تركيا: غليان وتوتر واحتجاجات عقب الانتخابات المحلية

إردوغان بدأ «المحاسبة» بعد هزيمة الأحد

قوات مكافحة الشغب التركية في ولاية وان الأربعاء (أ.ف.ب)
قوات مكافحة الشغب التركية في ولاية وان الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

تركيا: غليان وتوتر واحتجاجات عقب الانتخابات المحلية

قوات مكافحة الشغب التركية في ولاية وان الأربعاء (أ.ف.ب)
قوات مكافحة الشغب التركية في ولاية وان الأربعاء (أ.ف.ب)

تشهد ولايات كثيرة في شرق وجنوب شرقي تركيا وغربها احتجاجات لليوم الثاني، بعدما منعت السلطات تسليم أحد رؤساء البلديات المنتخبين من حزب كردي رئاسة البلدية بعد فوزه في الانتخابات. كما شهدت بعض مناطق إسطنبول توتراً شديداً على خلفية الاعتراضات على النتائج، وإعادة فرز الأصوات في بعض المقاطعات.

اشتباكات وحظر تجول

وبدأت الاحتجاجات، الثلاثاء، من ولاية وأن في شرق البلاد، بعدما منعت السلطات رئيس البلدية المنتخب من حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب» عبد الله زيدان، الحاصل على 55.5 في المائة من الأصوات، من تولي منصبه بدعوى عدم أحقيته بخوض الانتخابات، وتسليمها إلى مرشح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم عبد الله أرفاس، الحاصل على 27.2 في المائة فقط من الأصوات.

وامتدّت الاحتجاجات من وأن إلى ولايات أخرى في جنوب وجنوب شرقي البلاد، من بينها أضنة (جنوب)، وبطمان، وسيرت، وشرناق، وبتليس (جنوب شرق)، بالإضافة إلى إزمير، وإسطنبول (غرب). ووقعت أعمال شغب واشتباكات بين الشرطة والمحتجين من أنصار الحزب الكردي، الذين هتفوا بأن «هناك انقلاباً على الديمقراطية في وان».

وقرّرت السلطات فرض حظر التجول في وان، وبتليس. ورغم ذلك، استمرّت المسيرات والاحتجاجات، لا سيما في وان، حيث توجّه قادة حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب»، ونواب من أحزاب المعارضة، وفي مقدمتهم حزب «الشعب الجمهوري»، دعماً لحق رئيس البلدية المنتخب عبد الله زيدان في تولي منصبه. وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع على المسيرات، وأصيب رئيس حزب «العمال» إركان باش بإحدى عبوات الغاز في رأسه.

وفي هكاري، جنوب شرقي البلاد، خرج المئات إلى الشوارع رفضاً للقرار ضد رئيس بلدية «وان» المنتخب، وسُمع دوي إطلاق نار، وأظهرت صور شخصاً يطلق النار من بندقية كلاشينكوف. ودفعت السلطات بقوة من الجيش للسيطرة على حالة الفوضى بالشوارع.

وقدم حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب»، الأربعاء، طعناً إلى المجلس الأعلى للانتخابات على قرار عدم منح التفويض لرئيس بلدية وان المنتخب. وانتهت الأزمة بعدما قبل المجلس الطعن، وأعلن أنه سيتم منح التفويض إلى زيدان.

وأعلن وزير الداخلية، على يرلي كايا، القبض على 89 شخصاً في كل من هكاري، وبطمان، وسيرت، وشرناق، وإزمير. وقال عبر حسابه في «إكس» إنهم قاموا بمسيرات دون تصاريح، وهتفوا بشعارات لمدح ودعم تنظيم حزب «العمال الكردستاني» الإرهابي الانفصالي، وهاجموا قواتنا الأمنية بالحجارة، وأبدوا مقاومة رغم التحذيرات، ومطالبتهم بالتفرق».

أنصار حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب» يتظاهرون في ولاية وان الأربعاء (أ.ف.ب)

في الوقت ذاته، قتل شقيق مرشح حزب «الديمقراطية والتقدم» المعارض، وأصيب 4 آخرون في اشتباكات بين أنصار الحزب وأنصار رئيس بلدية بيرفاري، التابع لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، بعد أن حصد 52 في المائة من الأصوات، بينما جاء مرشّح حزب «الديمقراطية والتقدم» في المركز الثاني بنحو 40 في المائة.

وأشار مكتب والي سيرت إلى أن الشرطة تحقق في الواقعة، وقبضت على 6 أشخاص، كما تم فرض حظر تجول في بلدة بيرفاري حتى صباح الخميس، لأسباب أمنية. وحقّق حزب «الديمقراطية والتقدم»، الذي يتزعمه علي باباجان، نتائج مخيبة للآمال في الانتخابات المحلية التي أجريت يوم الأحد الماضي، وحصل على 0.33 في المائة من أصوات الناخبين في أنحاء البلاد. وأعلن الحزب، عقب اجتماع للجنته التنفيذية برئاسة باباجان استغرق 9 ساعات، عن التوجه إلى عقد مؤتمر عام استثنائي بعد 3 أشهر، لاتخاذ القرار المناسب على ضوء نتائج الانتخابات.

توتر في إسطنبول

وفي إسطنبول، اشتبكت الشرطة في محيط مجمع محاكم تشاغليان، مع عشرات المحامين الذين تجمعوا احتجاجاً على قرار منع رئيس بلدية وان المنتخب من تسلم منصبه، ما أدى إلى إصابة عدد من المحامين.

وشهدت بعض مقاطعات إسطنبول، ولا سيما غازي عثمان باشا، توتراً بعد أن قدم حزب «العدالة والتنمية» اعتراضاً على نتائج الانتخابات فيها، وكذلك في بيكوز، وقدم حزب «الشعب الجمهوري» اعتراضاً على النتائج في أرناؤوط كوي، وبهشلي إيفلر، وفاتح، وبنديك، وعمرانية، وزيتين بورنو.

وقررت رئاسة مجلس الانتخابات الإقليمي في غازي عثمان باشا إعادة فرز الأصوات، الأربعاء، ووقعت اشتباكات بين أنصار حزبي «الشعب الجمهوري»، الفائز بالبلدية، وحزب «العدالة والتنمية» أثناء عملية فرز الأصوات خارج القاعة امتدت إلى الشوارع المحيطة.

إردوغان يحذر من «الغطرسة»

من ناحية أخرى، أكد الرئيس رجب طيب إردوغان أنه لا يوجد مسؤول في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم فوق المحاسبة، ولا يمكن لأحد أن يتهرب من المسؤولية عن الخسارة الكبيرة للحزب في الانتخابات المحلية.

وعقد إردوغان اجتماعاً الثلاثاء، استغرق 4 ساعات، وامتد حتى ساعة متأخرة من الليل، للمجلس التنفيذي المركزي للحزب لتقييم نتائج الانتخابات التي تراجع فيها الحزب إلى المرتبة الثانية للمرة الأولى في 22 عاماً.

إمام أوغلو يتسلم ولاية جديدة رئيساً لبلدية إسطنبول (أ.ف.ب)

وبحسب ما صدر عن الاجتماع، قال إردوغان إن هناك خسارة واضحة للأصوات بسبب عدم ذهاب الناخبين الذين صوتوا للحزب قبل 10 أشهر إلى صناديق الاقتراع هذه المرة. وعدّ إردوغان أن الخسارة جاءت أيضاً بسبب ضغط التضخم، وعواقبه، والذي بدأ يتزايد مع ارتفاع تكاليف المعيشة، ووباء كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وكان محسوساً بعمق في انتخابات الأحد. ولم تكن الإجراءات الوقائية كافية، خاصة فيما يتعلق بالمتقاعدين إلى جانب شرائح كثيرة من المجتمع عانت فقدان الرعاية الاجتماعية.

وأكد إردوغان أن لجميع المسؤولين، من مركز الحزب ومنظماته وفروعه والمرشحين، نصيباً في الوضع الحالي من الخسارة، وأن ما حدث منذ عملية اختيار المرشحين وحتى انتهاء الانتخابات «سيتم تقييمه بكل تفاصيله».

وشدّد على أهمية التخلص من «المواقف السلبية» و«الغطرسة» التي بدأت تظهر في إدارة الحزب، ورؤساء البلديات، والنواب، والبيروقراطيين، قائلاً إن «حزب (العدالة والتنمية) الذي خرج من قلب الأمة لا يستطيع أن يبني جداراً بينه وبين المواطنين». وأكّد أنه سيتم تحليل الأسباب التي جعلت الشعب يدفع بالحزب إلى المركز الثاني في هذه الانتخابات، مضيفاً أننا لم نخسر الأصوات فقط، وإنما هناك «استنزاف لدم وروح» الحزب، ولا يمكن إلقاء اللوم في هذا الوضع على الشعب، كما يفعل العاجزون، والمهملون. وقال إردوغان: «إما أن ندرك أخطاءنا، ونستجمع قوانا، ونمد جسور الحب مع أمتنا، أو نستمر في الذوبان مثل الجليد عند رؤية الشمس». وشدد على أنه «لن يسمح لأحد، مهما كان، بأن يضيع 22 عاماً من الخبرة، والنضال الشاق».


مقالات ذات صلة

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية يوم 8 نوفمبر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (د.ب.أ)

أوجلان يطالب بقانون انتقالي لـ«السلام» في تركيا.. وإردوغان متفائل بحذر

طالب زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة لزعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان ثبتها مسلحون من الحزب عند سفح جبل قنديل شمال العراق عند إعلان انسحابهم من تركيا في 26 أكتوبر الماضي (رويترز)

زيارة مفاجئة من «وفد إيمرالي» لأوجلان في أجواء متوترة

قام «وفد إيمرالي» بزيارة مفاجئة إلى زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في محبسه، غرب تركيا، وسط قلق من التصريحات حول «عملية السلام».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا سفينة الشحن الروسية «مديفولغا 2» في أثناء إبحارها في البحر الأسود قبل الهجوم الأوكراني الذي أعلن عنه في 2 ديسمبر من جانب تركيا (رويترز)

تركيا تحذر أوكرانيا من تصعيد الهجمات في البحر الأسود

حذرت تركيا من تصعيد الهجمات على السفن التجارية في البحر الأسود، والتي تكررت في الأيام الأخيرة، عبر استهدافات من جانب أوكرانيا لسفن روسية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا ناقلة نفط روسية تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول 15 أغسطس 2022 (رويترز)

أوكرانيا تنفي علاقتها بهجوم على ناقلة ترفع العلم الروسي قرب تركيا

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، اليوم (الثلاثاء)، إن كييف لا علاقة لها بالهجوم على ناقلة ترفع العلم الروسي محمّلة بزيت دوار الشمس بالقرب من تركيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.