لماذا تقيم الأندية السعودية معسكراتها الصيفية في أوروبا؟

نجاح الطائف وأبها في استضافة البطولات دليل قدرتهما على الترويج للسياحة الداخلية

ملعب الملك فهد بالطائف كان علماً بارزاً بعد تحديثه في الصيف الماضي (الشرق الأوسط)
ملعب الملك فهد بالطائف كان علماً بارزاً بعد تحديثه في الصيف الماضي (الشرق الأوسط)
TT

لماذا تقيم الأندية السعودية معسكراتها الصيفية في أوروبا؟

ملعب الملك فهد بالطائف كان علماً بارزاً بعد تحديثه في الصيف الماضي (الشرق الأوسط)
ملعب الملك فهد بالطائف كان علماً بارزاً بعد تحديثه في الصيف الماضي (الشرق الأوسط)

تشكل السياحة الرياضية في السعودية قطاعاً متنامياً ومثيراً للاهتمام، إذ توفر البلاد فرصاً رائعة لممارسة الرياضات المختلفة واستكشاف التنوع الطبيعي والثقافي للبلاد من خلال التطوير المستمر والترويج الفعال.

وتسعى السعودية لأن تكون واحدة من أبرز الوجهات السياحية الرائجة في العالم، وتتميز بتنوعها الطبيعي وثقافتها الغنية. ومؤخراً، شهدت البلاد تطوراً كبيراً في قطاع الرياضة، حيث أصبحت وجهة مثالية لعشاق الرياضة من مختلف أنحاء العالم وحظيت المملكة باستثمارات كبيرة في تطوير البنية التحتية الرياضية وتوفير المرافق الحديثة للسياحة الرياضية، حيث تم بناء مجموعة من الملاعب والمراكز الرياضية المتطورة في مختلف مناطق البلاد. كما تم تنظيم العديد من الفعاليات الرياضية الدولية في السعودية.

ولفتت مدينة الطائف وأبها والباحة الأنظار في الصيف الماضي حينما نجحت المدن الثلاث بامتياز في استضافة بطولة الأندية العربية على كأس الملك سلمان والتي استمرت نحو أسبوعين وسط مشاركة نخبة الأندية العربية فيما استضافت أيضاً الطائف كأس السوبر الأفريقي وشهدت حضوراً جماهيرياً كبيراً ساهم في خلق سياحة عالية للمدينة في تلك الفترة، وهو ما يشجع على ضرورة المزيد من المنتجعات الرياضية حتى تكون فرصة لاستقطاب المعسكرات التحضيرية للأندية السعودية والعربية خلال فترة الصيف.

وتعد إقامة معسكر رياضي أحد المشاريع الرئيسية لتحقيق مستهدفات استراتيجية الكرة السعودية من خلال إنشاء معسكرات وطنية دائمة تخدم المنتخبات الوطنية والأندية المحلية والعالمية.

واستهلكت معسكرات الأندية السعودية في الخارج خلال الصيف الماضي عشرات الملايين من الريالات حيث اختارت أندية الهلال، الشباب، الفتح، والفيحاء النمسا مكاناً لإقامة معسكراتها، في الصيف الماضي، بينما اختار ناديا النصر والحزم البرتغال، أما ضمك والرائد، فقد اختارا إسبانيا، وبالنسبة للتعاون والرياض، فقررا أن يكون معسكرهما بهولندا فيما كانت سلوفينيا وجهة الأهلي والطائي وعسكر أبها والخليج، في تركيا بينما أقام الاتفاق معسكره في كرواتيا، وأخيراً قرر نادي الأخدود السفر إلى مصر لإقامة معسكره الإعدادي.

وكان الاتحاد النادي السعودي الوحيد الذي أقام معسكره في المملكة وتحديدا في الطائف.

في السياق ذاته، تحدث عبد الله مجرشي، الرئيس التنفيذي لشركة «الهدف الاحترافي» المختصة في إقامة المعسكرات الخارجية عن أسباب تفضيل الأندية السعودية إقامة المعسكرات الخارجية في طور الإعداد للموسم الجديد.

وقال مجرشي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك عدة أسباب تدفع الأندية السعودية لإقامة معسكراتها الإعدادية في الخارج، وأولها الجانب النفسي للاعبين إذ يفضلون الإعداد في دولة مختلفة، حتى في أوروبا نفسها تجد الفرق هناك تقيم معسكرها الإعدادي خارج دولها حيث نجد الأندية الإنجليزية تسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية لإقامة معسكراتها هناك وتخوض المباريات الودية فيها.

وأشار مجرشي إلى أن الرغبة في التغيير تلعب دوراً في تفضيل الأندية للمعسكرات الخارجية، مضيفا: «لدينا مشكلة كبيرة في ملاعب التدريب فهي قليلة جداً، خاصة في المناطق الباردة مثل الطائف والمنطقة الجنوبية».

وواصل: «في أوروبا مثلاً هناك عدة خيارات لإقامة المعسكر مع أسعار مختلفة وخصوصية بالدرجة التي تريدها كما تستطيع تحديد مباريات مع فرق قوية خلال مرحلة الإعداد».

وتطرق مجرشي للحديث عن طبيعة المعسكرات الصيفية وما يحتاجه المدربون خلالها، موضحاً: «غالباً ما تتراوح المعسكرات من 22 إلى 25 يوماً وفي بعض الأحيان تصل إلى شهر كامل».

وأردف: «المدربون يفضلون أن تكون المباريات الودية خلال المعسكر الإعدادي تدريجية من الأقل للأقوى».

وبسؤاله عن تكلفة المعسكرات الخارجية، أجاب: «في المتوسط تتراوح بين 250 ألفاً إلى 550 لـ600 ألف ريال سعودي، وقد تزيد عن ذلك في بعض الأحيان».

ودعا إلى أهمية تطوير البنية التحتية للمرافق الرياضية خاصة في المناطق الباردة أو المعتدلة وزيادة عدد ملاعب التدريب.

واختتم: «نحتاج إلى بيئة رياضية متكاملة فعلى سبيل المثال إذا قرر نادٍ بدوري المحترفين أن يعسكر في إحدى المدن السعودية فقد يصطدم بعدم وجود أندية كافية لإقامة مباريات ودية نتيجة قلة المرافق الرياضية التي لا تتحمل وجود أندية كثيرة خلال فترة الإعداد».

من جانيه، شدد د. طلال المغربي، رئيس الجمعية السعودية البريطانية للتسويق والإدارة، على أهمية الاستفادة من السياحة الرياضية.

وقال المغربي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «تعتبر السياحة الصناعة الأقوى والأهم في العالم كله، ومع الحراك العالمي وتطور الطيران كما أن الأسعار متاحة لكثير من الفئات بعدما كانت محصورة على فئة محددة في الماضي».

وأضاف: «بات السفر والحراك السياحي أسهل ومع التطور التقني والإعلامي والمواصلات أصبح هناك تنافس بين الدول من أجل بناء صورة ذهنية إيجابية لكل دولة».

وتابع: «في المقابل نجد الرياضة تعتبر أكبر منصة في العالم من حيث التفاعل المجتمعي، وبالتالي إذا ربطنا السياحة (الصناعة الأهم) بالرياضة (التفاعل المجتمعي الأول) فهذا ينتج السياحة الرياضية بمختلف أنواعها».

السياحة الرياضية قطاع كبير يتضمن العديد من النشاطات مثل سياحة المعسكرات والسياحة الرياضية العلاجية ومشاهدة المباريات وممارسة رياضات المغامرات وغيرها الكثير.

وأفاد: «بدأت رؤية المملكة 2030 تهتم بهذا الجانب بشكل كبير في الثقافة والترفيه والسياحة والرياضة والصحة وجذب الاستثمارات». يجب أن تستغل كل مدينة سعودية مقوماتها وأن ترتبط اقتصاديات الأندية فيها بالقيم وليس فقط بالمنافسة وتحقيق البطولات، هناك نماذج شاهدنها حيث تحولت المدينة للأفضل بسبب الرياضة في الجانب الاقتصادي والسياحي، وأبرز مثال على ذلك نابولي في عهد الأرجنتيني دييغو مارادونا.

وأكمل: «في كل مدينة سعودية نستطيع تحقيق السياحة الرياضية فيها بشكل ناجح ولكن بشرط معرفة مقوماتها وكيفية ربطها بالاستثمار»

وشدد على أن المنطقة الجنوبية تملك على سبيل المثال مرتفعات هائلة ولافتة وجاذبة عالمياً وتعتبر منطقة باردة قد تكون عامل جذب لرياضات الهايكنغ والرياضات التأهيلية ومعسكرات ألعاب القوى بأنواعها المختلفة.

وأتم: «في هذه الحالة أنت في حاجة لمبانٍ خاصة لتأهيل العدائين العالميين وبنية تحتية مناسبة وبالتالي تبدأ عملية الربط التي نتحدث عنها بين الرياضة والسياحة وأيضاً بالقطاعات الأخرى».


مقالات ذات صلة

«الاستدامة المالية» تنتظر اعتماد ميزانيات الأندية السعودية للمصادقة على «طلباتها»

رياضة سعودية الاجتماعات الدائمة بين مسؤولي الرياضة والأندية أسهم في تذليل الكثير من الصعوبات وإنشاء الكثير من الأنظمة الصارمة (الشرق الأوسط)

«الاستدامة المالية» تنتظر اعتماد ميزانيات الأندية السعودية للمصادقة على «طلباتها»

كشفت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط» عن وصول عديد الطلبات من الأندية المنافسة في الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم للجنة الاستدامة المالية التابعة لوزارة.

نواف العقيل (الرياض)
رياضة سعودية ناتشو بقميص ريال مدريد (أ.ف.ب)

ناتشو نجم الريال إلى القادسية براتب 7 ملايين يورو سنوياً

توصل نادي القادسية السعودي إلى اتفاق نهائي للتوقيع مع المدافع الإسباني ناتشو بصفقة انتقال حر بعد اجتياز اللاعب الفحص الطبي، وفقاً لمصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط».

نواف العقيل (الرياض)
رياضة سعودية بعثة المنتخب السعودي للسيدات المشاركات في برنامج المعايشة في إسبانيا (الشرق الأوسط)

سالو الإسبانية تحتضن برنامج المعايشة للمنتخب السعودي للسيدات

انطلق، يوم الاثنين، برنامج المعايشة للمنتخب السعودي للسيدات في إسبانيا، والذي يستمر حتى الثالث من شهر يوليو (تمّوز) المقبل في مدينة سالو الإسبانية.

بشاير الخالدي (الدمام)
رياضة سعودية تعمل اللجنة الفنية في اتحاد كرة القدم السعودي على رفع مستوى المدربين العاملين في الأندية السعودية (الشرق الأوسط)

اتحاد القدم السعودي: اعتماد معايير فنية جديدة لمدربي الأندية

أصدرت الإدارة الفنية في الاتحاد السعودي لكرة القدم الاشتراطات الفنية للأجهزة الفنية العاملة في الأندية للموسم الرياضي المقبل 2024 ـ 2025.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية ويلسون مهاجم نيوكاسل (نادي نيوكاسل)

الأهلي والفتح وويست هام في سباق لضم نجم نيوكاسل ويلسون

يحظى مهاجم نادي نيوكاسل الإنجليزي ذو الخبرة كالوم ويلسون باهتمام نادي ويست هام، وكذلك أندية في الدوري السعودي، وفقاً لمصادر إذاعة «توك سبورت» البريطانية.

نواف العقيّل (الرياض)

«الاستدامة المالية» تنتظر اعتماد ميزانيات الأندية السعودية للمصادقة على «طلباتها»

الاجتماعات الدائمة بين مسؤولي الرياضة والأندية أسهم في تذليل الكثير من الصعوبات وإنشاء الكثير من الأنظمة الصارمة (الشرق الأوسط)
الاجتماعات الدائمة بين مسؤولي الرياضة والأندية أسهم في تذليل الكثير من الصعوبات وإنشاء الكثير من الأنظمة الصارمة (الشرق الأوسط)
TT

«الاستدامة المالية» تنتظر اعتماد ميزانيات الأندية السعودية للمصادقة على «طلباتها»

الاجتماعات الدائمة بين مسؤولي الرياضة والأندية أسهم في تذليل الكثير من الصعوبات وإنشاء الكثير من الأنظمة الصارمة (الشرق الأوسط)
الاجتماعات الدائمة بين مسؤولي الرياضة والأندية أسهم في تذليل الكثير من الصعوبات وإنشاء الكثير من الأنظمة الصارمة (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط» عن وصول عديد الطلبات من الأندية المنافسة في الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم للجنة الاستدامة المالية التابعة لوزارة الرياضة، وذلك لاستكمال عمليات تعاقدية مع لاعبين ومدربين، في إطار التحضيرات للموسم الكروي الجديد المقرر انطلاقه يوم 22 من شهر أغسطس (آب) المقبل، علماً أن كأس السوبر السعودي ستنطلق في 13 و14 من ذات الشهر، على أن يكون النهائي يوم 17 من الشهر نفسه.

وبحسب المصادر، فإن لجنة الاستدامة المالية لم تصدر أي قرار بشأن هذه الطلبات؛ إذ تنتظر اعتماد ميزانيات الأندية السعودية، ولكن أعطت الضوء الأخضر للطلبات التي استندت لضمانات مالية من مالك النادي مثل صفقات نادي القادسية التي تم الإعلان عنها خلال الأسابيع القليلة الماضية.

ومن المتوقع وصول الميزانيات لكل الأندية بتاريخ 1 يوليو (تموز) المقبل في بداية السنة المالية الجديدة للكرة السعودية.

وتكشف مصادر «الشرق الأوسط» أن دور لجنة الاستدامة المالية هو دور رقابي وإشرافي من خلال مراجعة كل العقود التي تصدر من الأندية؛ إذ أصبح الحصول على موافقة هذه اللجنة شرطاً أساسياً لإتمام أي عملية تعاقدية تخص النادي من بيع أو شراء لاعبين أو مدربين، بجانب أيضاً إنهاء العقود في حالة إقالة المدربين كمثال.

الأندية السعودية باتت منظمة في موضوع التعاقدات أو الإقالات بعد استحداث لجنة الاستدامة المالية (عيسى الدبيسي)

وتشير المصادر إلى أن لجنة الاستدامة المالية لديها كامل الصلاحيات بالقبول أو الرفض بعد رفع النادي طلباً كاملاً حول التفاصيل الخاصة بالصفقة ومسودة العقد المتفق عليها بين الأطراف؛ إذ يتم التدقيق في كل تفاصيل العقود قبل منحها الضوء الأخضر أو الرفض.

وأكدت أن لجنة الاستدامة المالية لديها كل المعلومات الخاصة بميزانيات الأندية الرئيسية من خلال قاعدة بيانات تصل لها اللجنة وتتخذ بناءً عليها قرار القبول أو الرفض، وتتيح اللجنة للأندية التي لا تسمح ميزانيتها بإتمام العملية التعاقدية تقديم ضمانات مالية من النادي إذا كان لديه القدرة من خلال تحمل الرئيس أو العضو الذهبي أو الجهة المالكة للنادي بشرط رفض ضمان مالي على ذلك.

وتهدف لجنة الاستدامة المالية وفقاً لمصادر «الشرق الأوسط» إلى عدم وجود قضايا للأندية السعودية في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لكي لا يصبح لدى الأندية مديونيات تتراكم وقرارات منع تسجيل خاصة، مع احتمالية بيع هذه الأندية للمستثمرين مما يسهل عملية البيع إن حدثت مستقبلاً دون وجود مشاكل تعوق الأندية وعملية بيعها المستقبلية؛ إذ تشكل المرحلة الحالية بقيادة اللجنة تمهيداً مهماً لعملية تخصيص الأندية الرياضية السعودية والتي ستتسارع نهاية هذا العام والعام المقبل بشكل كبير جداً.

وبقيت الإشارة إلى أن الأنظمة المالية في عالم كرة القدم تعد حجراً أساسياً لتنظيم الدوريات والأندية في العالم المتقدم في اللعبة؛ إذ تملك كل الدوريات الكبرى نظماً مالية خاصة بها مصممة وفقاً للطبيعة الخاصة بكل دوري وقدراته المالية والتنافسية، بجانب نظام مالي خاص كما في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي يملك نظاماً يحكم أندية هذه الدوريات المشاركة في المسابقات الأوروبية.

وبالتأكيد فإن التشدد في الأنظمة وعدم التساهل هو السمة التي اتفق عليها الجميع في كل الدوريات المتقدمة، بالإضافة إلى الدوري الأميركي لكرة القدم الذي يملك أيضاً نظاماً مالياً خاصاً به.

وأتت فكرة إنشاء الأنظمة المالية في كرة القدم بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2007 حيث أصبحت الاستثمارات الموجودة في الكرة الأوروبية تحت تهديد كبير بعد تدفق رجال الأعمال والشركات والصناديق الاستثمارية بقوة لشراء الأندية منذ بداية الألفية، وخوفاً من إفلاس الكيانات الرياضية الكبرى أُدخلت الأنظمة المالية في عالم كرة القدم.

ورغم الانتقادات لدى البعض لهذه الأنظمة، فإنها تنظم بشكل فعال عالم كرة القدم وتحقق توازناً في المنافسة المستدامة على المدى البعيد؛ إذ أصبحت الأندية غير مهددة بشكل كبير إن كانت تعمل وفقاً لإمكاناتها وليس أعلى من ذلك. بقيت الإشارة إلى أن الدوري السعودي أصبح من الدوريات التي تطمح في الاستثمار الكبير بكرة القدم، من حيث جلب النجوم وتشجيع الاستثمارات من خلال بيع الأندية لشركات؛ إذ تتجه الكرة السعودية إلى مسار تصاعدي واضح في الاستثمار المالي في كل الأندية، وتعكس لجنة الاستدامة المالية الخاصة بوزارة الرياضة نظام الكرة السعودية المالي الجديد في هذا الشأن.