جمعية العلوم الإنسانية الأميركية تصوت بأغلبيته لصالح مقاطعة إسرائيل

رؤساء الجامعات الإسرائيلية يحذرون من تصاعدها

جمعية العلوم الإنسانية الأميركية  تصوت بأغلبيته لصالح مقاطعة إسرائيل
TT

جمعية العلوم الإنسانية الأميركية تصوت بأغلبيته لصالح مقاطعة إسرائيل

جمعية العلوم الإنسانية الأميركية  تصوت بأغلبيته لصالح مقاطعة إسرائيل

حذر رئيس لجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية، البروفسور بيرتس لافي، رئيس معهد التخنيون للعلوم التطبيقية في حيفا، من ازدياد ظاهرة المقاطعة الدولية لجامعاته. وقال إن المقاطعة تجاوزت حدود الهامش الراديكالي في الأكاديمية، ووصلت إلى الأكاديميات الرائدة في الولايات المتحدة، وبدأت تؤثر بشكل ملموس، وتلحق ضررا كبيرا بالأبحاث التي تعتمد على التعاون الدولي، مما سيؤثر بالتالي على الصناعة والاقتصاد وحصانة إسرائيل المستقبلية.
وكان لافي يعقب بذلك على قرار مؤتمر جمعية العلوم الإنسانية في الولايات المتحدة، يوم الخميس الماضي، فرض المقاطعة على الجامعات ومعاهد الأبحاث الإسرائيلية. وقال: «علينا الاعتراف بالموضوع بوصفه مسألة ذات أهمية قومية، والعمل بقوى مشتركة من أجل منع انتشار الظاهرة».
وكان أعضاء المؤتمر السنوي لجمعية العلوم الإنسانية الأميركية، قد صوتوا بأكثرية مذهلة في نهاية الأسبوع، على فرض المقاطعة الأكاديمية على إسرائيل. وحظي القرار بتأييد الغالبية المطلقة، وسيتم تحويله إلى التصويت من قبل نحو 12 ألف عضو في الجمعية من أنحاء العالم، كي يصادقوا عليه أو يرفضوه.
يذكر أن الجمعية الأميركية للعلوم الإنسانية (الأنثروبولوجيا)، التي اجتمعت في دنفر بولاية كولورادو، هي أكبر جمعية مهنية لعلوم الإنسان. ووصف المؤيدون والمعارضون القرار بأنه «تاريخي»، وقالوا إن من شأنه قيادة مزيد من التنظيمات الأكاديمية نحو مقاطعة إسرائيل.
ويدعو القرار جمعية الأنثروبولوجيا، إلى الامتناع عن التعاون الرسمي مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، ولكن ليس مع الباحثين الإسرائيليين الذين يمكنهم مواصلة المشاركة في مؤتمرات الجمعية ومنشوراتها. ودعم القرار 1040 عضوا مقابل 136، واتخذ بعد ثلاث سنوات من النقاش داخل الجمعية التي نشرت قبل شهر ونصف الشهر، تقريرا شاملا يتضمن انتقادات شديدة لسياسة إسرائيل في المناطق الفلسطينية، والتمييز ضد العرب في جامعات الأبحاث الإسرائيلية. وطرح التقرير طرقا عدة ممكنة لفرض المقاطعة على إسرائيل. وقبل التصويت على القرار رفض الأعضاء مشروع قرار ينتقد السياسة الإسرائيلية ولا يرفض المقاطعة. وصوت ضد مشروع القرار 1173 عضوا مقابل 196. كما رفض اقتراح آخر حاول إجراء تعديل على مشروع القرار.
وجاء في بيان نشرته مجموعة الباحثين المؤيدة، أن القرار «يصادق على أن المشكلة الرئيسة تكمن في وجود نظام المستوطنين الكولونيالي، القائم على السيادة اليهودية وسلب ممتلكات الفلسطينيين»، ذلك أن القرار، هو «نتيجة ثلاث سنوات من تثقيف أعضاء الجمعية، وتنظيمهم لمعارضة الخرق المنهجي والمتواصل لحقوق الفلسطينيين، والاحتجاج على تعاون المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية مع الممارسات المرفوضة».
وقال البروفسور دان رابينوفيتش من جامعة تل أبيب، وأحد أعضاء الجمعية الرافضين للقرار، إن «قرارا كهذا سيساعد اليمين الإسرائيلي، الذي سيري فيه دليلا آخر على أن العالم كله ضدنا». وحسب رأي الرافضين، فإن «القرار سيشجع التعنت الإسرائيلي ويعمق الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المتواصل منذ 1967».
وجنبا إلى جنب مع هذا القرار، أقدم المركز التجاري الكبير في برلين «كا دي وي»، على إزالة منتجات المستوطنات الإسرائيلية من السوق، في أعقاب قرار الاتحاد الأوروبي وسم منتجات المستوطنات في الضفة الغربية وهضبة الجولان. وقالت المتحدثة باسم السوق لصحيفة «دير شبيغل» الألمانية، إنه ستتم إعادة المنتجات إلى الرفوف فقط، بعد تصليح اللاصقات.
وذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية، أن المجمّع اعتذر عن مقاطعة منتجات المستوطنات، وقال إن «اتخاذ قرار المقاطعة كان (سريعًا)».
وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن تراجع المتجر جاء بعد توجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للحكومة الألمانية للتدخّل ومنع مقاطعة منتجات المستوطنات.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.