موسكو وبكين تردّان على قمة الأطلسي في واشنطن بمناورات عسكرية مشتركة

السفن الحربية تتجه إلى «البحر المشترك» وترفض التحذيرات «الاستفزازية» لليابان و«الأطلسي»

سفينة روسية تدخل ميناء تشانجيانغ وسط المناورة البحرية الصينية - الروسية المشتركة لعام 2024 (رويترز)
سفينة روسية تدخل ميناء تشانجيانغ وسط المناورة البحرية الصينية - الروسية المشتركة لعام 2024 (رويترز)
TT

موسكو وبكين تردّان على قمة الأطلسي في واشنطن بمناورات عسكرية مشتركة

سفينة روسية تدخل ميناء تشانجيانغ وسط المناورة البحرية الصينية - الروسية المشتركة لعام 2024 (رويترز)
سفينة روسية تدخل ميناء تشانجيانغ وسط المناورة البحرية الصينية - الروسية المشتركة لعام 2024 (رويترز)

رفضت بكين التحذيرات اليابانية والأطلسية ووصفتها بأنها «غير مسؤولة واستفزازية» بعد ساعات على إعلان وزارة الدفاع الصينية أن الجيشين الصيني والروسي أطلقا مناورات بحرية مشتركة تحمل اسم «البحر المشترك 2024». وجاء هذا الإعلان في الأسبوع نفسه الذي اجتمع فيه قادة حلف الأطلسي في واشنطن لإعادة تأكيد دعمهم أوكرانيا ضد الغزو الروسي. وقالت اليابان إن الأنشطة المشتركة بين الصين وروسيا بالقرب من أراضيها تثير «قلقاً بالغاً من منظور الأمن القومي».

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، السبت، أن سفينتين حربيتين روسيتين وصلتا إلى مدينة تشانجيانغ الساحلية بجنوب الصين للمشاركة في مناورات بحرية مشتركة.

عززت الصين وروسيا علاقاتهما منذ بدء الهجوم الروسي في أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022. ويتمثل هدفهما المشترك في الحد من دور الولايات المتحدة والغرب على الساحة الدولية.

وقالت الوزارة إن التدريبات في المياه والمجال الجوي حول مدينة تشانجيانغ في مقاطعة غوانغدونغ الجنوبية، تهدف إلى «إظهار تصميم وقدرات الجانبين على التصدي بشكل مشترك للتهديدات الأمنية البحرية والحفاظ على السلام والاستقرار العالميين والإقليميين». وأضافت أن التدريبات «ستعمل على تعميق شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا في العصر الجديد».

جانب من اجتماع قادة «الناتو» في واشنطن (د.ب.أ)

وتوجه رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، إلى برلين بعد حضوره قمة (الناتو ) في واشنطن، وفي كلمة ألقاها خلال الاجتماع، أعرب عن «القلق البالغ» بشأن التعاون العسكري العميق بين كوريا الشمالية وروسيا. اتهم زعماء دول الحلف، الأربعاء، كوريا الشمالية وإيران بدعم الحرب الروسية عن طريق تقديم الدعم العسكري لموسكو.

وقالت كوريا الشمالية، السبت، إنها «تُدين بشدة» إعلاناً صادراً عن قمة حلف شمال الأطلسي يتهم بيونغ يانغ بالإسهام في الحرب الروسية على أوكرانيا وتُدين أيضاً جهود الولايات المتحدة لتوسيع تحالفاتها مع التكتل ومع دول آسيوية. ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية قوله إن «إعلان قمة واشنطن، الذي تم إعداده ونشره في العاشر من يوليو (تموز)، يثبت أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يشكّلان أخطر تهديد للسلام والأمن العالميين بعد أن تحولا إلى أداة للمواجهة».

سفينة روسية تدخل ميناء تشانجيانغ قبيل التدريب البحري المشترك الصيني - الروسي (رويترز)

وتقاربت الصين وروسيا في السنوات الأخيرة، وروّجتا لصداقتهما باعتبار أنها «بلا حدود»، حيث تتقاسمان علاقات عدائية مع حلف شمال الأطلسي.

وقال زعماء الحلف في بيان الأربعاء، إن الصين أصبحت عامل «تمكين» لغزو موسكو لأوكرانيا، مما دفع بكين إلى تحذير الحلف من «إثارة مواجهة». وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، كما جاء في تقرير وكالة الصحافة الفرنسية، إن بكين «تُدين بشدة التصريحات غير المسؤولة والاستفزازية التي أدلى بها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ضد الصين، والتي تعد غارقة في عقلية الحرب الباردة والتحيز العقائدي».

وتصر الصين على أنها ليست طرفاً في الحرب الأوكرانية، لكنها تتعرض لانتقادات من الزعماء الغربيين لتقديمها الدعم السياسي والاقتصادي لروسيا، بما في ذلك في تجارة السلع ذات الاستخدامات المدنية والعسكرية. وتُجري القوات الصينية أيضاً مناورات هذا الأسبوع مع بيلاروسيا، الحليف الآخر لروسيا، على الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي.

ونشرت الوزارة الروسية على تطبيق «تلغرام»مقطع فيديو لوصول السفينتين، وأعلنت أن «مفرزة من السفن من أسطول المحيط الهادئ ستشارك في التدريب البحري المشترك (التفاعل البحري 2024)». وأضافت أن المرحلة الأولى ستجري من الاثنين إلى الأربعاء وستتضمن هجمات مضادة للطيران والغواصات إلى جانب طائرات صينية متخصصة في المناورات المضادة للغواصات.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ في الذكرى الـ75 لتأسيس علاقات دبلوماسية بين البلدين (إ.ب.أ)

يُجري البلدان مناورات عسكرية مشتركة بانتظام، لكن قدرتهما على التدخل المشترك أدنى بكثير من مستوى حلف شمال الأطلسي، وفق ما أفاد معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية في تقرير صدر في أوائل يوليو (تموز). وفي العام الماضي، أُجريت مناورة بحرية مماثلة قبالة ألاسكا.

اتفق رئيس الوزراء الياباني والمستشار الألماني أولاف شولتس، الجمعة، على تعزيز التعاون الأمني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تعزز الصين وجودها العسكري. وخلال محادثاتهما في برلين، أكد كيشيدا وشولتس أيضاً أن بلديهما سوف يضعان إطاراً للأمن الاقتصادي وسط ما يعدّونه إفراطاً في إنتاج الصين للسيارات الكهربائية وغيرها من المنتجات الرئيسية باستخدام إعانات ضخمة، حسب بيان أصدرته وزارة الخارجية اليابانية وأوردته، السبت، وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء.

في إطار الجهود الرامية إلى تسريع التعاون الثنائي، اتفق الزعيمان على عقد محادثات حكومية رفيعة المستوى في ألمانيا، ربما في العام المقبل، لمعالجة مجموعة واسعة من القضايا العالمية والإقليمية. وأكد كيشيدا وشولتس مجدداً، كما نقلت عنهما الوكالة الألمانية، أن وزيري الدفاع والخارجية في البلدين سيعقدان محادثات أمنية «2+2» في اليابان قريباً. وعقد أول اجتماع من هذا النوع في عام 2021 بشكل افتراضي.

عَلما الصين وتايوان (رويترز)

ووقَّعت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة على هامش قمة حلف شمال الأطلسي مبادئ توجيهية بشأن إنشاء نظام متكامل للردع الموسع لشبه الجزيرة الكورية لمواجهة التهديدات النووية والعسكرية من كوريا الشمالية.

وتراجعت العلاقات بين الكوريتين إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، مع تعثر الدبلوماسية منذ فترة طويلة وتكثيف بيونغ يانغ اختبارات الأسلحة وإطلاقها بالونات محمَّلة نفايات، في إطار ما تقول إنه رد على بالونات محمَّلة شعارات دعائية مناهضة لنظامها يُرسلها ناشطون كوريون جنوبيون باتجاه أراضيها.

وانتقدت وزارة الدفاع الكورية الشمالية هذه المبادئ التوجيهية ووصفتها بأنها «استفزاز أهوج» لا يدفع بيونغ يانغ إلا إلى تحسين قدراتها للردع النووي. وقالت الوزارة في بيان: «سيكون من الصعب على أي أحد تخيل الثمن الذي سيُدفع في حالة تجاهل هذا التحذير». وقال البيان، كما نقلت عنه «رويترز»، إن التحركات الأمريكية الرامية إلى توسيع التكتلات العسكرية مع دول حلف شمال الأطلسي والشركاء الآسيويين، بما في ذلك كوريا الجنوبية واليابان، هي «السبب الجذري الخبيث لتهديد السلام الإقليمي بشكل خطير، وتفاقم البيئة الأمنية الدولية بشكل كبير وإشعال سباق تسلح عالمي».


مقالات ذات صلة

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سبائك ذهبية في مكتب «غولد سيلفر سنترال» في سنغافورة (رويترز)

الذهب يستعد لأفضل أسبوع له في عام

ارتفعت أسعار الذهب 1 في المائة وكانت في طريقها لتسجيل أفضل أسبوع لها في عام، الجمعة، بدعم من الطلب على الملاذ الآمن وسط التصعيد المستمر بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)

الولايات المتحدة تؤكد أنها «لا تسعى إلى حرب» مع روسيا

أعلنت الولايات المتحدة الخميس أنها "لا تسعى إلى حرب مع روسيا"، متهمة موسكو بـ"إثارة التصعيد" في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
TT

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.