عدا صور المسؤولين السوريين وأعضاء الحكومة وتقارير الإعلام الرسمي، لم يرشح عن المشهد السوري، الاثنين، اهتمام شعبي بانتخابات مجلس الشعب التي أجريت الاثنين، في ظل ظروف معيشية صعبة وسياسية معقدة، وذلك رغم اعتبار الحكومة أن سوريا تعيش «مرحلة جديدة» من تاريخها مع هذه الانتخابات.
وأعلنت دمشق الاثنين، انطلاق انتخابات مجلس الشعب في الساعة السابعة من صباح اليوم (الاثنين)، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، التي أشارت إلى أن عدد المرشحين بلغ 1516 مرشحاً، يتنافسون على 250 مقعداً في مجلس الشعب، وتم إعداد لوائح بأسمائهم وإرسالها إلى كل مراكز الاقتراع، التي بلغ عددها 8151 مركز اقتراع في مناطق سيطرة الحكومة بالمحافظات السورية. وتتوزع المقاعد مناصفة تقريباً بين قطاع العمّال والفلاحين (127 مقعداً)، وبقيّة فئات الشعب (123 مقعداً).
وأكدت وسائل الإعلام الرسمية وجود إقبال على صناديق الاقتراع، وقال رئيس اللجنة القضائية العليا لانتخابات مجلس الشعب القاضي جهاد مراد، إن الانتخابات «تسير بشكل جيد ولا توجد مخالفات»، مضيفاً أن فترة الاقتراع المحددة بين الساعة السابعة صباحاً والسابعة مساء مرهونة بحجم الإقبال. إلا أن مصادر محلية متقاطعة قالت إن الإقبال «ضعيف جداً»، ويكاد يكون معدوماً في كثير من المراكز الانتخابية بعيداً عن المؤسسات الحكومية والنقابية التي اضطر الموظفون فيها إلى المشاركة بالاقتراع.
كما نشرت وسائل الإعلامية صوراً للرئيس الأسد يدلي بصوته في المركز الانتخابي بمبنى وزارة الاتصالات بدمشق، وظهر الأسد لأول مرة في انتخابات مجلس الشعب منذ توليه الحكم وحيداً من دون عقيلته أسماء الأسد التي تخضع للعزل العلاجي بعد إعلان إصابتها بسرطان الدم في مايو (أيار) الماضي.
وصرح رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس أثناء مشاركته في الاقتراع، بأن سوريا تعيش «مرحلة جديدة»، وأن جميع الاستحقاقات الدستورية تمت في «مواعيدها لتمكين كل شرائح المجتمع من اختيار ممثليهم».
ومن جانبه، عدّ وزير الخارجية فيصل المقداد أن سوريا تدخل «مرحلة جديدة في تاريخ سوريا»، وأن انتخابات مجلس الشعب «تعبير حقيقي عن إيمان الشعب السوري بالديمقراطية».
السويداء تقاطع
وتولى مندوبو المرشحين ومخاتير الأحياء والقرى وعشرات من الحزبيين جمع البطاقات الشخصية للحصول على أصوات أصحابها. وذلك وسط دعوات المحتجين في السويداء (جنوب سوريا) بمقاطعة الانتخابات، حيث تجمع العشرات في ساحة «الكرامة» وسط المدينة، ورفعوا شعارات مناهضة للحكومة، داعين إلى مقاطعة الانتخابات.
وأظهرت مقاطع فيديو بثتها شبكة «الراصد» المحلية منع المحتجين من وصول صناديق الاقتراع إلى المراكز في عدد من قرى المحافظة، ومصادرة الأوراق الانتخابية وإتلافها، وتركزت الاحتجاجات بمحافظة السويداء في بلدات القريّا وقنوات، وسليم، وملح، وعرمان، والمجدل، ومردك، والمجدل، والبثينة، ومردك، وعريقة، وولغا، والجنينة، والرضيمة الشرقية، وحزم، ولاهثة، وفق ما ذكرته شبكة «السويداء 24» المحلية.
وأظهر مقطع فيديو توجه رئيس فرع حزب البعث إلى المركز الانتخابي وسط مدينة السويداء، وسط أصوات المحتجين الداعية إلى مقاطعة الانتخابات في أجواء متوترة على خلفية إطلاق نار مفاجئ في محيط قيادة الشرطة باتجاه ساحة الاحتجاج وإصابة أحد المارة.
مناطق «قسد»
وأفادت مصادر إعلامية بأنه في شمال وشرق وغرب سوريا وضعت صناديق اقتراع بالمربعات الأمنية التي تسيطر عليها الحكومة، بينما فرضت قوات سوريا الديموقراطية (قسد) في محيط تلك المربعات بمدينتي الحسكة والقامشلي إجراءات أمنية للتضييق على الانتخابات. رغم ضعف الإقبال في تلك المناطق، حيث منعت «قسد» وضع صناديق اقتراع في مناطق سيطرتها شمال وشرق سوريا.
شراء أصوات
المرصد السوري لحقوق الإنسان نقل عن مصادره أن كثيراً من المواطنين رفض التوجه لمراكز الاقتراع في مناطق سيطرة الحكومة والميليشيات التابعة لإيران في محافظة دير الزور وريفها الشرقي، مشيراً إلى أن بعض المرشحين عمدوا إلى «تعيين مندوبين عنهم لشراء الأصوات مستغلين سوء الأوضاع المعيشية التي تعاني منها نسبة كبيرة من المواطنين في تلك المناطق».
وأوضح أن المندوب يدفع مبلغاً قدره 50 ألف ليرة سورية (ما يعادل 3 دولارات أميركية) للصوت الواحد. ومع ذلك ظل الإقبال «ضعيفاً جداً»، بحسب المرصد الذي فسرّ ذلك «بغياب المشروعات والخطط التي تهدف لتحسين ظروفهم المعيشية عن برامج المرشحين الانتخابية». كما أفاد المرصد بوجود غياب شبه كامل للمشاركة في الانتخابات بمحافظة السويداء، ضمن حالة من «الاحتقان الشعبي».