أسباب دفعت «ولاد رزق 3» لتحقيق إيرادات قياسية في مصر

بعض مشاهد الفيلم صُوّرت في «موسم الرياض»

صناع وأبطال الفيلم على السجادة الحمراء في العرض الخاص للعمل (الشركة المنتجة)
صناع وأبطال الفيلم على السجادة الحمراء في العرض الخاص للعمل (الشركة المنتجة)
TT

أسباب دفعت «ولاد رزق 3» لتحقيق إيرادات قياسية في مصر

صناع وأبطال الفيلم على السجادة الحمراء في العرض الخاص للعمل (الشركة المنتجة)
صناع وأبطال الفيلم على السجادة الحمراء في العرض الخاص للعمل (الشركة المنتجة)

واصل فيلم «ولاد رزق... القاضية» تصدره شباك التذاكر في مصر، محققاً أرقاماً قياسية جديدة من بينها أعلى إيراد يومي في أول أيام عيد الأضحى بأكثر من 18 مليون جنيه (الدولار يعادل 47.6 جنيه في البنوك المصرية)، وليكون أسرع فيلم سينمائي مصري يحقق 48 مليون جنيه في 4 أيام عرض فقط.

وجاءت الإيرادات الكبيرة في مصر بالتزامن مع إعلان نفاد تذاكر العروض بالحفلات السينمائية في السعودية التي شهدت تصوير جزءٍ رئيسيٍ من أحداث الفيلم ضمن فعاليات موسم الرياض وتحديداً في «البوليفارد» بجانب عدد من مشاهد المطاردات التي صورت في شوارع الرياض.

أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على فيسبوك)

وعزا نقاد مصريون وسعوديون أسباب تفوق الفيلم بشباك التذاكر إلى تميزه فنياً، مع تقديم إبهار بصري ومشاهد أكشن بشكل احترافي بجانب الحبكة الدرامية التي جاءت في أفضل صورها مقارنة بالجزأين السابقين اللذين حققاً إيرادات كبيرة عند طرحهما بالصالات السينمائية.

أحداث الجزء الجديد تنطلق من عودة «ولاد رزق» بعد سنوات من نهاية أحداث الجزء الثاني، مع اختيار كل منهم لحياته الجديدة في أعمال مختلفة وقانونية بعيداً عن عمليات السرقة والنصب التي كانوا يقومون بها، لكن الحياة لا تسير كما خططوا مع عودة عدوهم القديم «صقر» الذي يقوم بدوره سيد رجب.

الملصق الدعائي للفيلم (الشركة المنتجة)

بإيقاع سريع تتبدل الحياة المستقرة إلى وضع مضطرب، تزداد مع اضطرارهم لتنفيذ عملية جديدة يستعيدون فيها نشاطهم الإجرامي، لكن هذه المرة في الرياض وليس داخل مصر، مع سعيهم لسرقة ساعة نادرة خلال ارتداء الملاكم تايسون فيوري خلال مباراته في موسم الرياض، لينتقل أبناء «عين الصيرة» لتنفيذ عمليتهم الأولى في السعودية.

هذه المرة يغيب أحمد الفيشاوي وأحمد داود عن الأحداث بعد مشاركتهما في الجزأين السابقين، فيما يدخل علي صبحي ليكون برفقة «ولاد رزق» في الأحداث، مع دور محوري للممثل أحمد الرافعي، وظهور شرفي للفنان كريم عبد العزيز في نهاية الفيلم، الذي كتبه صلاح الجهيني، ويقوم ببطولته أحمد عز، وعمرو يوسف، وكريم قاسم بجانب نسرين أمين ومحمد ممدوح.

لا يسهب الفيلم في تفاصيل الشخصيات وخلفياتها بما فيها أصحاب الأدوار الغائبة، الثنائي الأبرز أحمد الفيشاوي «رجب»، وأحمد داود «عاطف» صديقه المخلص الذي سيكون بالتبعية متورطاً معه، في حين جاء ظهور أسماء جلال بشخصية «حبيبة ربيع» عمرو يوسف، التي تغير عليه لتكون بمثابة خط جديد في الجانب الاجتماعي بالأحداث.

وإلى جانب إشادته بالمستوى الذي ظهر عليه الفيلم، وجعله مؤهلاً لحصد إيرادات استثنائية في شباك التذاكر ليس في مصر والسعودية فقط، ولكن في جميع الدول العربية، يؤكد الناقد المصري طارق الشناوي أن «جزءاً رئيسياً من المتعة الموجودة في العمل ارتبطت بالتوليفة الموجودة في الأحداث». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الفيلم يحمل جميع مقومات العمل الناجح من دراما وأكشن»، لافتاً إلى «أن مزج الفيلم بين الأكشن والمعالجة الاجتماعية مع اللمسة الكوميدية الموجودة في الأحداث، ساهم في أن يحتمل الجمهور مدته الطويلة».

في حين يشيد الناقد المصري أندرو محسن بالسيناريو والمعالجة التي قدمت في الأحداث والتي اعتمدت على تقديم «تويستات» في المشاهد بشكل يفاجئ الجمهور بعدما قُدّمت في الجزأين السابقين بأشكال متباينة.

صلاح الجهيني مؤلف الفيلم مع عمرو يوسف وعلي صبحي وكريم قاسم (الجهيني)

ويتحدث السيناريست صلاح الجهيني لـ«الشرق الأوسط» عن فكرة الجزء الجديد التي ارتبطت بشكل رئيسي بالملاكم تايسون فيوري، والتي لم يكن من الممكن تحقيقها من دون دعم من «هيئة الترفيه»، مشيراً إلى أن «التصوير جرى مع افتتاح الحلبة في (موسم الرياض)».

وأضاف أن هناك كثيراً من التسهيلات التي تمت لخروج الفيلم بهذا الشكل خصوصاً في مشاهد الأكشن.

ورأى أندرو محسن أن «المخرج طارق العريان نجح في تقديم مشاهد الأكشن بصورة متميزة بصرياً بجانب حفاظه على خصوصية الفيلم وطبيعته».

الفنان المصري أحمد عز في لقطة من «ولاد رزق 3» (الشرق الأوسط)

وهو ما يتفق معه الناقد السعودي أحمد العياد الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «العريان درس الرياض بشكل جيد قبل تصوير الفيلم ولم يجعل المطاردات أو الوجود في «موسم الرياض» مقحماً على الأحداث.

ويشير العياد إلى أن النجاح الذي حققه الفيلم بجزأيه السابقين وحالة الترقب الكبيرة للجزء الجديد مع تصوير جزء منه في السعودية أمور ساهمت في الإقبال الكبير على مشاهدته بالصالات السينمائية فور طرحه، الأمر الذي يتوقع استمراره لفترة طويلة في ظل إعجاب الجمهور بالفيلم.

تأكيدات صناع الفيلم تطلعهم لجزء رابع أمر يرى الناقد طارق الشناوي أنه «طبيعي ومتوقع»، في ظل رد الفعل الكبير من الجمهور على استقبال «ولاد رزق» لكريم عبد العزيز في مشهد النهاية والتصفيق الحاد الذي يحظى به هذا الظهور في قاعات العرض، لافتاً إلى أن نهاية الفيلم تقول إننا ما زلنا في انتظار المزيد من الأجزاء.

ويدعم العياد هذا الرأي بتأكيده وجود ترقب من الآن لمشاركة كريم عبد العزيز في الفيلم، معداً أن الجزء الجديد سيكون أحد أهم إنتاجات السينما العربية المرتقبة خلال السنوات القليلة المقبلة.


مقالات ذات صلة

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون «المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق ماغي سميث في لقطة من عام 2016 (أ.ف.ب)

ماغي سميث سيدة الأداء الساخر

بأداء عملاق وخفة ظل وسخرية حادة تربعت الممثلة البريطانية ماغي سميث على قلوب معجبيها، كما جمعت بين الجوائز وبين حب الجمهور.

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق داليا تشدّد على أنها لن تطلب العمل من أحد (الشرق الأوسط)

داليا البحيري لـ«الشرق الأوسط»: لن أطرق باب أحد من أجل العمل

قالت الفنانة المصرية داليا البحيري إن التكريم الذي يحظى به الفنان يكون له وقع رائع على معنوياته إذ يُشعره بأنه يسير في الطريق الصحيح.

انتصار دردير (سلا (المغرب))

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
TT

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)

يسجّل الشاعر سمير نخلة حالة خاصة بكلام الأغاني التي يكتبها. يتعرّف سامعها بسرعة على أنه هو موقّعها. تعاون مع أهم النجوم في لبنان والعالم العربي. حقق نجاحات متتالية مع فنانين مشهورين أمثال عاصي الحلاني، ونانسي عجرم، ووائل كفوري، ونجوى كرم، وراغب علامة وغيرهم.

كتب «بزعل منّك» لديانا حداد و«أنا هيفا» لهيفاء وهبي و«كلما غابت شمس» لملحم زين، فشكّلت مجموعة أغنيات من فئة العمر المديد. وفي «لون عيونك غرامي» لنانسي عجرم حقق نجاحاً هائلاً. فهو لا يزال يحصد صدى أعماله تلك حتى اليوم.

مع الفنان الراحل وديع الصافي (سمير نخلة)

وكما في الأغنية الرومانسية كذلك في الأعمال الوطنية استطاع سمير نخلة أن يحفر في ذاكرة اللبنانيين، ولعلّ أغنية جوزيف عطيّة «الحق ما بموت» من أشهر ما قدّمه في هذا الإطار.

فقلّة من الأغاني الوطنية التي تستطيع أن تحقق الانتشار الواسع على مدى سنوات طويلة. عمرها الذي ناهز الـ15 عاماً لم يقهره الزمن، وتُعدّ اليوم بمثابة نشيد وطني يتفاعل معه اللبنانيون في كلّ مرّة يستمعون إليها.

يقول الشاعر سمير نخلة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن للأغنية الوطنية صفات خاصة كي تنجح. وإن كلاماً كثيراً اختصرته أغنيات وطنية لم تحقق هدفها.

ويتابع: «لا بدّ أن تنبع من الروح فلا تكون مجرّد صفّ كلام»، وهذا ما يفعله في كلمات أغنياته الوطنية وغيرها. وتابع: «لذا تصل إلى قلوب الناس بسرعة. فما ينبع من القلب لا يمكن أن يخطئ. كما أن التركيبة الثلاثية للأغنية من شاعر وملحن ومغنٍّ، تلعب دوراً مهماً».

يتشارك نخلة ملاحظات العمل مع الملحن والمغني، يقول: «أحياناً تُعدّل عبارة أو نوتة موسيقية أو أسلوب أداء. فالأمر يتطلّب اجتماع الركائز الثلاث على قاعدة الانسجام».

أغنية «الحق ما بموت» التي لحّنها هشام بولس وكتبها سمير نخلة وغناها جوزيف عطية نجحت في الامتحان. وهي اليوم تعدّ من ريبرتوار الأغاني الوطنية الأشهر في لبنان. ونسأل الشاعر نخلة عن سبب الوقت الطويل الذي يفصل بين أغنية وطنية ناجحة وأخرى مثلها، يوضح: «الأغنية الوطنية صعبة الولادة وعندما كتبت (الحق ما بموت) استلهمتها من حلم يراودني. كنت حينها أحلم بلبنان ينتفض من كبوته ويستعيد دوره الريادي في العالم العربي. كل هذا الحب والشغف تجاه وطني فرّغته في كلمات هذه الأغنية. وهذه الأحاسيس الدفينة والعميقة لا يمكن أن تحضر بسهولة».

الشاعر سمير نخلة يرى أن ولادة الأغنية الوطنية صعبة (سمير نخلة)

وإذا ما تصفّحنا مشهدية الأغنيات الوطنية في لبنان، لاحظنا أن الرحابنة كانوا الأشهر فيها. وقد استطاعوا أن يُنتجوا كثيراً منها بصوت فيروز. ويعلّق نخلة: «كانت مسرحيات الرحابنة لا تخلو من الأغاني الوطنية. ويعدّونها أساسية بحيث تؤلّف مساحة لا يستهان بها من باقي الأعمال الغنائية المغناة بصوت فيروز. وأنا شخصياً معجب بعدد كبير من تلك الأغنيات. ومن بينها (رُدّني إلى بلادي) و(بحبك يا لبنان) و(وطني) وغيرها».

ولكن، ما ينقص الساحة اليوم لتوليد أغنيات بهذا المستوى؟ يقول: «زمن اليوم تبدّل عن الماضي، وأصبح العمل الرديء يطغى. ولكن لا شيء يمكن أن يمحو الأصالة. وعلى هذا الأساس نلحظ موت تلك الأغنيات بسرعة. ولكن ولحسن الحظ لا يزال لبنان ولّاداً لشعراء أصحاب أقلام جيدة. فإضافة إلى مخضرمين مثلي تلوح على الساحة أسماء جيل شاب يمكن التّعويل على الكلام الذي يكتبونه».

حالياً يعيش لبنان حالة حرب قاسية، فهل ألهمته كتابة أغنية وطنية؟ يردّ في سياق حديثه: «ما نعيشه اليوم مليء بالمآسي. ولا أستطيع شخصياً أن أكتب في هذه الأجواء. أميل أكثر إلى كتابة الكلام المفعم بالأمل وقيامة لبنان».

عادة ما يحصد المغني شهرة أغنية معينة، ويغيّب - إلى حدّ ما - اسم كلّ من ملحنها وكاتبها. يعلّق الشاعر سمير نخلة: «الكلمة في الأغنية هي الأساس، وهناك ألحان جميلة لم تلفت النظر بسبب ضعف الكلمة المغناة. وبشكل عام الملحن والشاعر لا يُسلّط الضوء عليهما. بعض الأحيان، نلاحظ أن الملحن يحاول الترويج لعمله من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك بالكاد تبقى مكانته محفوظة في الأغنية».

يعتب نخلة على المطرب الذي لا يذكر اسم ملحن وشاعر أغنية يقدّمها، «لا أتوانى عن التدخل مباشرة إذا ما لاحظت هذا الأمر. أتصل بالمغني وأصارحه بأنه نسي ذكر اسمي شاعراً، فأنا متابع جيد لعملي. وأحياناً، عندما يُكتب اسم شاعر آخر بدل اسمي على قناة تلفزيونية ألفت نظرهم إلى ضرورة تصحيح الخطأ».

يعاني الشعراء في لبنان من عدم حصولهم على حقوق الملكية لمؤلفاتهم، «هل تعرفين أنه على المغني دفع نسبة 8 في المائة من أرباح حفلاته للملحّن والشاعر. وهذا بند مدرج ضمن نص حقوق الملكية الفكرية في لبنان، ولكنه لا يُطبّق. في الدول الأجنبية الأمر طبيعي. وأركان العمل الغنائي تصلهم حقوقهم بلا أي معاناة. ولكن مع الأسف حقوقنا في لبنان مهدورة ولا أحد يهتمّ بها».