البنتاغون لـ«الشرق الأوسط»: منح الأولوية لتسليم أوكرانيا أنظمة الدفاع الجوي مخطط له مسبقاً

كيربي: رسالة حاسمة لموسكو... وإسرائيل وتايوان لن تتأثرا

صواريخ «باتريوت» بمعرض في بوخارست (إ.ب.أ)
صواريخ «باتريوت» بمعرض في بوخارست (إ.ب.أ)
TT

البنتاغون لـ«الشرق الأوسط»: منح الأولوية لتسليم أوكرانيا أنظمة الدفاع الجوي مخطط له مسبقاً

صواريخ «باتريوت» بمعرض في بوخارست (إ.ب.أ)
صواريخ «باتريوت» بمعرض في بوخارست (إ.ب.أ)

يعكس قرار إعادة توجيه إنتاج الولايات المتحدة من صواريخ الدفاع الجوي الاعتراضية، حدود القاعدة الصناعية الدفاعية الغربية، التي تكافح من أجل توفير ما يكفي من الأسلحة لتلبية الطلب العالمي. كما أنه اعتراف بالحاجة الملحة لأوكرانيا وسط الهجمات المكثفة التي تشنها روسيا.

وبينما لم تذكر إدارة جو بايدن عدد الصواريخ الاعتراضية التي سترسلها، قال مسؤول أميركي كبير إن أوكرانيا ستُمنح الأولوية خلال الأشهر الستة عشر المقبلة، وسيتم تسليم الصواريخ إلى كييف فور خروجها من خط التجميع. وستتسلم أوكرانيا صواريخ اعتراضية لكل من صواريخ «باتريوت»، ونظام الصواريخ «ناسامز» أرض - جو الوطني المتقدم.

أرشيفية لزيلينسكي في أثناء زيارته منطقة لتدريب الجنود الأوكرانيين على نظام الدفاع الجوي باتريوت شرق ألمانيا (أ.ف.ب)

وقالت واشنطن لأوكرانيا إن بإمكانها استخدام الأسلحة التي تمنحها لها في ضرب أي قوات روسية تهاجم عبر الحدود، لا القوات المتمركزة في المنطقة القريبة من خاركيف فقط. وبحسب صحيفة «بوليتيكو»، يأتي التغير الطفيف في الرسائل، الذي يشدد مسؤولون على أنه لا يمثل تغيراً في السياسة، بعد أسابيع من سماح الولايات المتحدة لكييف بتوجيه ضربات داخل روسيا في رد فعل على الهجمات عبر الحدود على مدينة خاركيف.

قرار مخطط له مسبقاً

وفي رده على «الشرق الأوسط» حول دلالات الإعلان عن هذا القرار في هذا الوقت، وعما إذا كان مرتبطاً بجولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الآسيوية، خصوصاً بعد توقيعه اتفاقاً استراتيجياً مع كوريا الشمالية، جدد متحدث باسم البنتاغون تأكيد ما أعلنه الجنرال بات رايدر، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع، قائلاً إن القرار كان مخططاً له منذ وقت سابق.

وقال نحن نعمل بشكل وثيق مع الصناعة بشأن إجراءات التعاقد المناسبة من عملية إعادة التسلسل هذه؛ لضمان قدرتنا على الاستمرار في دعم متطلبات المساعدة الأمنية الخاصة بنا. ورفض الخوض في تفاصيل ماهية إجراءات التعاقد وتلك الشركات. وأضاف: «لا داعي للقول، مرة أخرى، إننا سوف نتأكد من أننا لا ندعم أوكرانيا فحسب، بل إننا نستمر في الحفاظ على المسار الصحيح لتسليم تلك الشحنات من الخدمات العسكرية الخارجية في أسرع وقت ممكن».

وكان جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، قد أعلن، الخميس، أن أوكرانيا ستحصل على الصواريخ الاعتراضية الإضافية بحلول نهاية الصيف. وأضاف: «الرسالة الأوسع هنا إلى روسيا واضحة، إذا كنت تعتقد أنك ستتمكن من الصمود بعد أوكرانيا، وإذا كنت تعتقد أنك ستكون قادراً على الصمود في وجه من يدعمون أوكرانيا، فأنت مخطئ تماماً».

جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

والأسبوع الماضي، لمح الرئيس الأميركي جو بايدن إلى هذه الخطوة خلال اجتماع مجموعة السبع في إيطاليا، قائلاً: «لقد أخبرنا تلك الدول التي تتوقع منا أنظمة دفاع جوي في المستقبل بأنها سيتعين عليها الانتظار». وقال مسؤول أميركي إن بايدن أبلغ نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالقرار خلال القمة، كما أطلع البيت الأبيض قيادة الكونغرس والحلفاء المتأثرين في ذلك الوقت تقريباً.

ورفض كيربي تحديد عدد الدول التي تأثرت بإعادة ترتيب أولويات عمليات تسليم إمدادات الدفاع الجوي، لكنه أكد أن إسرائيل وتايوان لن تتأثرا بهذا القرار.

بوتين والرئيس الفيتنامي (إ.ب.أ)

ورحب جون هاردي، كبير الباحثين في الشأن الروسي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بقرار إدارة بايدن. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه جاء في الوقت المناسب للمساعدة في الدفاع عن البنية التحتية للطاقة الأوكرانية مع اقتراب فصل الشتاء. وشكك في أن تكون زيارة بوتين لكوريا الشمالية قد لعبت دوراً مباشراً في قرار إدارة بايدن. لكنه أضاف: «إذا أدت الزيارة إلى حصول موسكو على مزيد من الصواريخ الباليستية من بيونغ يانغ، فستكون هناك حاجة أكبر إلى الصواريخ الاعتراضية الإضافية بالنسبة لأوكرانيا، التي تعتمد على صواريخ (باتريوت) لإسقاط الصواريخ الباليستية».

وقال هاردي إن الضربات الصاروخية الروسية وطائرات «شاهد» الإيرانية دون طيار ضد البنية التحتية لتوليد الكهرباء في أوكرانيا، كانت مشكلة خاصة هذا العام، وستجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للمواطنين الأوكرانيين والصناعة الأوكرانية هذا الصيف، وخاصة في الشتاء مع زيادة الطلب على الكهرباء. ومن المرجح أن تغتنم روسيا هذه الفرص لتوجيه المزيد من الضربات للبنية التحتية في أوكرانيا، بهدف تقويض اقتصاد أوكرانيا وإرادتها للقتال.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (أ.ب)

حتى الآن هناك ما لا يقل عن 3 بطاريات باتريوت في أوكرانيا، لكن الرئيس الأوكراني أكد أن بلاده بحاجة ماسة إلى سبع بطاريات باتريوت إضافية على الأقل. ورغم ذلك، قالت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، إنها سترسل إلى أوكرانيا بطارية باتريوت إضافية، وإنها تسعى للحصول على أنظمة أخرى من الحلفاء، وهو ما التزمت به رومانيا التي أعلنت، الخميس، أنها سترسل أيضاً نظام باتريوت.

وقال زيلينسكي في تغريدة على «إكس» (تويتر سابقاً)، الخميس، رداً على إعلان رومانيا: «هذه المساهمة الحاسمة ستعزز درعنا الجوية، وتساعدنا على حماية شعبنا والبنية التحتية الحيوية بشكل أفضل من الإرهاب الجوي الروسي».

«باتريوت» يحظى بشعبية خاصة

وتشمل بطاريات «باتريوت«، التي ساعدت في حماية القوات الأوكرانية والأصول المدنية خلال الأشهر الأخيرة، بما في ذلك حول كييف، أجهزة الرادار وقاذفات الصواريخ وأنظمة الاعتراض. ويمكن لكل منها إطلاق العشرات من الصواريخ الاعتراضية في اشتباك واحد لمهاجمة الطائرات أو الصواريخ. كما أن نظام «ناسامز» الجوي قصير إلى متوسط ​​المدى، يمكنه إطلاق 72 صاروخاً اعتراضياً في وقت واحد. وتحظى صواريخ باتريوت، التي تقدر قيمتها بمليار دولار، بشعبية خاصة في كييف. فهو النظام الوحيد في ترسانتها الذي أثبت قدرته على إسقاط الصواريخ الروسية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والتي يصعب اكتشافها والدفاع عنها بشكل خاص.

قاذفة صواريخ باتريوت متنقلة معروضة خارج موقع فورت سيل العسكري بالقرب من لوتون - أوكلاهوما (أ.ب)

ومع ذلك، كافحت أوكرانيا بقوة للحماية من القنابل الانزلاقية الروسية؛ لأنه يكاد يكون من المستحيل إسقاطها بمجرد إطلاقها. ويقول المسؤولون الأوكرانيون إن الحل هو استهداف الطائرات التي تطلق تلك الأسلحة. وعلى المدى الطويل، تأمل أوكرانيا أن يكون أسطولها من الطائرات المقاتلة المتقدمة من طراز «إف - 16»، بمثابة ضربة مضادة هائلة للقنابل الانزلاقية، لكن وصول تلك الطائرات، التي تعهدت بها الدول الغربية قبل أشهر، لا يزال على بُعد عدة أسابيع، كما يقول المسؤولون.

زيارة بوتين الآسيوية

من جهة أخرى، رأت واشنطن أن عدم استبعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إرسال أسلحة إلى كوريا الشمالية، «مقلق جداً»، لافتة إلى أن ذلك يهدد بـ«زعزعة استقرار شبه الجزيرة الكورية». وصرح المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين: «إنه أمر مقلق جداً، قد يؤدي إلى زعزعة استقرار شبه الجزيرة الكورية». وأضاف: «بحسب نوع الأسلحة (التي قد ترسلها موسكو إلى بيونغ يانغ)، قد ينتهك ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي التي أيّدتها روسيا بنفسها».

الرئيسان الفيتنامي والروسي في القصر الرئاسي بهانوي أمس (أ.ب)

وقال بوتين للصحافيين خلال زيارته فيتنام: «نحتفظ بحق إرسال أسلحة إلى مناطق أخرى في العالم، مع أخذ اتفاقاتنا مع كوريا الشمالية في الاعتبار. ولا أستبعد هذا الاحتمال». كذلك، حذر كوريا الجنوبية من تزويد أوكرانيا بالسلاح، بعدما أعلنت سيول أنها «ستراجع» سياستها التي تمنعها من ذلك، رداً على توقيع اتفاق دفاعي، الأربعاء، بين روسيا وكوريا الشمالية.

وسئل ميلر هل سيؤدي هذا الأمر أيضاً إلى زعزعة استقرار شبه الجزيرة الكورية، فقال: «يعود إلى كل بلد أن يقرر ما إذا كان سيقدم أسلحة إلى أوكرانيا»، مع إشادته بهذه الخطوة.


مقالات ذات صلة

الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

أوروبا محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)

الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

قد تؤدّي ضربة روسية إلى انهيار الملجأ المضاد للإشعاعات داخل محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رجال إطفاء يعملون على إخماد حريق جراء قصف روسي على مرفأ في منطقة أوديسا الأوكرانية الثلاثاء (إ.ب.أ)

حرب أوكرانيا... مفاوضات على حافة الاختبار

تقف حرب أوكرانيا عند مفترق حساس: مفاوضات مكثفة لكنها غير حاسمة، واقتصاد روسي يواجه ضغوطاً غير مسبوقة، وتحذيرات أميركية من الوقوع في وهم «السلام السريع».

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا صورة للواء الآلي الرابع والعشرين التابع للقوات المسلحة الأوكرانية في 22 ديسمبر 2025 تُظهر الدمار الذي لحق بمدينة كوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك أوكرانيا (إ.ب.أ)

الجيش الأوكراني ينسحب من مدينة سيفرسك في شرق البلاد

أعلن الجيش الأوكراني انسحابه من بلدة سيفرسك، شرق البلاد، بعدما كانت القوات الروسية أعلنت في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي السيطرة عليها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي: المفاوضات الجارية يمكن أن تغير الوضع جذرياً

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن المفاوضات الجارية حالياً بشأن الحرب الروسية - الأوكرانية يمكن أن تُحدِث تغييراً جذرياً في الوضع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رجل إنقاذ يعمل على إخماد نيران اندلعت جراء القصف الروسي الثلاثاء (أ.ب)

ضربات روسية واسعة النطاق على أوكرانيا

تشنّ روسيا ضربات على أوكرانيا كل ليلة تقريباً، مستهدفةً بشكل خاص البنى التحتية للطاقة، خصوصاً خلال فصل الشتاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
TT

رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)

أكد رئيس وزراء غرينلاند، الثلاثاء، أن القرارات المتعلقة بمستقبل الجزيرة تُتَّخذ على أراضيها، وذلك ردّاً على محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة لضمّ هذا الإقليم الدنماركي المتمتع بحكم ذاتي.

وكتب ينس فريدريك نيلسن، عبر «فيسبوك»: «غرينلاند بلدنا. قراراتنا تُتَّخذ هنا». وأعرب عن «حزن» بعد سماعه ترمب يُكرر رغبته في السيطرة على غرينلاند.

وكان ترمب كرّر، الاثنين، أنّ بلاده «بحاجة» إلى غرينلاند؛ لضمان أمنها في مواجهة الصين وروسيا. وسبق له أن أدلى بهذا التصريح بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

وقال نيلسن: «هذه الكلمات تختزل بلدنا في مسألة أمن وسلطة. هذه ليست نظرتنا إلى أنفسنا، ولا يمكن ولا يجوز أن تُوصف حالتنا في غرينلاند بهذه الطريقة».

وشكر شعب غرينلاند على ردّ فعله «الهادئ والراقي». وأعرب عن امتنانه لدعم عدد كبير من الدول، مضيفاً: «هذا الدعم يؤكد أننا لسنا وحدنا هنا على أرضنا».

في غضون ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن غرينلاند «ملك لشعبها» وأن «الدنمارك هي ضامنتها». وكتب عبر منصة «إكس»: «أضمّ صوتي إلى أصوات الأوروبيين لأعرب عن تضامننا الكامل».


الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)

قد تؤدّي ضربة روسية إلى انهيار الملجأ المضاد للإشعاعات داخل محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا، بحسب ما قال مدير المنشأة سيرغي تاراكانوف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وصرّح تاراكانوف خلال مقابلة أجرتها معه «وكالة الصحافة الفرنسية» الأسبوع الماضي: «في حال أصابه صاروخ أو مسيّرة مباشرة أو حتّى سقط في محيطه مثلاً صاروخ من نوع (إسكندر)، لا قدّر الله، فقد يُحدث ذلك زلزالاً صغيراً في المنطقة».

وأكّد أن «لا أحد في وسعه أن يضمن أن الملجأ سيبقى قائماً بعد ذلك. وهذا هو أكبر تهديد».

والمحطّة النووية مدّعمة بهيكل من الفولاذ والإسمنت من الداخل أقيم على عجالة بعد الكارثة النووية سنة 1986 وهي مغلّفة أيضاً بغلاف خارجي حديث وعالي التطوّر يطلق عليه اسم «عازل الأمان الجديد» (NSC).

وقد تعرّض الغلاف الخارجي لأضرار كبيرة إثر ضربة بمسيّرة روسية في فبراير (شباط) تسبّبت في حريق ضخم في التكسية الخارجية للهيكل الفولاذي.

وأشار تاراكانوف إلى أن «عازلنا خسر الكثير من مهامه الرئيسية. ونحن بحاجة إلى ثلاث أو أربع سنوات لإعادة هذه الخصائص».

وما زال مستوى الإشعاعات في الموقع «مستقرّاً وبحدود العادة»، وفق المدير.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مطلع الشهر أن بعثة تفتيش لاحظت أن الملجأ «فقد مهامه الأمنية الأساسية، لا سيّما قدراته العازلة، لكن ما من أضرار دائمة في الهيكليات الداعمة أو أنظمة المراقبة».

وتمّت تغطية الفجوة التي خلّفتها الغارة الروسية بستار حامٍ، بحسب تاراكانوف، لكن لا بدّ من سدّ 300 ثغرة صغيرة أحدثها عناصر الإطفاء لمكافحة النيران.

وكان الجيش الروسي قد استولى على المحطّة في بداية الحرب سنة 2022 قبل أن ينسحب منها بعد بضعة أسابيع.


حرب أوكرانيا... مفاوضات على حافة الاختبار

رجال إطفاء يعملون على إخماد حريق جراء قصف روسي على مرفأ في منطقة أوديسا الأوكرانية الثلاثاء (إ.ب.أ)
رجال إطفاء يعملون على إخماد حريق جراء قصف روسي على مرفأ في منطقة أوديسا الأوكرانية الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

حرب أوكرانيا... مفاوضات على حافة الاختبار

رجال إطفاء يعملون على إخماد حريق جراء قصف روسي على مرفأ في منطقة أوديسا الأوكرانية الثلاثاء (إ.ب.أ)
رجال إطفاء يعملون على إخماد حريق جراء قصف روسي على مرفأ في منطقة أوديسا الأوكرانية الثلاثاء (إ.ب.أ)

في وقت تدخل فيه الحرب الروسية - الأوكرانية عامها الرابع، تتقاطع مسارات التفاوض الدبلوماسي مع مؤشرات متزايدة على ضغوط اقتصادية عميقة داخل روسيا، وتحذيرات سياسية صريحة في واشنطن من مغبة تقديم تنازلات للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وبينما تتحدث كييف عن اقتراب المفاوضات من «نتيجة حقيقية»، تصف موسكو التقدم بأنه «بطيء»، في مشهد يعكس فجوة التوقعات وحساسية اللحظة السياسية والعسكرية.

تباين روسي أوكراني

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعلن، الاثنين، أن المحادثات الجارية مع الولايات المتحدة ودول أوروبية باتت «قريبة جداً من تحقيق نتيجة حقيقية» لإنهاء الحرب. وجاء ذلك بعد سلسلة اجتماعات عقدها وفد أوكراني رفيع برئاسة رستم أوميروف مع مبعوثين أميركيين وأوروبيين، بينها لقاءات استضافتها ولاية فلوريدا خلال الأيام الماضية. وفي الوقت نفسه، أجرى المفاوض الروسي كيريل ديمترييف، مبعوث بوتين، محادثات منفصلة مع مسؤولين أميركيين في الولاية نفسها، في مؤشر على تعدد القنوات وحرص واشنطن على إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع الطرفين.

زيلينسكي أوضح، في تجمع مخصص للدبلوماسيين الأوكرانيين، أن المفاوضات تتركز على خطة من 20 نقطة طرحها المبعوثون الأميركيون، ولا تزال قيد النقاش منذ أسابيع. وأشار إلى أن مسودات الاتفاق الحالية تتضمن نحو 90 في المائة من مطالب كييف، مع إقراره بأن أياً من الطرفين لن يحصل على كل ما يريده. غير أن الرئيس الأوكراني شدد على ضرورة أن يطلع الكونغرس الأميركي على الوثيقة الثنائية، مع الإبقاء على بعض التفاصيل والملاحق السرية، في محاولة لتأمين غطاء سياسي داخلي لأي اتفاق محتمل.

في المقابل، بدت نبرة موسكو أكثر تحفظاً. نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف تحدث عن «تقدم بطيء» في المحادثات مع الولايات المتحدة.

واقع اقتصادي صعب

هذا التباين في التوصيف بين «تقدم قوي» من وجهة نظر كييف و«بطء» من وجهة نظر موسكو، يعكس واقعاً أكثر تعقيداً على الأرض. فالحرب لم تُحسم عسكرياً، لكن كلفتها الاقتصادية والسياسية باتت أثقل على روسيا بشكل متزايد. تقارير اقتصادية غربية تشير إلى أن موسكو استنزفت معظم احتياطياتها النقدية التي اعتمدت عليها في تمويل طفرة الإنفاق العسكري، فيما تتزايد المخاوف من أزمة مصرفية محتملة في عام 2026 إذا استمرت الضغوط الحالية.

وحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن العقوبات الأميركية والأوروبية، ولا سيما تلك التي استهدفت قطاع الطاقة، بدأت تترك آثاراً ملموسة.

عائدات النفط والغاز الروسية تراجعت بنسب كبيرة، مع اضطرار موسكو لبيع نفطها بخصومات حادة، في وقت صُممت فيه موازنة عام 2025 على أسعار أعلى بكثير. كما اضطرت الحكومة إلى رفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية لكبح التضخم، ما أضر بالاستثمار وأثقل كاهل الشركات والأسر. ويحذر اقتصاديون من أن توسع الإقراض للقطاع الدفاعي، في ظل ضوابط أقل صرامة، خلق «كتلة معتمة» من الديون داخل النظام المصرفي قد تتحول إلى مصدر عدم استقرار واسع.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث لصحافيين في كييف الاثنين (إ.ب.أ)

أصوات أميركية تحذر

هذه المعطيات دفعت أصواتاً نافذة في الولايات المتحدة إلى التحذير من سوء قراءة ميزان القوى. في مقال مشترك في صحيفة «واشنطن بوست»، أكد السيناتوران جين شاهين (ديمقراطية) وميتشل ماكونيل (جمهوري) أن «روسيا لا تنتصر»، محذرين من الوقوع في فخ رواية بوتين القائلة إن أوكرانيا عاجزة عن الصمود.

وأشارا إلى أن موسكو تكبدت خسائر بشرية ومادية فادحة، وأن اقتصادها يدفع ثمناً باهظاً للحرب، ما يجعل إطالة أمد الصراع خياراً اضطرارياً لا تفضيلاً استراتيجياً.

ويرى هؤلاء أن أي تسوية تفاوضية حقيقية لا يمكن أن تنجح إلا إذا جاءت نتيجة تعزيز موقف أوكرانيا، لا إضعافه. فالتنازل لروسيا عما عجزت عن تحقيقه بالقوة، وفق هذا المنطق، لن يؤدي إلى سلام دائم، بل سيشجع موسكو على مواصلة سياسة فرض الأمر الواقع، ليس في أوكرانيا وحدها، بل في فضاءات أمنية أوروبية أوسع.

وفي الاتجاه نفسه، حذّر مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، جون بولتون، من أن أخطر ما يواجه أوكرانيا حالياً لا يكمن في الهزيمة العسكرية، بل في الأخطاء السياسية الغربية. واعتبر بولتون أن تردد الاتحاد الأوروبي وفشله في التوافق على استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم كييف، بعث برسالة ضعف واضحة إلى موسكو، عززت قناعة بوتين بأن عامل الوقت يعمل لمصلحته. وانتقد بولتون ما وصفه بـ«الدبلوماسية الموالية لروسيا» التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترمب، معتبراً أن السعي إلى إنجاز اتفاق سلام سريع، من دون استراتيجية أمن قومي واضحة أو ضمانات حقيقية لأوكرانيا، يخدم الكرملين أكثر مما يخدم الاستقرار الأوروبي.

جدل داخلي

في هذا السياق، يبرز جدل داخلي في واشنطن حول نهج الإدارة الأميركية الحالية. فبينما يروج الرئيس ترمب لدوره كصانع سلام محتمل، يشكك منتقدون في جدوى مقاربة تركز على «إنجاز اتفاق» بأي ثمن، من دون تغيير حقيقي في موازين القوة. كما يلفتون إلى أن المفاوضات المتكررة مع موسكو لم تُفضِ حتى الآن إلى تنازلات روسية جوهرية، سواء على الأرض أو على طاولة التفاوض.

جنود من الجيش الروسي يقودون دبابة في أحد شوارع دونيتسك الأوكرانية (أرشيفية - رويترز)

أما أوروبا، فتواجه بدورها اختباراً صعباً. فالتردد في استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا، والانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن حجم ونوعية الدعم، يبعثان برسائل ضعف، وفق منتقدين غربيين. ومع تراجع الدعم الشعبي في بعض الدول الأوروبية، تتزايد المخاوف من أن يراهن الكرملين على عامل الوقت وتآكل وحدة الغرب.

في المحصلة، تقف حرب أوكرانيا عند مفترق حساس: مفاوضات مكثفة لكنها غير حاسمة، واقتصاد روسي يواجه ضغوطاً غير مسبوقة، وتحذيرات أميركية من الوقوع في وهم «السلام السريع».