حذَّر عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، من أن ليبيا باتت اليوم «معرضة للتقسيم»، وتواجه ما وصفه بـ«خطر عظيم»، بينما التزم الصمت حيال تعرض عبد المجيد مليقطة الذي يعد بمثابة عراب وصوله إلى السلطة، لمحاولة اغتيال بتفجير سيارته في العاصمة طرابلس، أمس الجمعة.
واستغل الدبيبة افتتاحه «المسجد الكبير» بمدينة الأصابعة، خلال زيارته لها مساء الجمعة، للفت الانتباه إلى أن «هناك من يريد تقسيم البلاد، من أجل فتات أو أموال أو ثروات»، وطالب بأن «نرفع أصواتنا بأن تكون البلاد وحدة واحدة، حتى لو سنموت في سبيلها».
وقال الدبيبة موجهاً كلامه لمن وصفهم بأعداء البلاد، دون أن يحددهم: «يريدون العودة بنا إلى الوراء؛ لكنني أقول لهم: لن نعود إلى الأيام السوداء التي كنا نحارب فيها بعضنا البعض أبداً»، لافتاً إلى أن «من جعلونا في الظلام طيلة السنوات العشر الماضية يريدون أن يستمروا في مساعيهم».
وفي معرض حديثه عن الاقتصاد، جادل الدبيبة مجدداً بأن الوضع الاقتصادي في البلاد «جيد»، وقال إن ليبيا «تنتج اليوم ما يكفيها ويزيد من النفط»، واتهم المصرف المركزي بالمسؤولية عن أزمة السيولة، داعياً إياه إلى تغيير سياساته بشكل جذري «في المصارف التي بدورها تستغل ظروف البلاد»، والتي قال إنه «لا سلطة لديه عليها». كما انتقد الدبيبة مجدداً قرار المصرف فرض ما وصفها بـ«ضريبة ظالمة» على النقد الأجنبي التي تُؤخذ من جيب المواطن الليبي، ولا مبرر لها في ظل ما وصفه باستقرار الوضع الاقتصادي.
ومع افتتاحه «المسجد الكبير» افتتح الدبيبة أيضاً خلال زيارته لمدينة الأصابعة مدرسة «الوفاق» للتعليم الأساسي، بعد الانتهاء من إنشائها.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت مصادر أمنية وطبية نجاة عبد المجيد مليقطة، عضو الحوار السياسي، ورئيس الشركة الليبية لإدارة المشاريع المشتركة مع القطاع الخاص، من محاولة اغتيال، مساء الجمعة، باستهداف سيارته بعبوة ناسفة، وُضعت في سيارة تم ركنها بالطريق. وقالت المصادر إن الانفجار صاحبه تصاعد دخان أسود، وسماع بضع طلقات رصاص بالمكان، بينما أظهرت لقطات مصورة بثتها وسائل إعلام محلية، تفحم السيارة تماماً.
وتعد هذه ثاني محاولة اغتيال من نوعها تشهدها العاصمة طرابلس، خلال أقل من أسبوع، وذلك بعد أيام من محاولة مماثلة لاغتيال لطفي الحراري، رئيس جهاز الأمن الداخلي بحكومة «الوحدة».
ولم يعلِّق مليقطة، أو الشركة التي يرأسها على الحادث؛ لكن مقربين منه قالوا إنه أصيب بإصابات طفيفة، وانتقل من المستشفى عقب محاولة اغتياله إلى خارج البلاد.
واتُّهم مليقطة في السابق بأنه عرَّاب الصفقات السياسية التي سهلت للدبيبة وصوله إلى السلطة.
ووصف خالد المشري، الرئيس السابق لمجلس الدولة، محاولة الاغتيال، بالعمل الإجرامي والإرهابي، ودعا في بيان الأجهزة الأمنية لفتح تحقيق بشأن الحادثة، والكشف عمن يقف وراءها.
بدوره، اعتبر أحمد حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أن هذه العملية بمثابة «منحنى خطير جداً، وكشف لحقيقة الأمن والاستقرار الوهمي الذي تصدره حكومة (الوحدة)، وتؤكد أهمية إصلاح الوضع الأمني».
ولم تعلق مديرية أمن طرابلس على الحادث، على الرغم من أنها بثت مساء الجمعة صوراً لتمركزات أمنية تابعة لها، خلال أداء مهامها خدمة للصالح العام.
وفي شأن آخر، قالت بعثة الأمم المتحدة، في بيان اليوم (السبت)، إن ما وصفته بآخر الاجتماعات الفصلية لفريق العمل المعني بنزع السلاح والتسريح، وإعادة الإدماج مع ممثلين عن السلطات الليبية، والشركاء الدوليين والناشطين المدنيين من جميع أنحاء البلاد، ركز على منع نشوب الصراعات، والجهود الليبية لمعالجة انتشار الأسلحة، والحد من العنف المجتمعي، والمصالحة الوطنية، وإعادة تأهيل منتسبي التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها في المجتمع.
وقالت البعثة إن النقاش تناول ضرورة قيام عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، بالعمل على توفير بدائل للتجنيد في التشكيلات المسلحة، وبناء التماسك المجتمعي، مشيرة إلى مقترحات بإجراء مناقشات اجتماعية بين الشباب، وإقامة لقاءات ملائمة للنساء، بما يتناسب وثقافة وأعراف المجتمع الليبي، لتعزيز ثقتهم في السلام، والقضاء على الدوافع الرئيسية للعنف.
وقال القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمى برنت، إنه التقى مجموعة من الشبان الليبيين الذين تم اختيارهم من جميع أنحاء ليبيا للمشاركة في «مخيم الفضاء 2024»، وبرنامج «كيندي- لوغار» لتبادل الشباب والدراسة، التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
وأضاف برنت، حسب بيان للسفارة: «نحن ملتزمون بمواصلة دعم الجيل الواعد في ليبيا، بفرص تعليمية قيمة، وبرامج تبادل ثقافي بناءة بين شعبينا».