توقعات أممية بتفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن

المفوضية الأوروبية خصصت 96 مليون دولار للمساعدة

لم تتمكن المساعدات الإغاثية الموجهة إلى اليمن من الحد من الأزمة الإنسانية (أ.ب)
لم تتمكن المساعدات الإغاثية الموجهة إلى اليمن من الحد من الأزمة الإنسانية (أ.ب)
TT

توقعات أممية بتفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن

لم تتمكن المساعدات الإغاثية الموجهة إلى اليمن من الحد من الأزمة الإنسانية (أ.ب)
لم تتمكن المساعدات الإغاثية الموجهة إلى اليمن من الحد من الأزمة الإنسانية (أ.ب)

توقع تقرير أممي حديث تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن خلال الأشهر القليلة المقبلة، نتيجة انخفاض المساعدات وتبعات أحداث البحر الأحمر، وضعف العملة المحلية، في حين أعلنت المفوضية الأوروبية عن تخصيص نحو 96 مليون دولار كتمويل للمساعدات الإنسانية في اليمن خلال العام الحالي.

وقالت المفوضية في تقرير لها إن هذا المخصص يأتي في إطار التزام الاتحاد الأوروبي لتلبية الاحتياجات المنقذة للحياة، وحماية ملايين الضعفاء، بمن في ذلك النازحون قسراً والمهاجرون، وكتمويل أولي للمساعدات الإنسانية في اليمن هذا العام، ضمن أولوياتها التشغيلية للمساعدات الإنسانية.

يمنية تنقل الماء إلى خيمتها في مخيم للنازحين بالقرب من صنعاء (غيتي)

وتراجعت مساعدات المفوضية الأوروبية المقدمة إلى اليمن هذا العام بمقدار الثلث عن العام الماضي الذي وصلت فيه إلى أكثر من 145 مليون يورو، وبذلك يكون ما قدمته المفوضية إلى اليمن منذ عام 2015 ما يقارب 1.5 مليار يورو (نحو 1.6 مليار دولار) كدعم للاستجابة للأزمة في اليمن، بينها أكثر من مليار يورو في الجانب الإنساني و487 مليون يورو في الجانب التنموي.

ويأتي انخفاض المساعدات الأوروبية المقدمة إلى اليمن هذا العام، بالرغم من زيادة ميزانية المفوضية بشأن المساعدات لمواجهة توسع الصراعات في العديد من دول العالم وتفاقم الاحتياجات الإنسانية فيها، بمقدار 248 مليون يورو لهذا العام، فبعد أن قدمت ملياراً و592 مليون يورو العام الماضي، رفعت ميزانية مساعداتها إلى مليار و840 مليوناً هذا العام.

استجابة سيئة

ووصف جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية الاستجابة الإنسانية من أجل بلاده بالسيئة، مبيناً أنها لم توفر حاجات ملايين اليمنيين من الغذاء، بعد كل هذه الأعوام، ورغم كل الأموال التي جرى تقديمها، والتي تقارب عشرين مليار دولار، مرجعاً السبب في ذلك إلى سوء إدارة هذه المساعدات، وتهميش الجانب الحكومي خلال عمليات إدارتها وتقديمها.

ويذهب بلفقيه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة وجود معالجات محلية عاجلة لوصول المساعدات إلى المستهدفين من جهة، ورفع التكلفة عن السكان بحلول تضع حدوداً لأسعار المواد الأساسية، خصوصاً مع توقف الكثير من المساعدات الدولية بسبب الفساد وعدم الجدوى، إلى جانب ظهور أزمات أخرى بسبب الحروب في عدد من الدول.

يمنية نازحة تعد الطعام لأطفالها بجوار خيمتها في مخيم للنازحين في محافظة لحج (إ.ب.أ)

ويتفق أحد قيادات وزارة الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية مع رئيس لجنة الإغاثة في ضرورة وجود حلول محلية تساهم في تخفيف آثار الأزمة الإنسانية على السكان، من خلال تحمل رجال الأعمال والقطاع الخاص بعض المسؤولية مع تراجع التمويلات الدولية، على أن تتولى الحكومة اليمنية تنظيم وترتيب برامج وآليات تنظيم وتوجيه مساهمات رجال الأعمال في ذلك.

واستغرب القيادي الحكومي الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمه، لعدم امتلاكه صلاحيات الحديث إلى وسائل الإعلام، من عدم وجود ضغوط دولية على الجماعة الحوثية لوقف حربها الاقتصادية على الحكومة اليمنية، والسماح بتصدير النفط، منتقداً التقصير في تفعيل الصادرات النفطية والسمكية، وإدارة الأزمة الاقتصادية، والاكتفاء بإلقاء اللوم على الجماعة الحوثية وأعمالها العدائية.

أزمة غذاء

وفي أحدث تقرير لها ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، أنه من المتوقع تفاقم انعدام الأمن الغذائي في معظم أنحاء اليمن خلال الفترة المقبلة مع احتمالية أن يصل إلى ذروته خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) المقبلين، بعد انخفاض المساعدات الغذائية العامة التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

وأكد التقرير أن تبعات أزمة وصراع البحر الأحمر ساهمت في ذلك، إلى جانب ضعف العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة، والانخفاض المتوقع في التحويلات المالية الخارجية إلى اليمن نتيجة العقوبات المفروضة على الجماعة الحوثية، وغير ذلك من العوامل الموسمية.

أطفال نازحون في اليمن وسط توقع تفاقم انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

وأجرت المنظمة الأممية مسحاً استقصائياً أواخر فبراير (شباط) وأوائل مارس (آذار) الماضيين، شمل 2500 عائلة، في 22 محافظة، وبمعدل 110 عائلات في كل محافظة، حول انعدام الأمن الغذائي، وكشف المسح عن فجوة كبيرة بين الحاجة والاستهلاك الغذائيين لدى معظم العائلات، وبصورة غير مسبوقة خلال الأعوام الماضية.

ويظهر التقرير أن غالبية المؤشرات التي خلص إليها فريق المسح كانت أسوأ في المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رغم أن الاستهلاك غير الكافي للغذاء كان أعلى في المناطق المحررة؛ إذ وصل عدم كفاية الاستهلاك الغذائي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى 47.3 في المائة مقابل 53.5 في المائة بالمناطق الأخرى.

وشهدت خمس محافظات ضمن سيطرة الجماعة الحوثية معدلات انتشار انعدام الأمن الغذائي بدرجات أعلى من المتوسط العام على مستوى البلاد، وهي محافظات: حجة بنسبة 84.1 في المائة، والحديدة بنسبة 80.0 في المائة، والبيضاء بـ75.9 في المائة، والجوف بـ73.7 في المائة، وريمة بـ71.5 في المائة.

الأكثر تضرراً

وتعد محافظتا الجوف وحجة الأكثر تضرراً في اليمن من توقف المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الغذاء العالمي، حيث ارتفعت نسبة الاستهلاك غير الكافي من الغذاء فيهما على أساس شهري، في حين وصلت إلى فوق المتوسط خلال 12 شهراً ماضياً في محافظات الضالع والحديدة وحضرموت وإبّ ولحج وتعز.

من المتوقع أن يؤدي توقف المساعدات في اليمن إلى تفاقم الأزمة الإنسانية (غيتي)

ودعت «الفاو» إلى الإسراع بتقديم المساعدات الغذائية الطارئة ودعم سبل العيش في المناطق والمحافظات الأكثر احتياجاً.

ويرى الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان أن الأمم المتحدة ومختلف المنظمات التي تقدم المساعدات الإنسانية في اليمن تواجه الكثير من الإشكالات والاختلالات في كيفية التشغيل وإيصال المساعدات، إلى جانب ارتفاع التكلفة التشغيلية، وذهاب أموال المساعدات في الإنفاق على هذا الجانب، ما يعطل من القدرة على الوفاء بالاحتياجات الإنسانية وسد فجواتها الهائلة.

ويرى شمسان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المجتمع الدولي معنيّ بمراعاة الوضع الإنساني المعقد في اليمن، والذي يتفاقم مع استمرار الصراع وعدم وجود أفق لإنهائه، مطالباً بعودة المؤسسات العامة التي تديرها الجماعة الحوثية إلى أداء واجباتها تجاه السكان، وإعادة صرف رواتب الموظفين العموميين وتقديم خدمات الرعاية الاجتماعية.

وشدد على ضرورة تكثيف المساعدات الإنسانية إلى المتضررين، بالتزامن مع إيجاد بدائل تنموية مستدامة تساعدهم على الاستقرار ومواجهة متطلباتهم المعيشية والأساسية.


مقالات ذات صلة

الخليج الكويت العاصمة (كونا)

الكويت تؤكد دعمها الكامل للحكومة الشرعية اليمنية وتدعو للحلول الدبلوماسية

شددت الكويت على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وحماية مصالح الشعب اليمني الشقيق، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
العالم العربي اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي من فرض الأمر الواقع في حضرموت والمهرة مطالباً بموقف دولي صريح لحماية الدولة اليمنية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)

اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الثلاثاء إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات مع إلزام قواتها بالانسحاب من اليمن خلال 24 ساعة

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ) play-circle

خاص مستشار الرئيس اليمني: تحرك جاد لفرض منطق القانون والمؤسسات

قال مستشار الرئيس اليمني إن المشهد اليمني يمر بمحاولة جادة لـ«هندسة عسكية» تستعيد فيه الدولة زمام المبادرة بدعم إقليمي وثيق وفرض منطق القانون.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.


اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
TT

اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، مع إلزام قواتها بالانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، في إطار جهود الحكومة اليمنية للحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها إزاء تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي وتصعيده في حضرموت والمهرة، ومواجهة انقلاب الحوثيين المستمر منذ عام 2014.

وجاء في نص القرار الذي صدر عن العليمي، أن إلغاء الاتفاقية يستند إلى الصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس المجلس الرئاسي، وبمقتضى القرار رقم (9) لسنة 2022، مؤكداً على أهمية حماية المواطنين وسلامة الأراضي اليمنية. كما نص القرار على تسليم المعسكرات كافة في محافظتي حضرموت والمهرة إلى قوات «درع الوطن».

وفي خطوة متزامنة، أصدر الرئيس اليمني قراراً بإعلان حالة الطوارئ في أنحاء اليمن كافة لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد. القرار يستند إلى الصلاحيات الدستورية نفسها، ويستهدف مواجهة الانقلاب على الشرعية والفوضى الداخلية التي قادتها عناصر عسكرية، قالت الحكومة اليمنية إنها تلقت أوامر من الإمارات بالتحرك ضد المحافظات الشرقية بهدف تقسيم البلاد.

الدخان يتصاعد في أعقاب غارة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية استهدفت شحنة عسكرية غير قانونية (رويترز)

وتضمنت إجراءات حالة الطوارئ، وفقاً للقرار الرسمي، فرض حظر شامل على الحركة الجوية والبحرية والبرية في جميع المواني والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء الحالات المصرح بها رسمياً من قيادة تحالف دعم الشرعية، الذي تمثله المملكة العربية السعودية. كما منح القرار محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات كاملة لإدارة شؤون محافظتيهما، والتعاون مع قوات «درع الوطن» حتى تسلُّم المعسكرات.

أشار القرار إلى أن جميع القوات العسكرية في حضرموت والمهرة مطالبة بالعودة فوراً إلى مواقعها ومعسكراتها الأساسية، والتنسيق التام مع قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، دون أي اشتباك، لضمان استقرار الوضعين العسكري والمدني في المحافظتين.

توضيح الموقف

في سياق بيان الموقف، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الالتزام بحماية المدنيين، وصون المركز القانوني للدولة، ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد، وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن، ويقوّض فرص السلام.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن اليمن (إ.ب.أ)

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة، وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

وأوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، تعدّ تمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

تأييد مجلس الدفاع الوطني

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد.

في ضوء هذا الاصطفاف، ترأس العليمي اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني، ضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية، وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

وحسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود العسكري الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ترحيب حكومي

أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وفي امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة اليمنية خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة اليمنية بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.