«أسبيدس» الأوروبية تصدّ 11 هجوماً حوثياً في البحر الأحمر

تصعيد مستمر ومخاوف من انهيار التهدئة اليمنية

فرقاطة دنماركية عادت إلى قاعدتها بعد مشاركتها في البحر الأحمر ضمن المهمة الأوروبية (أ.ف.ب)
فرقاطة دنماركية عادت إلى قاعدتها بعد مشاركتها في البحر الأحمر ضمن المهمة الأوروبية (أ.ف.ب)
TT

«أسبيدس» الأوروبية تصدّ 11 هجوماً حوثياً في البحر الأحمر

فرقاطة دنماركية عادت إلى قاعدتها بعد مشاركتها في البحر الأحمر ضمن المهمة الأوروبية (أ.ف.ب)
فرقاطة دنماركية عادت إلى قاعدتها بعد مشاركتها في البحر الأحمر ضمن المهمة الأوروبية (أ.ف.ب)

وسط مخاوف متصاعدة من انهيار التهدئة اليمنية المستمرة منذ عامين بين قوات الحكومة اليمنية الشرعية والجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الاتحاد الأوروبي، الاثنين، نجاح قواته ضمن مهمة «أسبيدس» في التصدي لـ11 هجوماً حوثياً في البحر الأحمر منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي.

وكان الاتحاد الأوروبي أطلق مهمته البحرية «أسبيدس» للمساهمة في حماية السفن التجارية من الهجمات الحوثية التي كانت بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) بقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر» وما تلاها من هجمات، بالتوازي مع العمليات الدفاعية التي تقودها واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني).

مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وقال مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي، الاثنين، إن القوات المنضوية تحت مهمة «أسبيدس»، وهي كلمة يونانية قديمة تعني الدرع، رافقت 68 سفينة تجارية وصدت 11 هجوماً حوثياً.

من جهته، أوضح قائد المهمة الأوروبية الأدميرال اليوناني فاسيليوس غريباريس في المؤتمر الصحافي نفسه، أنه تم اعتراض تسع طائرات حوثية مسيّرة، وقارب مسير، وأربعة صواريخ باليستية.

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن بوريل قوله إن المهمة «دليل واضح على استعدادنا وقدرتنا على تعزيز الأمن الدولي وحماية الطرق البحرية والبضائع».

وتشارك في هذه المهمة أربع سفن عسكرية أوروبية و19 دولة، من بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان وبلجيكا، إلى جانب فرقاطة دنماركية عادت من المهمة إلى قاعدتها إثر تعرضها لعطل في نظام الأسلحة إثر هجوم حوثي.

وقال بوريل إن الحركة في هذه المنطقة، حيث كان يمر 13 في المائة من التجارة العالمية قبل بدء هجمات الحوثيين، انخفضت إلى النصف.

وتابع: «في الوقت الحالي، فقط نصف السفن الـ70 التي تستخدم قناة السويس تواصل القيام بذلك، لذا كان من الضروري التدخل».

وتقتصر المهمة الأوروبية على حماية السفن والدفاع عن النفس ضد الهجمات الحوثية، دون المشاركة في توجيه ضربات على الأرض لقدرات الجماعة العسكرية، كما هو الحال مع القوات الأميركية والبريطانية.

مسيرة حوثية دمرتها مروحية فرنسية فوق البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وجاءت تصريحات المسؤول الأوروبي غداة تبني الحوثيين هجمات ضد سفينة بريطانية في البحر الأحمر وسفينتين زعموا أنهما إسرائيليتان في خليج عدن والمحيط الهندي، إلى جانب تبنيهم مهاجمة عدد من السفن الحربية الأميركية.

وبحسب تقارير هيئات بريطانية، لم تتعرض السفن لأي أضرار، في حين أكد الجيش الأميركي أنه شن ضربات وقائية من بينها تدمير منظومة دفاع جوي حوثية.

هجمات وضربات

تزعم الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها منذ نوفمبر الماضي في البحر الأحمر وخليج عدن لمنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل وكذا السفن البريطانية والأميركية، وتربط توقف الهجمات بتوقف الحرب في غزة ودخول المساعدات، فيما تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تزايد بمعاناة الفلسطينيين خدمة لأجندة إيران.

وتأمل واشنطن أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية، وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، كما تأمل أن تتوصل إلى حل دبلوماسي يوقف الهجمات التي تصفها بـ«الإرهابية» والمتهورة.

شنت الولايات المتحدة مئات الضربات لتحجيم قدرات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وتعهد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في أحدث خطبة، بالاستمرار في شن الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، متبنياً مهاجمة 90 سفينة منذ بدء التصعيد.

وتباهى الحوثي بقدرة جماعته على تنفيذ الهجمات، زاعماً أنها نفذت خلال شهر واحد 34 عملية هجوم استخدمت خلالها 125 صاروخاً باليستياً ومُجَنَّحاً، وطائرة مُسَيَّرة. كما أقر بتلقي جماعته 424 غارة وقصفاً بحرياً، ومقتل 37 عنصراً من جماعته وجرح 30 آخرين.

وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر، بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفّذت مئات الغارات على الأرض ابتداء من 12 يناير الماضي، لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

مخاوف عودة القتال

في أحدث تعليق لقيادات الجماعة الموالية لإيران في اليمن، ادعى محمد علي الحوثي، وهو ابن عم زعيم الجماعة والحاكم الفعلي لمجلس حكمها الانقلابي، أن قدرات طائراتهم المسيرة تضاعفت منذ بدء التصعيد البحري والضربات الغربية ضد الجماعة.

ويقول مجلس القيادة الرئاسي اليمني إن الضربات الغربية غير مجدية ضد الحوثيين، وإن الحل الأمثل هو دعم القوات الحكومية عسكرياً لاستعادة جميع الأراضي اليمنية والمؤسسات، بما فيها محافظة الحديدة الساحلية وموانئها.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية يستعرض طائرات مسيرة قال إنها باتت أكثر قدرة في هجماتها (إكس)

ومع تجمد مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن بسبب الهجمات الحوثية والضربات الغربية، يخشى المبعوث هانس غروندبرغ من عودة القتال بين القوات الحكومية والجماعة المدعومة من إيران، بعد عامين من التهدئة الميدانية.

وأكد رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي في أحدث تصريحاته لقناة «العربية» أن القوات الحكومية في حالة تأهب إذا ما قرر الحوثيون العودة للقتال.

وقال العليمي: «ما زلنا نؤمن بالسلام، وما زلنا نثمن جهود السعودية والجهود الأممية فيما يتعلق بعملية السلام (...)، وإذا أراد الحوثي أن يذهب في طريق الحرب فالقوات المسلحة والتشكيلات العسكرية والشعب اليمني جاهز لهذه المعركة».

وأضاف: «نحن نتوقع من هذه الميليشيات أي شيء على الإطلاق في مأرب أو تعز أو الضالع أو في كرش أو في شبوة (...)، ولكن نحن في حالة استعداد كامل لأي طارئ ولأي هجمات».

وأكد العليمي أن الجيش اليمني والتشكيلات العسكرية كلها في حالة جاهزية قصوى، مشيراً إلى أن مجلس القيادة قام خلال العامين الماضيين بإعادة تأهيل وجاهزية الوحدات العسكرية في كل المناطق وفي كل الجبهات.

وخلال الأشهر الماضية من التصعيد البحري حشدت الجماعة الحوثية المزيد من المجندين الجديد، وأقر زعيمها بتعبئة أكثر من 180 ألف مسلح، حيث تسود المخاوف من أن الجماعة تتأهب لتفجير الحرب مع القوات الحكومية ومهاجمة المناطق المحررة تحت ذريعة محاربة «أميركا وإسرائيل».


مقالات ذات صلة

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

العالم العربي منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع في اليمن سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

يأمل اليمنيون أن تفضي المشاورات بين الحكومة اليمنية والحوثيين إلى إنهاء الانقسام المصرفي ودفع الرواتب واستئناف تصدير النفط، وسط مخاوف من تعنت الجماعة الانقلابية

محمد ناصر (تعز) علي ربيع (عدن)
العالم العربي للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

قالت الإمارات إنها ترحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
TT

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)

تتوالى التأثيرات السلبية على الاقتصاد اليمني، إذ يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة المحلية وتحسين مستوى معيشة السكان.

وتشهد العملة المحلية (الريال اليمني) انهياراً غير مسبوق بعد أن وصل سعر الدولار الواحد خلال الأيام الأخيرة إلى 1890 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في حين لا تزال أسعار العملات الأجنبية ثابتة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقرار انقلابي، كما يقول خبراء الاقتصاد الذين يصفون تلك الأسعار بالوهمية.

الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

وتتواصل معاناة اليمنيين في مختلف المناطق من أزمات معيشية متتالية؛ حيث ترتفع أسعار المواد الأساسية، وتهدد التطورات العسكرية والسياسية، وآخرها الضربات الإسرائيلية لميناء الحديدة، بالمزيد من تفاقم الأوضاع، في حين يتم التعويل على أن يؤدي خفض التصعيد الاقتصادي، الذي جرى الاتفاق حوله أخيراً، إلى التخفيف من تلك المعاناة وتحسين المعيشة.

ويعدّد يوسف المقطري، الأكاديمي والباحث في اقتصاد الحرب، أربعة أسباب أدت إلى اندلاع الحرب في اليمن من منظور اقتصادي، وهي ضعف مستوى دخل الفرد، وضعف هيكل نمو دخل الفرد، وهشاشة الدولة وعدم احتكارها العنف، وعندما تفقد الدولة القدرة على الردع، تبدأ الأطراف المسلحة بالصعود للحصول على الموارد الاقتصادية.

ويوضح المقطري لـ«الشرق الأوسط» أنه عندما لا يتم تداول السلطة من جميع القوى الاجتماعية والسياسية في البلد، تنشأ جهات انقلابية ومتمردة للحصول على السلطة والثروة والحماية، وإذا غابت الدولة المؤسساتية الواضحة، ينشأ الصراع على السلطة والثروة، والحرب تنشأ عادة في الدول الفقيرة.

طلاب يمنيون يتلقون التعليم في مدرسة دمرتها الحرب (البنك الدولي)

ويضيف أن اقتصاد الحرب يتمثل باستمرار الاقتصاد بوسائل بديلة لوسائل الدولة، وهو اقتصاد يتم باستخدام العنف في تسيير الاقتصاد وتعبئة الموارد وتخصيصها لصالح المجهود الحربي الذي يعني غياب التوزيع الذي تستمر الدولة في الحفاظ على استمراريته، بينما يعتاش المتمردون على إيقافه.

إمكانات بلا استقرار

أجمع باحثون اقتصاديون يمنيون في ندوة انعقدت أخيراً على أن استمرار الصراع وعدم التوصل إلى اتفاق سلام أو تحييد المؤسسات والأنشطة الاقتصادية سيجر الاقتصاد إلى مآلات خطيرة على معيشة السكان واستقرار البلاد.

وفي الندوة التي عقدها المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية، عدّت الباحثة الاقتصادية رائدة الذبحاني اليمن بلداً يتمتع بالكثير من الإمكانات والمقدرات الاقتصادية التي تتمثل بالثروات النفطية والغاز والمعادن الثمينة والأحياء البحرية والزراعة وموقعها الاستراتيجي على ممرات طرق الملاحة الدولية، غير أن إمكانية حدوث الاستقرار مرهون بعوامل عدة، على رأسها الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.

وترى الذبحاني ضرورة تكثيف الاستثمارات الاقتصادية وتشجيع القطاع الخاص بالدعم والتسهيلات لتشجيعه على الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة، مشددة على مشاركة المرأة في السياسات الاقتصادية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعدم إهدار طاقاتها الفاعلة في صنع القرار وإيجاد الحلول المبتكرة، وزيادة أعداد القوى العاملة، إذ يمكن أن تضيف المرأة ما نسبته 26 في المائة من الإنتاج المحلي.

سوق شعبية قديمة وبوابة أثرية في مدينة تعز اليمنية المحاصرة من الحوثيين طوال سنوات الحرب (رويترز)

وفي جانب الإصلاح المصرفي يشترط الباحث رشيد الآنسي إعادة هيكلة البنك المركزي ودعم إدارة السياسة النقدية، وتطوير أنظمة المدفوعات وأنظمة البنك المركزي والربط الشبكي بين البنوك باستثمارات بنكية وتحديث القوانين واللوائح والتعليمات المصرفية، وفقاً لمتطلبات المرحلة، وتقليص أعداد منشآت وشركات الصرافة وتشجيع تحويلها إلى بنوك عبر دمجها.

وركز الآنسي، في ورقته حول إعادة ھندسة البیئة المصرفیة الیمنیة بوصفها ركيزة حیویة لبناء اقتصاد حديث، على ضرورة إلزام شركات الصرافة بإيداع كامل أموال المودعين لديها والحوالات غير المطالب بها كوسيلة للتحكم بالعرض النقدي، ورفع الحد الأدنى من رأسمال البنوك إلى مستويات عالية بما لا يقل عن 100 مليون دولار، وعلى فترات قصيرة لتشجيع وإجبار البنوك على الدمج.

كما دعا إلى إلزام البنوك بتخصيص جزء من أسهمها للاكتتاب العام وإنشاء سوق أوراق مالية خاصة لبيع وشراء أسهم البنوك والحوكمة الحقيقية لها.

انكماش شامل

توقّع البنك الدولي، أواخر الشهر الماضي، انكماش إجمالي الناتج المحلي في اليمن بنسبة واحد في المائة خلال العام الحالي 2024، بعد أن شهد انكماشاً بنسبة 2 في المائة في العام الماضي، ونمواً متواضعاً بواقع 1.5 في المائة في العام الذي يسبقه.

يمنيون ينقلون المياه على ظهور الحمير إذ أدى الصراع إلى تدهور سبل المعيشة (أ.ف.ب)

وبيّن البنك أنه في الفترة ما بين عامي 2015 و2023، شهد اليمن انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ما يترك أغلب اليمنيين في دائرة الفقر، بينما يؤثر انعدام الأمن الغذائي على نصف السكان.

ويذهب الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي إلى أن السياسة والفعل السياسي لم يخدما الاقتصاد اليمني أو يعملا على تحييده لتجنيب السكان الكوارث الإنسانية، بل بالعكس من ذلك، سعى الحوثيون إلى ترسيخ نظام اقتصادي قائم على الاختلال في توزيع الثروة وتركزها بيد قلة من قياداتهم، مقابل تجويع القاعدة العريضة من المجتمع.

وأشار المساجدي، في مداخلته خلال الندوة، إلى أن هناك ملفات أخرى تؤكد استغلال الحوثيين الملف الاقتصادي لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، كإنشاء منافذ جمركية مستحدثة، ووقف استيراد الغاز من المناطق المحررة، وإجبار التجار على استيراد بضائعهم عبر ميناء الحديدة، وغير ذلك الكثير.

منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

وتحدث الباحث الاقتصادي فارس النجار حول القطاع الخدمي الذي يعاني بسبب الحرب وآثارها، مشيراً إلى تضرر شبكة الطرق والنقل، وتراجع إجمالي المسافة التي تنبسط عليها من أكثر من 70 ألف كيلومتر قبل الانقلاب، إلى أقل من 40 ألف كيلومتر حالياً، بعد تعرض الكثير منها للإغلاق والتخريب، وتحولها إلى مواقع عسكرية.

وتعرض النجار إلى ما أصاب قطاع النقل من أضرار كبيرة بفعل الحرب، تضاعفت أخيراً بسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما ألحق أضراراً بالغة بمعيشة السكان، في حين وضعت الجماعة الحوثية يدها، عبر ما يعرف بالحارس القضائي، على شركات الاتصالات، لتتسبب في تراجع أعداد مستخدمي الهواتف المحمولة من 14 مليوناً إلى 8 ملايين، بحسب إحصائيات البنك الدولي.