ضربات جوية لأهم حواضن «داعش» في العراق

وسط مخاوف من إمكانية تعزيز قدراته

قوة عسكرية عراقية في عملية سابقة لملاحقة «داعش» بصلاح الدين وديالى وسامراء (وكالة الأنباء العراقية)
قوة عسكرية عراقية في عملية سابقة لملاحقة «داعش» بصلاح الدين وديالى وسامراء (وكالة الأنباء العراقية)
TT
20

ضربات جوية لأهم حواضن «داعش» في العراق

قوة عسكرية عراقية في عملية سابقة لملاحقة «داعش» بصلاح الدين وديالى وسامراء (وكالة الأنباء العراقية)
قوة عسكرية عراقية في عملية سابقة لملاحقة «داعش» بصلاح الدين وديالى وسامراء (وكالة الأنباء العراقية)

فيما كشف مسؤول عراقي سابق عن قرب بغداد من توقيع اتفاق نهائي مع واشنطن بشأن وجودها العسكري في العراق، تواصل القوات الأمنية العراقية ضرباتها ضد تنظيم «داعش» الذي بدأ ينشط في مناطق مختلفة من البلاد.

وطبقاً لما أعلنه نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، في لقاء تلفزيوني من أن بغداد وواشنطن أنهتا اتفاقاً نهائياً بشأن سحب ما تبقى من قواتها في العراق، فقد أعلنت الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران عن نهاية الهدنة مع الأميركيين التي كان أبرمها منذ فبراير (شباط) الماضي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالتزامن مع قراره بإنهاء التحالف الدولي لمواجهة «داعش» بعد إعلان بغداد نهاية خطر هذا التنظيم.

لكنه بعد يومين من صدور حكم قضائي بإعدام زوجة زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، الأسبوع الماضي، نشط التنظيم الإرهابي في عدد من مناطق العراق التي تمثل أهم حواضنه في مساحة جغرافية تمتد بين محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين. وكانت تلك الهجمات قد أوقعت خسائر في صفوف القوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية بعد ظهور مفاجئ لخلايا التنظيم التي سيطرت على بعض المناطق في محافظة ديالى، في حين استمرت عملياتها بالتوسع حتى حدود محافظة السليمانية مع كركوك، حيث اشتبكت مع قوات البيشمركة الكردية وأوقعت خسائر في الأرواح والمعدات.

قوات عراقية في عمليات ملاحقة لعناصر «داعش» في ديالى (أرشيفية - الإعلام الأمني)
قوات عراقية في عمليات ملاحقة لعناصر «داعش» في ديالى (أرشيفية - الإعلام الأمني)

ضربة جوية

وفي سياق متابعة تحركات التنظيم في أهم حواضنه في منطقة جبال حمرين بين كركوك وصلاح الدين، أعلنت خلية الإعلام الأمني أن «الضربات الموجعة تتوالى على أوكار الإرهابيين للقصاص العادل منهم، ومن خلال المتابعة الميدانية وتكثيف الجهود الاستخبارية ونتيجة عمل مهني دقيق ومتابعة فنية استمرت أياماً عدة، ووفقاً للنهج التعرضي لمطاردة ما تبقى من مفارز (داعش)، وبتنسيق عالي المستوى بين جهاز مكافحة الإرهاب وخلية الاستهداف التابعة لقيادة العمليات المشتركة، نفّذ أبطال صقور الجو الشجعان عند الساعة 5:00 من يوم الجمعة ضربة جوية دقيقة ومدمرة». وأضاف أن «الضربة استهدفت مفرزة إرهابية في جبال حمرين على الحدود الفاصلة بين قيادتي عمليات كركوك وصلاح الدين». وفي الوقت الذي بدأت تتعزز المخاوف من إمكانية عودة تنظيم «داعش» إلى الواجهة مرة أخرى، وهو ما حذّرت منه المرشحة الأميركية لمنصب السفير لدى العراق الشهر الماضي، فإن الفصائل المسلحة المقربة من إيران في العراق أعلنت رسمياً قبل يومين نهاية الهدنة مع الأميركيين وسط صمت حكومي.

قوات أميركية في العراق (رويترز)
قوات أميركية في العراق (رويترز)

جدولة الانسحاب الأميركي

وفي حين تكرر الحكومة العراقية والأوساط المقربة منها أنها ماضية في جدولة الانسحاب الأميركي وتنظيم وجوده، وهو ما أعلنه الأعرجي مؤخراً، داعياً الفصائل إلى التزام الهدوء، لكنه باستثناء الطائرتين المسيرتين على قاعدة «عين الأسد» غرب العراق لم يحصل بعد احتكاك واضح بين الأميركيين والفصائل العراقية باستثناء ما حصل في أحد مواقع «الحشد الشعبي» غرب بغداد، حيث وقعت انفجارات متتالية لم يُعرف ما إذا كانت نتيجة تماس كهربائي أم ضربة بطائرة مسيّرة.

وكانت حركة «أنصار الله الأوفياء» أعلنت مؤخراً عودة استهداف القوات الأميركية في العراق، بعد قصف قاعدة «عين الأسد» الثلاثاء الماضي. وقال القيادي في الحركة، علي الفتلاوي، في تصريح صحافي إن «فصائل المقاومة العراقية أعطت فترة أربعة أشهر لوقف عملياتها ضد الأميركيين في العراق، من أجل إعطاء الضوء الأخضر للحكومة العراقية للتفاوض مع الإدارة الأميركية لإخراج قواتها المحتلة، لكن الاحتلال يماطل ويسوّف في خروجه وفق المطالبات العراقية الحكومية والبرلمانية والشعبية، بالتالي لكل فعل رد فعل، إضافة إلى استمرار الدعم الأميركي للكيان الصهيوني في حربه ضد غزة».

وأضاف الفتلاوي، أن «العمليات العسكرية ضد الوجود الأميركي عادت، وهذا يعني استئناف الهجمات ضد هذا الاحتلال، بالتالي أي رد من الأميركيين على عمليات فصائل المقاومة العراقية؛ فهذا يعني أنه سيكون هناك تصعيد في العمليات ضد الأهداف والمصالح الأميركية في العراق، ولا خشية من أي رد أميركي».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي من صلاة العيد بأحد مساجد داهوك في كردستان (د.ب.أ)

هلال العيد يتسبب بأول خلاف سني - سني في العراق منذ قرون

التطور اللافت على صعيد هذا الخلاف النادر، هو ما حصل من إرباك وارتباك وتبادل حاد للاتهامات بين كثير من النواب السنة في البرلمان و«ديوان الوقف السني».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي شركات غربية تتهم بغداد وأربيل بعرقلة تصدير نفط كردستان

شركات غربية تتهم بغداد وأربيل بعرقلة تصدير نفط كردستان

رغم انتعاش الآمال بقرب استئناف صادرات نفط كردستان، فإن تعثراً جديداً كشفت عنه شركات نفط عاملة في الإقليم أعاد المفاوضات إلى المربع الأول

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات تحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

«الإطار التنسيقي»: الفصائل العراقية «ملتزمة بعدم التصعيد»

عَدَّ قيادي بارز في تحالف «الإطار التنسيقي» العلاقة مع الإدارة الأميركية مصدر قوة للمصالح العراقية، فيما أكد أن الفصائل المسلحة ملتزمة بعدم التصعيد ضد واشنطن.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عراقيون في شط العرب قرب مرفأ البصرة يوم 20 يونيو الجاري (أ.ف.ب)

«محافظة الزبير» تثير جدلاً في العراق

أثار مقترح بتحويل أحد أقضية البصرة (جنوب العراق) إلى محافظة جديدة، جدلاً سياسياً حول تغييرات إدارية في البلاد بالتزامن مع انطلاق التحضيرات لانتخابات البرلمانية.

حمزة مصطفى (بغداد)

ماذا نعرف عن الحكومة الجديدة في سوريا؟

تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الشرع تحدياً كبيراً من جهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي (أ.ف.ب)
تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الشرع تحدياً كبيراً من جهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي (أ.ف.ب)
TT
20

ماذا نعرف عن الحكومة الجديدة في سوريا؟

تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الشرع تحدياً كبيراً من جهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي (أ.ف.ب)
تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الشرع تحدياً كبيراً من جهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي (أ.ف.ب)

تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، تحدياً كبيراً لجهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي، على أمل رفع العقوبات التي تثقل كاهل البلاد، كما يرى محللون.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أعلن الشرع في وقت متأخر السبت تشكيل هذه الحكومة التي تضمّ 23 وزيراً من دون رئيس للوزراء. وتأتي بعد أسبوعين من صدور إعلان دستوري أثار الكثير من الانتقادات، إذ يمنح أحمد الشرع، الذي وصل إلى الحكم في ديسمبر (كانون الأول) بعد إطاحة فصائل مسلحة الرئيس المخلوع بشار الأسد، صلاحيات كاملة في تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

مقربون في مناصب رئيسية

نال المقرّبون من الشرع الحصّة الكبرى في هذه الحكومة. ويشكّل السنّة الغالبية الساحقة من أعضائها، بما يعكس التركيبة الديموغرافية للبلاد التي كانت تُحكم سابقاً من قبل عائلة الأسد المتحدرة من الأقلية العلوية.

يشرح الخبير في الشأن السوري فابريس بالانش أن المناصب الأساسية في الحكومة الجديدة يشغلها «رفاق السلاح السابقون ممن كانوا ضمن حكومة الإنقاذ التي كانت تدير محافظة إدلب»، المعقل السابق لـ«هيئة تحرير الشام» وفصائل قادت الهجوم الذي أطاح الأسد.

من بين هؤلاء، يبرز اسم أسعد الشيباني الذي احتفظ بمنصبه وزيراً للخارجية، وسبق أن التقى عدداً من المسؤولين الغربيين والإقليميين خلال الفترة السابقة.

أما حقيبة الدفاع، فقد بقيت مع مُرهف أبو قَصرة، القائد العسكري للعمليات التي أفضت إلى إطاحة بشار الأسد، الذي تنتظره مهمّة عسيرة تتمثل في استكمال إعادة بناء الجيش السوري.

كما عُيِّن أنس خطاب، رئيس جهاز الاستخبارات العامة، وزيراً للداخلية، وهو جهادي سابق سبق أن فُرضت عليه عقوبات من قبل الأمم المتحدة.

أما وزارة العدل، فقد أُسندت إلى مظهر الويس الذي ساهم في تأسيس وزارة العدل في حكومة الإنقاذ بإدلب.

وهو يخلف شادي الويسي الذي طالبت منظمات غير حكومية وناشطون بإقالته إثر انتشار مقاطع مصوّرة قديمة تُظهر تورطه في إعدام ميداني لامرأتين متهمتين بالدعارة في إدلب.

مفاجآت

خلافاً للفريق الوزاري السابق المكلّف تصريف الأعمال، تضمّ التشكيلة الحكومية الجديدة أربعة وزراء من الأقليات، هم: وزيرة مسيحية ووزير درزي وآخر كردي ووزير علوي، إلا أنّهم حصلوا على حقائب ثانوية.

ويرى الباحث في الشأن السوري في مركز «سانتشوري إنترناشونال» آرون لوند أن «الشرع يسعى إلى توسيع قاعدة دعمه لتتجاوز نطاق مؤيّديه المسلّحين».

ويعد الباحث أن إسناد وزارة إلى شخصية علوية أمر لم يكن ممكناً تصوره قبل أشهر فقط. ويشرح أنّ «وصول فصيل إسلامي متشدّد إلى السلطة وضمّه تمثيلاً للأقليات، ولو بشكل رمزي، قد لا يكون الحل الأمثل»، متداركاً: «لكن كان يمكن أن يكون الأمر أسوأ».

وقد تم تعيين العلوي يعرُب بدر وزيراً للنقل، وهو شخصية شغلت منصباً وزارياً في عهد الأسد قبل عام 2011.

ويشرح فابريس بالانش أن «تعيينه لم يأت بصفته علوياً، بل بسبب صلته بالمسؤول في الأمم المتحدة عبد الله الدردري الذي كان نائب رئيس الوزراء السوري الأسبق... والمشرف على سياسة التحرير الاقتصادي».

ويرى بالانش أنّه «من خلال تعيين يعرُب بدر، يسعى الشرع إلى طمأنة الوكالات الأممية والولايات المتحدة عبر الدردري، وصولاً إلى رفع العقوبات وتوفير التمويل».

أما المرأة الوحيدة في الحكومة فهي هند قبوات المسيحية التي عيّنت وزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل. وكانت معارضة للرئيس المخلوع بشار الأسد، وشاركت سابقاً في اللجنة التحضيرية لـ«مؤتمر الحوار الوطني» الذي عُقد في فبراير (شباط) الماضي.

تحديات

انتقدت الإدارة الذاتية الكردية التي تسيطر على مساحات واسعة من شمال وشرق البلاد، الأحد، الحكومة الجديدة، عادّة أنها لا تأخذ «التنوع» في سوريا في الاعتبار، وأكّدت رفضها تنفيذ أي قرارات تصدر عنها.

وتضمّ الحكومة الجديدة كردياً واحداً، هو محمد تركو غير المنبثق من الإدارة الذاتية.

وكانت الإدارة الكردية قد توصّلت منتصف مارس (آذار) إلى اتفاق مع السلطات الجديدة، يقضي بإدماج مؤسساتها ضمن الدولة، إلا أنّ بعض المحللين يخشون أن يبقى الاتفاق حبراً على ورق.

وتأمل السلطة الجديدة عبر ذلك في استكمال مسار توحيد البلاد، التي تمزّقت بفعل أكثر من 13 عاماً من الحرب الأهلية، ولا سيما أن الأكراد الذين يمثّلون 15 في المائة من سكان البلاد، سبق أن انتقدوا الإعلان الدستوري الذي أصدرته السلطات لإدارة المرحلة الانتقالية.

وفي هذا السياق، يقول آرون لوند إنّ «من الصعب على أي حكومة أن تنجح في تحقيق الاستقرار وضمان النجاح في ظل هذه الظروف». ويضيف: «السؤال الحقيقي هو ما مدى التأثير الفعلي لهؤلاء الوزراء».

ويُشار إلى أنّ الحكومة الجديدة لا تضم رئيساً للوزراء، وهو ما يُنذر بـ«شخصنة مفرطة للسلطة»، بحسب فابريس بالانش.

ويرى بالانش أنّه من الأجدى التركيز على «مجلس الأمن القومي» الذي أُنشئ في 13 مارس، وأُوكلت إليه مهمة التعامل مع التحديات التي تواجه الدولة، عادّاً أنه «هو الحكومة الحقيقية».