كيري يعد بتقديم مساعدات إضافية لتونس لضمان أمنها وحماية حدودها مع ليبيا

في إطار الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي بين البلدين

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مرحبًا بجون كيري وزير الخارجية الأميركي في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مرحبًا بجون كيري وزير الخارجية الأميركي في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)
TT

كيري يعد بتقديم مساعدات إضافية لتونس لضمان أمنها وحماية حدودها مع ليبيا

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مرحبًا بجون كيري وزير الخارجية الأميركي في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مرحبًا بجون كيري وزير الخارجية الأميركي في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)

قال جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، في مؤتمر صحفي عقده أمس بالعاصمة التونسية مع نظيره التونسي، إنه من المنتظر أن يزور مستشارون عسكريون أميركيون تونس بعد أسبوعين من الآن للقاء نظرائهم التونسيين، وتقييم احتياجاتها العسكرية، وإنه سيتم بحث تزويد الدولة التونسية بطائرات من دون طيار لغاية الاستطلاع وحماية حدودها مع ليبيا.
وخلال اللقاء أشاد كيري بالانتقال الديمقراطي، الذي حدث في تونس، منوها بنجاحها في تحقيق ذلك رغم كل الصعوبات، مؤكدا في هذا السياق أن الديمقراطية تحتاج إلى اقتصاد شفاف، لا مكان فيه للفساد، على حد تعبيره. كما جدد المسؤول الأميركي مساندة الولايات المتحدة لتونس في مكافحة التهديدات الإرهابية القادمة من ليبيا.
ووعد كيري بتقديم مساعدات إضافية لتونس بهدف ضمان أمنها واستقرارها، وعبر عن ثقة بلاده في التجربة التونسية التي أرست منظومة شاملة لمكافحة الإرهاب، معتبرا أن أي عمل إرهابي يؤثر على مناخ الاستثمار ويعطل مشاريع التنمية، وقال خلال المؤتمر الصحافي إن تونس باتت نموذجا للانتقال الديمقراطي الناجح، وإن الإسلاميين يعدون مثالا للتوافق والتعايش، على حد تعبيره.
وحل كيري بالعاصمة التونسية بمناسبة انعقاد الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي التونسي الأميركي، وكان مصحوبا بعدد من كبار المسؤولين الأميركيين، من بينهم مساعد وزير الخارجية المكلف بمكافحة المخدرات، ومساعد وزير الخارجية المكلف بحقوق الإنسان، ومساعد وزير الخارجية المكلف بالشؤون الاقتصادية، ومساعد وزير الخارجية المكلف بشؤون مصر وبلدان المغرب العربي، بالإضافة إلى مسؤول المكتب الأميركي للمساعدات الدولية المكلف بالشرق الأوسط، وهو ما يعكس أهمية هذه الزيارة.
وفي تأكيد لتجاوز هذه الزيارة أبعاد خريطة تونس، قال جون كيري إن الإدارة الأميركية تسعى إلى إرساء عملية ديمقراطية في سوريا عبر حكومة تعددية، ولفت الانتباه إلى أن إدارة بلاده ما زالت بصدد تقييم الضربة الجوية التي استهدفت ضرب البريطاني المتطرف محمد أموازي بسوريا، المعروف باسم الجهادي جون في سوريا، موضحا أن الضربة تظهر أن أيام تنظيم داعش باتت معدودة. وفي سياق متصل، أوضح كيري أن الإدارة الأميركية «واثقة تماما» من أنه سيتم تحرير بلدة سنجار، الواقعة في شمال العراق، في غضون أيام، وذلك بعد أن شنت قوات كردية، دعمتها ضربات جوية أميركية، هجوما على متشددي تنظيم داعش هناك، وقال إن «بعض مقاتلي التنظيم المتشدد متحصنون، لكننا واثقون تماما من أنه سيتم تحرير سنجار خلال الأيام المقبلة»، بينما قالت القوات الكردية إنها نجحت في تأمين منشآت استراتيجية بالبلدة أمس، وذلك في إطار تحرك قد يعطي زخما مهما لجهود هزيمة التنظيم المتشدد.
ويأتي الحوار الاستراتيجي بين تونس والولايات المتحدة، على أساس أن الدولة التونسية تحولت إلى شريك استراتيجي للولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما يعني مساهمة أميركية أكبر في عدة مجالات، أهمها المجالين الأمني والعسكري.
وبدأت آلية الحوار الاستراتيجي بين تونس وأميركا عمليا خلال الزيارة التي قام بها مهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية السابق، إلى أميركا خلال شهر أبريل (نيسان) 2014، ثم جاءت زيارة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي خلال شهر مايو (أيار) 2015 إلى واشنطن لتعطي آلية الحوار زخما جديدا، وذلك بعد الاتفاق على مذكرة التعاون الأمني والسياسي بين البلدين، وإحداث لجنة اقتصادية مشتركة.
ومن جهته، أشار الطيب البكوش، وزير الخارجية التونسية، خلال المؤتمر الصحافي مع نظيره الأميركي، إلى تقدير الولايات المتحدة الأميركية لتجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، وثمن جهود بلاده في التضييق على التنظيمات الإرهابية، التي تعمل على تجنيد الشباب، التونسي والرمي به في بؤر التوتر، خاصة في ليبيا وسوريا.
كما أشار البكوش إلى وجود اتفاق بين البلدين بشأن التوصل إلى حل سريع في ليبيا المجاورة. وكان السفير الأميركي في تونس دانيال روبنشتاين قد أعلن في مؤتمر صحافي عقد قبل الزيارة، أن الحوار الاستراتيجي الثاني بين تونس والولايات المتحدة سيمس بالخصوص ملفات الأمن والتنمية الاقتصادية والشراكة بين الشعوب.
وعلى المستوى الأمني، أثمرت الزيارة عن الاتفاق على تشييد أكبر أكاديمية للشرطة بمنطقة النفيضة التونسية (30 كلم عن مدينة سوسة) على مساحة تقدر بـ85 هكتارا، تمولها الولايات المتحدة، وتبلغ طاقة استيعابها نحو 1800 شخص. كما أعلن الطرفان، أول من أمس، عن انطلاق إنجاز هذا المشروع الذي سيدوم أربع سنوات. وسيقدم تدريبا عاليا للوحدات الأمنية الخاصة، وعن إمكانية انفتاحه على دول إقليمية، مثل ليبيا والجزائر. أما على المستوى الاقتصادي، فإن تونس تنتظر الإيفاء بعده تعهدات أميركية لتمويل الاقتصاد التونسي. وكان جون كيري في زيارة سنة 2014 قد تعهد بتوفير 400 مليون دولار أميركي لتونس، من بينها 24 مليون دولار لتدريب قوات الأمن التونسي، ومائتا مليون لتخفيف أعباء الديون الخارجية، و20 مليون دولار لتوفير مواطن شغل للعاطلين عن العمل.
ولا تزال تونس في انتظار إيفاء الولايات المتحدة الأميركية بوعدها المتمثل في تقديم ضمان قرض قيمته 500 مليون دولار أميركي لسد ثغرة هامة في الميزانية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.