«مأساة عالمية»... مليار وجبة في القمامة يومياً

أطفال فلسطينيون ينتظرون للحصول على طعام تم إعداده في مطبخ خيري (د.ب.أ)
أطفال فلسطينيون ينتظرون للحصول على طعام تم إعداده في مطبخ خيري (د.ب.أ)
TT

«مأساة عالمية»... مليار وجبة في القمامة يومياً

أطفال فلسطينيون ينتظرون للحصول على طعام تم إعداده في مطبخ خيري (د.ب.أ)
أطفال فلسطينيون ينتظرون للحصول على طعام تم إعداده في مطبخ خيري (د.ب.أ)

رمت أسر في كل أنحاء العالم مليار وجبة يومياً في عام 2022، فيما وصفته الأمم المتحدة اليوم (الأربعاء)، بأنه «مأساة عالمية» من حيث المُهدر من الأغذية.

وأظهر تقرير مؤشر هدر الأغذية الصادر عن الأمم المتحدة أن أسراً وشركات رمت طعاماً بقيمة أكثر من تريليون دولار في حين كان قرابة 800 مليون شخص يعانون الجوع.

وأضاف أن أكثر من مليار طن من المواد الغذائية، أي نحو خُمس المنتجات المتاحة في السوق، أُهدرت عام 2022، معظمها من جانب أسر.

وقالت إنغر أندرسن المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إن «هدر الطعام مأساة عالمية. سيعاني الملايين الجوع اليوم فيما يهدر الطعام في كل أنحاء العالم».

وأشار التقرير إلى أن هذا الهدر ليس فشلاً أخلاقياً فحسب، بل إنه «فشل بيئي».

وينتج هدر الطعام انبعاثات مسببة لارتفاع درجة حرارة الكوكب أكثر خمس مرات من تلك الناجمة عن قطاع الطيران، ويتطلب تحويل مساحات شاسعة إلى أراض زراعية لمحاصيل لا تؤكل أبداً.

أسر وشركات رمت طعاماً بقيمة أكثر من تريليون دولار في حين كان قرابة 800 مليون شخص يعانون الجوع (إ.ب.أ)

وهذا التقرير الذي شاركت في إعداده منظمة «راب» (WRAP) غير الربحية، هو الثاني الذي تعدّه الأمم المتحدة حول هدر الغذاء العالمي، وهو يقدم الصورة الأكثر اكتمالاً حتى الآن.

وأوضحت كليمانتين أوكونور من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أنه مع تحسّن عملية جمع البيانات، أصبح الحجم الحقيقي للمشكلة أكثر وضوحاً.

وقالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كلما بحثت عن هدر الطعام أكثر، وجدت المزيد».

رمي مليار وجبة

وأشار التقرير إلى أن رقم «مليار وجبة هو تقدير متحفظ جداً، والعدد الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك بكثير».

من جهته، قال ريتشارد سوانيل من منظمة «راب» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بالنسبة إليّ، إنه رقم مهول».

وأضاف: «يمكنكم في الواقع إطعام جميع الأشخاص الذين يعانون الجوع حالياً في العالم، أي نحو 800 مليون، بوجبة واحدة يومياً من الطعام الذي يرمى كل عام».

طبق من الطعام (أ.ب)

وقال إن جمع المنتجين وتجار التجزئة ساهم بعض الشيء في خفض الهدر وتوصيل الغذاء إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليه، لافتاً إلى أن هناك حاجة إلى المزيد من الإجراءات المماثلة.

وكانت الشركات التي تقدم خدمات الطعام مثل المطاعم والمقاصف والفنادق مسؤولة عن 28 في المائة من الأطعمة المهدرة عام 2022، في حين أن تجارة التجزئة مثل الجزارة وبيع الخضر كانت مسؤولة عن 12 في المائة منها.

لكنّ المذنب الأكبر كان الأسر التي تخلّصت من 60 في المائة من مجموع الطعام المهدر، أي نحو 631 مليون طن.

وأوضح سوانيل أن ذلك يعزى بشكل كبير إلى أن الأشخاص كانوا ببساطة يشترون طعاماً أكثر مما يحتاجون إليه، لكنهم كانوا أيضاً يسيئون تقدير حجم الوجبات التي يعدّونها مع عدم تناول بقايا الطعام.

وأضاف أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في تواريخ انتهاء الصلاحية، مع رمي منتجات صالحة للافتراض خطأ أنها فسدت.

وقال التقرير إن الكثير من الطعام أهدر أيضاً ببساطة بسبب فقدان مواد غذائية أثناء نقلها أو رميها لأنها فسدت بسبب نقص التبريد، خصوصاً في الدول النامية.

وخلافاً للاعتقاد السائد، فإن هدر الطعام ليس مشكلة في «الدول الغنية» فقط ويمكن ملاحظته في كل أنحاء العالم، وفق ما أظهر التقرير.

«آثار مدمرة»

وتقلّل الشركات أيضاً من أهمية إهدار الطعام، لأن التخلص من المنتجات غير المستخدمة في مكب النفايات أمر غير مكلف.

وقال أوكونور: «التخلص منها أسرع وأسهل في الوقت الحالي، لأن الرسوم على النفايات إما صفر أو منخفضة للغاية».

وأضاف التقرير أن لهدر الطعام «آثار مدمّرة» على البشر والكوكب.

ويعد تحويل الأنظمة البيئية الطبيعية إلى أراض زراعية سبباً رئيسياً لفقدان الموائل، فيما يمثل هدر الطعام ما يعادل نحو 30 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم، بحسب التقرير.

وقال سوانيل: «إذا تمكنا من تقليل هدر الطعام عبر سلسلة التوريد بكاملها، فسيكون بإمكاننا تقليل الحاجة إلى تخصيص أراض لزراعة محاصيل لا تستخدم أبداً».

عمال يطبخون الطعام في تكية إبراهيم (مطبخ النبي إبراهيم الخيري) في مدينة الخليل القديمة بالضفة الغربية (رويترز)

ويعد ذلك أيضاً محركاً رئيسياً لتغير المناخ إذ ينتج ما يصل إلى 10 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة السنوية.

وأوضح سوانيل أنه «إذا كان الطعام المهدر دولة، سيكون ثالث أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة على الأرض بعد الولايات المتحدة والصين».

لكن الناس نادراً ما يفكرون في الأمر، كما قال، رغم الفرصة المتاحة «لتقليل بصمتنا الكربونية والحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتوفير المال، وذلك ببساطة عن طريق استخدام أفضل للأغذية التي نشتريها».


مقالات ذات صلة

أسعار الغذاء العالمية تنخفض للشهر الثالث في نوفمبر

الاقتصاد طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)

أسعار الغذاء العالمية تنخفض للشهر الثالث في نوفمبر

انخفضت أسعار السلع الغذائية الأساسية العالمية للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر، مع تراجع أسعار السلع الرئيسية باستثناء الحبوب.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد إحدى مناطق الاستزراع السمكي في المنطقة الشرقية (واس)

السعودية تعيد رسم خريطة الأسماك... من الاستيراد إلى التصدير

يشهد قطاع الاستزراع السمكي في السعودية منذ سنوات طفرة متسارعة جعلته اليوم أحد أعمدة تحقيق الأمن الغذائي، وتقليل الاعتماد على الواردات

أسماء الغابري (جدة)
العالم العربي خطة أممية تهدف إلى تحسين إنتاجية وتنوع وجودة الزراعة في اليمن (الأمم المتحدة)

خطة طوارئ أممية لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن

وضع مكتب منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في اليمن خطة طوارئ جديدة لتعزيز وتنفيذ برامج واستراتيجيات تُعنى بأولويات الأمن الغذائي في بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات

محمد ناصر (تعز)
شؤون إقليمية اشتعال النيران في ناقلة النفط «كايروس» التابعة لـ«أسطول الظل» الروسي إثر هجوم أوكراني عليها بالبحر الأسود قبالة ساحل تركيا يوم 28 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

تركيا قلقة إزاء هجمات أوكرانيا على ناقلتين تابعتين لـ«أسطول الظل» الروسي

عبّرت تركيا عن قلقها إزاء هجمات تبنتها أوكرانيا على ناقلتَيْ نفط تابعتين لـ«أسطول الظل» الروسي، في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها بالبحر الأسود.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مساعدات تابعة لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» عند معبر كرم أبو سالم على الحدود مع قطاع غزة (أ.ب)

«مؤسسة غزة الإنسانية» تعلن «إنهاء» عمليات توزيع المساعدات في القطاع

 أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، الاثنين، إنهاء عمليات توزيع المساعدات في القطاع الفلسطيني بعد انتقادات على مدى أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.


موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.