مجموعات العمل في فيينا تعد قائمة بالتنظيمات «الإرهابية» في سوريا

قيد البحث .. عملية سياسية بلا سلاح وكيان عسكري موحّد

مجموعات العمل في فيينا تعد قائمة بالتنظيمات «الإرهابية» في سوريا
TT

مجموعات العمل في فيينا تعد قائمة بالتنظيمات «الإرهابية» في سوريا

مجموعات العمل في فيينا تعد قائمة بالتنظيمات «الإرهابية» في سوريا

دعا ستيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي إلى سوريا، القوى الكبرى إلى البناء على «زخم» المباحثات الدولية الجارية حاليا حول الأزمة السورية، مشددا على ضرورة «عدم تفويت الفرصة التي تتيحها لقاءات فيينا» في صياغة عملية سياسية لإنهاء الحرب المستمرة في سوريا منذ أربع سنوات.
وأتت تصريحات دي ميستورا عقب تقديمه يوم أول من أمس تقريرا إلى مجلس الأمن الدولي حول جهود تسوية الأزمة السورية. وأشار المبعوث الدولي في حديثه للصحافيين إلى الاجتماع الوزاري المرتقب في فيينا يوم 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بمشاركة وزراء خارجية 20 دولة، وذلك استمرارا للقاء مشابه انعقد يوم 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في العاصمة النمساوية، وتمخض عنه التوافق على مبادئ رئيسية لجهود تسوية النزاع في سوريا. وحول لقاء فيينا الثاني قال دي ميستورا إنه يجب أن «يحدد أهدافا قابلة للتحقيق للشعب السوري بما في ذلك خفض العنف».
ويوم أمس الأربعاء، باشرت مجموعات عمل في فيينا جلساتها لوضع قائمة بالتنظيمات الإرهابية في سوريا، في ظل تباينات حادة بين الأطراف الدولية حول من يجب تصنيفه ضمن الجماعات الإرهابية. ذلك أنه ومع اتفاق بين كل القوى الدولية والإقليمية حول تصنيف جماعتي «داعش» و«جبهة النصرة» كجماعات إرهابية، هناك خلافات حول مجموعات أخرى تراها بعض الدول «معارضة سورية مسلحة»، بينما تصرّ دول أخرى على ضمها إلى قائمة المجموعات الإرهابية.
وفي ما يتعلق بمسألة هذه المجموعات، قال مصدر في العاصمة الروسية موسكو، مقرب من أجواء التحضيرات للقاء فيينا القادم حول الأزمة السورية، إن «روسيا كانت صاحبة المبادرة بالدعوة إلى وضع قائمة للتنظيمات الإرهابية وقائمة تحدد فصائل المعارضة السورية المسلحة». وأردف أن هذه الخطوة تنطوي على جملة أهداف غاية في الأهمية، منها «الفصل بين الإرهابي والمعارض السوري المعتدل الذي يحمل السلاح، وذلك لتحديد خطة عمل مشتركة بين قوات الدول التي تنفذ مهام التصدي للإرهاب حاليا على الأراضي السورية، وأيضا تحديد قائمة مواقع الجماعات الإرهابية التي يجب العمل معا للقضاء عليها». ومن جانب آخر، بفضل هذه القائمة سيصار إلى تحديد الجماعات التي سيشملها، أو لن يشملها، وقف إطلاق النار في سوريا، الذي تضمنته مبادئ «لقاء فيينا» المنعقد في 30 أكتوبر الماضي.
أما «المسألة الأكثر أهمية التي تنطوي على تحديد قائمة الجماعات الإرهابية في سوريا فهي على صلة بمستقبل سوريا خلال وبعد العملية السياسية»، حسب قول المصدر من موسكو، الذي أوضح أن «جميع القوى الدولية والإقليمية، على اختلاف الرؤى بينها لكثير من جوانب الأزمة السورية وسبل حلها، تشعر بنفس القدر من القلق إزاء الوضع مستقبلا في حال بقاء السلاح منتشرا خارج السيطرة». لذا - حسب المصدر المقرب من أجواء التحضيرات للقاء فيينا - فإن «الخطوة التالية بعد وقف إطلاق النار بين السوريين يجب أن تكون توجيه الأطراف الدولية والإقليمية المنخرطة في الأزمة السورية جهودها لدفع كل من يحمل السلاح في سوريا (يرجح أنه يقصد المعارضة وقوات النظام) لتنفيذ عمليات مشتركة ضد مواقع الجماعات المصنفة وفق قائمة فيينا بأنها إرهابية».
واستطرد المصدر موضحا أن «خطوة كهذه ستشكّل بداية لأمرين، الأول: عزل السلاح عن العملية السياسية في سوريا، وهذا أمر سيجري بالتزامن مع انطلاق العملية السياسية ذاتها. والثاني: إطلاق عملية تشكيل كيان عسكري موحّد لكل السوريين، يضمن فرض السيطرة على السلاح خلال العملية السياسية وبعدها، كي لا تتحوّل سوريا مستقبلا إلى دولة غارقة في نزاعات بين ميليشيات مسلحة».
وفي ختام حديثه، أكد المصدر الروسي أن «عملية إعادة اللُحمة بين السوريين لن تكون سهلة بعد أكثر من أربع سنوات من القتال، ولكن من شأن توحيد صفوفهم تدريجيا على مراحل للتصدّي لعدوّ مشترك أن يترك أثرا إيجابيا في هذا الشأن أيضا، ولا بد من آليات تأخذ بالحسبان مسألة مساعدة السوريين لاستعادة لُحمتهم الوطنية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.