رغم نجاح مجلس محافظة نينوى في عقد جلسته الأولى وانتخابه محافظاً بعد أيام من التصديق على نتائج انتخابات المجالس المحلية التي جرت منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن الصراع بين كتلها الذي أدى إلى إقالة معظم رؤساء الوحدات الإدارية بقرار من المجلس، يفتح باباً واسعاً على مزيد من التعقيد السياسي والاجتماعي في ثاني أكبر محافظة عراقية من حيث السكان (نحو 3 ملايين نسمة).
وتفجرت الأزمة الجديدة، الثلاثاء الماضي، بعد تصويت كتلة «نينوى المستقبل» التي تمتلك 16 من أصل 29 مقعداً في مجلس المحافظة، على إقالة 20 رئيس وحدة إدارية من أصل 31 مسؤولاً كانوا قد قضوا سنوات طويلة في مناصبهم.
موجة اعتراضات
وفجَّر ذلك موجة اعتراض وغضب من كتلة «نينوى لأهلها» المتحالفة مع قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني وكتل أخرى، ولديها 13 مقعداً في المجلس.
ورغم دعم قوى الإطار التنسيقي لكتلة «نينوى المستقبل» التي يهيمن عليها تحالف «بابليون» الذي يقوده ريان الكلدان، و«العقد الوطني» الذي يقوده رئيس هيئة «الحشد الشعبي» فالح الفياض، إلا أن سعيها للتفرد بقرارات محافظة نينوى أثار حفيظة «الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات» التابعة لرئاسة الوزراء، ودفعها إلى إيقاف إجراءات جلسة مجلس محافظة نينوى التي أُقيل على ضوئها رؤساء الوحدات الإدارية.
لكنَّ الكتلة المهيمنة على المجلس تزعم أن إجراءاتها قانونية وليس من حق الهيئة التنسيقية التدخل في عملها.
وأكد المجلس طبقاً لبيان أصدره، حقه في ممارسة اختصاصاته الدستورية والقانونية فيما يتعلق بالإصلاحات الإدارية.
وذكر أنه استند في قراره وتصويته على إقالة المسؤولين إلى الدستور الذي تنص المادة 115 منه على أن «كل ما لم يُنَصّ عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم».
ونجحت كتلة «نينوى المستقبل» في تمرير تصويت الإقالة بالنظر إلى حيازتها أغلبية النصف زائد واحد (16 مقعداً) اللازمة لاكتمال نِصاب الجلسة، رغم عدم حضور الكتلة المنافسة الأخرى (13 مقعداً) للجلسة.
ودخل رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي على خط أزمة نينوى وتداولت مواقع إخبارية عديدة كتاب صادر عن مكتبه ينفي فيه حق مجلس محافظة نينوى في إقالة وتعيين مسؤولي الوحدات الإدارية، لكنَّ المندلاوي عاد ونفى، السبت، صدور الوثيقة عن مكتبه.
ومع تمسك كتلة «نينوى المستقبل» بموقفها من إقالة مسؤولي الوحدات الإدارية، يصر الحزب الديمقراطي الكردستاني والكتل المؤتلفة معه على عدم شرعية جلسة مجلس المحافظة بالنظر إلى المخالفات القانونية التي شابتها.
لا أساس قانونياً
ويقول النائب عن الحزب الديمقراطي شيروان الدوبرداني، إن جلسة الإقالة «لم تستند إلى أي أساس قانوني، ذلك أن الإقالة لهذا النوع من المسؤولين يجب أن تستند إلى مخالفات وارتكابات قاموا بها وليس لمجرد أنهم لا يعجبون هذا الطرف أو ذاك».
ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «اختيار المسؤولين لشغل المناصب يستند إلى 9 شروط يجب توفرها في المسؤولين وضمنها الخبرة التي لا تقل عن 10 سنوات، لكن الإخوة صوَّتوا على الإقالات والتعيينات الجديدة من دون أي معيار أو سند قانوني».
وحول ما يتردد عن أن معظم المسؤولين المقالين مرتبطون بالحزب الديمقراطي أو مقربون منه، نفى الدوبرداني ذلك، وذكر أن «معظمهم ينتمي إلى المكون العربي ولا ينتمون للحزب الديمقراطي، ومنهم من بقية المكونات خصوصاً في مناطق سهل نينوى».
ويعتقد أن «الأزمة الحالية في نينوى تديرها قوى الإطار التنسيقي رغم خسارتهم الانتخابية بالقياس إلى فوز قائمة نينوى الموحَّدة بأكبر عدد من المقاعد (5 مقاعد) وحلَّت قائمة الحزب الديمقراطي في المركز الثاني برصيد 4 مقاعد».
ويشير الدوبرداني إلى حزبه على أنه «يؤمن بمسألة التوافق بين الكتل السياسية لإدارة المحافظة ولن يقبل بأن تتحكم بها جماعات تستند إلى القوة والسلاح».
ورغم تأكيدات كردية سابقة، نفى الدوبرداني أن تكون أزمة نينوى ضمن الأجندة التي حملها زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، في حقيبته خلال زيارته الأخيرة لبغداد.