تعرضت المناطق الغربية والشمالية في السعودية، أمس، إلى سقوط أمطار ما بين متوسطة إلى غزيرة، في مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة وتبوك، تسببت في وفاة ثمانية أشخاص، بينهم طفلان، واحتجاز 87 آخرين، الأمر الذي أدى إلى إغلاق بعض الأنفاق والطرقات الرئيسية والفرعية في مدينة جدة، وتعليق الدراسة في بعض المدن الشمالية والغربية.
وباشر الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، عمله في مركز إدارة الأزمات، لمراقبة ومتابعة وضع الأمطار. وتلقى الدفاع المدني قرابة 2950 بلاغا.
وفي جدة، تسببت الأمطار التي هطلت بغزارة في إغلاق عدد من الأنفاق احترازيا، فيما تعطلت الحركة المرورية بالكثير من الشوارع بسبب ارتفاع منسوب المياه، وسط استنفار للجهات المعنية بطاقاتها كافة؛ تأهبا لأي طارئ، الأمر الذي دفع بـ11 شعبة تابعة لإدارة الدفاع المدني في المحافظة، يدعمها 54 مركزا، للوجود بشكل مكثف في المواقع الرئيسية لتسيير الحركة المرورية وإنقاذ المحتجزين.
ومنذ الساعات الأولى لسقوط الأمطار، اطلع الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، الذي باشر عمله أمس من مركز إدارة الأزمات والكوارث بإمارة المنطقة، على العمل الميداني للقطاعات في التعامل مع الأمطار، واطلع عبر الكاميرات الرابطة بين السدود والمركز على الوضع القائم، بمشاركة طيران الأمن الذي ينفذ طلعات لتزويد المركز بصورة جوية مباشرة لبعض المواقع، كذلك الخطط المرورية لفك ارتباك السير في بعض المواقع.
ووجه الأمير خالد الفيصل رسالة إلى سكان مدينة جدة، مفادها: «أنا والمسؤولون في مركز إدارة الأزمات نراقب ونتابع وضع الأمطار، ونعمل بكل جهد لتخفيف الضرر، ويشرفني استقبال ملاحظاتكم على بريد الإمارة الإلكتروني «[email protected]».
بينما قال سلطان الدوسري، المتحدث الرسمي لإمارة منطقة مكة المكرمة: «إن مشروعات السيول التي نفذت وأشرفت عليها الإمارة تعمل بكفاءة واقتدار»، لافتا إلى أن مشروعات درء أخطار الأمطار والسيول التي نفذتها الدولة بعد السيول التي شهدتها محافظة جدة عامي 1430 و1432 نتج عنها إنشاء 14 سدا احترازيا وقنوات للتصريف، إضافة إلى مشروعات أخرى هدفت إلى رفع الطاقة الاستيعابية للسدود القائمة حينها.
وبيّن متحدث إمارة منطقة مكة المكرمة أن طاقة السدود بعد الانتهاء من تنفيذها ارتفعت إلى 75 مليون متر مكعب بدلا من 18 مليونا في السابق، مما أسهم في احتواء أمطار العامين الماضي والحالي، موضحا أن «تصريف مياه الأمطار داخل المحافظات هو المشكلة التي تؤرق جدة عند هطول الأمطار، وتعمل عليها جهات أخرى، والإمارة تسعى لدعم هذه الجهات للانتهاء منها بشكل سريع».
من جهته، كشف العقيد سعيد سرحان، المتحدث الرسمي للدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، عن تلقي غرفة عمليات محافظة جدة 2845 بلاغا جرى التعامل معها بحسب طبيعة البلاغ، منها 168 بلاغا جرت مباشرتها من قبل فرق الإنقاذ نتيجة الأمطار، لافتا إلى أن جدة سجلت 3 حالات وفاة وإصابتين، وتم إنقاذ 14 حالة. كما سجلت غرفة عمليات جدة 11 حالة لسقوط أشجار ولوحات إعلانية وبعض المواقع لتجمعات المياه جرى التعامل معها من قبل الجهات المعنية. وأشار المتحدث الرسمي للدفاع المدني إلى تسجيل حالة واحدة لعملية إنقاذ في محافظة رابغ، و6 حالات بمحافظة بحرة، مشددا على التحذيرات التي أطلقتها مديرية الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة بتوخي الحذر من قبل المواطنين والمقيمين والبقاء في منازلهم نتيجة ارتفاع نسبة المياه في بعض أحياء محافظة جدة.
وأكدت أمانة محافظة جدة أن غزارة الأمطار التي هطلت أمس تسببت في انقطاع التيار الكهربائي من المصدر الرئيسي عن محطة تجميع ورفع المياه الرئيسية بحي الزهراء، وعن سبع مضخات أخرى لسبعة أنفاق بأنحاء متفرقة من محافظة جدة، مما نتج عنه تجمعات للمياه في هذه المواقع. أما وزارة الصحة فرفعت جاهزية المستشفيات بالمحافظة (14 مستشفى حكوميا بالإضافة إلى 15 مستشفى بالقطاع الصحي الخاص)، لاستقبال أي حالات أو إصابات تحدث نتيجة هطول الأمطار، ووصلتها بغرفة عمليات طوارئ صحة جدة، التي من خلالها يجري توصيل بلاغات الدفاع المدني كافة إلى جميع المستشفيات ومسؤولي صحة جدة، كما جهزت 18 فرقة ميدانية للتحرك وقت الحاجة إلى مناطق الإيواء والإسناد حسب خطة الطوارئ المعمول بها.
وفي شأن الأمطار، بيّن حسين القحطاني، الناطق الرسمي للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أن حالة الطقس باتت مستقرة في محافظة جدة، والأمر لا يستدعي القلق، مبينا أن معدلات الأمطار التي سُجّلت يوم أمس في المحافظة من 22 إلى 25 ملليمترا. وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن معدلات الأمطار التي سجلت لا توازي ربع ما شهدته المحافظة خلال هبوط الأمطار في 2009، حيث سجلت – آنذاك - معدل أمطار يزيد على 90 ملليمترا»، مشيرا إلى أن حالة الطقس ستعود للاعتدال.
وأشار القحطاني إلى أن مدينة تبوك سجلت أعلى معدل للأمطار بـ45 ملليمترا، تلتها الوجه بـ36 ملليمترا. وسجلت محطة الرصد بمطار ينبع 12 ملليمترا، مبينا أن حالة عدم الاستقرار في الأجواء ستستمر حتى نهاية فصل الخريف، والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تدعو الجميع لتوخي الحيطة والحذر والحرص ومتابعة التقارير الصادرة حول الطقس والإرشادات المعلنة من قبل الجهات المختصة؛ تلافيا لأي أضرار.
وأسهمت الأمطار التي هطلت على محافظة جدة في تعليق مطار الملك عبد العزيز الدولي – حينها - ثماني رحلات جوية، كانت متوجهة إلى مطار المدينة المنورة وحائل وتبوك والرياض والقصيم، وتحويل رحلة دولية إلى مطار الطائف، قبل أن تعود الحركة الجوية في المطار إلى السير بشكل طبيعي.
وفي المدينة المنورة، تسببت الأمطار في احتجاز عدد من الأسر داخل منازلهم إلى جانب احتجاز مركبات وحدوث التماسات كهربائية تمت مباشرتها من قبل الدفاع المدني والجهات المعنية دون تسجيل أي إصابة.
وأوضح العقيد خالد الجهني، المتحدث الرسمي للدفاع المدني بمنطقة المدينة المنورة، أن غرفة العمليات تلقت ما يزيد على 100 بلاغ حتى عصر أمس، وجرت متابعة أعمال الإنقاذ لـ45 محتجزا و21 مركبة محتجزة، فيما بلغ عدد بلاغات الالتماس الكهربائي 16 بلاغا في الوقت الذي أخلت فيه منزلين.
وقال العقيد الجهني إن الدفاع المدني تلقى بلاغا عن فقدان 3 أشخاص ظهر أمس، في مجرى وادي الجفر بقرية الجفر (40 كيلومترا غرب المدينة المنورة)، وجرى توجيه فرق الإنقاذ والغواصين للموقع، وتم إخراج الغريق الأول بواسطة المواطنين، والآخر عبر غواصي الدفاع المدني، وهما متوفيان، وما زالت الفرق الأمنية تبحث عن الجثة الثالثة. وأضاف: «بعد 10 دقائق من بلاغ غرقى الجفر، تبلغ الدفاع المدنية عن حادث غرق شاب في وادي ملل بقرية المندسة (40 كيلومترا شمال المدينة المنورة)، وتم إخراجه عن طريق ذويه لحظة وصول الفرق الأمنية. وبعد أقل من ساعتين تبلغ الدفاع المدني في محافظة ينبع عن غرق طفلين في مجرى سيل بينبع النخل، وتم إخراجهما بواسطة غواصي الدفاع المدني، وهما متوفيان». وبين الجهني أن الفرق الأمنية لا تزال تتلقى البلاغات من المواطنين، وتباشر عملها بمشاركة طيران الأمن، إلى جانب نشر دوريات السلامة على الأودية والمواقع الخطرة.
وشهدت مدينة تبوك تساقط أمطار غزيرة، شملت عددا من المراكز والمحافظات التابعة لها، مثل حقل والزيتة وعلقان وتيماء ومحافظة أملج ومحافظة الوجه، وبعض المراكز والقرى التابعة لضباء. وأعلنت الأجهزة الحكومية حالة استنفار لمتابعة الوضع، في مقدمتها الدفاع المدني والهلال الأحمر والصحة، والتي أعلنت جاهزيتها، فيما أهابت الجهات المختصة بجميع المواطنين والمقيمين توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن بطون الأودية المتوقع جريانها في بعض المناطق.
وقال الصيدلي محمد الطويلعي، مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة تبوك، إن إدارته تتابع عن كثب التحذيرات المناخية التي تطلقها الأرصاد والدفاع المدني، حيث إن هناك تنسيقا مع إدارة الدفاع المدني والشؤون الصحية، من خلال إدارة الطوارئ والأزمات، وهناك فرق إسعافية في جاهزية تامة، وتعمل على مدار 24 ساعة، ويمكن خلال ست ساعات إقامة مستشفى ميداني متنقل في أي موقع عند الحاجة إليه.
أمطار غزيرة تودي بحياة ثمانية.. بينهم طفلان شمال وغرب السعودية
خالد الفيصل: نتابع وضع الأمطار ونعمل بكل جهد لتخفيف الضرر
أمطار غزيرة تودي بحياة ثمانية.. بينهم طفلان شمال وغرب السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة