تصاعد التوتر والانفلات الأمني في دير الزور

مدخل بلدة الشحيل بريف دير الزور شرق سوريا التي شهدت سبتمبر الماضي مواجهات بين «قسد» وعشائر عربية (إ.ب.أ)
مدخل بلدة الشحيل بريف دير الزور شرق سوريا التي شهدت سبتمبر الماضي مواجهات بين «قسد» وعشائر عربية (إ.ب.أ)
TT

تصاعد التوتر والانفلات الأمني في دير الزور

مدخل بلدة الشحيل بريف دير الزور شرق سوريا التي شهدت سبتمبر الماضي مواجهات بين «قسد» وعشائر عربية (إ.ب.أ)
مدخل بلدة الشحيل بريف دير الزور شرق سوريا التي شهدت سبتمبر الماضي مواجهات بين «قسد» وعشائر عربية (إ.ب.أ)

ما زال التوتر يتصاعد في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في دير الزور شرق سوريا مع استمرار هجمات ميليشيات محلية قريبة من دمشق، منذ الأسبوع، وسط أنباء عن قيام قوات التحالف الدولي بتدريبات عـسكرية مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في قاعـدة حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي، تضمنت عمليات إنـزال جوي، وتنفيذ رمايات بالمدفعيـة الثقيلة على أهـداف وهمية في بادية الطيانة.

مصادر محلية في دير الزور قالت إن شاباً توفي الأحد في قرية الجرذي في ريف دير الزور الشرقي متأثراً بإصـابته جراء إطـلاق النـار عليه قبل يومين أمام منزله من قبل مسلحين تابعين لتنظيم «داعـش»، بالخطأ، إذ كانوا يستهدفون اغتيال قيادي في «قسد».

كما أعلنت ميليشيـا «الحـشد الشعبي» العراقية عن مقتـل اثنين من قادتـها، إثر تعرضهمـا لهجـوم من قبل مجهولين في بادية الميادين شرق دير الزور خلال توجههما من العراق إلى منطقة السيدة زينب جنوب دمشق يوم السبت، وفق مركز دير الزور الإعلامي.

وكان مقاتلون يتبعون جيش العشائر قد استهدفوا ليل السبت - الأحد مواقع لـ«قسد» على ضفة نهر الفرات في بلدة ذيبان، منطلقين من مناطق سيطرة الحكومة السورية على الضفة الأخرى من نهر الفرات شرقي دير الزور.

قوات التحالف الدولي تعزز وجودها في قواعدها شمال شرقي سوريا بالتعاون مع «قسد» («تويتر»)

من جانبه أفاد موقع «نهر ميديا» المحلي بسقوط قتلى وجرحـى في صفوف «قسد» أثناء هجـوم مسلّح استهدف نقطة عسكرية في مدرسة في بلدة الحصين شمال دير الزور، ليلة أمس.

كما أوردت تقارير إعلامية أنباء عن مقتل ثلاثة عناصر من ميليشيا تابعة لإيران، ليل السبت، بهجوم مسلح من مجهولين استهدفوا سيارة عسكرية بريف دير الزور الشرقي، وذلك بعد يومين من مقتل اثنين من القوات السورية الحكومية وإصابة آخرين بهجوم مسلح استهدف دورية مشتركة لفرع الأمن العسكري السوري والشرطة، في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي. وجرى على أثرها حملة اعتقالات في الميادين واعتقال ثمانية أشخاص، جاءت بالتوازي مع حملة اعتقالات شنتها «قسد» في ريف دير الزور الشرقي، واعتقال عدد من المشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش».

المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكد في تقرير له، الأحد، أن هجمات الميليشيات المحلية على مناطق سيطرة «قسد» تتم «بتوجيهات من (حزب الله) اللبناني والميليشيات الإيرانية» بهدف «زعزعة أمن واستقرار المنطقة»، لافتاً إلى أن الهجمات تصاعدت بعد نشر عناصر من ميليشيا «الدفاع الوطني» في مواقع بريف دير الزور الغربي، بعد دمجهم بأوامر من فراس الجهام (عراقي) ضمن جيش العشائر، مع تقديم الدعم الكافي، بهدف شن عمليات على المواقع العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية في أرياف دير الزور الشرقي والغربي.

عنصر من «الحشد الشعبي» العراقي يعاين أضرار الغارات الأميركية على مدينة القائم قرب الحدود السورية (أ.ف.ب)

ويتولى فراس الجهام الملقب بـ«فراس العراقي» قيادة ميليشيا (الدفاع الوطني) الرديفة للقوات الحكومية، وسبق وأعلن تضامنه مع العشائر والقبائل العربية شرق سوريا الرافضة للتعامل مع «قسد»، لدى إعلان الشيخ إبراهيم الهفل من قبيلة العكيدات تشكيل قيادة عسكرية عشائرية تابعة لجيش القبائل والعشائر العربية، أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن فراس الجهام قبل نحو أسبوع فتح باب الانتساب لميلـيشيا الدفاع الوطني في ريف دير الزور برواتب شهرية تصل إلى 500 ألف ليرة سورية، وفق ما ذكرتها «إذاعة دير الزور»، التي قالت إن ذلك يأتي لسد النقص الحاصل في أعداد عناصر الميليشيا في الريف بسبب فرارهم إلى مناطق سيطرة «قسد» لعدم تسلمهم رواتبهم لأشهر عدة، وبسبب المعاملة السيئة التي تمارس عليهم من قبل باقي الميليشيات دون حماية من أي جهة، ولجعلهم دروعاً بشرية في عمليات التمشيط التي تقوم بها القوات الحكومية وإيران في بادية الميادين بين حين وآخر.

أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لإيران في دير الزور (المرصد السوري)

وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان، منذ تاريخ 19 أبريل (نيسان) الجاري، أي بعد عملية دمج عناصر «الدفاع الوطني» مع جيش العشائر، تنفيذ 14 هجوماً على مواقع عسكرية تتبع «قسد» في دير الزور.

وكان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، قد أعلن السبت، عن تعليق الأعمال الإنسانية في دير الزور بسبب تصاعد أعمال العنف بشمال شرقي سوريا. وقال إنه يتابع بقلق بالغ التصاعد الأخير في أعمال العنف في الجزء الشرقي من دير الزور، مشيراً إلى ورود «تقارير مثيرة للقلق عن مداهمات وحملات اعتقال في هذه المنطقة». محذراً من أن تزيد الهجمات من تعقيد الوضع المتردي أصلاً في سوريا، وتعطل إمكانية إيصال المساعدات الإغاثية.


مقالات ذات صلة

تركيا تتحرك لتعاون دفاعي مع دمشق

المشرق العربي عناصر من فصائل الجيش الوطني السوري المدعومة من تركيا في عملية في شمال سوريا (غيتي)

تركيا تتحرك لتعاون دفاعي مع دمشق

أعلنت تركيا دعمها تأسيس جيش سوري موحد وأكدت أهمية التعاون الدفاعي مع الإدارة السورية الجديدة وسط أنباء عن زيارات لوزراء من بينهم وزير الدفاع يشار غولر لدمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان تعهد بدفن مسلحي الوحدات الكردية أحياء (الرئاسة التركية)

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

كشف الرئيس رجب طيب إردوغان عن استعدادات بلاده لفتح قنصلية لها في مدينة حلب قريباً، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من قوات «قسد» تتمركز في أحد ميادين الرقة (أ.ب)

«التحالف» يسعى لوقف النار بين أنقرة و«قسد»

يكثف التحالف الدولي بقيادة أميركا جهوده لوقف إطلاق النار بين تركيا والفصائل الموالية لها و«قسد» في شمال شرقي سوريا وسط تصعيد مستمر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحد أفراد «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد في الحسكة 11 ديسمبر 2024 (رويترز)

«قسد» تعلن شن هجوم مضاد ضد القوات المدعومة من تركيا في شمال سوريا

قالت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد، اليوم (الثلاثاء)، إنها شنت هجوماً مضاداً ضد «الجيش الوطني السوري» المدعوم من أنقرة في شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إردوغان مستقبلاً جنبلاط في أنقرة الثلاثاء (الرئاسة التركية - إكس)

إردوغان التقى جنبلاط بأنقرة عشية لقاء الشرع في دمشق

جاءت زيارة جنبلاط المفاجئة لتركيا، وسط تسريبات تحدثت عن احتمال قيامه بدور وساطة بين تركيا والإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

لبنان تحت مجهر الإنتربول في تعقّب مسؤولي النظام السوري السابق

اللواء جميل الحسن الثالث من اليسار (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
اللواء جميل الحسن الثالث من اليسار (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

لبنان تحت مجهر الإنتربول في تعقّب مسؤولي النظام السوري السابق

اللواء جميل الحسن الثالث من اليسار (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
اللواء جميل الحسن الثالث من اليسار (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تفاعلت قضية ملاحقة رموز النظام السوري السابق، سواء المطلوبين بمذكرات توقيف صادرة عن الإنتربول، أو الذين تتعقّبهم السلطات السورية الجديدة، لارتكابهم «جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية».

ولا تزال الأنظار مشدودة إلى لبنان الذي شكّل ملاذاً للمئات من قادة وضباط الأجهزة الأمنية السورية سواء ممن غادروا إلى الخارج عبر مطار رفيق الحريري الدولي، أو ممن لجأوا إلى مناطق لبنانية توفر حماية أمنية لهم وتجنّبهم الوقوع في قبضة العدالة. وبانتظار نتائج التحريات والاستقصاءات التي تجريها الأجهزة الأمنية اللبنانية، لتنفيذ مذكرة الإنتربول الدولية الصادرة بحقّ مدير المخابرات الجوية في نظام بشار الأسد اللواء جميل الحسن الذي يسود الاعتقاد أنه لا يزال مختبئاً في لبنان، برز تطوّر جديد تمثّل بتوقيف زوجة وابنة دريد رفعت الأسد في مطار بيروت الدولي، لحيازتهما جوازي سفر مزورين.

وأكد مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن جهاز الأمن العام في مطار رفيق الحريري الدولي «أوقف زوجة وابنة دريد الأسد اللتين كانتا بصدد السفر إلى الخارج، إذ إنه لدى معاينة جوازي سفرهما تبيّن وجود تلاعب في وقوعاتهما، وتزوير في تاريخ صلاحياتهما فجرى توقيفهما بإشارة من المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان، القاضي رائد أبو شقرا، الذي أطلع النائب العام التمييزي، القاضي جمال الحجار حيث أمر الأخير بفتح تحقيق معهما بقضية التزوير».

وكشف المصدر أن الموقوفتين «دخلتا لبنان خلسة، ولم تمرا على الأمن العام اللبناني عند الحدود اللبنانية السورية، ولم يعرف بعدُ ما إذا حصل التزوير أو التلاعب بوقوعات جوازي السفر في لبنان أم في سوريا».

مسافرون ينتظرون الصعود إلى طائرتهم في مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)

ورغم مرور أكثر من أسبوع على مذكرة التوقيف الأميركية الصادرة بحق اللواء جميل الحسن، التي عممها النائب العام التمييزي جمال الحجار على الأجهزة الأمنية، لم يتلقّ الأخير أجوبة عمّا إذا كان الحسن موجوداً في لبنان، وأكد المصدر القضائي أن الأجهزة اللبنانية «ما زالت تقتفي أثره وتجمع معلومات عمّا إذا كان بالفعل موجوداً على الأراضي اللبنانية»، مشدداً على أن لبنان «ملتزم بالتعاون مع الإنتربول لاعتقال جميل الحسن فور العثور عليه، لكن حتى الآن لم تضع الأجهزة الأمنية يدها على معلومات موثوقة حول مكان وجوده وما إذا فرّ إلى الخارج»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن لبنان «لم يتسلّم أي مذكرة دولية جديدة لتوقيف مطلوبين آخرين من ضباط النظام السوري السابق لكنّنا نتوقّع ورود مثل هذه الطلبات الدولية في الأيام والأسابيع المقبلة، بالنظر لما تكشف من جرائم ارتكبها هؤلاء، سواء كان في السجون ومعتقلات التعذيب أو في التصفيات الميدانية التي حصلت إبان الأحداث السورية».

وفي انتقاد واضح للفتور الذي تبديه الدولة اللبنانية مع الإدارة السورية الجديدة، والتعاون بملفات المطلوبين السوريين لبلادهم، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، وليد جنبلاط، على حسابه على منصّة «إكس»، قائلاً: «استيقظت أخيراً وزارة الخارجية اللبنانية من سباتها العميق ولاحظت أن تغييراً حصل في سوريا».

وأضاف جنبلاط: «هل يمكن للأجهزة الأمنية أن تفعل الشيء نفسه، وتعتقل كبار المسؤولين من النظام السابق الذين يمرون عبر الحدود اللبنانية ويفرون عبر المطار؟».

وإزاء ضخ الكمّ الهائل من المعلومات عن فرار مسؤولين سياسيين وأمنيين سوريين إلى لبنان، والسفر إلى الخارج من دون أن يبادر لبنان إلى توقيف أي منهم، أعلن وزير الداخلية اللبناني، القاضي بسام مولوي، في وقت سابق، أن بثينة شعبان، مستشارة بشار الأسد، «دخلت الأراضي اللبنانية بطريقة شرعية، وسافرت من مطار بيروت». كما نشر ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لبثينة شعبان في مطار بيروت تنتظر صعودها إلى الطائرة.

وأفادت معلومات بأن «زوجة ماهر الأسد وابنه دخلا لبنان وسافرا إلى الخارج عبر مطار بيروت الدولي من دون أن يجري توقيفهما». وأعلن المصدر القضائي أن «أي شخص سوري يدخل لبنان بطريقة شرعية يستطيع السفر من مطار بيروت إذا لم يكن مطلوباً بمذكرة قضائية لبنانية».

وكان رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، شدد على أن لبنان «سيتعاون مع طلب الشرطة الدولية (الإنتربول) للقبض على مدير المخابرات الجوية السورية، اللواء جميل حسن، الذي تتهمه السلطات الأميركية بارتكاب جرائم حرب في عهد نظام بشار الأسد المخلوع». وقال: «نحن ملتزمون بالتعاون مع كتاب الإنتربول المتعلق بتوقيف مدير المخابرات الجوية السورية، كما هو التعاون باستمرار في كل المسائل المتعلقة بالنظام الدولي».

وبخلاف ما يحكى عن تقديم الإدارة السورية الجديدة لائحة بأسماء المسؤولين في نظام الأسد المطلوبين لديها، خصوصاً بعد المشاهد التي عرضت لحالات التعذيب والإعدامات في السجون، جدد النائب العام التمييزي، القاضي جمال، تأكيده أن لبنان «لم يتسلّم لائحة بالمطلوبين السوريين لا من الإنتربول، ولا من السلطات السورية الجديدة»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى الآن لم يثبت بشكل رسمي وجود مسؤولين سوريين سابقين في لبنان»، لكن أشار إلى أن «الشخص الوحيد الذي ذكر اسمه هو رئيس مكتب الأمن القومي السوري السابق، اللواء علي مملوك، وتردد أنه غادر إلى الخارج بطريقة غير شرعية، وهذا يبقى ضمن الروايات الافتراضية».

ويلاحق لبنان علي مملوك بموجب مذكرة توقيف صادرة بحقّه عن المحكمة العسكرية في لبنان، وهو متهم بإدخال 25 عبوة ناسفة من سوريا إلى لبنان في عام 2012، لتفجيرها في تجمعات شعبية وموائد إفطار رمضانية، والتخطيط لقتل نواب ورجال دين لبنانيين من معارضي نظام الأسد، بالتعاون مع مستشار بشار الأسد الوزير السابق ميشال سماحة، الذي حوكم وحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة 13 عاماً، وقضى مدة عقوبته في السجن.

أما بشأن المعلومات التي تحدثت عن دخول علي مملوك مع عدد من ضباط النظام السوري السابق ومغادرة لبنان إلى الخارج، أوضح الحجار أن «قيود الأمن العام على كل الحدود اللبنانية السورية لم تسجل دخول علي مملوك، ولا أي من القادة الأمنيين السوريين». ولم يستبعد «دخول عدد من هؤلاء خلسة عبر أي معابر غير شرعية، لكن لا يوجد دليل سوى ما يجرى تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي».