سلطات غرب ليبيا تلتزم الصمت تجاه اشتباكات غرب طرابلس

حكومة «الاستقرار» تستنكر اتهامها بتهريب سلاح إلى السودان

صورة وزّعتها «عمليات وزارة الداخلية» بحكومة الوحدة لتأمين منفذ الحدود مع تونس
صورة وزّعتها «عمليات وزارة الداخلية» بحكومة الوحدة لتأمين منفذ الحدود مع تونس
TT

سلطات غرب ليبيا تلتزم الصمت تجاه اشتباكات غرب طرابلس

صورة وزّعتها «عمليات وزارة الداخلية» بحكومة الوحدة لتأمين منفذ الحدود مع تونس
صورة وزّعتها «عمليات وزارة الداخلية» بحكومة الوحدة لتأمين منفذ الحدود مع تونس

التزمت السلطات في غرب ليبيا الصمت حيال اشتباكات عنيفة، شهدتها مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، أسفرت عن سقوط عدد غير معلوم من القتلى والجرحى، كما لم تعلق على تقارير أفادت بفقدانها السيطرة مجدداً على معبر رأس أجدير الحدودي مع تونس، رغم تعهدها بإعادة فتحه.

واندلعت الاشتباكات بأسلحة ثقيلة ومتوسطة وسط الأحياء السكنية بمنطقة «الركينة» في مدينة الزاوية، ما أسفر بحسب تقارير إعلامية محلية عن مقتل وإصابة 14 من عناصر الميليشيات والمدنيين، بالإضافة إلى تدمير عدد من السيارات والمنازل.

عناصر شرطة لنشر الأمن في العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)

وقالت مصادر محلية إن القتال الذي توقف اليوم (الجمعة)، بعد ساعات من اندلاعه مساء الخميس على نحو مفاجئ، جرى بين ميليشيات «الكابوات» وميليشيا رياض بالحاج، بعد إصابة شقيقه عبد الرحمن بلحاج بعيار ناري، كما تم تفجير سيارة محمد حماد، عضو المجلس الأعلى للقضاء عن محكمة استئناف الزاوية سابقاً، فجر الخميس.

وقال ناصر عمار، آمر قوة الإسناد بعملية بركان الغضب، إن السيارة تم تفجيرها على يد مسلح، بواسطة قاذف داخل سياج منزل حماد.

وانتقد أحمد حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ما وصفه بـ«الغياب الكامل» لوزارتي الداخلية والدفاع ومنطقة الساحل الغربي العسكرية، عن هذه الأحداث المؤسفة، التي تشهدها المدينة من ترويع للسكان، وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر، وتحويل المدينة إلى ساحة حرب وصراع مسلح بين هذه الجماعات المسلحة، التي قال إنها تتمتع بشرعية وزارتي الدفاع والداخلية، ورئاسة الأركان العامة، بينما يدفع المدنيون ثمن هذا العنف المتصاعد وحالة الفوضى، التي تعيشها المدينة، حسب تعبيره.

وشهدت مدينة الزاوية الساحلية، الواقعة على بُعد 45 كيلومتراً غرب طرابلس، 5 جرائم قتل الأسبوع الحالي، في مؤشر على استمرار حالة الانفلات الأمني، الذي تعيشه على خلفية الصراع على مناطق النفوذ بين جماعات مسلَّحة متورطة في الاتجار بالبشر وعمليات تهريب الوقود.

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (وزارة داخلية الوحدة)

إلى ذلك، اقتحمت «سرية الاقتحام» التابعة لغرفة عمليات زوارة، معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، بعد إعلان داخلية الوحدة تأجيل فتح المنفذ.

وسيطرت القوة بشكل مفاجئ، في ساعة متأخرة من ليل الخميس، سيطرة تامة على الجانب الليبي في المعبر، بما في ذلك المكاتب المجهزة لإدارته، وفق رواية شهود عيان، أكدوا فرار عناصر تابعة لوزارة الداخلية (الدعم المركزي وإنفاذ القانون) وانسحابها من المعبر.

وقالت وسائل إعلام محلية إن الجانب التونسي دفع بقوات من الحرس الوطني والداخلية على الجانب الآخر من المعبر، تزامناً مع انسحاب عناصر قوات الوحدة.

ومع ذلك، قالت إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة، إن دورياتها استمرت في تأمين منفذ رأس أجدير للحالات المستعجلة والطارئة والطبية على مدار 24 ساعة.

واستعداداً لإعادة الافتتاح الرسمي للمعبر الحدودي الاثنين المقبل، ذكرت إدارة شؤون المرور والتراخيص بوزارة الداخلية الليبية المواطنين الليبيين القاصدين تونس ببعض القوانين والتشريعات، المعتمدة منذ سنوات، قبل دخولهم الأراضي التونسية، ومن بينها الالتزام باللوائح والقوانين المعمول بها عند التنقلات بين الجانبين الليبي والتونسي.

وكان مقرراً افتتاح المنفذ، الخميس الماضي، أمام حركة سفر المواطنين، لكن تم تأجيله لاستكمال بعض الإجراءات قبل إعادة فتحه بالكامل، علماً أن المنفذ ما زال مفتوحاً أمام الحالات الإنسانية والطارئة والطبية والدبلوماسية.

ولم يعلق المجلس الرئاسي، أو حكومة الوحدة المؤقتة، على هذه التطورات، لكن رئيسها عبد الحميد الدبيبة أعلن في بيان أنه ناقش هاتفياً مع نظيره النيجري علي محمد لامين سبل التعاون بين البلدين، بما يعزز المصلحة المشتركة والعلاقات بين الشعبين.

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

في غضون ذلك، استغربت حكومة أسامة حماد (شرق)، ما صدر عن ممثل السودان في مجلس الأمن الدولي عن دعم الجيش الليبي لقوات «الدعم السريع» في السودان بالأسلحة، وقالت في بيان إنه «تجاهل عمداً» ما وصفته بـ«الدور المهم لقوات الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، في تأمين الحدود مع السودان وباقي الدول».

وبعدما استنكرت «التصريحات المغلوطة والاتهامات الباطلة»، ذكّرت حكومة حماد الجميع بأنها «تنأى بنفسها وبالمؤسسة العسكرية بالبلاد عن التدخل في الشؤون الداخلية في السودان، أو غيره».

واتهم السودان، عبر ممثله في مجلس الأمن في 18 يونيو (حزيران) الحالى، قوات حفتر بدعم قوات «الدعم السريع» في السودان عن طريق توصيل شحنات ذخائر ومدافع، عبر كتائب تابعة لهم وميليشيات تشادية.


مقالات ذات صلة

ليبيا: «قانون الدستورية العليا» يجدد الجدل بين «الرئاسي» والبرلمان

شمال افريقيا مستشارو المحكمة الدستورية العليا عقب أداء اليمين أمام نائب رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

ليبيا: «قانون الدستورية العليا» يجدد الجدل بين «الرئاسي» والبرلمان

تصاعدت حالة من الجدل في ليبيا بعد أداء مستشاري المحكمة الدستورية العليا اليمين القانونية، أمام مجلس النواب، في ظل معارضة واسعة من المجلس الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي يلتقي البرهان على هامش أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة (المجلس الرئاسي الليبي)

11 دولة تدعو ليبيا لضخ النفط... وإخراج «المرتزقة»

حثت أميركا ودول أوروبية وعربية الأطراف الليبية كافة على العمل لاستئناف إنتاج وتصدير النفط «بالكامل دون تعطيل أو تدخل أو تسييس».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من الحضور خلال توقيع اتفاق ينهي أزمة الصراع على مصرف ليبيا المركزي (البعثة الأممية)

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

بحضور دبلوماسي عربي وغربي، وقّع ممثلان عن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا اتفاقاً يقضي بتعيين محافظ مؤقت للمصرف المركزي ونائب له.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا تكالة والمشري خلال انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة عام 2023 (المجلس)

المشري يتهم تكالة بـ«اغتصاب السلطة»... إلى أين يتجه «الدولة» الليبي؟

في تصعيد جديد على مسار الصراع بشأن رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اتهم خالد المشري غريمه محمد تكالة بـ«اغتصاب السلطة وانتحال صفة رئيس المجلس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا البنك المركزي بطرابلس (رويترز)

تسوية بين الأطراف الليبية لمعالجة أزمة المصرف المركزي

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأربعاء، التوصل إلى تسوية بين الأطراف الليبية لمعالجة أزمة إدارة المصرف المركزي الذي يشهد تنازعاً على السلطة.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
TT

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع سد النهضة الإثيوبي. وبينما تؤكد القاهرة «محورية حقوقها المائية» من مياه النيل وترفض «الممارسات الأحادية» من جانب أديس أبابا، تواصل إثيوبيا ملء «السد».

وشدّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، على «أهمية قضية الأمن المائي وسد النهضة بالنسبة إلى بلاده».

وتبني إثيوبيا سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي منذ 2011 لإنتاج كهرباء تلبي احتياجات 60 في المائة من المنازل. ويواجه مشروع «السد» باعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات ملئه وتشغيله، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس (آب) الماضي، من «التأثيرات الخطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائية». وقالت إن «السد الإثيوبي يمثّل خطراً وجودياً على مصر». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيات صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».

وشدد وزير الخارجية المصري، خلال لقائه نظيره الصيني، وانغ يي، في نيويورك، على «أهمية قضية الأمن المائي والسد الإثيوبي بالنسبة إلى مصر»، وعدّها «قضية وجودية تتعلّق بشكل مباشر بالأمن القومي المصري، ولا يمكن التهاون بشأنها». كما أكد «رفض بلاده أي ممارسات أحادية تضرّ بمصالح دولتي المصب وتخالف القواعد الدولية المستقرة في حوكمة المياه العابرة للحدود»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، السبت.

وسبق ذلك تأكيد وزير الخارجية المصري موقف بلاده نفسه من قضية السد الإثيوبي، خلال لقائه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، في نيويورك، مساء الجمعة. وحذّر عبد العاطي من أن «بلاده لن تتهاون بشأن قضية (السد)». كما أشار عبد العاطي خلال «قمة المستقبل» بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إلى «ضرورة إعطاء قضية الندرة المائية والأمن المائي الاهتمام البالغ من المجتمع الدولي»، مطالباً «عدم ترك الأمر لأهواء دول معينة، وإن كانت هي دول المنبع، لفرض سياسات أحادية خاطئة تهدد مصالح وشواغل دول المصب».

ويرى نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أن «وزير الخارجية المصري يقوم بدور نشط ومكثف لحشد التأييد الدولي لدعم الموقف المصري في قضية سد النهضة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات المصرية تتسم بالالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية، التي تخالفها إثيوبيا، بالتصرفات الأحادية في مشروع (السد)».

ووفق حليمة فإن «التحركات المصرية تستهدف تأكيد تهديد السد الإثيوبي للحياة في مصر»، وإظهار «المخاطر الوجودية المرتبطة بعمليات تشغيل السد وملئه، ما يعطي الحق للقاهرة في اللجوء إلى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، لطلب التدخل، دفاعاً عن حقها وأمنها». وأشار إلى أن «هناك تأييداً للموقف المصري أكدته لقاءات وزير الخارجية المصري مع المسؤولين الدوليين في نيويورك».

وكان وزير الخارجية المصري قد أشار، في تصريحات إعلامية بنيويورك، الأسبوع الماضي، إلى «حشد بلاده الدعم والتأييد الدولي لموقفها في ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، وكيفية تشغيله، بما لا يضر بدولتي المصب»، وقال إن «حصة مصر المائية (55.5 مليار متر مكعب) تكاد تكفي 60 في المائة من الاحتياجات المائية السنوية لمصر، وبالتالي لا يمكن التفريط في قطرة واحدة منها».

جانب من سد النهضة الإثيوبي (رويترز)

من جانبه، أكد أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، ضرورة قيام مصر بـ«تشكيل رأي عام دولي داعم لحقوقها المائية في قضية (السد)»، مشيراً إلى أهمية «ممارسة المجتمع الدولي ضغوطاً على الجانب الإثيوبي، والوصول لاتفاق قانوني بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، حتى لا يتطور الخلاف».

وكان مجلس الأمن قد أصدر بياناً في سبتمبر (أيلول) 2021 حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

وعدّ شراقي أن «تدخل الأمم المتحدة بات ضرورياً، بسبب المخاطر الطبيعية التي يشكّلها مشروع السد الإثيوبي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول عملية تخزين المياه في (السد) للسعة القصوى سيؤدي إلى زيادة نشاط الزلازل بالمنطقة، وفي حال سنوات الفيضان المرتفع، قد يشكّل مخاطر على بنيته»، مشيراً إلى أن «المشروع يمثّل تهديداً للحياة على السودان؛ ما يستوجب تدخل مجلس الأمن».

وشهدت إثيوبيا، الجمعة، زلزالاً في منطقة الأخدود، التي تبعد 570 كيلومتراً شرق منطقة «سد النهضة»، حسب أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي قال إنه «من المتوقع زيادة النشاط الزلزالي في إثيوبيا خصوصاً في منطقة (السد)».

يأتي هذا في وقت تواصل فيه إثيوبيا ملء «السد». وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في أغسطس الماضي، «اكتمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق بشكل كامل بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وقال إن «إجمالي المياه المحتجزة مع مرحلة الملء الخامس للسد، بلغ 62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن تصل نسبة المياه المحتجزة بنهاية العام «ما بين 70 و71 مليار متر مكعب».