مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)
إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)
TT

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)
إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفق طلب إحاطة تقدم به أحد النواب بهذا الصدد، مطالباً بـ«إجراءات حاسمة» في مواجهة هذه الظاهرة.

وجدد طلب الإحاطة الذي قدمه النائب هشام حسين، عضو مجلس النواب، التحذيرات من انتشار مواقع على الإنترنت لبيع الآثار، وأشار طلب الإحاطة الموجه للمسؤولين إلى انتشار صفحات وحسابات على «السوشيال ميديا» تروج لبيع منتجات بدعوى أنها آثار فرعونية قديمة، وكذلك الترويج لبيع العملات الأثرية والأحجار الكريمة.

ولفت إلى أن «بعض هذه الصفحات تقوم بالنصب على المواطنين، إلا أن بعضها حقيقي وتم ضبط إحدى الصفحات في محافظة الجيزة»، وكانت وزارة الداخلية أعلنت عن ضبط شخص بحوزته (2 شاهد قبر ملكي - 2 عملة معدنية) بعد الإعلان عنها على «فيسبوك»، واعترف بحيازته للمضبوطات بقصد الاتجار، وبعرض المضبوطات على الجهات المختصة أفادت بأثريتها.

وأكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة - لجنة التاريخ والآثار، رئيس «حملة الدفاع عن الحضارة المصرية»، أن «القطع المعروضة للبيع في المزادات العلنية أو المواقع المشبوهة (أونلاين) انتشرت بشكل كبير منذ ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 نتيجة الحفر خلسة».

صورة للإعلان عن بيع شاهد قبر ملكي تاريخي (وزارة الداخلية المصرية)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «نتيجة الكم الهائل الذي أصبح يستخرج من الحفر خلسة انتشرت مواقع بيع الآثار علناً، وتعرض الآثار وفيديوهات لها، وأصبحت شبكات كبرى تحتاج إلى تدخل فوري من الجهات الأمنية لمراقبتها وتتبع أصحابها، بوصفها مرتبطة بعصابات خارجية يعمل بها أثريون وقانونيون وإخصائيو تسويق لترويج بيعها وتهريبها».

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت ضبط العديد من القطع الأثرية لدى أفراد، وكذلك ضبط القائمين على إحدى صفحات بيع الآثار على «فيسبوك» .

وينظم قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته أعمال التنقيب عن الآثار فوق الأرض وتحت الأرض والمياه الداخلية والإقليمية المصرية، محدداً السلطة المختصة بذلك وهي المجلس الأعلى للآثار، ويجوز للمجلس أن يرخص للهيئات العلمية المتخصصة والجامعات الوطنية منها والأجنبية بالبحث عن الآثار أو التنقيب في مواقع معينة ولفترات محددة، وتضمنت المادة الـ35 أن تكون جميع الآثار المكتشفة التي تعثر عليها بعثات الحفائر العلمية الأجنبية والمصرية ملكاً لمصر.

وذكر الخبير الأثري أن «الموضوع شائك، وله عدة أبعاد أثرية وقانونية ودينية واجتماعية ودولية».

ويشدد ريحان على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لإحكام الرقابة على منافذ البيع الإلكترونية وتتبع أصحابها من أفراد يعملون في إطار عصابات دولية، مع تغيير قانون حماية الآثار ليعدّ جريمة الحفر خلسة خيانةً عظمى تستوجب الإعدام، مع مراقبة كل أراضي الدولة بأحدث الأجهزة.

وكانت منظمة «اليونسكو» أصدرت تقريراً عام 2020، أكدت فيه أن تجارة الآثار تقدر قيمتها بنحو 10 مليارات دولار كل عام، ولفتت إلى أن الفن والآثار هو ثالث أكبر سوق سوداء في العالم بعد المخدرات والأسلحة.

وفي غضون ذلك، أطلق عدد من المختصين حملات لوقف تجارة الآثار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد شيوع هذه الظاهرة في العراق وسوريا ومصر، ما جعل إدارة «فيسبوك» تحظر بيع القطع الأثرية التاريخية عبر منصاتها.


مقالات ذات صلة

مدوَّنة سعودية لحفظ تراث 14 قرناً من نقوش الجزيرة العربية

يوميات الشرق واجه الآثاريون مشاقَّ في الوصول إليها والتنقيب في أسرارها وفك رموزها (واس)

مدوَّنة سعودية لحفظ تراث 14 قرناً من نقوش الجزيرة العربية

بعد أن بقيت النقوش القديمة محفوظة على الصخور وبطون الأودية في الجزيرة العربية أضحت تلك الكنوز التاريخية متاحة من خلال مدونة لغوية أطلقتها السعودية للوصول إليها.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)

«سعد الراشد» حياة في الآثار ودراسة حضارات الجزيرة العربية

مسيرة مهنية فذّة للبروفيسور سعد الراشد في مجال الآثار ودراسات الحضارة والنقوش في الجزيرة العربية انطلاقاً من جوهرة أعماله في استكشاف طريق الحج من الكوفة إلى مكة

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق إقبال كبير على معرض «قمة الهرم» في الصين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض «حضارة مصر القديمة» في الصين يتجاوز المليون زائر

حققت المعارض الأثرية التي تقيمها مصر مؤقتاً في الخارج أرقاماً «قياسية» خلال العام الماضي 2024، وفق ما أعلنته وزارة السياحة والآثار.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

القاهرة الخديوية «المرهَقة» تسعى إلى استعادة رونق الزمن الجميل

كلّف الخديوي إسماعيل، المعماري الفرنسي هاوسمان، بتصميم القاهرة الخديوية وتنفيذها في وسط مدينة القاهرة عام 1867، وتصل المساحة التي خُصصت لذلك إلى 20 ألف فدان.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

أعلن عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، الأربعاء، عن اكتشاف بقايا معبد الوادي للملكة حتشبسوت بالأقصر (جنوب مصر)، مع عدد من الاكتشافات الأثرية الأخرى.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

سد مروي في شمال السودان  (سونا)
سد مروي في شمال السودان (سونا)
TT

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

سد مروي في شمال السودان  (سونا)
سد مروي في شمال السودان (سونا)

أعلنت قيادة «الفرقة 19 مشاة» التابعة للجيش السوداني، الاثنين، تصديها لهجوم بعدد من المسيَّرات الانتحارية التي استهدفت سد مروي، أكبر السدود في شمال البلاد، وتسبب في اندلاع حريق بأحد المحولات الرئيسية للكهرباء؛ ما أدى إلى انقطاعها في عدد من الولايات. وقالت في بيان على موقع «فيسبوك» في إطار حملتها الممنهجة لاستهداف المواقع العسكرية والمنشآت الحيوية: «حاولت (قوات الدعم السريع) استهداف كهرباء سد مروي بعدد من المسيَّرات الانتحارية». وأضافت أن «المضادات الأرضية تصدت للمسيَّرات، لكن هناك بعض الخسائر يجري إصلاحها». ووفقاً لمصادر محلية في مروي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، لم تقع أضرار أو إصابات وسط المدنيين.

والخميس الماضي، تعرضت قيادة الفرقة العسكرية في مروي لهجمات بالمسيَّرات تم إسقاطها دون وقوع خسائر في الأرواح. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أبطل الجيش السودان أكبر سلسلة من الهجمات بعدد 16 مسيَّرة مجهولة استهدفت مطار مروي الدولي، في حين لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.

وخلال الأشهر الماضية شهدت المناطق خارج نطاق القتال بين طرفي الصراع تزايداً في الهجمات بطائرات مسيَّرة استهدفت عدداً من المواقع العسكرية والمدنية، من بينها مدن شندي وعطبرة والقضارف في شرق السودان.

اتهامات بالانتهاكات

جنود من الجيش السوداني يحتفلون بعد دخولهم ود مدني في 12 يناير 2025 (رويترز)

من جهة أخرى، اتهم تجمع مدني قوات «درع البطانة» الموالية للجيش السوداني، بتنفيذ حملة انتقامية على أسس عرقية ضد سكان مدنيين في شرق ولاية الجزيرة، أحرقت خلالها طفلين داخل منازلهما، وقتلت 6 أشخاص، واختطفت 13 امرأة ورجلاً إلى جهة مجهولة، متهمة إياهم بالتعاون مع «قوات الدعم السريع» التي كانت تسيطر على المنطقة. وتناقلت الوسائط مقاطع فيديو لانتهاكات مريعة نفذتها عناصر بثياب عسكرية، تنظيم حملات منسقة ضد مدنيين بعد استرداد الجيش مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة.

وقالت «مركزية مؤتمر الكنابي» في بيان صحافي، إن سكان «الكنابي» في مناطق شرق أم القرى تعرضوا لانتهاكات جسيمة، وواجهوا «ممارسات إجرامية ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي».

و«الكمبو» كلمة محلية مشتقة من المفردة الإنجليزية (Camp)، وتعني «المعسكر»، وجمعها «كنابي». وسكان هذه الكنابي هم شريحة العمال الزراعيين الذين جاءوا من مناطق مختلفة من السودان، خصوصاً من الغرب، منذ أربعينات القرن الماضي للعمل في المشاريع الزراعية، واستوطنوا في تلك «الكنابي» وحوَّلوها قرى وتجمعات سكانية، وظلوا يواجهون التهميش. و«مركزية الكنابي» هي تجمع مهني يدافع عن حقوق هؤلاء السكان ومصالحهم.

وحذرت «مركزية الكنابي» مما أسمته «التحريض المستمر ضد سكان الكنابي»، مؤكدة أن السكان ظلوا على «الحياد الكامل في الحرب؛ حرصاً على سلامتهم، رغم أنهم ظلوا يتعرضون للانتهاكات منذ فجر التاريخ السوداني للانتهاكات».

وحمّل البيان الحكومة المسؤولية عن أمن وسلامة المواطنين وحمايتهم من الاعتداءات المتكررة، ودعا إلى إجراء تحقيق شفاف حول الانتهاكات، ومحاسبة المعتدين بمن فيهم قائد قوات «درع البطانة» أبو عاقلة كيكل، وإلى «وقف التحريض العرقي ومحاسبة مروجي خطاب الكراهية واستهداف فئة اجتماعية معينة».

«محامو الطوارئ»

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة وسط البلاد (أرشيفية -أ.ف.ب)

كما أدانت «محامو الطوارئ»، وهي هيئة حقوقية طوعية، التصفيات الميدانية لمدنيين بواسطة القوات المسلحة والميليشيات الحليفة لها، ووصفوا الاعتداءات على «كمبو طيبة» وشرق الجزيرة، بأن «يتخذ سياقاً عرقياً ومناطقياً يستهدف مكونات في ولاية الجزيرة بحجة التعاون مع (قوات الدعم السريع)».

ووفقاً للهيئة، فإن الانتهاكات تضمنت «القتل خارج نطاق القضاء، والتصفية، والاحتجاز غير المشروع، والخطف، والإذلال الجسدي والمعنوي، والتعذيب، والضرب الوحشي للمدنيين أثناء الاعتقال». كما أدانت الهيئة، في بيان، ما أسمته «انتهاكات القوات المسلحة في مدينة ود مدني»، واعتبرتها «جريمة حرب ارتُكبت في كمبو طيبة»، مستندة على مقاطع فيديو وصور بُثت على الوسائط الاجتماعية عقب استرداد المدينة، طالت مدنيين.

كما أدان «حزب المؤتمر السـوداني» ما أسماه «التحريض والاستهداف ضد سكان الكنابي»، مؤكداً أن المدنيين تعرَّضوا لعمليات استهداف بما يسمى «قانون الوجوه الغريبة»، متهماً الميليشيات المساندة للجيش بالولوغ في جرائم حرق واغتيال وتصفيات جسدية واختطاف النساء. وحذَّر الحزب من «انتشار خطابات التحريض ضد أهل الكنابي... من قِبل عناصر النظام البائد»، معتبراً انتهاكات الجزيرة «جرائم حرب، وجرائم تطهير عرقي»، تمت بتحريض من عناصر النظام البائد الذين اتهمهم ببث الفتنة وتأجيج الكراهية والعنصرية والقبلية، وإثارة الضغائن. وحمَّل الحزب «حكومة بورتسودان والقوات المسلحة» المسؤولية كاملة عن تلك الجرائم، ودعاها لحماية المدنيين، وتوعد بمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم عاجلاً أو آجلاً بقوله: «مرتكبو هذه الجرائم وغيرها من الانتهاكات والجرائم... ستطولهم يد العدالة لا محالة».