فيضانات البرازيل: أكثر من مليون مسكن بلا مياه... ومقتل 78 شخصاً على الأقل

نحو 70 في المائة من أنحاء بورتو أليغري ونطاقها الإداري محرومة من المياه

مشهد جوي يُظهر تضرر منازل بسبب الفيضانات في ولاية ريو غراندي دو سول البرازيلية (أ.ف.ب)
مشهد جوي يُظهر تضرر منازل بسبب الفيضانات في ولاية ريو غراندي دو سول البرازيلية (أ.ف.ب)
TT

فيضانات البرازيل: أكثر من مليون مسكن بلا مياه... ومقتل 78 شخصاً على الأقل

مشهد جوي يُظهر تضرر منازل بسبب الفيضانات في ولاية ريو غراندي دو سول البرازيلية (أ.ف.ب)
مشهد جوي يُظهر تضرر منازل بسبب الفيضانات في ولاية ريو غراندي دو سول البرازيلية (أ.ف.ب)

كانت السلطات في البرازيل تخوض سباقاً مع الزمن لإغاثة المتضررين جرّاء الفيضانات المدمّرة التي تضرب جنوب البلاد، خصوصاً ولاية ريو غراندي دو سول، متسببةً بمقتل 78 شخصاً على الأقل، ونزوح نحو 90 ألف نسمة من منازلهم.

ومن خلال الصور الملتقَطة جوّاً، وعمليات الإنقاذ الجارية على الأرض، يمكن رؤية أحياء أغرقتها المياه بالكامل، ما يعكس الأضرار الفادحة في جنوب البلاد، حيث ارتفع منسوب المياه إلى حد أفقد السكان كل ما يملكون خلال دقائق، بينما غرقت بالمياه شوارع عاصمة الولاية بورتو أليغري التي يقطنها نحو 1.4 مليون نسمة.

وجرت تعبئة أكثر من ثلاثة آلاف عنصر بين جنود ورجال إطفاء وعمّال إنقاذ؛ لإغاثة السكان، وسط حالة من الفوضى، وللبحث أيضاً عن نحو مائة مفقود، وفقاً لأحدث تقييم للدفاع المدني.

وقال حاكم الولاية، إدواردو ليتي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وعدد من الوزراء، إن «ولايتنا هي منطقة حرب، وتتعين علينا أيضاً معالجة تداعيات ما بعد الحرب».

وزار الرئيس البرازيلي، الأحد، الولاية التي تتميز بالإنتاج الزراعي، والبالغ عدد سكانها نحو 11 مليون نسمة، للمرة الثانية خلال بضعة أيام.

وإلى جانب الحاكم، الذي عدَّ أن الولاية تحتاج إلى «خطة مارشال» لإعادة إصلاح ما تضرّر، في إشارة إلى خطة إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، تعهّد الرئيس البرازيلي «بتسريع إتاحة كل الوسائل الضرورية» لإعادة الإعمار.

من المدارس إلى السجون

وتزداد الدعوات لتقديم تبرعات للنواحي الـ334 المتضررة، وكذلك التحركات التضامنية.

وفي بورتو أليغري، يشارك التاجر إدواردو بيتانكور، البالغ 36 عاماً، مع آخرين ضمن فريق تطوعي في عمليات إغاثة السكان المحاصَرين بالمياه. وقال، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الأمور معقّدة جداً، نساعد من يمكننا مساعدتهم».

وتعمل فِرق الجيش على إقامة مستشفيات ميدانية؛ لاستقبال مئات المرضى الذين تعيَّن إجلاؤهم من مراكز طبية. وكل المرافق متضررة؛ من المدارس إلى السجون، وكذلك كل البنى التحتية.

رجل يزيل الطمي الذي جرفته مياه الفيضانات في ولاية ريو غراندي دو سول (أ.ف.ب)

ونحو 70 في المائة من أنحاء بورتو أليغري ونطاقها الإداري محرومة من المياه، كما أن كانواس وغوايبا وإلدورادو الواقعة ضمن نطاقها مغمورة تماماً بمياه الفيضانات.

وارتفع منسوب نهر غوايبا إلى 5.30 متر، ليتجاوز بذلك الرقم القياسي المسجل في فيضانات عام 1941، والذي بلغ 4.76 متر، وفق رئاسة البلدية.

وأكدت روزانا كوستوديو، وهي ممرضة في السابعة والثلاثين اضطرت لمغادرة منزلها، أنها «خسرت كل شيء».

وأضافت، في رسالة عبر تطبيق «واتساب»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قرابة منتصف الليل الخميس، بدأ مستوى المياه الارتفاع بشكل سريع جداً». وتابعت: «خرجنا بسرعة بحثاً عن مكان آمن، لكننا لم نتمكن من السير... وضع زوجي طفلتينا في قارب مطاطي صغير، وقام بالتجذيف مستخدماً القصب، بينما سبحنا أنا وابني حتى آخر الشارع».

ولجأت العائلة إلى منزل شقيق زوجها بشمال بورتو أليغري، لكنها اضطرت مجدداً إلى النزوح بعدما بلغت المياه مناطق جديدة. وأوضحت كوستوديو: «أنقذنا مركب عامل بمحرك يعود لأصدقائنا»، مؤكدة أنهم باتوا في مأمن، «لكننا فقدنا كل ما كنا نملكه».

صورة جوية من أعلى تُظهرقارباً به متطوعون يبحثون عن أشخاص معزولين في المنازل بحي ماتياس فيلهو الذي غمرته الفيضانات في كانواس بولاية ريو غراندي دو سول (رويترز)

وبينما تراجعت كمية المتساقطات، خلال ليل السبت - الأحد، يتوقع استمرار هطول الأمطار، خلال الساعات الـ24 إلى 36 المقبلة، مع تحذير السلطات من حدوث انزلاقات أرضية.

وفق السلطات، اضطر نحو 90 ألف شخص إلى مغادرة منازلهم، وهناك أكثر من مليون مسكن بلا مياه، بسبب الفيضانات التي تضرب جنوب البرازيل منذ أيام. وهناك 17 ألف شخص قصدوا ملاجئ أقامتها سلطات الولاية.

وفي الفاتيكان، عبّر البابا فرنسيس، الأحد، عن تضامنه مع سكان الولاية، قائلاً: «أؤكد صلواتي من أجل سكان ولاية ريو غراندي دو سول في البرازيل، المتضررين من الفيضانات الكبرى. ليقبل الرب الموتى ويعزِّ أفراد عائلاتهم، الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم».

ظواهر مناخية قصوى

في كل أنحاء الولاية تتكرر المشاهد: عائلات تنتظر على سطوح المنازل وصول فِرق الإغاثة، وقوارب صغيرة تجول في شوارع وجادّات غمرتها المياه بالكامل.

لكن في مؤشر إلى بعض الانفراج، انحسرت الأمطار، إلى حد كبير، الأحد، لكن السلطات تحذّر من مخاطر انزلاقات أرضية.

وبورتو أليغري معزولة من جراء الفيضانات أكثر من أي وقت مضى عن بقية أنحاء البرازيل. وغمرت المياه المحطة الرئيسية للحافلات، وتسببت بتعليق الرحلات في مطار بورتو أليغري الدولي اعتباراً من الجمعة ولأجل غير مُسمّى.

وقال الخبير البرازيلي في شؤون المناخ فرنسيسكو إليزو أكينو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الأمطار الغزيرة يعزّزها «مزيج كارثي» من التغير المناخي وظاهرة إل نينيو وظواهر قصوى أخرى.

وسبق أن تعرضت ريو غراندي دو سول مراراً لفيضانات مميتة، ولا سيما في سبتمبر (أيلول)، حين قضى 31 شخصاً في مرور إعصار مدمّر.


مقالات ذات صلة

ارتفاع حصيلة الفيضانات في المغرب إلى 10 قتلى

شمال افريقيا العلم المغربي (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع حصيلة الفيضانات في المغرب إلى 10 قتلى

ارتفعت حصيلة ضحايا انقلاب حافلة للنقل جرفتها سيول نتجت عن فيضانات جديدة جنوب المغرب إلى 10 قتلى، وفق ما أفادت به وزارة الصحة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
آسيا شاره غمرته مياه الأمطار في واجيما اليابانية (أ.ب)

أمطار غزيرة على وسط اليابان وإجلاء آلاف السكان

هطلت أمطار غزيرة غير مسبوقة، اليوم السبت، على منطقة نوتو اليابانية التي تعرضت لزلزال كبير مدمر في يناير (كانون الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم حريق غابات في قرية فيغا بأغويدا في البرتغال - 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي: الفيضانات وحرائق الغابات تظهر أن الانهيار المناخي بات القاعدة

حذّر الاتحاد الأوروبي من الفيضانات المدمّرة وحرائق الغابات التي تظهر أن الانهيار المناخي بات سريعاً القاعدة، مؤثراً على الحياة اليومية للأوروبيين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
آسيا أشخاص يستخدمون قارباً لعبور طريق غمرته الفيضانات في ميانمار (أ.ب)

ارتفاع حصيلة الفيضانات في ميانمار إلى 226 قتيلاً و77 مفقوداً

ارتفعت حصيلة الفيضانات الناجمة عن الإعصار ياغي في ميانمار إلى 226 قتيلاً و77 مفقوداً، وفق ما أعلن التلفزيون الرسمي مساء (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (رانغون)
أفريقيا المياه تغمر منازل ومباني بعد انهيار سد في مايدوغوري بنيجيريا الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 (أ.ب)

الفيضانات تضرب ملايين الأشخاص في وسط وغرب أفريقيا

أعلنت منظمة الأمم المتحدة، الاثنين، أن أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات التي اجتاحت أجزاءً كبيرة من غرب ووسط أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

هايتي تنشر قوات إضافية بعد مقتل 70 شخصاً في هجوم لعصابة

ضباط كينيون خلال دورية لحفظ الأمن في بور أو برنس بهايتي (رويترز)
ضباط كينيون خلال دورية لحفظ الأمن في بور أو برنس بهايتي (رويترز)
TT

هايتي تنشر قوات إضافية بعد مقتل 70 شخصاً في هجوم لعصابة

ضباط كينيون خلال دورية لحفظ الأمن في بور أو برنس بهايتي (رويترز)
ضباط كينيون خلال دورية لحفظ الأمن في بور أو برنس بهايتي (رويترز)

نشرت الحكومة في هايتي، الجمعة، وحدات شرطة متخصصة لمكافحة العصابات، غداة اعتداء دامٍ شمال غربي العاصمة بور أو برانس، قالت الأمم المتحدة إنه أسفر عن سقوط 70 قتيلاً على الأقل.

ووقع الهجوم في وقت مبكر من يوم الخميس، في بلدة بون سوندي، على بعد نحو 100 كيلومتر من العاصمة، وتم فيه إحراق عشرات المنازل والمركبات، بعد أن أطلق أفراد العصابة النار، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

يأتي هذا في وقت تحاول فيه مهمة شرطية دولية بقيادة كينية، إعادة فرض السيطرة الحكومية في هايتي، التي تعاني منذ سنوات اضطرابات أمنيّة وسياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة وكوارث طبيعيّة.

وتفاقم الوضع في البلاد منذ أواخر فبراير (شباط)، عندما شنّت عصابات مسلّحة هجمات منسّقة على مراكز الشرطة والسجون والمقارّ الحكوميّة، في محاولة لإطاحة رئيس الوزراء السابق أرييل هنري الذي كان قد عُيّن قبل أيّام من اغتيال الرئيس جوفينيل مويز في 2021.

وقالت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في بيان، إن «أعضاء في عصابة (غران غريف) مزودين بنادق آلية، أطلقوا النار على الناس، وقتلوا 70 شخصاً على الأقل، بينهم نحو 10 نساء و3 رضّع».

ورأى مكتب رئيس وزراء هايتي، في بيان، أن «هذا العمل العنيف الأخير، الذي يستهدف المدنيين الأبرياء، غير مقبول، ويتطلب استجابة عاجلة وصارمة ومنسقة من الدولة».

وشدد البيان على أن الشرطة الوطنية «ستكثّف جهودها»، مضيفاً أن «عناصر من وحدة مكافحة العصابات المؤقتة تم نشرهم بوصفهم تعزيزات لدعم الفرق الموجودة بالفعل على الأرض».

وأفادت متحدثة باسم إحدى منظمات المجتمع المدني المحلية وسائل الإعلام الهايتية، بأن الهجوم جاء بعدما أصدر زعيم عصابة «غران غريف» لوكسون إيلان، تهديدات ضد من يرفضون دفع خوات للعصابة لاستخدام طريق سريعة قريبة.

وقالت بيرتيد هوراس لإذاعة «راديو ماجيك 9»: «لقد أعدموا العشرات من السكان، أصيب جميع الضحايا تقريباً برصاصة في الرأس».

وأوضحت أن «عناصر الشرطة المنتشرين في مكان قريب، والذين يعانون على ما يبدو نقصاً في العدد والعدة، لم يبدوا أي مقاومة حيال المجرمين، وفضّلوا الاحتماء» على الدفاع عن الناس.

وبحسب الأمم المتحدة، «أصيب 16 شخصاً على الأقل بجروح خطرة، من بينهم اثنان من أفراد العصابة أصيبا خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة الهايتية».

ويشتبه في أن أفراد العصابة «أضرموا النار في 45 منزلاً و34 مركبة على الأقل»، ما أجبر السكان على الفرار.

جريمة «شنيعة»

وأعلن مكتب رئيس الوزراء أنه تمّ إرسال قوات أمن إضافية، تدعمها بعثة الشرطة الدولية بقيادة كينيا، إلى بون سوندي ليل الخميس - الجمعة. وأشار إلى أن الهجوم وقع عند الساعة الثالثة فجراً صباح الخميس.

وأكد رئيس الوزراء غاري كونيل أن «الجريمة الشنيعة التي ارتُكبت ضد النساء والرجال والأطفال العزّل ليست هجوماً على هؤلاء الضحايا فحسب، بل على الأمة الهايتية بأكملها».

والأسبوع الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن 3661 شخصاً على الأقل قضوا منذ يناير (كانون الثاني)، في هايتي، حيث يستشري عنف العصابات.

وتسيطر عصابات على مساحة واسعة من العاصمة بور أو برنس، وتُتهم بارتكاب انتهاكات كثيرة، مثل القتل والاغتصاب والنهب والخطف للحصول على فدية.

وتتقاطع مصالح كثير من السياسيين مع العصابات في هايتي. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على أحد أعضاء البرلمان الهايتي عن دائرة تتبع لها بون سوندي، على خلفية تقديمه مساعدات لعصابة «غران غريف» مكافأة لها على دعمه في الفوز بانتخابات عام 2016.