سجال بين طهران وأنقرة حول دور مسيّراتهما في اكتشاف موقع مروحية رئيسي

سيناريوهات تركية تفترض وجود عمل تخريبي وراء الحادث

انتشال جثث في موقع تحطم طائرة هليكوبتر كانت تقلّ الرئيس الإيراني ووزير الخارجية وآخرين في منطقة حدودية قرب أذربيجان (أ.ف.ب)
انتشال جثث في موقع تحطم طائرة هليكوبتر كانت تقلّ الرئيس الإيراني ووزير الخارجية وآخرين في منطقة حدودية قرب أذربيجان (أ.ف.ب)
TT

سجال بين طهران وأنقرة حول دور مسيّراتهما في اكتشاف موقع مروحية رئيسي

انتشال جثث في موقع تحطم طائرة هليكوبتر كانت تقلّ الرئيس الإيراني ووزير الخارجية وآخرين في منطقة حدودية قرب أذربيجان (أ.ف.ب)
انتشال جثث في موقع تحطم طائرة هليكوبتر كانت تقلّ الرئيس الإيراني ووزير الخارجية وآخرين في منطقة حدودية قرب أذربيجان (أ.ف.ب)

دخلت تركيا وإيران في سجال حول دور طائراتهما المسيّرة في اكتشاف موقع حطام المروحية التي كانت تقل الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقيه في الوقت الذي تبارت فيه وسائل الإعلام التركية في تداول السيناريوهات حول الحادث وهل كان حادثاً عادياً أم اغتيالاً أم انقلاباً على السلطة.

وبينما أكد مسؤولون أتراك دور المسيّرة محلية الصنع «بيرقدار أكينجي» في اكتشاف موقع طائرة رئيسي بعد عمليات بحث استمرت ساعات، رفضت رئاسة الأركان الإيرانية ذلك، وأعلنت الأربعاء أن المسيّرات الإيرانية هي التي اكتشفت الموقف وأن المسيّرة التركية قامت بعمليات بحث، لكنها فشلت في تحديد موقع سقوط طائرة رئيسي وعادت أدراجها إلى تركيا، معربة في الوقت ذاته عن شكرها لتركيا لمشاركتها في جهود البحث.

تركيا تشيد بنجاح مسيّرتها

وذكرت وكالة «الأناضول» التركية الرسمية، الاثنين، أن مسيّرة تركية من طراز «أكينجي» حددت «مصدر حرارة» يشتبه في أنه حطام الهليكوبتر التي كانت تقل الرئيس الإيراني والوفد المرافق، وأبلغت السلطات الإيرانية بإحداثياتها.

وتطرق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في تصريحات عقب ترؤسه اجتماع حكومته في أنقرة ليل الاثنين – الثلاثاء، إلى مشاركة الطائرة المسيّرة «أكينجي» في أعمال البحث عن حطام طائرة الرئيس الإيراني، قائلاً إنها نفّذت طلعات بحث وإنقاذ لمدة 7 ساعات ونصف الساعة قاطعة 2100 كيلو متر رغم الأحوال الجوية السيئة».

وأضاف أن أهمية المسيّرات التركية ظهرت مرة أخرى في حادث تحطم المروحية الذي توفي فيه الرئيس الإيراني والوفد المرافق له.

من جانبه، قال نائب الرئيس التركي، جودت يلماظ، عبر «إكس» الثلاثاء، إن المساعدات التي تقدمها بلاده لدول أخرى في مجال تكنولوجيات الصناعات الدفاعية، تعزز مكانتها العالمية، وإن النجاح الذي أظهرته المسيّرة التركية «أكينجي» في تحديد موقع حطام مروحية الرئيس الإيراني، سلط الضوء على الشوط الذي قطعته أنقرة في الصناعات الدفاعية.

وحيا، باسم الشعب التركي، رئيس مجلس إدارة شرطة «بايكار» المصنعة للمسيّرة «أكينجي»، سلجوق بيرقدار، لأنشطته وفاعلياته في مجالات الصناعات الدفاعية والطائرات المسيرة.

بدوره، عدّ بيرقدار أن المسيرّة «أكينجي» تركت بصمتها في العالم، بعد عثورها على حطام مروحية الرئيس الإيراني الراحل، مشيراً، خلال فعالية في إسطنبول الثلاثاء، إلى أنها نفذت «عملية ناجحة».

وقال إن المسيّرة التركية التقطت الصور من الوادي بالنزول إلى أقل من 9700 قدم والمناورة بين الوديان، واستخدمت الأقمار الاصطناعية لإكمال مهمتها دون عقبات، رغم الظروف الجوية شديدة القسوة.

ولفت إلى أنهم يمتلكون طائرات «أكينجي» في كل من ولايتي باطمان (جنوب شرق) ووان (على الحدود مع إيران شرق تركيا)، إضافة إلى أذربيجان.

نفي إيراني

في المقابل، نفت هيئة الأركان المسلحة الإيرانية أن تكون المسيّرة التركية هي التي وصلت إلى موقع تحطم الهليكوبتر، وأشادت بأداء المسيرات الإيرانية.

وأضافت هيئة الأركان الإيرانية في بيان: «على الرغم من أن تركيا أرسلت مسيّرة مزودة بكاميرات رؤية ليلية وكاميرات حرارية، فإن هذه المسيرة فشلت في تحديد موقع التحطم بدقة بسبب عدم وجود معدات كشف ومراقبة النقاط تحت السحاب وعادت أدراجها إلى تركيا»، في إشارة إلى الأحوال الجوية السيئة التي يُعتقد أنها كانت سبب الحادث.

وتابع البيان الإيراني: «حدّدت قوات الإنقاذ البرية والطائرات المسيّرة الإيرانية التابعة للقوات المسلحة مكان الحادث بدقة»، لافتاً إلى أن المسيّرة «سار» الإيرانية «جرى استدعاؤها من مهمة في شمال المحيط الهندي، إلى المكان الدقيق لتحطم المروحية.

وقالت وكالة «إرنا» الرسمية إن الإحداثيات التي أبلغت بها المسيّرات التركية كانت بعيدة بسبعة كيلومترات. وأضافت هيئة الأركان الإيرانية: «هذه الطائرة المسيّرة لم تتمكّن من تحديد موقع تحطم المروحية بدقة وعادت أدراجها إلى تركيا». وذكر الجيش أنه اختار تركيا من بين «الدول الصديقة» للمساعدة في مهمة البحث؛ نظراً لقربها من موقع الحادث بشمال غربي البلاد.

وقال رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني، بير حسين كولي وند، الاثنين، إن موقع المروحية عثر عليه بجهود إيرانية بحتة، وإن العملية بالكامل نفذت بواسطة فرق الإنقاذ الإيرانية، دون تلقي أي مساعدة من الخارج كما شاهد خلال تواجه في الميدان.

وانتقد رجل الدين الإيراني، رحمت الله بيغدلي، على حسابه في «إكس»، سماح السلطات الإيرانية للمسيّرة التركية بمسح بعض المناطق الاستراتيجية والعسكرية في إيران، واصفاً ذلك بأنه «إهانة لإيران».

كما تحدثت وسائل الإعلام الإيرانية عن «ثغرة أمنية» و«نقطة ضعف» لإيران بمواجهة تركيا من خلال السماح بمشاركتها في عمليات البحث وأن المسيرة «أكينجي» ربما جمعت معلومات عن مواقع الصواريخ الإيرانية.

سيناريوهات للحادث

وبينما أمر رئيس هيئة الأركان الإيرانية، اللواء محمد باقري، الاثنين، بفتح تحقيق في سبب تحطم مروحية الرئيس الإيراني، تبارت وسائل إعلام تركية، وغالبيتها مقربة للحكومة، في تداول السيناريوهات حول حادث طائرة الرئيس الإيراني، وما إذا كان حادثاً عادياً أم عملية اغتيال أم انقلاباً على رئيسي وحكومته.

وفي تقرير لقناة «سي إن إن تورك» القريبة من الحكومة التركية، رجّح الخبير الأمني للقناة، جوشكون باشبوغ، سقوط طائرة الرئيس الإيراني بسبب عمل تخريبي، قائلاً إنه أمر من السهل جداً القيام به.

وأشار إلى حوادث مماثلة، منها حادث مقتل رئيس حزب «الوحدة الكبرى» التركي الأسبق، محسن يازيجي أوغلو، في تحطم مروحية في كهرمان ماراش ، جنوب تركيا في 25 مارس (آذار) 2009، مشيراً إلى أنه تبين بعد التحقيق أن الحادث كان نتيجة عمل تخريبي، كما تبين أن يازجي أوغلو واحد الصحافيين المرافقين له كانوا على قيد الحياة، وقتلوا على يد مجموعة جاءت إلى مكان الحادث لطمس الأدلة.

وتساءل جوشكون عما إذا كانت هناك نية لإخفاء الأدلة وراء البيان الذي تم الإدلاء به في وقت متأخر جداً بشأن سقوط الطائرة، وما إذا كان تم تنفيذ عملية إعدام ضد أولئك الذين لم يفقدوا حياتهم على غرار ما حدث مع يازجي أوغلو.

وأضاف: «بشكل عام، تلجأ وكالات الاستخبارات إلى هذا الأسلوب؛ لأن النتيجة المؤكدة تتحقق ببساطة بسقوط طائرة».

بدوره، تساءل الأكاديمي مسعود حقي كاشين، الأستاذ بجامعة يدي تبه في إسطنبول: «لماذا تم إيقاف تشغيل أجهزة الراديو في المروحية التي كانت تقل الرئيس الإيراني دون المروحيتين الأخريين؟... قائلاً: «عندما ننظر إلى الحادث نكتشف على الفور أن هناك نقصاً في سلامة الطيران والملاحة، الإيرانيون يقولون إن هناك نقصاً في قطع الغيار، لكنني أعتقد أن هذه الطائرة كانت صالحة للطيران ذهاباً وعودة».

نمر من ورق

واستبعد المحلل السياسي، الصحافي مراد يتكين، أن تكون جهة خارجية وراء سقوط الطائرة، قائلاً إن إسرائيل التي أصدر الرئيس الإيراني الراحل الأوامر بقصفها بالصواريخ، بادرت بالقول: «لم نفعل ذلك»، قائلاً إن «المشهد الممزق في إيران يشير إلى أن إسرائيل لا تحتاج إلى فعل الكثير».

وأضاف أن «النظام الإيراني يستطيع أن يصنع صواريخ تطير لمسافة آلاف الكيلومترات، لكنه لا يستطيع تحديد الموقع الدقيق الذي تعرّض فيه الرئيس لحادث (...)». وتابع «في هذه المرحلة، يمكن القول إن النظام يبدو وكأنه نمر من ورق».


مقالات ذات صلة

طهران وموسكو توقعان اتفاقية شراكة شاملة الشهر المقبل

شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتحدث خلال  قمة بريكس التي عقدت في كازان، أكتوبر الماضي (رويترز)

طهران وموسكو توقعان اتفاقية شراكة شاملة الشهر المقبل

وصل وفد روسي إلى طهران في زيارة تشمل اجتماعاً مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وذلك في ظل استعداد البلدين لتوقيع اتفاق تعاون شامل.

«الشرق الأوسط» (طهران- موسكو)
المشرق العربي طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)

إيران «ليس لديها اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سوريا

أكدت إيران الاثنين أنه «ليس لديها اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم

خامنئي: إيران لا تحتاج وكلاء في المنطقة

قال المرشد الإيراني علي خامنئي إنَّ إيران ليست بحاجة إلى قوات بالوكالة في المنطقة.

فاضل النشمي (غداد) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يصل لحضور مؤتمر صحافي (أ.ب)

سوليفان: إيران قد تطور سلاحاً نووياً بعد انتكاسات إقليمية

تشعر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالقلق من سعي إيران، التي اعتراها الضعف بعد انتكاسات إقليمية، إلى امتلاك سلاح نووي.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)
شؤون إقليمية أفراد من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يشاهدون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

إسرائيل تحض واشنطن على ضربة مزدوجة لإيران والحوثيين

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن جهود حثيثة لإقناع الإدارة الأميركية بوضع خطة لتنفيذ ضربة عسكرية واسعة ومزدوجة تستهدف الحوثيين في اليمن وإيران في الوقت ذاته.

نظير مجلي (تل أبيب)

طهران وموسكو توقعان اتفاقية شراكة شاملة الشهر المقبل

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتحدث خلال  قمة بريكس التي عقدت في كازان، أكتوبر الماضي (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتحدث خلال قمة بريكس التي عقدت في كازان، أكتوبر الماضي (رويترز)
TT

طهران وموسكو توقعان اتفاقية شراكة شاملة الشهر المقبل

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتحدث خلال  قمة بريكس التي عقدت في كازان، أكتوبر الماضي (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتحدث خلال قمة بريكس التي عقدت في كازان، أكتوبر الماضي (رويترز)

تخطط روسيا وإيران لتوقيع اتفاقية تعاون شامل في منتصف الشهر المقبل، ووصل وفد روسي إلى طهران لإجراء مباحثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي «سيتم توقيع وثيقة التعاون الشامل بين إيران وروسيا خلال زيارة ثنائية».

وذكرت وكالة «تاس» للأنباء الروسية، الاثنين، أن وفداً روسياً وصل إلى طهران في زيارة تشمل اجتماعاً مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

وقال بقائي في مؤتمر صحافي دور إن إيران وروسيا تعكفان على تحديد موعد لإتمام الاتفاق، الشهر المقبل.

وتعمل روسيا على توطيد العلاقات مع إيران ودول أخرى معادية للولايات المتحدة، مثل كوريا الشمالية، منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أكتوبر (تشرين الأول) إن موسكو وطهران تعتزمان توقيع اتفاق سيتضمن تعزيز التعاون الدفاعي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (إ.ب.أ)

وأعلن السفير الإيراني لدى روسيا الاتحادية كاظم جلالي أعلن في وقت لاحق، أن الطرفين سيوقِّعان اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال زيارة منفصلة لرئيس الجمهورية مسعود بزشكيان إلى موسكو.

وكانت موسكو قد أعلنت في يوليو (تموز) الماضي أن الطرفين وضعا اللمسات الأخيرة على الاتفاقية، وباتت جاهزة للتوقيع.

وبدأت صياغة الاتفاقية التي وصفها الطرفان بأنها تضع أساساً لتعاون وثيق بين البلدين لعقود مقبلة، في مطلع عام 2022 في عهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وشهدت المناقشات حولها مراحل صعبة برزت خلالها تباينات في الرأي ما أَجَّلَ استكمال وضع الوثيقة بصياغتها النهائية لأشهر طويلة.

وذكرت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء أن أليكسي أوفرتشوك وفيتالي سافيليف، نائبَي رئيس الوزراء الروسي يترأسان الوفد إلى إيران.

وذكرت «إنترفاكس»: «من المتوقع أن يناقش الطرفان العمل المشترك بين إيران ودول الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي ضمن إطار اتفاق شامل بشأن منطقة تجارة حرة».

واتهمت الولايات المتحدة إيران في سبتمبر (أيلول) بإرسال صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا لتستخدمها ضد أوكرانيا، كما فرضت واشنطن عقوبات على سفن وشركات قالت إنها ضالعة في إرسال أسلحة إيرانية. وتنفي طهران تزويد موسكو بالصواريخ.

وتأتي المباحثات الروسية-الإيرانية بعدما أثارت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إجلاء 4 آلاف عسكري إيراني من سوريا، جدلاً واسعاً في إيران.