مقتل 10 مدنيين في هجوم لـ«الدعم السريع» بوسط السودان

قوات حميدتي استهدفت بلدة قريبة من قاعدة للجيش

نازحون على إحدى الطرق في ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
نازحون على إحدى الطرق في ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
TT

مقتل 10 مدنيين في هجوم لـ«الدعم السريع» بوسط السودان

نازحون على إحدى الطرق في ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
نازحون على إحدى الطرق في ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

قُتل ما لا يقل عن 10 مدنيين، وأصيب آخرون، الثلاثاء، في حصيلة أولية لما وُصف بـ«مجزرة جديدة» نفذتها «قوات الدعم السريع» في بلدة الهُدى التابعة لولاية الجزيرة بوسط السودان، وتبعد نحو 34 كيلومتراً عن أقرب قاعدة عسكرية للجيش السوداني.

وأفاد نشطاء سودانيون بأن القتلى والجرحى سقطوا جراء قصف مدفعي عشوائي لـ«الدعم السريع» استهدف منازل المواطنين، بينما لم يصدر تصريح رسمي من «الدعم» التي يقودها، محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي).

وقالت «لجان مقاومة ود مدني» وهي تجمُّع لنشطاء مدنيين في مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، إن «ميليشيا (الدعم السريع) تواصل ارتكاب المجازر الدموية بحق مواطني ولاية الجزيرة». وأضافت في بيان بثته عبر منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، الثلاثاء، أن «حصيلة الرصد الأولى تشير إلى وقوع ما يزيد على 10 قتلى» فضلاً عن وقوع عدد من الإصابات، وأن من بين الضحايا نساءً وأطفالاً.

ويحول انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في ولاية الجزيرة للشهر الخامس دون تدفق المعلومات بشأن الانتهاكات التي ترتكبها «الدعم السريع»، إذ تُسيطر على معظم أنحاء الولاية منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتقع بلدة الهُدى التي تعد مركزاً لتجمع عدد من القرى الصغيرة في أقصى غرب ولاية الجزيرة، وتتبع إدارياً محافظة المناقل، وهي المنطقة الوحيدة بالولاية التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني.

وقبل أقل من أسبوعين، ارتكبت «الدعم السريع» مجزرة كبيرة في بلدة ود النورة في ولاية الجزيرة، وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 مدني، وسقوط أعداد كبيرة من الجرحى.

وكان حميدتي قد وصف في خطاب للسودانيين بمناسبة عيد الأضحى، قبل يومين، ما حدث في ود النورة، بأنها «معركة عسكرية» بين قواته من جهة، والجيش، و«كتائب الحركة الإسلامية»، والمستنفرين، وأجهزة أمنية من جهة أخرى. وحذر بلهجة حاسمة من أن قواته لن تتهاون مع ما يُسمى «المقاومة الشعبية» التي رأى أن «فلول النظام المعزول» وعناصرهم في الجيش يتخذونها غطاءً لمواجهة «الدعم».

وتسعى «الدعم السريع» التي حشدت مزيداً من قواتها إلى تعزيز دفاعاتها مع الولايات المتاخمة للجزيرة للتقدم نحو مدينة المناقل، والسيطرة بالكامل على الجزيرة ذات الأهمية الاستراتيجية؛ إذ تعد من أكبر ولايات البلاد، ويقطنها أكثر من 8 ملايين نسمة، إضافة إلى استقبالها مئات الآلاف الفارين من مناطق النزاع، وعلى وجه الخصوص من العاصمة الخرطوم.

ونقلت حسابات مؤيدة لـ«الدعم»، الثلاثاء، مقاطع مصورة أشارت إلى ما وُصف بـ«اختراق كبير» بتجاوز دفاعات ينصبها الجيش السوداني لحماية محافظة المناقل، بينما لم يصدر بيان رسمي عن «الدعم» يؤكد صحة تلك المعلومات.

ويثير عدم تحرك قوات الجيش السوداني من مركزها الرئيسي في المناقل لحماية المدنيين في البلدات والقرى حفيظة سكان الجزيرة، ويعتقد بعضهم أن الجيش تركهم عزلاً بمواجهة الآلة الحربية لـ«الدعم السريع».

عناصر من وحدة «المهام الخاصة» بالجيش السوداني (أ.ف.ب)

وبحسب ما رصدت «الشرق الأوسط»، فإن الآلاف من «قوات الدعم السريع» ينتشرون في غالبية البلدات والقرى بالجزيرة. ومع ازدياد الانتهاكات التي تشهدها بلدات وقرى وسط البلاد، بدأ السكان بالتذمر والسخط من عدم تحرك قوات الجيش لحمايتهم.

ووفقاً لمصادر محلية من قرى مجاورة لبلدة الهُدى تحدثوا لــ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم ذكر هوياتهم، فإن سكان تلك المناطق ذهبوا أكثر من مرة للاستنجاد بحامية الجيش التي أبلغتهم بأنها «ليست لديها أوامر» من القيادة العليا بالتصدي لـ«الدعم السريع».

وعبَّر زعيم أهلي لمجموعة سكانية كبيرة تنتشر في معظم ولاية الجزيرة عن غضبه واستيائه الشديدين مما وصفه بـ«عدم اكتراث الجيش» لما يواجهه مئات الآلاف من المواطنين من «انتهاكات فظيعة» بحق المدنيين، بينما يظل «متفرجاً على تلك الأوضاع»، وفق قوله.

وقال الزعيم الأهلي: «وفقاً لتوغل (الدعم السريع)، نتوقع أن تشهد الأيام المقبلة معارك ضارية في ذلك المحور الجغرافي الذي يُعد من الناحية الاستراتيجية منطقة مهمة للجيش السوداني، ولا يمكن التفريط فيها».


مقالات ذات صلة

«فسيفساء جبهات القتال المتغيرة» في السودان

شمال افريقيا إيمان وأيمن التوأمان داخل وحدة سوء التغذية بمستشفى الأطفال بأم درمان (نيويورك تايمز)

«فسيفساء جبهات القتال المتغيرة» في السودان

ديكلان والش، كبير مراسلي صحيفة «نيويورك تايمز» في أفريقيا، يكتب من السودان... بلد لم يتمكن سوى عدد قليل من الصحافيين من الدخول إليه وسط حرب أهلية.

ديكلان والش (نيروبي)
شمال افريقيا رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه شاحنات الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر «أدري» الحدودي الحيوي مع تشاد.

ديكلان والش (نيويورك)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

«الخارجية السودانية»: ندرس المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار

تقتصر المحادثات بين طرفي القتال في السودان؛ الجيش و«الدعم السريع»، على بحث وقف إطلاق النار والعنف في جميع أنحاء البلاد، لتمكين وصول المساعدات.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا مسلّحون من «الدعم السريع» في سنار (مواقع التواصل)

«الدعم السريع» يعلن الاستيلاء على السوكي وإحكام الحصار على سنار

تعد مدنية السوكي واحدة من مدن ولاية سنار الاستراتيجية وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 300 كيلومتر.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس الإريتري آسياس أفورقي (تصوير: بشير صالح)

أفورقي يفاجئ الجيش بطرد القائم بأعمال السفارة السودانية في أسمرا

«التحول الراهن في الموقف الإريتري، يمكن أن يكون حافزاً لاستعادة الموقف الإريتري لجانب القوى المدنية، إذا ضربنا على الحديد وهو ساخن».

أحمد يونس (كمبالا)

الأمن الروسي يعلن إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد

وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
TT

الأمن الروسي يعلن إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد

وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)

نقلت وكالة الإعلام الروسية عن جهاز الأمن الاتحادي الروسي قوله، السبت، إنه أحبط سلسلة هجمات إرهابية مزمعة لمسلحين في جمهورية داغستان جنوب البلاد. ويُشتبه أن هذه الهجمات كانت ستستهدف قوات من الشرطة وكنيسة أرثوذكسية، بحسب تصريحات مسؤولين أمنيين في روسيا. وقال الجهاز بحسب ما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء، إنه اعتقل 3 مواطنين روس في مدينة كاسبيسك، هم أعضاء في منظمة إرهابية دولية، إلا أنه لم يذكر اسمها. مضيفاً أن المحققين صادروا عبوات ناسفة بدائية الصنع وأسلحة أخرى. مضيفاً في بيان له أنه «أحبط بالتعاون مع وزارة الداخلية الروسية، سلسلة جرائم إرهابية في أراضي جمهورية داغستان».

وتابع البيان موضحاً: «نتيجة للأنشطة التي تم تنفيذها في مدينة كاسبيسك، تم اكتشاف واحتجاز 3 من السكان المحليين، وهم مواطنون روس من أتباع منظمة إرهابية دولية محظورة في أراضي روسيا، كانت لديهم نية لارتكاب أعمال تخريبية وإرهابية، ضد وكالات إنفاذ القانون، وكذلك كنيسة أرثوذكسية في مدينة كاسبيسك».

وحسب البيان ذاته، فقد تم العثور في أماكن إقامة المعتقلين في كاسبيسك على عبوات ناسفة وأسلحة، وتعليمات خاصة بتنفيذ عمليات قتالية في المناطق الحضرية والحرجية. مشيراً إلى أن المعتقلين «أدلوا باعترافات»، ورفعت هيئات التحقيق التابعة لهيئة الأمن الفيدرالية دعوى جنائية، وتحقق فيها بموجب مواد «التحضير لعمل إرهابي»، و«تنظيم جماعة إرهابية والمشاركة فيها»، و«إنتاج المتفجرات بصورة غير قانونية» من القانون الجنائي لروسيا.

يشار إلى أن السلطات الأمنية أجرت عملية أمنية في كاسبييسك، الجمعة.

واندلع عنف الإسلاميين المتشددين من جديد في الأشهر القليلة الماضية في شمال القوقاز الذي مزقته حروب وحملات تمرد من الشيشان في تسعينات القرن الماضي، والعقد الأول من الألفية الحالية. وقُتل 22 شخصاً الشهر الماضي في هجمات متزامنة على كنائس ومعابد يهودية، ونقاط تفتيش تابعة للشرطة في مدينتين. وأدى هجوم عنيف، أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنه، إلى مقتل 145 شخصاً في مارس (آذار) الماضي في قاعة حفلات على مشارف موسكو. واعتقلت روسيا المسلحين المشتبه بهم، وعدداً ممن تعتقد أنهم شركاء لهم، وأغلبهم من مواطني طاجيكستان، وينتظرون المحاكمة حالياً.

وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، تعرضت مدينتا ديربنت ومحج قلعة في داغستان لاعتداء إرهابي استهدف كنيستين أرثوذوكسيتين، وكنيساً يهودياً ومركزاً لشرطة المرور، ما أدى إلى مقتل 20 شخصاً وإصابة أكثر من 40 آخرين.

وأعلنت قوات الأمن في داغستان القضاء على 6 مسلحين، 4 منهم في محج قلعة و2 في دربنت.