من دبي إلى كينيا والبرازيل... لماذا ازدادت الأمطار والفيضانات حول العالم مؤخراً؟

شارع في دبي مغمور بمياه الأمطار 2 مايو الحالي (أ.ف.ب)
شارع في دبي مغمور بمياه الأمطار 2 مايو الحالي (أ.ف.ب)
TT

من دبي إلى كينيا والبرازيل... لماذا ازدادت الأمطار والفيضانات حول العالم مؤخراً؟

شارع في دبي مغمور بمياه الأمطار 2 مايو الحالي (أ.ف.ب)
شارع في دبي مغمور بمياه الأمطار 2 مايو الحالي (أ.ف.ب)

شهدت دول عدة حول العالم في الآونة الأخيرة انهمار مياه الأمطار والفيضانات التي وُصفت بالقاتلة، وتسببت تلك الأمطار في وفيات ودمار واسع، إضافة إلى عمليات إجلاء جماعية في قارات عدة، وتضرر كبير في البِنى التحتية.

وتعد تلك الأمطار والفيضانات في الأسابيع الأخيرة في مناطق حول العالم غير متوقعة سواء من حيث موقعها أو قوتها، وتثير التساؤلات حول أسبابها.

وأكد تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن الأمطار الغزيرة القوية هي نتيجة أنماط الطقس التي جرى شحنها بشكل كبير خلال عام قياسي لدرجات الحرارة العالمية؛ إذ إنه كلما زادت سخونة الكرة الأرضية، أصبحت أكثر رطوبة أيضاً. وبشكل أكثر بساطة، كلما كان الهواء أكثر دفئاً، زادت كمية الماء التي يمكنه الاحتفاظ بها.

لا يزال العلماء لا يعرفون ما إذا كانت هذه الحرارة العالمية القياسية التي استمرت مدة عام - والأمطار الغزيرة المصاحبة لها - تمثل إشارة إحصائية، وفي كل فيضان في شهر أبريل (نيسان) الماضي، اتحدت مجموعة معينة من الظروف الجوية القاسية معاً لتسبب العواصف، وفقاً لخبراء الأرصاد الجوية وعلماء المناخ.

مناطق متضررة

وتعد كمية الأمطار التي هطلت خلال هذه العواصف الربيعية غير عادية. فعلى سبيل المثال، هطلت أمطار في بلدان شرق أفريقيا يتراوح ارتفاعها من 4 إلى 20 بوصة خلال شهر أبريل، أي ما يصل إلى 6 أضعاف الكمية الطبيعية اعتماداً على المنطقة، وفقاً لبيانات مركز التنبؤ المناخي التابع لهيئة الأرصاد الجوية الوطنية.

وتسببت شدة الأمطار في الفوضى؛ إذ تعرضت نيروبي في كينيا، لما يقرب من 12 بوصة من الأمطار على مدى 7 أيام، ما أدى إلى تفجير السدود، ودفن البلدات في الوحل، وتحويل شوارع المدينة إلى أنهار قاتلة. ومن كينيا إلى دبي، سقط أكثر من 10 بوصات من الأمطار في يوم واحد، ما أدى إلى غمر مدارج مطارها الدولي.

يحاول السكان المحليون في قرية نغوندو في كينيا إنقاذ بعض ممتلكاتهم بعد استمرار هطول الأمطار الغزيرة (إ.ب.أ)

وغمرت الأمطار القياسية التي بلغ إجماليها 17 بوصة خلال الشهر مقاطعة قوانغدونغ بجنوب الصين، حيث انهار جزء من الطريق السريعة في منطقة جبلية، ما أسفر عن مقتل 48 شخصاً. تضم المقاطعة 127 مليون نسمة وكثيراً من عمالقة التكنولوجيا والتصنيع في الصين، والتي يقع معظمها على طول ساحلها الجنوبي.

صورة من أعلى تظهر المباني المتضررة في أعقاب إعصار في قرية بقوانغتشو بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)

وإلى البرازيل، حيث نشرت قواتها المسلحة في ولاية ريو غراندي دو سول بجنوب البلاد بعد هطول أمطار بلغ منسوبها 6 بوصات خلال 24 ساعة، ما تسبب في حدوث فيضانات جماعية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 55 شخصاً، وفقدان أكثر من 70 آخرين، وتشريد أكثر من 70 ألفاً آخرين.

ومع وصول أحد الأنهار الرئيسية في المنطقة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، دُمرت الطرق والجسور، ما أدى إلى تعطيل المحاصيل في ثاني أكبر ولاية منتجة لفول الصويا في البلاد. بينما تُرك نحو نصف مليون شخص دون إمكانية الحصول على المياه النظيفة، و300 ألف شخص من دون كهرباء بعد انهيار سد صغير لتوليد الطاقة الكهرومائية، ما أدى إلى موجة من المياه الموحلة بارتفاع مترين اجتاحت القرى المحلية.

جانب من الفياضانات التي ضربت ريو غراندي دو سول جنوب البرازيل (أ.ف.ب)

أكثر سخونة... أكثر رطوبة

وأشار تقرير الصحيفة إلى أن الكوارث المرتبطة بهطول الأمطار هي نتيجة ارتفاع درجات الحرارة العالمية؛ إذ إن الكرة الأرضية شهدت 10 أشهر متتالية من متوسط درجات الحرارة العالمية القياسية في الغلاف الجوي، و12 شهراً متتالياً من المتوسط العالمي القياسي لدرجات حرارة المحيطات.

على الرغم من أن الأسئلة لا تزال قائمة حول ما إذا كان الارتفاع في درجات الحرارة العالمية سيستمر، فإن الأمر المؤكد هو أن الغلاف الجوي الأكثر دفئاً يحمل مزيداً من الرطوبة التي تهطل لاحقاً على شكل أمطار، في حين أن المحيطات الأكثر دفئاً تبخر مزيداً من الماء إلى الهواء، وفقاً لسارة كابنيك، كبيرة العلماء في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في أميركا.

وتابعت كابنيك: «هطول الأمطار يحدث بشكل متكرر الآن في أماكن لا نعتقد أنها ممطرة، مثل دبي، لذلك يكون الأمر أكثر إثارة للدهشة عندما تحدث».

أمطار غزيرة سقطت في بورتو أليغيري جنوب البرازيل (رويترز)

وحدثت فيضانات بشرق أفريقيا الشهر الماضي خلال موسم الأمطار الذي يمتد من مارس (آذار) إلى مايو (أيار)، على الرغم من أن الكمية الفعلية للأمطار تختلف في سنة معينة. هذه المرة، حدث هطول الأمطار بشكل ضخم بسبب نمط الطقس المسمى «ثنائي القطب للمحيط الهندي». وفي مرحلته الإيجابية، يدفع ثنائي القطب المياه الدافئة نحو الساحل الشرقي لأفريقيا؛ وفي مرحلته السلبية، تندفع المياه الدافئة عائدة نحو أستراليا وإندونيسيا.

هذا العام، يكون ثنائي القطب أقوى من المعتاد، ما يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة في مناطق على الجانب الغربي من المحيط الهندي، مثل كينيا، وفقاً لجويس كيموتاي، عالمة المناخ في كلية «إمبريال لندن» وعضو منظمة «وورد ويزر أتريبيوشن»، وهي منظمة تضم مجموعة من العلماء من الجامعات ومعاهد البحوث في أوروبا والولايات المتحدة.

ظاهرة «النينو»

ووفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، تعد الفيضانات التي اجتاحت دبي الشهر الماضي، هي الأشد خطورة منذ 75 عاماً، وفقاً لتقارير إخبارية. في 15 فبراير (شباط)، سجلت دبي أعلى هطول يومي للأمطار منذ بدء التتبع في عام 1949.

وخلص تحليل نشرته مجموعة «وورد ويزر أتريبيوشن»، إلى أن كمية الأمطار التي هطلت في دبي تأثرت على الأرجح بظاهرة «النينو»، وهي نمط مناخي في المحيط الهادئ يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة المحيط في شرق المحيط الهادئ، ويمكن أن يؤثر على أنماط الجفاف وهطول الأمطار.

وبدأت ظاهرة «النينو» الحالية في عام 2023، وهي تتضاءل ببطء، على الرغم من أنها لا تزال ذات تأثير، وهي مسؤولة جزئياً عن الأمطار القاتلة التي شهدتها جنوب البرازيل، الأسبوع الماضي، وفقاً للمعهد الوطني للأرصاد الجوية في البلاد، وفي المنطقة العربية، هناك أمطار غزيرة خلال سنوات «النينو» مقارنة بالسنوات التي لا تحدث فيها.

ضعف النظام البيئي

وقالت كيموتاي إن التنقل ذهاباً وإياباً بين سنوات الجفاف التي تليها فترات من هطول الأمطار الغزيرة وطويلة الأمد يجعل من الصعب على التربة والنباتات امتصاص مياه الأمطار، وتابعت: «هناك كثير من التقلبات بين النقيضين؛ لذا فإن النظام البيئي لا يملك الوقت الكافي للتعافي والعودة إلى حالته الطبيعية والتكيفية، لذلك فإنه يصبح نظاماً ضعيفاً بمرور الوقت».

كما أدت الأمطار الشديدة إلى التأثير المباشر على الزراعة أيضاً. وفي الجزر البريطانية شديدة الأمطار، كان الشتاء الماضي من أكثر الفصول رطوبة على الإطلاق، وتسببت الأمطار في غمر حقول المزارعين في منتصف موسم الزراعة، ما يهدد المحاصيل.

يمكن أن تكون أضرار الأمطار أسوأ في المناطق الحضرية مثل دبي، حيث لا يمكن للمياه أن تتسرب إلى الأرض، أو في المناطق الريفية؛ حيث جرى قطع النباتات من أجل الغذاء أو الوقود، وفقاً لجوستين مانكين، أستاذ الجغرافيا المساعد في كلية دارتموث. وتابع: «يمكن لسطح الأرض امتصاص كمية محدودة من الماء، وزيادتها بشكل أكبر تشكل خطراً على الناس في شكل فيضانات. وهذه هي الحال سواء كنت تتحدث عن شرق أستراليا أو دبي أو شرق الصين».


مقالات ذات صلة

«سد النهضة»... هل تُضعف «زيادة الفيضانات» موقف مصر والسودان؟

شمال افريقيا جانب من «سد النهضة» (رويترز)

«سد النهضة»... هل تُضعف «زيادة الفيضانات» موقف مصر والسودان؟

يرى خبراء أن تأثير سنوات ملء السد الإثيوبي «منخفض حتى الآن على مصر والسودان».

أحمد إمبابي (القاهرة )
آسيا فتاة تسير بجوار الحطام والطين في أعقاب الفيضانات التي جلبها إعصار غايمي في مدينة ماريكينا (رويترز)

الإعصار غايمي يخلف 20 قتيلاً في الفلبين

قضى 20 شخصاً في الأمطار الغزيرة المرافقة للإعصار غايمي في الفلبين، وتتواصل عمليات إزالة الركام والأضرار على ما جاء في حصيلة جديدة للشرطة.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
آسيا تعرض أكثر من 600 منزل للضرر أو التدمير بسبب الطقس في فيتنام (رويترز)

قتلى ومفقودون بفيضانات وانهيارات أرضية في فيتنام

أعلنت السلطات الفيتنامية أن الانهيارات الأرضية والفيضانات التي سببتها الأمطار الغزيرة الناتجة عن العاصفة برابيرون أسفرت عن مقتل 7 أشخاص وفقدان 9 آخرين.

«الشرق الأوسط» (هانوي )
آسيا صورة توضح الجزء المنهار من الجسر بسبب السيول في مقاطعة شنشي الصينية (أ.ف.ب)

الصين: ارتفاع حصيلة السيول المفاجئة إلى 20 قتيلاً وعشرات المفقودين

أعلنت السلطات الصينية أنّ أمطاراً غزيرة هطلت على امتداد أسبوع في سائر أنحاء البلاد، ونجمت عنها سيول مفاجئة، تسبّبت في مقتل 20 شخصاً وفقدان عشرات آخرين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا أحد رجال الإنقاذ ينظر إلى الجسر المنهار أثناء إجراء عملية بحث وإنقاذ على نهر في مقاطعة تشاشوي في مدينة شانغلو بمقاطعة شنشي شمال غربي الصين (أ.ب)

الصين: 11 قتيلاً و30 مفقوداً جراء انهيار جسر بسبب الأمطار الغزيرة

قُتل 11 شخصاً جراء انهيار جسر في شمال الصين، وفق ما أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية، اليوم (السبت)، في وقت يشهد جزء من البلاد أمطاراً غزيرة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

نانسي عجرم أطلَّت كما «باربي» في «مهرجانات بيبلوس» وغنّت بين أهلها

أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)
أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)
TT

نانسي عجرم أطلَّت كما «باربي» في «مهرجانات بيبلوس» وغنّت بين أهلها

أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)
أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)

وعدت نانسي عجرم جمهورها، ووفت. فقد أشعلت ليل بيبلوس، مساء الجمعة، بحيويتها، وأغنياتها التي يعرفونها عن ظهر قلب.

لم تكن بحاجة إلى مقدّمات، ولا محفّزات. فالجميع هنا جاء من أجل لحظات الفرح التي تبثّها محبوبتهم في قلوبهم.

«الليلة ببيبلوس، بدنا نرقص ونغنّي، ونولّع الجوّ، وما في شي بيوقفنا»، هكذا خاطبت الحضور. «شكراً، لأنكم أتيتم رغم كل ما نمرُّ به»، متمنّية ألا يرى لبنان والعالم أجمع غير الحبّ والسلام.

أشعلت ليل بيبلوس بأغنياتها التي يعرفها الجمهور عن ظهر قلب (خاص الشرق الأوسط)

أسمعتهم الأغنيات التي جاءوا من أجلها: «قول تاني كده»، «من نظرة»، «يا طبطب»، «صَحْ صَحْ»، «لون عيونك»، «معاك»، و«تيجي ننبسط»؛ نانسي تغنّي والجمهور يسبقها. أطلت بفستان زهري، قصير، لمّاع، بسيط، له روح فساتين «باربي». غير أنها اختارت في هذه الأمسية اللبنانية أن يكون اسمها بالأجنبية مكتوباً على صدر الفستان، كما في أعلى البلوزة الزرقاء التي ارتدتها مع الجينز الأزرق في النصف الثاني من الحفل؛ مما أثار إعجاب البعض، فيما تساءل بعضٌ آخر عن سبب اختيارها بساطة فائضة هذه المرّة.

تمنَّت ألا يرى لبنان والعالم أجمع غير الحبّ والسلام (خاص الشرق الأوسط)

ثمة مَن راقته الإطلالة غير المتكلِّفة، كأنّ نانسي تغنّي بين أهلها. وهي كانت بالفعل كذلك، حيث احتلّ زوجها ووالدتها وشقيقتها وأفراد آخرون من عائلتها الكراسي الأولى. وخلال الحفل، اختارت أن تنزل بين الجمهور الذي لم يتوقّف عن التقاط الصور، وإضاءة الهواتف والرقص، والغناء. «قلبي يا قلبي»، «بدنا نولّع الجوّ»، «عم بتعلّق فيك»، «إحساس جديد»، «سلامات»، «آه ونص»، «ياي». تتابعت الأغنيات، من ريبرتوار، قديم، جديد، والحيوية لم تهدأ، كما الرغبة في المزيد.

الجميع جاء من أجل لحظات الفرح التي تبثّها محبوبتهم في قلوبهم (خاص الشرق الأوسط)

فيديو بُثَّ في منتصف الحفل سمح للفنانة باستراحة قصيرة، وأضحك الحضور، يدور فيه حوار طريف بين نانسي عجرم وكل مِن ناتالي مصري ونادين شلهوب، حول ما تقصده بأغنيتها «نحنا سهرانين، ما تسأل نحنا مين»، ولماذا تستخدم صيغة الجمع؟

نانسي عجرم المتجدِّدة والنضرة أفرحت جمهورها (خاص الشرق الأوسط)

بقيت نانسي متجدِّدة، نضرة، وهي تغنّي «شيخ الشباب»، و«الدنيا حلوة»، و«حلم البنات»، و«حبك سفّاح».

وما كان لهذا الحفل اللبناني أن ينتهي من دون أن تختمه بأغنيتها «بيروت الأنثى» التي أبكت يوم صدورها بسبب الظرف العصيبة التي مرَّ بها لبنان. ووسط الأعلام اللبنانية التي لوَّح بها شبانٌ اعتلوا المسرح، أدّت أغنيتها الأخيرة هذه لعشاق بيروت القدامى. ولم يتمكّن الجمهور من الاستزادة، لكنهم خرجوا وهم لا يزالون يغنّون كأنّ الحفل لم ينتهِ.