نتنياهو يريد أن يخطب أمام الكونغرس

إحراج للبيت الأبيض وانقسام حاد حول دعوته

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الاجتماع الأسبوعي للحكومة (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الاجتماع الأسبوعي للحكومة (أ.ب)
TT

نتنياهو يريد أن يخطب أمام الكونغرس

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الاجتماع الأسبوعي للحكومة (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الاجتماع الأسبوعي للحكومة (أ.ب)

في أعقاب إعلان المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، كريم خان، نيته طلب إصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، جنباً إلى جنب مع أوامر اعتقال لقادة «حماس»، إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد ضيف، قرر نتنياهو تكثيف جهوده للوصول إلى الولايات المتحدة، وتنظيم استقبال «محترم» له، وإلقاء خطاب أمام جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ.

وكان نتنياهو قد باشر هذه الجهود قبل شهرين، بالتعاون مع الحزب الجمهوري، ما أوحى أنه يقصد تصعيد التوتر بينه وبين إدارة الرئيس جو بايدن. وقد نصحه نواب ديمقراطيون في الكونغرس بالعمل بهدوء وبالتفاهم مع عناصر مقربة من بايدن، والحصول على مباركة حزبه لهذه الزيارة، لعله يحظى أيضاً بزيارة للبيت الأبيض. ولكن، عندما نشر النبأ عن إصدار أوامر الاعتقال، كثّف نتنياهو اتصالاته في هذا الخصوص في الأيام الأخيرة. فعلى الرغم من أن المدعي العام في محكمة لاهاي، كريم خان، يتهم نتنياهو بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد البشرية خلال الحرب على غزة، يحاول نتنياهو البرهنة على أنه يحظى باحترام أهم مواقع صنع القرار في الولايات المتحدة. وبذلك يوجه صفعة للمحكمة من جهة ولسعة لإدارة بايدن، التي يتهمها بأنها لا تدافع عنه بشكل كاف، وتتيح المساس به في عدة محافل دولية.

عاصفة داخل الكونغرس

وفي واشنطن، أثار رئيس مجلس النواب مايك جونسون عاصفة من الجدل بشأن اعتزامه دعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام الكونغرس في محاولة لحشد الدعم لإسرائيل، وسط معارضة شديدة من الديمقراطيين وكتلة المشرعين التقدميين الذين يطالبون بوضع قيود على المساعدات العسكرية لإسرائيل، والتركيز على المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وسارع المشرعون الديمقراطيون من التيار التقدمي إلى التنديد بدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهددوا بمقاطعة الخطاب والامتناع عن حضور الجلسة، بينما حاول البيت الأبيض المناورة حول فكرة الدعوة، وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان في الإحاطة الصحافية يوم الأربعاء إن رئيس الوزراء نتنياهو لم يتطرق إلى فكرة إلقاء خطاب أمام الكونغرس خلال المحادثات التي عقدها سوليفان معه يوم الأحد الماضي في إسرائيل.

ويخشى البيت الأبيض من تصاعد الانقسامات في وقت يحاول بايدن تحقيق توازن بين إظهار الدعم لأقرب حليف للولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه إدانة استراتيجية نتنياهو العسكرية، وعدم الاستماع للنصائح الأميركية. وأشار مسؤول بالبيت الأبيض فضّل عدم الكشف عن هويته، إلى أن دعوة نتنياهو للكونغرس قد تتسبب في إحراج الرئيس بايدن، خاصة إذا اقتصرت زيارة نتنياهو على إلقاء الكلمة دون لقاء الرئيس بقدر ما أن دعوته محرجة أيضاً.

الرئيس الأميركي جو بايدن في استقبال رسمي (إ.ب.أ)

ويقتضي البروتوكول أن يقوم رئيس مجلس النواب وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ بتوجيه دعوة لرؤساء الدول بالتحدث إلى الكونغرس، لكن رئيس مجلس النواب مايك جونسون لم يتشاور مع زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الديمقراطي من نيويورك بشأن دعوة نتنياهو.

وكانت صحيفة «هآرتس» ذكرت، الخميس، أن الحزب الديمقراطي مطلع على الاتصالات حول الموضوع بين نتنياهو وبين رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري مايك جونسون، الذي أعلن، أول من أمس، أنه يوشك على دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس، حتى لو رفض ذلك زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، السيناتور تشاك شومر. وقال جونسون للصحافيين إنه أمهل شومر حتى يوم الثلاثاء المقبل للتوقيع على رسالة تدعو نتنياهو لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس. وأضاف أنه في حال عدم موافقة شومر، فإنه سيدعو نتنياهو لإلقاء خطاب أمام مجلس النواب، الذي يتمتع فيه الجمهوريون بأكثرية.

وعقّب شومر قائلاً: «أناقش ذلك الآن مع رئيس مجلس النواب، وكما قلت دائماً، علاقتنا مع إسرائيل متينة. إنها تتجاوز أي رئيس وزراء أو رئيس».

وفي حال تمت دعوة نتنياهو، فإنه سيلقي خطابه في الكونغرس قبل أشهر معدودة من انتخابات الرئاسة الأميركية، المقررة في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويتحسب الكثيرون في تل أبيب من أن يكون نتنياهو يقصد تصعيد الخلافات بينه وبين إدارة بايدن، وتكرار ما كان قد فعله في شهر مارس (آذار) من عام 2015، ضد الرئيس باراك أوباما. ففي حينه ألقى خطاباً في الكونغرس من دون التنسيق مع البيت الأبيض، هاجم فيه الاتفاق النووي مع إيران الذي كانت إدارة أوباما طرفاً فيه. وقال نتنياهو إن الهدف من خطابه كان حشد أغلبية في الكونغرس ضد الاتفاق النووي. رغم ذلك، صادق الكونغرس لاحقاً على الاتفاق النووي.

المعروف أن نتنياهو ألقى في 20 مارس الماضي، خطاباً أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الجمهوريين، عبر رابط فيديو، خلال اجتماعهم السياسي الأسبوعي، وبعد أيام من انتقادات وجهها شومر إلى نتنياهو، ووصفه بأنه عقبة أمام السلام. وفي كلمته أمام مجلس الشيوخ حينها، قال شومر وهو مؤيد لإسرائيل منذ فترة طويلة وأرفع مسؤول أميركي - يهودي منتخب في الولايات المتحدة، إن حكومة نتنياهو «لم تعد تناسب احتياجات إسرائيل»، بعد أشهر من الحرب على غزة. ودعا شومر إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل. وانتقد الجمهوريون شومر بشدة. وقال نتنياهو لشبكة «سي إن إن» إن خطاب شومر «غير لائق». لكنه، في الوقت نفسه، توجه إلى شومر طالباً أن يلقي كلمة أمام نواب الحزب الديمقراطي. فرفض.

ويثير تصرف نتنياهو الجديد موجة من الانتقادات في إسرائيل، إذ يخشون من أن يفهم تصرفه على أنه استفزاز للإدارة الأميركية قد تكون له تبعات أخرى. ووفق «هآرتس»، يفشل نتنياهو مرة تلو الأخرى في سياسته ضد الإدارات الأميركية الديمقراطية وإسرائيل تجبي الثمن. ففي هذا الوقت بالذات تحتاج إسرائيل إلى الإدارة الأميركية أكثر من أي وقت مضى، وحكومتها تتقدم في كل يوم بقائمة طلبات جديدة إليها. ونتنياهو يقحم نفسه في الانتخابات الأميركية ويستفز الإدارة.


مقالات ذات صلة

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

العالم العربي صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

أعلن «الحوثيون» في اليمن إطلاق صاروخ باليستي وطائرات مسيّرة على إسرائيل، بعد أيام على هجوم استهدف تل أبيب أصاب 16 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (عدن)
شؤون إقليمية امرأة تظهر أمام صور لرهائن إسرائيليين في غزة (رويترز)

فريق تفاوض إسرائيلي يعود من قطر لإجراء «مشاورات داخلية» بشأن الرهائن

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن فريق تفاوض إسرائيلياً سيعود إلى إسرائيل، مساء اليوم، من قطر لإجراء «مشاورات داخلية» بشأن صفقة الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)

النهب يشل إمدادات الغذاء في غزة رغم تعهد إسرائيل بصد العصابات

قال ثلاثة مسؤولين مطلعين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن إسرائيل تقاعست عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد العصابات المسلحة التي تهاجم قوافل المواد الغذائية بغزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري (موقع جيش الدفاع الإسرائيلي)

هاغاري: نتنياهو طلب التركيز على جهود الإغاثة بغزة ضمن الإحاطات باللغة الإنجليزية

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن رئيس الوزراء طلب منه التأكيد على جهود المساعدات الإنسانية التي تقدمها إسرائيل في غزة في تصريحات إنجليزية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي نتنياهو في قاعة المحكمة بتل أبيب للإدلاء بشهادته في محاكمته بتهم الفساد (أ.ب)

نتنياهو في الجلسة السادسة لمحاكمته: الاتهامات الموجهة ضدي واهية

انطلقت محاكمة نتنياهو قبل نحو أسبوعين، في حدث استثنائي في إسرائيل باعتباره أول رئيس وزراء (في منصبه) يقف متهما في قاعة محكمة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

«اليونيفيل»: قلقون إزاء استمرار تدمير إسرائيل للمناطق السكنية جنوب لبنان

آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«اليونيفيل»: قلقون إزاء استمرار تدمير إسرائيل للمناطق السكنية جنوب لبنان

آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

أكدت قيادة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، اليوم الخميس، أن «أي أعمال تهدد وقف الأعمال العدائية الهش يجب أن تتوقف».

وقالت «اليونيفيل»، في بيان، «تستمر (اليونيفيل) في حثّ الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد، ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان والتنفيذ الكامل للقرار 1701 بوصفه مساراً شاملاً نحو السلام»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وأضافت: «هناك قلق إزاء استمرار التدمير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المناطق السكنية والأراضي الزراعية وشبكات الطرق في جنوب لبنان، وهذا يشكل انتهاكاً للقرار 1701»، مشيرة إلى أن «(اليونيفيل) تعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بينما تقوم بتسريع جهود التجنيد وإعادة نشر القوات إلى الجنوب».

وأكدت «اليونفيل» أن البعثة مستعدة للقيام بدورها في دعم البلدين في الوفاء بالتزاماتهما وفي مراقبة التقدّم، ويشمل ذلك «ضمان خلو المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني من أي أفراد مسلحين أو أصول أو أسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان و(اليونيفيل)، فضلاً عن احترام الخط الأزرق».

ودخل قرار وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ فجر 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتخرق إسرائيل الاتفاق منذ سريانه بشكل يومي.