مصر تتمسك بالانضمام لدعوى إدانة إسرائيل أمام «العدل الدولية»

القاهرة تشدد على ضرورة إنهاء العمليات العسكرية في محيط معبر رفح

فلسطينيون يتفقدون دراجة نارية محترقة بعد غارة للجيش الإسرائيلي بمخيم الفارعة للاجئين في وقت سابق (إ.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون دراجة نارية محترقة بعد غارة للجيش الإسرائيلي بمخيم الفارعة للاجئين في وقت سابق (إ.ب.أ)
TT

مصر تتمسك بالانضمام لدعوى إدانة إسرائيل أمام «العدل الدولية»

فلسطينيون يتفقدون دراجة نارية محترقة بعد غارة للجيش الإسرائيلي بمخيم الفارعة للاجئين في وقت سابق (إ.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون دراجة نارية محترقة بعد غارة للجيش الإسرائيلي بمخيم الفارعة للاجئين في وقت سابق (إ.ب.أ)

أكدت مصر، السبت، «تمسّكها بالانضمام لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية»، مشددة على «ضرورة إنهاء العمليات العسكرية في محيط معبر رفح».

وأعلنت مصر، الأسبوع الماضي، اعتزامها التدخل رسمياً لدعم الدعوى، التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر في «انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها في قطاع غزة».

وعقب الإعلان المصري، زعمت تقارير إسرائيلية أن «مصر سوف تتراجع عن قرارها بالانضمام لجنوب أفريقيا أمام (العدل الدولية)». كما شنّت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية هجوماً على مصر. وذكرت أن «مصر لم تنحز قط إلى جانب إسرائيل في أي محفل دولي، والآن تنضم إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل».

وسبق ذلك وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تدخل مصر في الدعوى المرفوعة في محكمة العدل الدولية بأنه «أمر خطير جداً».

صورة تم التقاطها من جنوب إسرائيل قرب الحدود مع قطاع غزة تظهر تصاعد الدخان في وقت سابق (أ ف ب)

وأكد مصدر مصري، اليوم (السبت)، أنه «لا صحة لما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن تراجع مصر عن الانضمام لجنوب أفريقيا في دعواها المرفوعة ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية». وقال المصدر، بحسب ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن مصر «عازمة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإدانة الممارسات الإسرائيلية أمام محكمة العدل الدولية».

وتقدمت جنوب أفريقيا بأحدث طلب لاتخاذ تدابير طارئة، رداً على الهجوم العسكري الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب غزة، التي يلوذ بها نصف سكان القطاع تقريباً، بعدما فروا من الشمال هرباً من الاجتياح الإسرائيلي.

ودافعت إسرائيل، الجمعة، أمام محكمة العدل الدولية عمّا عدّته «ضرورة عسكرية لهجومها على غزة»، وطلبت من القضاة «رفض طلب جنوب أفريقيا بإصدار أمر لإسرائيل بوقف العمليات في رفح، والانسحاب الكامل من القطاع».

وأدانت مصر في قت سابق بـ«أشد العبارات» العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، وما أسفرت عنه من سيطرة إسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر. وعدّت وزارة الخارجية المصرية السيطرة الإسرائيلية على المعبر بمثابة «تصعيد خطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني».

الفلسطينيون ينعون أقاربهم الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي لقطاع غزة خارج مشرحة بخان يونس (أ ب)

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، «ضرورة امتثال إسرائيل لالتزاماتها، بوصفها القوة القائمة بالاحتلال، من خلال فتح جميع المعابر البرية بين إسرائيل والقطاع، وتحقيق النفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل آمن، ودون عوائق إلى قطاع غزة»، لافتاً إلى «أهمية قيام إسرائيل باحترام وحماية العاملين في المجال الإنساني، وعدم استهداف مقرات وكالات الإغاثة الدولية، فضلاً عن ضمان وصول وحرية تنقل أطقم الإغاثة في قطاع غزة».

وجاءت تأكيدات شكري خلال اتصال هاتفي مع كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، سيجريد كاغ، مساء الجمعة. وشددا خلال الاتصال الهاتفي على «ضرورة توفير الظروف الآمنة لدخول المساعدات الإنسانية من معبر رفح، وإنهاء العمليات العسكرية في محيط معبر رفح، وتوفير المناخ الآمن للعاملين بالمجال الإنساني لتسلُّم، وتوزيع المساعدات الإنسانية لسكان القطاع».


مقالات ذات صلة

«اجتماع ميامي»... لتفادي فجوات المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

تحليل إخباري تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«اجتماع ميامي»... لتفادي فجوات المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

لقاء جديد للوسطاء في مدينة ميامي، بولاية فلوريدا الأميركية، وسط تعثر في الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي إسرائيليون من حركات يمينية يقفون على تلة تشرف على غزة للمطالبة بإعادة احتلال القطاع (أ.ب)

إسرائيليون يعبرون الحدود إلى غزة مطالبين بإعادة احتلال القطاع

دخل العديد من الإسرائيليين إلى قطاع غزة رغم حظر الجيش، حيث رفعوا العلم الإسرائيلي في مستوطنة سابقة، مطالبين بإعادة احتلال القطاع الفلسطيني المدمر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز) play-circle

عقوبات أميركية على قاضيين إضافيين في «الجنائية الدولية»

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قاضيين إضافيين بالمحكمة الجنائية الدولية، في خطوة دعم لإسرائيل، التي يواجه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مذكرة توقيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

«لدورهم في 7 أكتوبر»... تحركات إسرائيلية لإعدام 100 من عناصر «القسام»

ناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير العدل ياريف ليفين، إمكانية إنشاء محكمة عسكرية مخصصة لمحاكمة عناصر وحدة «النخبة» التابعة لـ«كتائب القسام».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ب) play-circle

حملة اعتقالات ومداهمات إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية

شن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

«الشرق الأوسط» (رام الله) نظير مجلي (تل أبيب)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
TT

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

أكدت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على لسان سفارتها في هولندا، أنها تتابع ملف قضية خالد الهيشري، الذي مثل أمام «المحكمة الجنائية الدولية»، بعد أن تسلمته من السلطات الألمانية مطلع الشهر الحالي.

ويعد الهيشري، الذي تسلمته المحكمة من السلطات الألمانية، أبرز قيادي في «جهاز الردع» المناوئ للدبيبة راهناً. وأوضحت المحكمة أنه «كان أحد أرفع المسؤولين في سجن معيتيقة بطرابلس، حيث احتجز الآلاف لفترات طويلة، بينهم نساء وأطفال».

الدبيبة مستقبلاً في لقاء سابق كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 (مكتب الدبيبة)

وأضافت المحكمة أن الهيشري يُشتبه في ارتكابه «جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب؛ منها القتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي»، خلال الفترة الممتدة من فبراير (شباط) 2015 إلى أوائل عام 2020.

وقالت بعثة ليبيا في هولندا إنها أجرت، الخميس، زيارة «لمواطن ليبي محتجز لدى المحكمة الجنائية الدولية»، مشيرة إلى أن الزيارة «تمَّت في إطار متابعة ملفه، ومباشرة الإجراءات القانونية المرتبطة بمختلف المسارات المعمول بها، وفق نظام المحكمة ومبدأ التكامل القضائي».

وأوضحت البعثة أن الزيارة «جاءت للتواصل المباشر، والاطلاع على تطورات وضعه القانوني، والتأكد من توفر الضمانات والحقوق القانونية المكفولة له»، مضيفة أنها «تحقَّقت من تمكين المحتجز من حقوقه القانونية كاملة، ومن توافر ظروف إقامة ومعاملة ذات جودة عالية، وفق المعايير المعتمدة داخل مرافق الاحتجاز، إضافة للرعاية الصحية والتواصل مع محاميه وذويه، وحقه في الزيارات وتلقي المستلزمات الضرورية».

وأكدت البعثة أن القسم القنصلي «سينظم زيارات دورية للمحتجز، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

وزيرة العدل بحكومة الدبيبة حليمة إبراهيم (المكتب الإعلامي للوزارة)

وبدا أن وقوع الهيشري في قبضة المحكمة الدولية قد قلب الطاولة على الدبيبة، بالنظر إلى موافقته سابقاً على «قبول ليبيا لاختصاص المحكمة الجنائية»، بموجب المادة الـ12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي.

وأعلنت حكومة «الوحدة» في 20 يونيو (حزيران) 2024، عبر مراسلة رسمية من وزارة العدل إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قبولها لاختصاص المحكمة الجنائية، بموجب المادة الـ12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي، وهي الفقرة التي تتيح للدول غير الأعضاء إحالة، أو قبول، نظر المحكمة في جرائم تقع على أراضيها.

ورغم الاتهامات التي يواجهها الهيشري، فقد عدّت بعض الأطراف السياسية المناوئة للدبيبة مثول الأول أمام «الجنائية الدولية» أمراً مرفوضاً، متهمةً حكومة «الوحدة» بـ«التفريط في سيادة البلاد القضائية».

وعدّ المجلس الاجتماعي «لسوق الجمعة - النواحي الأربع»، القبض على الهيشري «اعتداءً سافراً على سيادة الدولة الليبية، وتصفية للقضاء الوطني»، ووجَّه اتهامات لاذعة لـ«الوحدة».

وكانت البعثة الأممية قد عدّت أول ظهور للهيشري أمام «المحكمة الجنائية» بأنه «خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة، والمساءلة لكثير من الضحايا الأبرياء، جراء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا».

و«معيتيقة»، سجن كبير سيئ السمعة، كانت تديره بشكل كامل ميليشيا «جهاز الردع»، بقيادة عبد الرؤوف كارة، وكان أسامة نجيم - الذي تطلب المحكمة تسليمه إليها - أحد المسؤولين عن السجن لكونه آمر جهاز الشرطة القضائية في ليبيا، قبل أن يقيله الدبيبة من منصبه بعد المطاردة الدولية له.

سيف الإسلام القذافي (متداولة)

وسبق أن أعلن كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قائمةً تضم كثيراً من المطلوبين للمحكمة، بتهم «التعذيب والقتل»، بينما لا تزال 8 أوامر قبض سارية المفعول بانتظار تنفيذها ضد كلّ من: نجيم، وسيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، وعبد الرحيم الشقاقي، ومخلوف أرحومة دومة، وناصر مفتاح ضو، ومحمد الصالحين سالمي، وعبد الباري عياد الشقاقي، وفتحي الزنكال.


تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
TT

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

اتهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في هذا البلد بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية، وفي مقدمتها تنفيذ أولويات «خريطة الطريق»، التي تواجه «تحدياً كبيراً» لجهة إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، والنظر في التعديلات المقترحة على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات.

تيتيه اتهمت أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية (غيتي)

وكانت رئيسة «أنسميل» تقدم إحاطة، الجمعة، أمام أعضاء مجلس الأمن، أشارت فيها إلى مرور 4 أشهر على خريطة الطريق التي قدمتها في أغسطس (آب) الماضي. وأوضحت أن الجهود مع الجهات الليبية المعنية بخصوص تنفيذها يمثل «تحدياً كبيراً»، لا سيما لجهة إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، والنظر في التعديلات المقترحة على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات. كما أكدت أن الجهود المتواصلة مع لجنتَي المناصب السيادية في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة «لم تفض حتى الآن إلى إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات»، علماً بأن المجلس الأعلى للدولة قدَّم أسماء إلى مجلس النواب لاختيار رئيس للجنة التنفيذية العليا.

ورأت تيتيه أن «التأخيرات دليل على انعدام الثقة بين المؤسستين، وتفاقم الانقسامات الداخلية بينهما، وعدم القدرة على تجاوز خلافاتهما، والاتفاق على سبيل لحل المأزق الحالي». وتحدَّثت في هذا السياق عن العراقيل التي تواجه تعديل الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات، ومنها أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حلّت وفدها إلى لجنة «6 + 6» عام 2023، ولم تعد تشكيل وفدها إلا أخيراً. وعبَّرت عن اعتقادها بأنه «من الضروري إنجاز هاتين المهمتين؛ لضمان إجراء انتخابات نزيهة».

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وبخصوص الانتخابات المرتقبة، عرضت تيتيه للمواقف المتضاربة حول هذه القضية بين الزعماء الليبيين، وبينهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، مطالِبةً الأطراف السياسية الرئيسية بتيسير التوصُّل إلى اتفاق بشأن الإطار القانوني للانتخابات، «حتى تتمكَّن اللجنة الوطنية العليا للانتخابات من المضي في تحضيراتها اللازمة. وسنعمل أيضاً على تطوير آلية لمعالجة التغييرات في قوانين الانتخابات».

وفي معرض حديثها عن الحوار بين أفرقاء الأزمة الليبية، لفتت المبعوثة الأممية إلى أن «أنسميل» افتتحت أخيراً الحوار المنظم، وأوضحت أنه «أحد المكونات الأساسية الـ3 لخريطة الطريق»، داعية إلى «تقديم ترشيحات من مؤسسات سيادية رئيسية، ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، والأوساط الأكاديمية والمكونات الثقافية واللغوية»، مشيرة إلى هذا أن الحوار «يجمع طيفاً تمثيلياً من المجتمع الليبي مع 124 شخصية ليبية، تمثل المؤسسات المختلفة، ومجموعات أصحاب المصلحة». وهو «يهدف إلى تحديد المبادئ التوجيهية لبناء الدولة، وصياغة توصيات سياسية وتشريعية في مجالات الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية».

وبخصوص الوضع الاقتصادي في ليبيا، تطرَّقت تيتيه إلى ما سمَّته «التشرذم المالي المستمر»؛ مما يؤدي إلى «تقويض الاستقرار الاقتصادي والدينار الليبي، وإضعاف تقديم الخدمات، وتآكل ثقة الجمهور في مؤسسات الدولة». وأبدت استعداد «أنسميل» لدعم المؤسسات الليبية في «تنسيق وتعزيز هيكل الرقابة والتنظيم المتشرذم في البلاد».

أما بخصوص الوضع الأمني، فقد لاحظت تيتيه أنه «بعد الاتفاق على الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس، استقر الوضع الأمني ​​في العاصمة إلى حدٍ ما». وأشارت إلى أن «الهدنة لا تزال سارية»، مؤكدة أن «الوضع في طرابلس وغرب ليبيا لا يزال هشاً مع اندلاع اشتباكات مسلحة متفرقة في مناطق جنوب طرابلس وغيرها». وحضّت الجهات الفاعلة المعنية على «العمل معاً لتنفيذ الترتيبات الأمنية المتفق عليها، والمضي في الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار».

من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المجلس)

وفيما يتعلق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن حول تمديد ولاية البعثة، طبقاً للقرار 2796، لفتت تيتيه إلى أن البعثة «شكَّلت فريق عمل داخلياً لتنفيذ القرارات والتوصيات، لكن بشكل تدريجي نظراً لمحدودية الموارد». وقالت بهذا الخصوص إن التوصيات التي يمكن تنفيذها تشمل زيادة وجود البعثة في شرق ليبيا، وإنشاء قسم اقتصادي متخصص في «أنسميل»، التي تعتزم توسيع وجودها في سبها عام 2027 إذا سمحت الموارد بذلك.

وشدَّدت على أنه «لا ينبغي أن تُعرقَل العملية السياسية بسبب تقاعس أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين، الذين يحافظون على الوضع الراهن، سواء عن قصد أو غير قصد».


ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟

محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟

محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

بلغة واضحة لا تخلو من حدة، وعقب زيارة رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إلى القاهرة، أصدرت الرئاسة المصرية بياناً حول الحرب السودانية، تضمن 3 نقاط وصفتها بالخطوط الحمراء، وقالت إنها لن تسمح بتجاوزها أو التهاون بشأنها، لأنها تمس الأمن القومي المصري المرتبط بالأمن القومي السوداني مباشرةً. وجاءت الإشارة إلى تفعيل «اتفاقية الدفاع المشترك» بين البلدين تلويحاً بإمكانية إلقاء مصر بثقلها العسكري والسياسي والدبلوماسي لصالح الجيش السوداني.

اتفاقية الدفاع المشترك

في مارس (آذار) من عام 2021، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري مع السودان»، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في عام 1976 في عهد حكم الرئيسين السوداني جعفر نميري، والمصري أنور السادات، ونصت المادتان الأولى والثانية على أن أي اعتداء على طرف يعد اعتداء على الآخر، وعلى التشاور الفوري الذي يتضمن استخدام القوة المسلحة لرد العدوان، وعلى التزام الطرفين بتنسيق سياساتهما الدفاعية والعسكرية في المسائل المتعلقة بأمن البلدين القومي.

النميري ضابطاً في القاهرة قبل توليه الرئاسة بـ15 عاماً (أ.ف.ب)

وبعد سقوط نظام جعفر النميري بالثورة الشعبية في 1985، أبلغ رئيس الوزراء وقتها الصادق المهدي القيادة المصرية رغبته في إلغاء «اتفاقية الدفاع المشترك» بين البلدين، وبدلاً عنها تم توقيع ما عُرف بـ«ميثاق الإخاء» في 1987، لم ينص صراحة على إلغاء اتفاقية 1976، لكن لم يتم الحديث عنها أو تحريك «آلياتها» منذ ذلك الوقت.

رسائل إقليمية ودولية

اعتبر الكاتب الصحافي السوداني، رئيس تحرير صحيفة «التيار»، عثمان ميرغني، التصريحات المصرية، رسائل إقليمية ودولية في سياق التطورات الأخيرة المرتبطة بمهددات أمنية خطيرة على السودان، مشيراً إلى «تمدد (قوات الدعم السريع) في إقليمي دارفور وكردفان بصورة تهدد الأمن القومي السوداني المصري المشترك، مع وجود مخاطر انقسام جغرافي يهدد وحدة السودان».

ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مصر لأول مرة تستخدم لغةً مباشرةً وخشنةً، وتلوح بإمكانية تدخلها وفق القانون الدولي في أحداث السودان، وأضاف: «هذا يعبر عن مستوى القلق المصري من الوضع في السودان». وأشار ميرغني إلى إمكانية «التدخل المباشر» تحت ذريعة القانون الدولي وفقاً لما جاء في بيان الرئاسة المصرية، وقال إن «الخطوط الحمراء رسالة موجهة للجميع، فاللاعبون المؤثرون في المشهد السوداني كثر».

الخطوط الحمراء

أول الخطوط الحمراء التي ذكرتها القاهرة، هي الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم العبث بمقدراته ومقدرات الشعب السوداني، وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان، وجددت رفضها القاطع إنشاء أي كيانات موازية أو الاعتراف بها باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه.

وشددت مصر وفقاً للبيان على الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بها، مؤكدةً على حقها الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي، من بينها تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين الشقيقين لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها.

وزير الخارجية السوداني السابق على يوسف أشار إلى توقيت زيارة البرهان إلى القاهرة، وقال إنه جاءت عقب زيارته الاثنين الماضي إلى المملكة العربية السعودية، وزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، وتأتي في إطار جهود إنهاء الحرب في السودان عبر الآلية الرباعية التي تضم السعودية والإمارات ومصر وأميركا، وأوضح يوسف لـ«الشرق الأوسط»، أن البرهان أطلع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على مخرجات زيارته إلى السعودية، وآخر التطورات في السودان.

وقال إن الزيارة لا تشبه مراسم الزيارات العادية، وجاءت نتيجةً لتطورات الحرب السودانية، لأن أمن مصر مرتبطٌ ارتباطاً عضوياً بأمن السودان، ونبه إلى أن مصر جزءٌ من الآلية الرباعية التي تسعي لإنهاء الحرب التي اقتربت من عامها الثالث.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

الخبير العسكري السوداني، المعتصم عبد القادر، قال إن تفعيل الاتفاقية المشتركة بين السودان ومصر يعني أن يكون هناك تدخل مصري، بأشكال مختلفة، يمكن أن يشمل توفير الأسلحة والذخائر أو التدخل المباشر، وحسب بنود الاتفاقية التي تنص على أن على جيشي الدولتين الدفاع عن الأخرى، وأضاف: «الخطوط التي جاءت في بيان الرئاسة المصرية خطوة متقدمة، وتعني الكثير للدولة السودانية». ووصف عبد القادر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، حماية البلدين لبعضها البعض، بأنها «مسألة تاريخية ممتدة منذ الحروب التي حدثت في مصر في القرن الماضي، وشاركت فيها القوات المسلحة السودانية».

رأي «الدعم السريع»

قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، في تصريحات على صفحته بمنصة «إكس»، إن موقف مصر الوارد في البيان «يُعد تدخلاً سافراً، وانحيازاً لطرف معين، وتعاملاً استعمارياً، ينظر إلى السودان بوصفه حديقة خلفية لها». مصدر آخر موال لـ«الدعم السريع» قال إن الاتهامات لمصر بدعم الجيش لم تتوقف يوماً منذ بدايات الحرب، وأشار إلى وجود قوات مصرية في قاعدة مروي الجوية بشمال البلاد في بدايات الحرب، حين تم أسر بعض الجنود والضباط المصريين، ثم تسليمهم إلى القاهرة لاحقاً.

وأشار المصدر أيضاً إلى اتهام قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، الجيش المصري، بـ«شن ضربات جوية على قواته»، وإمداد الجيش السوداني بطائرات مسيرة وتدريبه. وأن حميدتي جدد اتهاماته في يونيو (حزيران) الماضي بدعم القاهرة للجيش السوداني وتزويده بطائرات يقودها طيارون مصريون قصفت مناطق سيطرة قواته، وتزويد الجيش بأسلحة ووقود طائرات، معتبراً ذلك «عدواناً سافراً على الشعب السوداني». ويقول المصدر، الذي طلب حجب هويته، إن مصر تتدخل في الحرب في السودان من الأساس، وتفعيل اتفاقية «الدفاع المشترك» ما هو إلا تحصيل حاصل.

ترف الوقت

السفير السوداني الصادق المقلي قال إن مصر تعمل مع السعودية والمجموعة الرباعية الدولية، بإيعاز وتنسيق مع الولايات المتحدة، لإعطاء دفعة قوية لموضوع السودان، وأضاف: «أميركا تستخدم الآن القوة الناعمة بدلاً عن العصا، التي هي خيار مؤجل لحين استنفاد المساعي المكوكية التي يقوم بها كبير مستشاري الرئيس الأميركي مسعد بولس في المنطقة».

وأوضح المقلي في إفادته لـ«الشرق الأوسط»، أن واشنطن تعلم تماماً تأثير كل من السعودية ومصر، وقدرتهما على إقناع وتليين موقف الحكومة السودانية الرافض للمبادرة الأميركية الأخيرة.

وقال إن البرهان لا يملك في الوقت الحالي «ترف الوقت»، فما يجري في السودان هو أسوأ كارثة إنسانية بحسب وصف المجتمع الدولي لها، وأضاف: «الملاحظ أن مصر في شخص وزير خارجيتها بدر عبد العاطي شبه تفرغ لإنجاح (الرباعية)، باعتبار أن استمرار الوضع الراهن في السودان يهدد أمنها القومي».

ووصف السفير المقلي زيارتي البرهان لكل من الرياض والقاهرة بـ«الأمتار القصيرة» التي على البرهان قطعها للاقتناع بمبادرة «الرباعية»، وتابع: «زيارة السعودية أحدثت نقلة نوعية في الموقف الرسمي للحكومة السودانية، وأعربت بعدها الخارجية عن حرص بورتسودان على التعاون مع الرئيس دونالد ترمب ووزير خارجيته ومستشاره بولس، وجهودهم لتحقيق السلام في السودان»، وتوقع مستجدات وشيكة لحل الأزمة السودانية قد تحدث اختراقاً كبيراً.