديد لديموقراطيتنا».

ورد مدراء المركز على هذه الآراء بالتشديد على أهمية مكافحة حملات الدعاية الأجنبية. واعترض ماسك على مشروع قانون الميزانية الأصلي الذي كان سيحافظ على تمويل «مركز المشاركة العالمية» من دون الإشارة إليه بالتحديد. والملياردير مستشار للرئيس المنتخب دونالد ترمب وقد تم اختياره لإدارة وزارة كفاءة الحكومة «دوج» الجديدة والمكلفة خفض الإنفاق الحكومي.

وفي يونيو (حزيران)، أعلن منسق «مركز المشاركة العالمية» جيمس روبين عن إطلاق مجموعة متعددة الجنسيات مقرها وارسو لمواجهة التضليل الروسي بشأن الحرب في أوكرانيا المجاورة. وقالت وزارة الخارجية إن المبادرة، المعروفة باسم مجموعة التواصل الأوكرانية، ستجمع الحكومات الشريكة لتعزيز الدقة في التقارير عن الحرب وكشف تلاعب الكرملين بالمعلومات. وفي تقرير صدر العام الماضي، حذرت مجموعة التواصل الأوكرانية من أن الصين تنفق مليارات الدولارات على مستوى العالم لنشر معلومات مضللة تهدد حرية التعبير في جميع أنحاء العالم.