أبعاد جيوسياسية لميناء تشابَهار والاتفاق الهندي ـ الإيراني

وسط اعتبارات المنافسة الصينية ومخاوف العقوبات الأميركية

ميناء تشابهار الإيراني محور التلاقي الهندي - الإيراني (كيهان لندن)
ميناء تشابهار الإيراني محور التلاقي الهندي - الإيراني (كيهان لندن)
TT

أبعاد جيوسياسية لميناء تشابَهار والاتفاق الهندي ـ الإيراني

ميناء تشابهار الإيراني محور التلاقي الهندي - الإيراني (كيهان لندن)
ميناء تشابهار الإيراني محور التلاقي الهندي - الإيراني (كيهان لندن)

بمواجهة الخوف من التعرض لعقوبات أميركية، وبعد سنوات من المفاوضات والانتكاسات، وقّعت الهند، أخيراً، اتفاقية طويلة الأمد مع إيران بخصوص تشغيل وإدارة ميناء تشابهار الإيراني ذي الأهمية الاستراتيجية. ولفتت الصفقة الأنظار على مستوى العالم، خاصة وأنها جاءت في توقيت حسّاس في غرب آسيا، مع استمرار الحرب في غزة دونما هوادة، وكذلك استمرار التوترات، بدرجة خطيرة، بين إسرائيل وإيران، ومقتل الرئيس الإيراني ووزير الخارجية في حادث طائرة مروحيّة؛ ما خلق تحديات على صعيد السياسة الداخلية الإيرانية. في الوقت ذاته، من الواضح أن تشابهار أكثر عن مجرد «ميناء اتصال» للهند، بل يحمل إمكانات تجارية واستراتيجية كبيرة. وقبل أسابيع قليلة، تعاونت كل من شركة «الهند للموانئ العالمية المحدودة» Indian Ports Global Limited و«منظمة الموانئ والملاحة البحرية» الإيرانية؛ لتمكين تشغيل ميناء شهيد بهشتي، في إطار مشروع تطوير ميناء تشابهار لمدة 10 سنوات. وهذه هي المرة الأولى التي تتولّى فيها الهند إدارة ميناء خارج أراضيها.

صورة أرشيفية لقاء الرئيسين الهندي أتال بيهاري فاجبايي والإيراني محمد خاتمي عام 2003 (غيتي)

يعود تاريخ بدء مشاركة الهند في تطوير ميناء تشابَهار الإيراني، الواقع عند مدخل خليج عُمان، وهو ميناء المياه العميقة الأول بإيران، إلى عام 2002. وفي العام التالي، زار الرئيس الإيراني (آنذاك) محمد خاتمي، نيودلهي ووقّع «خريطة طريق» للتعاون الاستراتيجي الثنائي مع نظيره الهندي أتال بيهاري فاجبايي. وبعد «الاتفاق الثلاثي» عام 2016 بين الهند وإيران وأفغانستان لتطوير ممر تجاري دولي يتضمّن تشابهار كنقطة عبور مركزية، كثّفت نيودلهي جهودها لتطوير الميناء. إلا أن ثمة عوامل جيوسياسية أدّت إلى تأخير تطوير الميناء، كان أبرزها توتّر العلاقات الإيرانية - الأميركية، والعقوبات الأميركية ضد طهران.

ولكن عبر الجهود الدبلوماسية، نجحت نيودلهي باقتناص استثناء من واشنطن يتيح لها تطوير تشابهار، وتنفيذ بضعة مشاريع بنى تحتية أخرى عام 2018. وبالفعل، أصدرت إدارة ترمب استثناءً عام 2018 يعفي التطوير من العقوبات الأميركية تسهيلاً للجهود الرامية إلى استخدام الميناء في جهود إعادة الإعمار بأفغانستان.

بعدها، عزّزت الهند التزامها تجاه تشابهار عبر مضاعفة ميزانية تطوير الميناء من 5.5 مليون دولار أميركي في 2020 - 2021 إلى 12.3 مليون دولار في 2022 - 2023. وفي تلميح إلى الصين، لاحظ الصحافي الهندي مانيش فايد أن الميناء «لا يقف فقط دليلاً على العلاقة التكافلية بين الهند وإيران، بل يُعد ايضاَ عنصراً مهماً في استراتيجية الهند الجيوسياسية والاقتصادية إقليمياً. إذ تسهم الاستراتيجية في تعزيز تواصل الهند مع الدول الأخرى وتجارتها ونفوذها، وتكون أيضاً ثقلاً موازناً للوجود المتزايد لقوى إقليمية وعالمية أخرى في المحيط الهندي وآسيا الوسطى».

«بوابة» أفغانستان وآسيا الوسطى

وحقاً، تتيح مشاركة الهند في تشابهار لها نفوذاً جيوسياسياً كبيراً؛ إذ يمكّن ميناؤها نيودلهي من التعامل مع إيران وأفغانستان ودول آسيا الوسطى، ودعم حساباتها للاستقرار الإقليمي.

كذلك يوفّر الميناء طريقاً تجارية بديلة وأكثر مباشرة للمنطقة، مقارنة بالطرق التقليدية المارّة عبر باكستان؛ ما يُعد أمراً حيوياً لمصالح الهند الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة. فمن تشابهار، تصل شبكة طرق إلى زرنج في أفغانستان. ومن هناك ستبلغ طريق زرنج – ديلارام (طولها 218 كلم) الذي شاركت نيودلهي بشقها أربع مدن أفغانية كبرى هي هراة، وقندهار، وكابُل ومزار الشريف. وكانت نُقلت صادرات من أفغانستان إلى الهند عبر الميناء، للمرة الأولى، عام 2019.

عموماً، تمرّ أسهل الطرق للهند إلى آسيا الوسطى عبر باكستان وأفغانستان. والطريق الأفضل التالي يمرّ عبر إيران التي تشترك في حدودها مع آسيا الوسطى وبحر قزوين. وحتى عندما سعت الهند إلى الوصول إلى أفغانستان، كانت تدرس كذلك ما يسمى «ممرّ النقل الدولي بين الشمال والجنوب»، الذي يصل بروسيا ومناطق أوروبية، كما يشرح الصحافي الهندي البارز في. راجا موهان.

ويضيف موهان أن تشابهار «يمكن أن يساعد إيران في التعامل مع تداعيات العقوبات الغربية، ناهيك عن مساعدة أفغانستان - غير المطلّة على البحار - في الحد من اعتمادها على باكستان للوصول إلى المحيط الهندي». وكان أحد الجوانب الحاسمة في اتفاق تشابهار لعام 2016، منح أفغانستان «إمكانية الوصول إلى البحار المفتوحة»، متجاوزة ميناءي كراتشي وغوادار الباكستانيين.

جدير بالذكر أنه تاريخياً، اعتمدت أفغانستان بشكل كبير على الموانئ الباكستانية في وارداتها وصادراتها. وبالتالي، يتيح ميناء تشابهار أمام أفغانستان إمكانية التنويع وتقليل الاعتماد على باكستان، ولا سيما في ضوء العلاقات المتوترة راهناً بين أفغانستان وباكستان. والملاحظ هنا أنه في الأشهر القليلة الماضية، ازداد تقارب نيودلهي من حركة «طالبان» بالتزامن مع تدهور العلاقات بين كابُل وإسلام آباد، وأيضاً اضطراب العلاقات بين طهران وإسلام آباد. وخلال الاجتماع الذي عُقد في مارس (آذار) 2024، بين أمير خان متقّي، وزير خارجية «طالبان»، والدبلوماسي الهندي جيه. بي. سينغ، تطرقت وزارة خارجية «طالبان»، تحديداً، عن «دعم الهند لتعزيز التجارة بين البلدين، عبر تشابهار». وأعلنت «طالبان» خطتها لاستثمار نحو 35 مليون دولار في الميناء.

ومن ثم، يمكن اليوم تصوّر حرص نيودلهي وطهران وكابُل على تنفيذ خطة تنمية تشابهار... وإذا استلزم الأمر المضي قُدماً من دون موافقة صريحة من واشنطن.

ممرّ بين الشمال والجنوب

في سياق متّصل، وسط التنافس الجيوسياسي العالمي والقلق المتزايد في البحر الأحمر، يرى مراقبون أن تشابهار قد يحقّق تكاملاً مع «ممرّ النقل الدولي» بين الشمال والجنوب - أي «طريق النقل المتعدد الوسائط» - الذي يربط المحيط الهندي والخليج العربي ببحر قزوين عبر إيران، ثم إلى شمال أوروبا عبر سانت بطرسبرغ في روسيا. ويتضمن هذا «الممرّ» تعاوناً بين الهند وروسيا وإيران ودول أخرى، منها أذربيجان، وأرمينيا، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركيا، وأوكرانيا، وسوريا، وبيلاروسيا وعُمان.

ويجمع هذا «الممّر» أيضاً النقل بالسكك الحديدية والنقل البحري؛ ما يشكّل بديلاً لمبادرة «الحزام والطريق» الصينية و«الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني». وهنا يعلّق المسؤول السابق بالبحرية الهندية والمحلل الجيوسياسي، القائد داوان، بأن «الصين ستبذل قصارى جهدها لتخريب أي مشروع يهدد استثماراتها. وأعتقد أنا وكثرة من الخبراء أن الفوضى السائدة في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط لها هدف ثانوي يرتبط بهذه الاستراتيجية الكبرى. ومن ناحيتها، تدرك واشنطن تماماً أن الهند الدولة الوحيدة القادرة على مواجهة الصين في عموم منطقة المحيطين الهندي والهادي، لكن نيودلهي ستفعل ذلك بشروطها. ولذا؛ على واشنطن أن تدرك أنه إذا ما تخلّت الهند عن ميناء تشابهار، فإنه سيقع بقبضة الصين». ثم يتابع: «مع أن طهران حليف وثيق لبكين، فإنها ليست حمقاء. لذا؛ فهي لا ترغب في وضع البيض كله في سلة واحدة، ونيودلهي، من جهتها، تؤمّن لها هذه الفرصة».

نفوذ وثقل استراتيجيان

من جهة ثانية، يتجلّى السباق الاستراتيجي بين الهند والصين، في جهود تطوير ميناءي تشابهار (الإيراني) وغوادار (الباكستاني)، وربطهما بطرق التجارة المؤدية إلى آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وصولاً إلى أوروبا وروسيا. والميناءان مهمان جداً بفضل موقعيهما الجغرافيين باعتبارهما «ميناءي مياه دافئة عميقين» مطلين على بحر العرب يخدمان القوتين الصاعدتين: الهند والصين. ولقد عبّر محللون عن اعتقادهم بأن النهج الاستباقي الذي تتبعه نيودلهي تجاه تشابهار، يعكس تحرّكاً محسوباً لتأكيد وجودها الإقليمي، والعمل بمثابة ثقل استراتيجي موازن أمام النفوذ الصيني.

ومن جانبها، استثمرت الصين المليارات في مشاريع البنية التحتية لطرق التجارة المعروفة باسم «الممرّ الاقتصادي الصيني - الباكستاني». وفي إطار مبادرة «الحزام والطريق»، تستثمر الصين في ميناء غوادار ليغدو «بوابة بكين» إلى أسواق العالم عبر المحيط الهندي. ولكن بسبب الصراع الطويل بين الهند وباكستان، واجهت الهند صعوبة في إنشاء طريق عبور آمنة إلى الأسواق في إيران وأفغانستان وآسيا الوسطى ومنطقة الخليج. وبالمقابل، وقّعت باكستان والصين اتفاقاً عام 2002 لبناء ميناء عميق في غوادار، وأبرمتا اتفاقاً للسيطرة التشغيلية على مينائها لمدة 40 سنة.

وهنا، يرى أنيل تريجونايات، الدبلوماسي السابق والكاتب المهتم بالشأن العالمي، «أن تشابهار أكثر عن مجرّد ميناء... إنه خطوة مضادّة من جانب الهند لصدّ التقدّم البحري الصيني في غوادار الباكستانية. وعبر الالتفاف على باكستان، التي فرضت تاريخياً قيوداً على تجارة الهند مع أفغانستان وآسيا الوسطى، يعمل ميناء تشابهار على تنويع طرق التجارة أمام الهند. ويقلل ذلك من اعتماد الهند على ممر واحد، ويعزز مرونتها التجارية. كما أنه يتصدّى لمحاولات الصين توسيع نفوذها في المحيط الهندي».

ميناء غوادار الباكستاني ضمن اهتمامات الصين (رويترز)

حسابات الجغرافيا والطاقة

من ناحية ثانية، يحمل تطوير تشابهار أهمية بالغة لضمان استقرار إمدادات الطاقة إلى الهند. فقبل إعادة فرض العقوبات الأميركية عام 2018، كانت إيران مصدراً رئيسياً للنفط الخام للهند. وراهناً تواصل نيودلهي الامتناع عن استيراد النفط الإيراني، امتثالاً لعقوبات واشنطن. ومع ذلك، فإن ميناء تشابهار يؤمّن للهند طريقاً بحرية مباشرة من إيران لاستيراد النفط والغاز، والالتفاف على مضيق هرمز المضطرب سياسياً، والذي يشكل نقطة مرور بالغة الأهمية لإمدادات النفط العالمية. بجانب ذلك، قد يمهّد تطوير تشابهار الطريق لمشاريع خطوط الأنابيب المستقبلية، كخط الأنابيب البحري المقترح بين إيران والهند، الذي سيمكن الأخيرة من الحصول على الغاز الطبيعي مباشرة من إيران وآسيا الوسطى. وأيضاً يمكن أن يلعب ميناء تشابهار دوراً مفيداً في الشحن البحري إلى القارة الأفريقية - الشريك الطبيعي للهند، وتسهم كل هذه العوامل في تعزيز البعد الاستراتيجي للميناء.

هاجس العقوبات الأميركية

توازياً، في ظل العقوبات الأميركية والتحديات الاقتصادية التي تواجهها إيران على المشهد العام، قد يعيد مصير تشابهار تشكيل الديناميكيات الإقليمية. وفي ردّها على الاتفاق، أطلقت واشنطن طلقة تحذير، مهددة بأن الشركة الهندية «آي بي جي إل» عُرضة للعقوبات إذا مضت قدماً في المشروع. وهنا يقول الصحافي الهندي راجا موهان: «لقد تغيرت الاعتبارات الأميركية بشأن تشابهار منذ انسحاب واشنطن من أفغانستان في أغسطس (آب) 2021... ولكن تظل نيودلهي شريكاً مهماً لواشنطن، في خضم التنافس الأميركي - الصيني المحتدم». ويضيف: «على ما يبدو، ستتجنب واشنطن اتخاذ إجراءات قاسية، خاصة في سنة انتخابات. والأهم، أنه في وقت تغيّر الولاءات والتحالفات الإقليمية، على نيودلهي وواشنطن اجتياز تضاريس إقليمية معقدة وصعبة، بينما يتطلعان نحو سبل بناء شراكة استراتيجية أقوى بينهما. فعلى واشنطن أن تعي أن العقوبات محدودة التأثير، كما أن العقوبات المفروضة على الشركاء الاستراتيجيين مثل الهند تشكل عامل تثبيط أكبر، وتدفع الدولة الصديقة بعيداً عن واشنطن. وبالفعل، لعقود تسبب سيف العقوبات في إقصاء الشركات والبنوك الهندية عن تشابهار؛ ما حرمه من تحقيق إمكاناته الكاملة».

من جهتها، نقلت صحيفة «إنديان إكسبريس» عن علي أوميدي وجوري نولكار أوك، من جامعة أصفهان الإيرانية، ما ورد في ورقة بحثية لهما بعنوان «الأهمية الجيوسياسية لميناء تشابهار لإيران والهند وأفغانستان»، من أن «مشروع تشابهار لا يخلو من تحديات، على رأسها التعرض لعقوبات وضغوط أميركية، والتقلبات والشكوك المستمرة في أفغانستان، والتنافر الظاهري مع مبادرة الحزام والطريق. ومع ذلك، عبر الدبلوماسية النشطة والحكيمة والتنفيذ الفعال وعمليات المشروع، يمكن لإيران والهند التغلب على هذه التحديات، وينبغي لهما الحفاظ على مشروع جابهار كمركز عبور ورابط قابل للحياة».

حكاية ميناءين... وصراع القوى

يقع ميناء المياه العميقة تشابهار الإيراني (المؤهل للتعامل مع السفن الضخمة وذات الحمولات الثقيلة) على ساحل إقليم مكران في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية. وهو يُطل عملياً على خليج عُمان، وتحديداً عند مدخل مضيق هرمز، وهو طريق ملاحية حيوية تربط الشرق الأوسط بالأسواق في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية. وبجانب ذلك، فإن تشابهار يُعد الميناء الإيراني الوحيد الذي يحظى بإمكانية الوصول المباشر إلى المحيط الهندي. وهنا نشير إلى أن المسافة بين الميناء الإيراني وميناء كندلا في ولاية غُجرات الهندية أقصر من المسافة بين مدينتي نيودلهي ومُومباي الهنديتين.في المقابل، يقع ميناء غوادار الباكستاني، حيث استثمرت الصين بكثافة، على مسافة 170 كيلومتراً فقط شرقي تشابهار. ومعلوم أنه يخالج الهند شعور بالقلق إزاء مبادرة «الحزام والطريق»، التي أعلنت عنها بكين عام 2013. وتعني هذه «المبادرة» التي شاركت فيها أكثر من 100 دولة، تشييد مشاريع كبرى في دول مجاورة للهند، مثل باكستان، وسريلانكا، وبنغلاديش وجزر المالديف.ولذا؛ تحتاج الهند - المعادية تقليدياً لباكستان والصين - إلى مواصلة الترويج لتشابهار من منطلق أنه يحقّق سهولة التجارة، ويلبي أيضاً «احتياجات الهند الأمنية» إقليمياً. إذ تعتبر نيودلهي موقعه الاستراتيجي - إلى الغرب من حدود إيران مع باكستان، وعلى مقربة من ميناء غوادار الباكستاني المنافس - ذا ثقل استراتيجي موازٍ للنفوذ الصيني في جنوب آسيا ومنطقة المحيط الهندي، الذي تخدمه الاستثمارات الصينية ضمن «الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني» كجزء من مبادرة «الحزام والطريق».


مقالات ذات صلة

أمن الأردن يواجه خطر تصعيد المواجهة الإسرائيلية ــ الإيرانية

حصاد الأسبوع من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)

أمن الأردن يواجه خطر تصعيد المواجهة الإسرائيلية ــ الإيرانية

يحاول الأردن تحييد أجوائه وأراضيه بعيداً عن التصعيد الإسرائيلي - الإيراني، الممتد عبر جبهتي جنوب لبنان وشمال غزة، ليضاعف مستويات القلق الأمني مراقبة خطر الضربات

محمد خير الرواشدة (عمّان)
حصاد الأسبوع إيشيبا

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في اليابان شرعت أخيراً الأبواب على كل الاحتمالات، ولا سيما في أعقاب حدوث الهزيمة الانتخابية التي كانت مرتقبة للحزب الديمقراطي

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع الأعلام الجورجية والأوروبية مرفوعة في تظاهرات العاصمة الجورجية تبيليسي (رويترز)

«الحلم الجورجي» يكسب الجولة ضد «الحلم الأوروبي»

«لقد انتصرت روسيا اليوم في جورجيا... علينا أن نعترف بذلك»... بهذه الكلمات لخّص الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي تخوض بلاده حرباً مفتوحة مع روسيا منذ 33

رائد جبر (موسكو )
حصاد الأسبوع لقطة جامعة لحضور قمة "البريكس" في قازان (رويترز)

قمة «بريكس» تسهم في التفاهم على خفض التوتر بين الهند والصين

حققت الهند والصين تقدماً كبيراً على صعيد المناقشات حول حدودهما المتنازع عليها في جبال الهيمالايا؛ ما يشير إلى إمكانية لتحسين العلاقات في أعقاب المناوشات التي وقعت بين الجانبين، وأسفرت عن تجميد العلاقات بين العملاقين الآسيويين. هذا التقدّم الكبير المتمثل في الإعلان عن الاتفاق على «فك الاشتباك العسكري»، والذي جاء قبيل انعقاد قمة «البريكس» السادسة عشرة في روسيا، مهّد الطريق للمباحثات الثنائية بين رئيس الوزراء ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم أن العلاقات التجارية ظلت عند مستويات قياسية مرتفعة، تضرّرت العلاقات الثنائية في مجالات، بينها الاستثمار والسفر والتأشيرات... ويبقى الآن أن نرى ما إذا كانت العلاقات الثنائية ستتعافى.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الزعيمان الهندي والصيني مودي وشي، وبينهما بوتين خلال تجمّع للقادة المشاركين (رويترز)

الهند أصرَّت على رفض «مبادرة الحزام والطريق» الصينية

> على الرغم من ذوبان الجليد في العلاقات الصينية - الهندية، رفضت الهند في اجتماع «منظمة شنغهاي للتعاون»، الذي اختتم أعماله حديثاً في باكستان، الانضمام.


أمن الأردن يواجه خطر تصعيد المواجهة الإسرائيلية ــ الإيرانية

من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)
من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)
TT

أمن الأردن يواجه خطر تصعيد المواجهة الإسرائيلية ــ الإيرانية

من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)
من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)

يحاول الأردن تحييد أجوائه وأراضيه بعيداً عن التصعيد الإسرائيلي - الإيراني، الممتد عبر جبهتي جنوب لبنان وشمال غزة، ليضاعف مستويات القلق الأمني مراقبة خطر الضربات المتبادلة و«المُتفق على موعدها وأهدافها» بين طهران وتل أبيب، ولتعود مخاطر عمليات تهريب المخدرات والسلاح على الواجهتين الشمالية والشرقية، وتدخل الجبهة الغربية على الحدود مع دولة الاحتلال على خطوط التهريب، لتعويض الفاقد من المواد المخدّرة في أسواق المنطقة.

سارع الأردن لتأمين سلامة أرضه، ومنع اختراق أجوائه، وممارسته لسيادته بعد ليلتين متباعدتين سعت طهران من خلالها إلى «حفظ ماء الوجه بتوجيه صواريخ لم تنجح في الوصول إلى أهدافها داخل إسرائيل». وبالنتيجة، أسقطت الدفاعات الجوية الأردنية صواريخ إيرانية في الصحراء الشرقية وعلى الحدود الشمالية مع سوريا.

وفي حين اعتبرت بعض الجهات أن «الدفاعات الجوية الأردنية انطلقت حماية لإسرائيل»، أكدت عمّان على لسان مصادر مطلعة أن «الضرورة تتطلب اعتراض أي صواريخ عابرة لسماء المملكة، بعيداً عن المواقع الآهلة بالسكان، ومخاطر تسبّبها بخسائر بشرية، أو أضرار مادية». وبالتالي، جاء القرار العسكري محصّناً بأولوية حماية أرواح الأردنيين. وأردفت المصادر من ثم أن «مَن يريد ضرب إسرائيل فأمامه حدود لبنان الجنوبية أو الحدود السورية مع الجولان المحتل»؛ لأن من هناك تكون الصواريخ الإيرانية أقرب لتحقيق أهدافها، بدلاً من إطالة المسافة بمرورها عبر سماء المملكة، واحتمالات سقوطها في مواقع حيوية على الحدود الغربية مع دولة الاحتلال.

في الواقع، تابع المواطنون الأردنيون ليلة الثالث عشر من أبريل (نيسان) وأيضاً في أكتوبر (تشرين الأول)، عرضاً ليلياً بإضاءات الدفاعات الجوية وإسقاطها صواريخ إيرانية عبرت فضاءات الأردن على وقع الكلام عن دعم طهران لغزة ضد العدوان الإسرائيلي، والانتقام لاغتيال إسماعيل هنية، رئيس حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، أثناء زيارته الرسمية للمباركة بفوز الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في انتخابات الرئاسة، وكذلك الانتقام من تصفية قيادات الصفوف المتقدمة في «حزب الله» اللبناني، وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله يوم 27 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وفي المقابل، أمام التقدير العسكري الأردني في أولوية إسقاط الصواريخ الإيرانية أثناء عبورها سماء المملكة ومنع سقوطها بالقرب من مناطق سكنية، أكّدت عمّان، عبر قنوات اتصال أمنية مع إسرائيل، ورسائل أردنية إلى الإدارة الأميركية، تصدّيها لأي هجوم إسرائيلي على طهران قد يستخدم سماءها بذريعة الردّ على ضربات إيرانية محدودة في الداخل الإسرائيلي.

توضيح الموقف الأردني

هنا استعاد جنرالات أردنيون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» ذاكرة المفاوضات مع إسرائيل قبل صياغة «قانون معاهدة السلام» المتعارف على تسميته «اتفاق وادي عربة من عام 1994»، ومنها تمسّكهم - آنذاك - بتحديد تل أبيب مدىً جغرافياً للرد على أي هجوم مُحتمل «على أن يضمن ذلك عدم انتهاك الأجواء الأردنية وإسقاط أي أجسام متفجرة داخل حدود المملكة الغربية». ومما سمعناه أن «نبوءة» المفاوضين الأردنيين من قيادات القوات المسلحة، كانت تقرأ مستقبل التطورات في منطقة متخمة باحتمالات الحرب، وموقع الأردن بين «فكي كماشة» بضم «محور الممانعة» من جهة وإسرائيل من الجهة المقابلة. وبناءً عليه؛ اضطر الجيش إلى التعامل مع الصواريخ الإيرانية العابرة التي قد تُسقط داخل الأراضي الأردنية. ومن المعلوم بأن الحدود الغربية مأهولة بالسكان؛ وبذا تبادر دفاعات الجيش الأردني الجوية بالرد على تلك الصواريخ دفعاً لسقوطها في الصحراء الشرقية بعيداً عن السكان، غير أن بعض حطام تلك الصواريخ وقع حقاً في مناطق من العاصمة ومحافظات الوسط، ولقد وثقتها كاميرات الهواتف الذكية فيديوهات، وجرى نشرها على منصات التواصل الاجتماعي.

إيمن الصفدي (رويترز)

نشاط عمّان الدبلوماسي ترك انطباعاً بأن انفتاح الحراك

على «محور الممانعة» يأتي من زاوية السعي

لحماية المصالح الأردنية

عبر الأجواء السورية

من ناحية ثانية، وجّهت إسرائيل قبل أسبوع ضربة صاروخية على مواقع عسكرية إيرانية. وأفادت معلومات مؤكدة بأن مسار الرد الإسرائيلي كان عبر الأجواء السورية، بعد نجاح الاختراق الإسرائيلي من ضرب رادارات متقدّمة للدفاعات السورية. ولقد أعادت تل أبيب في هذا المشهد التأكيد على انتهاكاتها المستمرة بحق «دول الجوار»، وأمام صمت دولي ومباركة أميركية بعد توافر معلومات عن مواقع حددتها إسرائيل، ورأى مراقبون أن الرد جاء في سياق «معادلة ميزان القوى» في المنطقة ضمن حدود الحرب المنتظرة أو سياسة صناعة التوتر في المنطقة عبر «حرب استنزاف»، تسبّبت في سقوط آلاف القتلى والجرحى والمفقودين ومئات آلاف النازحين في غزة ومن جنوب لبنان.

زوايا حرجة في العلاقة مع إيران

توازياً مع ما سبق، وفي زيارة مفاجئة حمل وزير الخارجية أيمن الصفدي في الثامن من أغسطس (آب) الماضي رسالة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أكد خلالها الصفدي أن الزيارة جاءت «بتكليف من الملك عبد الله الثاني لتلبية الدعوة إلى طهران»، مضيفاً أن هدف الزيارة هو «الدخول في حديث أخوي واضح وصريح حول تجاوز الخلافات ما بين البلدين بصراحة وشفافية، والمضي نحو بناء علاقات طيبة وأخوية قائمة على احترام الآخر، وعدم التدخل في شؤونه، والإسهام في بناء منطقة يعمّها الأمن والسلام».

الزيارة والرسالة شكَّلتا «استدارة» أردنية في علاقتها مع إيران، ليتبعها خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لقاء جمع الملك الأردني وبزشكيان، في الثلث الأخير من سبتمبر الماضي، وهو لقاء بدأ موسّعاً بحضور بعض أركان وفدي البلدين، ثم اقتصر على مباحثات ثنائية لم يحضرها أحد، وظلّت تفاصيل اللقاء محفوظة لدى الزعيمين.

أيضاً، تلك الزيارة فتحت شهية البعض لـ«شيطنة» الموقف الرسمي الأردني واتهام عمّان بنقلها «رسالة تهديد» لطهران برد إسرائيلي حازم. غير أن الوزير الصفدي أكد في تصريحات رسمية مع نظيره الإيراني في حينه «أبلغت معالي الأخ بشكل واضح، لست هنا حاملاً رسالة إلى طهران، ولست هنا لأحمل رسالة لإسرائيل». وتابع أن «رسالة الأردن الوحيدة لإسرائيل أُعلنت في عمّان بشكل واضح وصريح، ومفادها وقف العدوان على غزة، ووقف جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني، ووقف الخطوات التصعيدية، والذهاب نحو وقف فوري ودائم لإطلاق النار يتيح العمل من أجل تحقيق سلام عادل وشامل... لن يتحقّق إلا إذا حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة، وفي مقدمها حقه في الحرية والسيادة والكرامة في دولته المستقلة».

في مطلق الأحوال، ما كان المقصود من زيارة الصفدي الإيرانية تأكيد موقف حيال طهران وحلفائها فقط، بل كانت الزيارة في حد ذاتها رسالة إلى إسرائيل مفادها أن الأردن «يملك خياراته السياسية في الدفاع عن سيادته على أرضه وسمائه، وأن واحداً من الخيارات هو فتح قنوات الاتصال على وسعها مع طهران وأطراف الصراع في المنطقة»، بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» آنذاك.

استقبال عراقجي وميقاتي

ما يُذكر أنه في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي استقبل الملك عبد الله الثاني في عمَّان، وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وشدّد على «ضرورة خفض التصعيد بالمنطقة». وحذّر العاهل الأردني من أن «استمرار القتل والتدمير سيبقي المنطقة رهينة العنف وتوسيع الصراع»؛ ما يتطلب «ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان خطوةً أولى نحو التهدئة»، مجدداً التأكيد على أن «بلاده لن تكون ساحة للصراعات الإقليمية».

ثم أنه إذا كان استقبال الوزير الإيراني، الذي زار الأردن ضمن جولة عربية مهماً لعمَّان، فقد سبق هذه الزيارة بيومين وصول رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى العاصمة الأردنية ولقاؤه الملك عبد الله الثاني. وكان في جدول أعمال الزيارة:

- أولوية دعم الجيش اللبناني وسط احتمالات النزول إلى الشارع في ظل مخاوف من احتكاكات محتملة بين ميليشيات حزبية محسوبة على زعماء لبنانيين.

- الحاجة إلى تطبيق القرار الأممي بنشر قوات من الجيش اللبناني في مناطق الجنوب التي تخضع لسيطرة «حزب الله».

- الاستفادة من فرص وقف إطلاق النار عبر هُدن يمكن تمديدها.

واستكمالاً لعقد المباحثات مع «محور الممانعة»؛ طار الوزير أيمن الصفدي إلى دمشق، التي شكَّلت حدودها الجنوبية مع الأردن وعلى مدى أكثر من عقد ونصف العقد، حالة أمنية طارئة للجيش الأردني. ذلك أنه يتعامل باستمرار مع صد محاولات قوافل مهربي المخدّرات وعصابات السلاح لتجاوز الحدود؛ وهو ما استدعى مواجهات مسلحة واشتباكات نهاية العام الماضي أسفرت عن سقوط قتلى وإلقاء القبض على مهرّبين لهم اتصالات مع خلايا داخل المملكة.

الصفدي حمل رسالة شفوية من العاهل الأردني إلى الرئيس السوري بشار الأسد، لكن لم يُكشف عن مضمونها. مع هذا، نشاط عمّان الدبلوماسي على مدى أيام الشهر الماضي، ترك انطباعاً لدى جمهور النخب المحلية، بأن انفتاح الحراك الدبلوماسي الأردني على «محور الممانعة» يأتي من زاوية السعي لحماية المصالح الأردنية في ظل ما تشهده المنطقة من تصعيد عسكري خطير، وموقع المملكة على خطوط النار.

التهريب تهديد أمني

أردنياً، يُعتقد في أوساط الطبقة السياسية المطلعة، أن خطر تهريب المخدرات من الداخل السوري لا يزال يشكل «تحدياً أمنياً» كبيراً؛ الأمر الذي يستدعي إبقاء حالة الطوارئ لدى قوات حرس الحدود على امتداد الحدود الشمالية نحو (370 كلم) بين البلدين، لا سيما في ظل تحوّل مناطق في الجنوب السوري إلى مصانع إنتاج المخدرات، ونقلها من خلال عمليات التهريب إلى أسواق عربية وأجنبية عبر المملكة. ويضاف إلى ذلك النزف الاقتصادي المستمر منذ عام 2012، واستقبال اللاجئين وكُلف إقامتهم، وتراجُع أثر خطط الاستجابة الدولية للتعامل مع الدول المستضيفة للاجئين؛ إذ يستضيف الأردن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري، معظمهم يقيمون خارج المخيمات التي خصصت لهم.

أمر آخر، يستحقّ التوقف عنده هو أنه لا يمكن فصل تلك الزيارة عن الملف الأردني الأهم، ألا وهو «الملف الأمني» المباشر. والحال، أنه لطالما بقي الجنوب السوري مسرحاً للميليشيات الإيرانية وغيرها، سيظل القلق الأردني من الخطر الآتي من الشمال، وبالتحديد، ستستمر المخاوف من تسرّب عناصر مسلحة بقصد «المقاومة» في فلسطين وعن طريق عمّان.

وبالفعل، جاء في بيان إن الرئيس الأسد والوزير الصفدي بحثا قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم؛ إذ شدد الأسد على أن «تأمين العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين» هو «أولوية للحكومة السورية» التي أكد أنها قطعت شوطاً مهماً في الإجراءات المساعدة على العودة، خصوصاً في المجالين التشريعي والقانوني.وفي إطار الزيارة، أجرى الصفدي مباحثات موسَّعة مع وزير الخارجية والمغتربين السوري بسام الصباغ، ركّزت على جهود حل الأزمة السورية وقضية اللاجئين، ومكافحة تهريب المخدرات، إضافةً إلى التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة وجهود إنهائه.

الرئيس نجيب ميقاتي (إ.ب.أ)

 

حقائق

زيارة ميقاتي لعمّان... طلبتُ دعم أمن لبنان

فيما يخصُّ العلاقات الأردنية - اللبنانية، طلب الرئيس نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، في عمّان من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني دعم الجيش اللبناني بصفته القوة القادرة على التعامل مع احتمال تطور استخدام سلاح ميليشيات حزبية متباينة المواقف والولاءات، مع استمرار القصف الإسرائيلي الليلي على مناطق في الضاحية الجنوبية، وفي جنوب لبنان.وللعلم، يوم 27 سبتمبر (أيلول) الماضي استقبل اللواء يوسف الحنيطي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية، في عمّان، قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون. وفي الواقع لم يخفِ الأردن الرسمي دعمه للجيش اللبناني وأولوية تزويده بكل الاحتياجات بصفته ضمانة لأمن لبنان وحامياً للسلم الأهلي، بينما المواقف بين الأحزاب السياسية والميليشيات المحسوبة عليها. وبموازاة أولوية تزويد الجيش اللبناني بمتطلبات فرض سيطرته لحماية الأمن الداخلي وتنفيذ استحقاق قرارات أممية، أعلنت عمّان أيضاً دعمها لجهود الاستقرار السياسي في لبنان عبر انتخاب رئيس جديد للبلاد، ما من شأنه تخفيف حدة الاحتقان والتوتر، خصوصاً بعد تطورات الأسابيع الأخيرة أمنياً وسياسياً على معادلات الإدارة السياسية للبلاد، وتحريك عمل مؤسسات لبنان الدستورية. وهنا يرى محللون أردنيون أن تراكم الفوضى على حدود المملكة الشمالية مع سوريا والشرقية مع العراق، وحالة اللااستقرار في لبنان التي تفاقمت مع استمرار العدوان الإسرائيلي، وزيادة نشاط خطوط تهريب المخدرات، وضع تجب مواجهته عبر مسارين: الأول، مسار أمني يتطلب رفع درجات التأهب لمنع أي اختراقات إيرانية للأمن الأردني، والثاني مسار سياسي يتعلق بمواصلة الجهود السياسية لاحتواء الخطر الراهن ومحاولة تجاوز أي تصعيد من شأنه دفع المنطقة وجوار الأردن نحو المجهول. ولكن في هذه الأثناء، واضح أن إسرائيل هي الأخرى تبحث عن إزعاج الأردن، بما في ذلك «عزف» حسابات خارجية على منصات التواصل الاجتماعي على وتر الفتنة، وإغراق الرأي العام في جدل الإشاعات وتأجيجها.