تركيا: رياح «التطبيع السياسي» تهز قيادة أوزيل لأكبر أحزاب المعارضة

جناح رافض لحواره مع إردوغان يخطط لإبدال إمام أوغلو به

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل أوزيل بمقر حزب العدالة والتنمية في 2 مايو في إطار «التطبيع السياسي» في تركيا (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل أوزيل بمقر حزب العدالة والتنمية في 2 مايو في إطار «التطبيع السياسي» في تركيا (الرئاسة التركية)
TT

تركيا: رياح «التطبيع السياسي» تهز قيادة أوزيل لأكبر أحزاب المعارضة

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل أوزيل بمقر حزب العدالة والتنمية في 2 مايو في إطار «التطبيع السياسي» في تركيا (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل أوزيل بمقر حزب العدالة والتنمية في 2 مايو في إطار «التطبيع السياسي» في تركيا (الرئاسة التركية)

كشفت مصادر في حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا عن مساع من جانب جناح بالحزب للإطاحة برئيسه أوزغور أوزيل وإحلال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو محله بسبب مبادرة أوزيل للحوار مع الأحزاب في إطار عملية «التطبيع السياسي» ولقائه الرئيس رجب طيب إردوغان مرتين خلال 40 يوماً وهو ما عدوه انجراراً إلى طريق إردوغان بدلاً من معارضته.

وتحدثت مصادر بالحزب عن وجود جناح داخل الحزب يضم مسؤولين كباراً يشعر بالاستياء من نهج أوزيل، ويسعى للإطاحة به واستبدال إمام أوغلو به خلال المؤتمر العام للحزب في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بدعم من رئيس الحزب السابق كمال كليتشدار أوغلو.

تنسيق مع كليتشدار أوغلو

وحسبما نقل الكاتب في صحيفة «جمهوريت» الناطقة بلسان حزب الشعب الجمهوري، باريش ترك أوغلو، فإن عضوا باللجنة التنفيذية المركزية للحزب زار كليتشدار أوغلو، الذي سبق وأبدى غضبه من مبادرة أوزيل للقاء إردوغان، قائلاً «إن المعارضة لا تتحاور مع القصر بل تناضل ضده»، واقترح عليه أن يتم تحويل المؤتمر العام للحزب في نوفمبر من مؤتمر لتجديد ميثاق الحزب إلى مؤتمر استثنائي لانتخاب رئيس جديد له.

ونقل ترك أوغلو عن مصادر في الحزب أن المسؤول التنفيذي الذي يحتل منصباً كبيراً فيه، والذي لم يحدده بالاسم، ذكر أنه سيتم عقد لقاء قريب بين كليتشدار أوغلو وإمام أوغلو، بعد انقطاع اللقاءات بينهما عقب الانتخابات الرئاسية التي خسرها كليتشدار أوغلو بفارق ضئيل أمام إردوغان في الجولة الثانية التي أجريت في 28 مايو (أيار) 2023.

وكانت اللقاءات انقطعت بين كليتشدار أوغلو وإمام أوغلو بعدما صرح الأول عقب خسارته الانتخابات الرئاسية بأنه خاض الانتخابات والخنجر في ظهره، متهماً إمام أوغلو، الذي وصفه في السابق بـ«ابنه» بتوجيه طعنة له في ظهره بدعوته إلى التجديد في قيادة الحزب.

والأسبوع الماضي، أبلغ إمام أوغلو أحد نواب الحزب بالبرلمان زاره بمقر بلدية إسطنبول أنه يرغب في لقاء كليتشدار أوغلو على العشاء قريباً في أنقرة، وأنه سعى كثيراً للاتصال به ولم يتمكن إلا مرة واحدة، وأنه خطط لعقد لقاء معه عقب الانتهاء من انتخابات اتحاد البلديات في إسطنبول الذي فاز برئاسته الشهر الماضي.

وذكر ترك أوغلو أنه اتصل بالمسؤول التنفيذي الذي التقى كليتشدار أوغلو، بعدما انتشر في كواليس أنقرة أن هناك خططاً للتغيير في قيادة الحزب، وأنه أكد له هذه الادعاءات، وأن الحزب بحاجة إلى العودة إلى المسار المناهض لإردوغان قبل أن يفقد هويته بسبب نهج أوزيل.

رفض للتطبيع السياسي

من جانبه، أكد الكاتب في صحيفة «حرييت» القريب من دوائر الرئاسة التركية، عبد القادر سيلفي، أن عملية «التطبيع السياسي» التي أطلقها أوزيل عقب فوز حزب الشعب الجمهوري بالمرتبة الأولى في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي، تلقى معارضة من جانب كليتشدار أوغلو وإمام أوغلو، فضلاً عن أن حزب الحركة القومية برئاسة دولت بهشلي، شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب» يرفض عملية التطبيع من الأساس.

وأثارت عملية التطبيع جدالاً وانقساماً شديدين في الأيام الأخيرة بعد الزيارة التي قام بها إردوغان إلى حزب الشعب الجمهوري، الثلاثاء الماضي، رداً على زيارة أوزيل له بحزب العدالة والتنمية في 2 مايو الماضي.

وأدلى بهشلي ببيان لوح فيه بالخروج من «تحالف الشعب» معتبراً أن حزبه يتعرض لاتهامات لا أساس لها، وأن حزب العدالة والتنمية بإمكانه أن يشكل تحالفاً مع الشعب الجمهوري.

ورد أوزيل منتقداً بيان بهشلي، معتبراً أن هناك مشاكل في «تحالف الشعب» ودعاه، خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول الخميس، إلى عدم تسطيح الأمور، ومحاولة إلقاء شراكته في الجريمة التي ارتكبها تحالفهم بحق الشعب التركي نتيجة الإدارة السياسية والاقتصادية الخاطئة في البلاد على حزبه.

وأغضبت تصريحات أوزيل إردوغان الذي قال في تصريحات السبت إن رئيس حزب الشعب الجمهوري لم يستطع تحمل أو هضم زيارتنا له في مقر حزبه، وأنه ذهب وعقد مؤتمراً صحافياً في إسطنبول وبدا أنه خضع فيه لتأثير شخص معين، في إشارة ضمنية إلى رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. كما وصف المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر تشيليك، تصريحات أوزيل بأنها «عدوان سياسي يفتقد إلى الكياسة».

وقاد أوزيل مع إمام أوغلو تياراً للتجديد في حزب الشعب الجمهوري، الذي أنشأه مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك قبل 100 عام، ونجح في انتزاع رئاسة الحزب من كليتشدار أوغلو، عقب الإخفاق في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو الماضي، في مؤتمر عام استثنائي عقد في يوليو (تموز) من العام الماضي لانتخاب رئيس جديد للحزب.

وخلال أقل من عام واحد من انتخابات مايو، نجح حزب الشعب الجمهوري تحت قيادة أوزيل في تصدر الانتخابات المحلية في 31 مارس الماضي، بحصوله على نحو 38 في المائة من الأصوات، وهي المرة الأولى التي يفوز فيها على حزب العدالة والتنمية خلال 22 عاماً، والمرة الأولى التي يعود فيها إلى صدارة الأحزاب في تركيا بعد 47 عاماً.


مقالات ذات صلة

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

شؤون إقليمية جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

ناقش وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، وهي الدول الثلاث الضامة لمسار أستانا، الأوضاع في سوريا على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول قبل توجهه إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)

إردوغان يتّهم إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في لبنان

اتّهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في لبنان، وندد بـ«الهجمات الوحشية» التي استهدفت «حزب الله»

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية تعزيزات عسكرية في الطريق إلى معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسوريا (وسائل إعلام تركية)

تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى إدلب وحلب

دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى نقاطه العسكرية المنتشرة في شرق إدلب وريف حلب الغربي الواقعة ضمن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده ستعيد تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

إردوغان: هجمات إسرائيل على لبنان ستستمر ما دام الغرب صامتاً

نقلت وسائل إعلام، الخميس، عن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قوله إن هجمات إسرائيل على لبنان التي تستهدف جماعة «حزب الله» ستستمر ما دام الغرب صامتاً.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

نتنياهو: القضاء على نصر الله سيُغير ميزان القوى في الشرق الأوسط

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

نتنياهو: القضاء على نصر الله سيُغير ميزان القوى في الشرق الأوسط

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، السبت، إن القضاء على الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية حسن نصر الله يُمثل نقطة تحوُّل تاريخية يمكن أن تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط، لكنه حذّر في الوقت ذاته من «أيام صعبة» مقبلة.

وأضاف نتنياهو، في بيان نقلته وكالة «رويترز» للأنباء: «القضاء على نصر الله كان خطوة ضرورية نحو تحقيق الهدف الذي حددناه، وهو إعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم، وتغيير ميزان القوى في المنطقة لسنوات مقبلة».

وأكد نتنياهو أن إسرائيل «صفّت الحساب» باغتيال نصر الله. وصرّح في فيديو: «لقد صفينا الحساب مع المسؤول عن مقتل عدد لا يُحصى من الإسرائيليين، وعدد من مواطني الدول الأخرى، من بينهم مئات الأميركيين وعشرات الفرنسيين».

وعَدّ أن «نصر الله لم يكن مجرد إرهابي آخر، بل كان الإرهاب. لقد كان محرك محور الشر الإيراني». وأضاف: «ما دام بقي نصر الله على قيد الحياة، فسوف يستعيد بسرعة قدرات (حزب الله) التي تآكلت»، و«لذلك، أعطيت الأمر... ونصر الله لم يعد معنا».

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أنّ اغتيال نصر الله، سيسرّع إعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة. وقال إنّ «تصفيته... تُعزّز (فرص) عودة أسرانا في الجنوب. وكلما رأى (زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار) أنّ (حزب الله) لن يأتي لمساعدته بعد الآن، زادت فرص إعادة أسرانا»، مضيفاً أن إسرائيل «مصمّمة على مواصلة» ضرب أعدائها.

وقتلت إسرائيل نصر الله في غارة جوية كبيرة على بيروت، ما وجّه ضربة قاصمة للجماعة المدعومة من إيران، في الوقت الذي تتعرض فيه لحملة متصاعدة من الهجمات الإسرائيلية.

وقال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه قتل نصر الله في الغارة التي استهدفت مقر القيادة المركزي للجماعة اللبنانية في الضاحية الجنوبية لبيروت، الجمعة. وأكد «حزب الله» مقتل نصر الله دون الإفصاح عن أي تفاصيل.

ولا يُمثل مقتل نصر الله ضربة كبيرة لـ«حزب الله» فحسب بل لإيران أيضاً؛ إذ أطاحت الغارة الجوية بحليف قوي لها، ساعد في أن يكون «حزب الله» في طليعة الجماعات المتحالفة مع طهران في المنطقة.