تحذير أممي من آثار عميقة للمواجهة الاقتصادية في اليمن

27 % من السكان يعيشون على التحويلات المالية

إجراءات حاسمة من قبل البنك المركزي اليمني في عدن تجاه البنوك في مناطق الحوثيين (إعلام حكومي)
إجراءات حاسمة من قبل البنك المركزي اليمني في عدن تجاه البنوك في مناطق الحوثيين (إعلام حكومي)
TT

تحذير أممي من آثار عميقة للمواجهة الاقتصادية في اليمن

إجراءات حاسمة من قبل البنك المركزي اليمني في عدن تجاه البنوك في مناطق الحوثيين (إعلام حكومي)
إجراءات حاسمة من قبل البنك المركزي اليمني في عدن تجاه البنوك في مناطق الحوثيين (إعلام حكومي)

بينما يواصل الحوثيون تصعيد حربهم الاقتصادية مع الحكومة اليمنية، حذر تقرير أممي من آثار عميقة على الوضع المعيشي والاقتصادي بشكل عام في حال استمرت هذه المواجهة، منبهاً إلى أن الأسر التي تعتمد على التحويلات المالية من أقاربها المغتربين في الخارج سيكونون في طليعة المتضررين من هذا الصراع الذي قد يؤدي إلى تفجير القتال من جديد.

وأكدت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» أن الجهود التي بُذلت بغرض احتواء المواجهة لم تؤدِّ إلى نتائج ملموسة مع إصرار الحوثيين على مواقفهم من تداول فئة العملة التي تم سكها من طرف واحد وسعيهم لطباعة فئة أخرى من العملة، ورفضهم وقف الهجمات على منشآت تصدير النفط.

عملة نقدية معدنية سكها الحوثيون فجرت المواجهة الاقتصادية مع الحكومة اليمنية (إكس)

وذكرت المصادر أن البنك المركزي في عدن، حيث العاصمة المؤقتة لليمن، ماضٍ في تطبيق قراره بخصوص فروع البنوك العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين التي رفضت حتى الآن نقل مراكز عملياتها المصرفية إلى مدينة عدن.

ووسط هذه التطورات، وصفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) الأزمة المصرفية والمالية في اليمن بـ«الخطيرة». وتوقعت أن تكون لها آثار عميقة على المشهد الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، إذا تُركت من دون حل؛ لأنه من المحتمل أن تؤدي إلى إعادة إشعال الصراع بعد فترة من الهدوء النسبي من انتهاء الهدنة الرسمية، وذلك بدوره قد يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي.

وذكرت المنظمة الأممية أنه في أعقاب سلسلة من الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات من جانب واحد على الحوثيين، وقد أدى ذلك إلى تعطيل أو إيقاف العديد من المعاملات الدولية في المناطق التي تنطبق عليها هذه العقوبات، مما قد يؤثر على الاقتصاد والأنشطة المالية في مناطق سيطرة الحوثيين.

مجلس القيادة الرئاسي اليمني يساند البنك المركزي في المواجهة مع الحوثيين (إعلام حكومي)

ونبهت «فاو» إلى أهمية إدراك الطبيعة المترابطة للتحديات العسكرية والسياسية والاقتصادية في اليمن، ورجحت أن تؤثر الضغوط الاقتصادية على ديناميكيات الصراع، ما قد يؤدي إلى تجدد الأعمال العدائية في ساحات القتال بين الحكومة اليمنية والحوثيين، اعتماداً على تأثير هذه الإجراءات.

تأثير على الواردات

قالت «فاو» في تقريرها إنه من المحتمل أن يؤثر عدم امتثال فروع البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين لتعليمات البنك المركزي في عدن، على قدرة هذه البنوك على استخدام سويفت المعاملات مع البنوك المراسلة. وبينت أن تلك التعليمات أثارت قلقاً عاماً وعطلت بشكل كبير القطاعات المالية والمصرفية وتحويل الأموال في البلاد، كما واجه المتعاقدون مع الأمم المتحدة تحديات في الوصول إلى أموالهم المودعة في تلك البنوك، مما تسبب في تعطيل مسارات التحويلات، وأدى إلى نقص حاد في الدولارات.

ووفق ما جاء في التقرير، فإن انخفاض قيمة العملة، إلى جانب زيادة تكاليف التأمين البحري بسبب أزمة البحر الأحمر المستمرة، لا يؤدي فقط إلى تضخم تكاليف المعاملات وفواتير الواردات، بل يؤدي أيضاً إلى تقليل التوافر الإجمالي للدولار الثابت للتجار، وكلها مثبطات للواردات.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)

وذكر التقرير أنه على الرغم من أن واردات اليمن تحافظ على درجة من الاستقرار النسبي منذ بداية الاضطرابات في البحر الأحمر، فإن هناك مخاطر متزايدة من أن يؤدي النقص المطول في الدولار إلى انخفاض حجم واردات الغذاء والوقود التجارية، وربما يؤدي إلى نقص الغذاء وتفاقم الأزمة، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وتوقع التقرير أن يكون الانخفاض في الواردات أكثر وضوحاً في الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية التي شهدت انخفاضاً خلال العام الماضي مقارنة بالموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

التحويلات النقدية

أشارت المنظمة الأممية إلى تأثير الصراع المصرفي على التحويلات النقدية في مناطق الحوثيين التي يسكنها أكثر من ثلثي سكان اليمن، حيث يعتمد غالبية السكان في هذه المناطق بشكل كبير على التحويلات المالية؛ إذ تأتي 64 في المائة منها من السعودية والنسبة المتبقية 36 في المائة من دول أخرى، بإجمالي يصل إلى 4.2 مليار دولار تقريباً في عام 2022.

وبحسب «فاو»، فإن التحويلات المالية برزت كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية ودعم تمويل الواردات وتعزيز ميزان المدفوعات، وكان هذا الأمر بالغ الأهمية بشكل خاص بسبب تضاؤل ​​عائدات صادرات النفط واستنفاد احتياطات العملات الأجنبية منذ عام 2022.

وعلى مستوى الأسرة، نبهت المنظمة إلى أن التحويلات المالية تعد شريان حياة رئيسياً لملايين اليمنيين؛ إذ تغطي المتطلبات الغذائية وغير الغذائية الأساسية وتساعد في التخفيف من انعدام الأمن الغذائي.

ونسبت «فاو» إلى البنك الدولي القول إن التحويلات المالية الخاصة المحلية والخارجية تظل حاسمة بالنسبة لمستويات معيشة الأسر في اليمن؛ إذ تصل إلى 27 في المائة من السكان.

مخاوف من انعكاسات سلبية للصراع الاقتصادي في اليمن على الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

وقالت إن تدفق التحويلات المالية إلى اليمن زاد منذ عام 2016 بعد بدء النزاع وحتى 2021 مع انخفاض طفيف في 2019 بسبب تأثيرات فيروس «كورونا»، ومع ذلك استأنفت هذه التدفقات اتجاهها التنازلي منذ عام 2022.

وحذر التقرير من تفاقم الانخفاض الحالي في تدفقات التحويلات المالية إلى اليمن، مما يؤدي إلى تسارع انخفاض قيمة العملة، واتساع الفجوة في تمويل الواردات، وزيادة انعدام الأمن الغذائي للأسر، وزيادة الضغط على الاقتصاد.

واستند إلى تحليل لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، توقع من خلاله أن يواجه النظام المصرفي اليمني خللاً متصاعداً؛ إذ تتأرجح العديد من البنوك على حافة الإفلاس بسبب المناخ الاقتصادي غير المستقر، ونقص السيولة، والتحديات في الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.

ورأى التقرير أن هذا الوضع سيؤدي إلى فرض القيود المتزايدة على الوصول إلى الخدمات المصرفية، مما يمنع العديد من اليمنيين من الوصول إلى مدخراتهم، أو المشاركة في المعاملات، أو الحصول على الائتمان، مما يزيد من عرقلة الأنشطة الاقتصادية؛ إذ تشير التوقعات الاقتصادية إلى المزيد من التدهور بسبب تأخر اتفاقات السلام، وارتفاع أسعار النفط.

وبحسب ما أوردته «فاو»، فمن المتوقع أن تؤدي المواجهة الاقتصادية إلى عدم قدرة التجار والمستوردين على الوصول إلى الدولارات الكافية، وتحويل الأموال، وتأمين خطوط الائتمان، إلى جانب انخفاض قيمة العملة وزيادة تكاليف المعاملات، وتباطؤ تدفقات الواردات التجارية، مما يؤثر على الموانئ بشكل غير متناسب.


مقالات ذات صلة

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

العالم العربي وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

شدد وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني على ضرورة اتخاذ إجراءات أممية حازمة لمنع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، بينما تبنت الجماعة هجمات بالمسيَّرات على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي صندوق حوثي لجمع التبرعات النقدية في أحد شوارع صنعاء (إكس)

رفض مجتمعي لجبايات الحوثيين تحت اسم «مساندة لبنان وغزة»

واجهت حملات الجباية الحوثية التي أطلقتها الجماعة تحت مزاعم التبرع للفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان رفضاً مجتمعياً في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الانقلاب.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)

تضرر 30% من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

أفاد وزير المياه والبيئة اليمني، توفيق الشرجبي، بأن بلاده خسرت 30 في المائة من الأراضي الزراعية خلال عام، داعياً إلى تمويل دولي إضافي لمواجهة آثار المناخ.

«الشرق الأوسط» (تعز)
العالم العربي منظر عام لقلعة «القاهرة» التاريخية في مدينة تعز اليمنية (إكس)

مبادرتان أميركيتان لتعزيز حماية التراث الثقافي في اليمن

أعلنت السفارة الأميركية لدى اليمن عن دعم مبادرتين؛ الأولى لترميم قلعة تاريخية في تعز، والثانية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية في اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي أب إثيوبي عثر على ابنه بعد أن تقطعت به السبل داخل الأراضي اليمنية عدة أشهر (الأمم المتحدة)

ارتفاع المهاجرين الأفارقة إلى اليمن 136 %

ارتفع عدد المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن بنسبة 136 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وفق بيانات وزعتها المنظمة الدولية للهجرة.

محمد ناصر (تعز)

هيئة بحرية: تقرير عن واقعة غرب المخا باليمن

البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)
البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

هيئة بحرية: تقرير عن واقعة غرب المخا باليمن

البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)
البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنها تلقت تقريراً عن واقعة في البحر الأحمر على بعد 25 ميلاً بحرياً إلى الغرب من المخا في اليمن، حسب «رويترز».