استطلاع: الفلسطينيون يميلون أكثر لحل الدولتين... ولم يتراجعوا عن تأييد هجوم أكتوبر

ما خسرته «حماس» لم تكسبه «فتح» والسلطة... والبرغوثي المرشح المفضل

دخان ناتج عن قصف إسرائيلي على خان يونس (أ.ف.ب)
دخان ناتج عن قصف إسرائيلي على خان يونس (أ.ف.ب)
TT

استطلاع: الفلسطينيون يميلون أكثر لحل الدولتين... ولم يتراجعوا عن تأييد هجوم أكتوبر

دخان ناتج عن قصف إسرائيلي على خان يونس (أ.ف.ب)
دخان ناتج عن قصف إسرائيلي على خان يونس (أ.ف.ب)

أظهر استطلاع رأي حديث تراجع التأييد لحركة «حماس» في الضفة الغربية وقطاع غزة، ونهج العمل المسلح، بعد 5 أشهر من الحرب الطاحنة في قطاع غزة، مقابل ارتفاع نسبة تأييد حل الدولتين، لكن دون أن يؤثر ذلك على نسبة التأييد الشعبي الواسع لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي بقي دون تغيير.

وبحسب استطلاع أعده المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، قالت الأغلبية في الضفة الغربية وقطاع غزة إن هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، كان صائباً (71 في المائة)، مقارنة بـ72 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) 2023، مع انخفاض طفيف في الضفة الغربية بنسبة 11 في المائة وارتفاع في قطاع غزة بنسبة 14 في المائة. لكن من الواضح من النتائج أن تأييد الهجوم لا يعني تأييد «حماس»، بل يأتي التأييد من دافع آخر؛ إذ أظهرت النتائج أن ثلاثة أرباع الفلسطينيين يعتقدون أن الهجوم قد وضع القضية الفلسطينية - الإسرائيلية في بؤرة الاهتمام، وقضى على سنوات من الإهمال للقضية على المستويين الإقليمي والدولي.

منطقة تضررت بعد غارة عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين للاجئين خلال وقت سابق (أ.ب)

المناطق الخالية من القتال

واعتمد الاستطلاع على مقابلات شخصية أجريت بين 5 و10 مارس (آذار)، مع 1580 شخصاً، 830 في الضفة الغربية و750 في قطاع غزة، في المناطق التي لا يوجد فيها قتال ميداني. وأعاد المركز طرح أسئلة على الفلسطينيين، طُرحت قبل 3 شهور؛ لمعرفة التحول في الرأي العام الفلسطيني خلال الحرب الحالية.

وقال 45 في المائة من الفلسطينيين إنهم يؤيدون حل الدولتين بنسبة 62 في المائة من سكان غزة، مقارنة بـ35 في المائة في استطلاع أجري في ديسمبر، ونسبة التأييد في الضفة الغربية لم تتغير كثيراً، من 33 في المائة إلى 34 في المائة.

أما أفضل طريقة لإقامة الدولة وإنهاء الاحتلال، فيعتقد 46 في المائة من الفلسطينيين «أن أفضل طريقة لإقامة الدولة المستقلة وإنهاء الاحتلال هي الكفاح المسلح». هذا بالمقارنة مع 63 في المائة ممن اعتقدوا ذلك في استطلاع مماثل أجري قبل ثلاثة أشهر. وأجاب 13 في المائة من المشاركين في الاستطلاع بأن الإجراء الأفضل هو المقاومة الشعبية السلمية.

فلسطينية تسير برفقة طفلة وسط الدمار الذي سبّبه القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (رويترز)

تأييد «حماس»

وبحسب الاستطلاع، ما زال التأييد لـ«حماس» خلال الحرب مرتفعاً أيضاً، حيث قال 72 في المائة في استطلاع أجري قبل ثلاثة أشهر إنهم راضون عن أداء «حماس» في هذه الحرب، والآن يقول 70 في المائة الشيء نفسه. ويعتقد معظم الفلسطينيين أن «حماس» ستنتصر في الحرب، رغم أن النسبة انخفضت قليلاً منذ الاستطلاع السابق (64 مقابل 70 في المائة). وتراجعت نسبة الاعتقاد بأن إسرائيل ستنتصر في الحرب بين سكان قطاع غزة. فقبل ثلاثة أشهر قالت نسبة من 31 في المائة إن إسرائيل ستنتصر، وفي الاستطلاع الحالي قالت نسبة 19 في المائة فقط ذلك. وبعد أكثر من 5 شهور على الحرب، يريد 59 في المائة من الفلسطينيين (52 في المائة من سكان قطاع غزة) أن تستمر «حماس» في حكم القطاع بعد نهاية الحرب.

وفيما يتعلق بالوضع في القطاع، أجاب 80 في المائة من سكان قطاع غزة بأن واحداً على الأقل من أفراد أسرهم أصيب أو قُتل - وهي زيادة بنسبة 16 في المائة عن الاستطلاع السابق، وقد حمّل الثلثان إسرائيل مسؤولية هذا الوضع، فيما ألقى 9 في المائة فقط اللوم على «حماس». وقال 44 في المائة إن لديهم ما يكفي من الطعام ليوم أو يومين، وقال 55 في المائة إنهم لم يحصلوا على طعام على الإطلاق.

صورة أرشيفية لمحاكمة مروان البرغوثي في إسرائيل (رويترز)

مروان البرغوثي

أما على المستوى القيادي، فإن الاستطلاع الحالي يظهر أيضاً تغيراً كبيراً لجهة صعود مستوى التأييد لمروان البرغوثي القيادي في حركة «فتح» الأسير لدى إسرائيل. وفي انتخابات رئاسية بين ثلاثة، الرئيس الحالي محمود عباس، وزعيم «حماس» إسماعيل هنية، ومروان البرغوثي، يفوز البرغوثي بأغلبية المشاركين في الانتخابات.

وفي منافسة ثنائية بين البرغوثي وهنية، يفوز الأول بأكثر من 60 في المائة من الناخبين المشاركين. وتشير هذه النتائج إلى ارتفاع في نسبة التصويت للبرغوثي بين المشاركين في الانتخابات بنسبة 11 في المائة، وانخفاض في التصويت لهنية بـ8 نقاط.

وفي المقابل، لو كانت المنافسة الثنائية بين هنية وعباس فإن الأول سيحصل على 70 في المائة من الناخبين المشاركين. من المفيد هنا الإشارة إلى أن المطالبة باستقالة الرئيس عباس، وإن انخفضت قليلاً في قطاع غزة، فإنها زادت قليلاً في الضفة الغربية لتصل بذلك لمستوى غير مسبوق.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

ضعف التأييد للسلطة

ويؤكد الاستطلاع ضعف التأييد الشعبي للسلطة الفلسطينية. وقالت نسبة من 49 في المائة (مقارنة مع 54 في المائة قبل ثلاثة أشهر)، إن «حماس» هي الأحق بتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني اليوم، فيما قالت نسبة من 17 في المائة (مقارنة مع 13 في المائة قبل ثلاثة أشهر) إن «فتح» بقيادة الرئيس عباس هي الأحق، و29 في المائة (مقارنة مع 26 في المائة قبل ثلاثة أشهر) يعتقدون أن كليهما غير جدير بالتمثيل والقيادة.

ولم يرَ الجمهور الفلسطيني في استقالة حكومة محمد أشتية علامة على بدء الإصلاح، وترفض الغالبية العظمى تعيين محمد مصطفى رئيساً للوزراء. وقال أكثر من 60 في المائة إنهم يريدون حكومة وحدة وطنية لا تخضع لسيطرة حزب سياسي أو لسيطرة الرئيس عباس. كما قال ثلثا الجمهور إن السلطة الفلسطينية عبء على الشعب الفلسطيني، وتقول الأغلبية إنها تؤيد حلها.

وتعتقد أغلبية من 65 في المائة (مقارنة مع 68 في المائة قبل ثلاثة أشهر) أن السلطة الفلسطينية قد أصبحت عبئاً على الشعب الفلسطيني، و27 في المائة فقط (مقارنة مع 28 في المائة قبل ثلاثة أشهر) يعتقدون أنها إنجاز للشعب الفلسطيني. وقبل ستة أشهر قالت نسبة من 62 في المائة إن السلطة عبء، وقالت نسبة من 35 في المائة إنها إنجاز.

جنود إسرائيليون على حدود قطاع غزة (أ.ف.ب)

العودة للمفاوضات

وفيما يخص العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل، كان يمكن رؤية مدى التأييد والمعارضة للمفاوضات؛ بلغت نسبة تأييد هذه العودة للمفاوضات 38 في المائة (46 في المائة في قطاع غزة، و33 في المائة في الضفة الغربية).

وعند السؤال عن المشكلة الأكثر إلحاحاً التي تواجه الفلسطينيين اليوم، قالت النسبة الأكبر (66 في المائة في قطاع غزة، و50 في المائة في الضفة الغربية) إنها استمرار الحرب في قطاع غزة.

وقالت نسبة من 23 في المائة إنها الاحتلال الإسرائيلي، وقالت نسبة من 8 في المائة إنها الفساد، وقالت نسبة من 6 في المائة إنها البطالة، وقالت نسبة من 5 في المائة إنها الانقسام بين الضفة والقطاع. وقبل ثلاثة أشهر قالت نسبة من 51 في المائة (42 في المائة في الضفة الغربية، و64 في المائة في قطاع غزة) إنها الحرب المستمرة في قطاع غزة، وقالت نسبة من 32 في المائة إنها الاحتلال الإسرائيلي.


مقالات ذات صلة

نجاح عملية معقّدة لفتاة فقدت جزءاً من جمجمتها في حرب غزة

المشرق العربي على اليمين صورة لمريم إبراهيم قبل الإصابة في الحرب... ويساراً صورة لها بعد الإصابة (وسائل إعلام محلية - إ.ب.أ)

نجاح عملية معقّدة لفتاة فقدت جزءاً من جمجمتها في حرب غزة

نجت فتاة من غزة كانت تعاني من إصابة في جمجمتها، جراء شظية إسرائيلية، بعد جراحة تمت لها في الأردن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي فلسطينيون أمام معبر رفح من جهة قطاع غزة في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

معبر رفح وجبهتها يُسخّنان ملف غزة

أعاد خلاف مصري – إسرائيلي حول فتح معبر رفح وهجوم لمسلحين يُرجح أنهم من «حماس» ضد قوات جيش الاحتلال في الجبهة ذاتها، تسخين ملف غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة – تل أبيب) محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي أطفال فلسطينيون يستدفئون بالنار في خان يونس (رويترز) play-circle 00:36

5 قتلى وعشرات المصابين في غارات إسرائيلية على خان يونس

قُتل 5 فلسطينيين على الأقل وأصيب آخرون، مساء الأربعاء، في قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على جنوب وشرق قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تركيب فني لصورة للقيادي الفلسطيني المعتقل لدى إسرائيل مروان البرغوثي في مسقط رأسه قرية كوبر في الضفة الغربية شمال رام الله 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

200 من مشاهير العالم يطالبون بالإفراج عن مروان البرغوثي

دعا أكثر من 200 من المشاهير، بينهم كتاب وممثلون وموسيقيون، في رسالة مفتوحة، الأربعاء، إسرائيل إلى إطلاق سراح السياسي المعتقل مروان البرغوثي.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
TT

مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)

سخر مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان من تصريحات لونا الشبل، مستشارة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، التي وردت في مقاطع فيديو بثتها قناة «العربية/الحدث»، السبت، وتقول فيها إن «(حزب الله) لم يُسمع له صوت في النهاية»، كما أعربوا عن غضبهم من سكوت الأسد عن تلك العبارات «لعلمه بأنه لولا الحزب لسقط نظامه منذ 2012».

وبثّت «العربية» تسريبات غير مؤرخة من جولة الأسد في الغوطة الشرقية، ويُعتقد أن الفيديو مسجل في مارس (آذار) 2018، إثر انسحاب مسلحي المعارضة من الغوطة في ذلك الوقت.

وكانت مستشارته السابقة لونا الشبل ترافقه في الجولة، إضافة إلى شخص ثالث يسجل الفيديو. وحين صادف الأسد مسلحين مجهولين، قال إنهم من لبنان، في إشارة إلى مسلحي «حزب الله»، لتفتح لونا الشبل حديثاً عن الحزب.

وقالت في الفيديو: «الجيش السوري تعلّم وصارت عنده خبرات يدرّسها لغير جيوش»، مضيفة: «(حزب الله) في النهاية لَبَدْ (أي تراجع عن ادعاءاته)». وتابعت: «لم نسمع صوته».

ورأى مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان أن سكوت الأسد عن كلام مستشارته، «إساءة لكل التضحيات وإنكار للواقع»، وقال أحدهم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سكوته يعني أنه راضٍ عما ادعته الشبل... وهذه إساءة أخرى». وتابع: «هذا إنكار، ويعني أنه ليس وفياً، ولا يقدّر التضحيات».

وسخر مناصر لـ«حزب الله» من تصريحات لونا الشبل، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن ما تقوله في الفيديو «ادعاءات وأوهام». وأضاف: «الأسد يعرف، كما الشبل التي تبدو في هذه اللقطة تمالق بشار، أنه لولا مقاتلو الحزب، لكان المسلحون (المعارضة) في دمشق منذ شتاء 2012». وتابع: «هي تافهة وكاذبة وممالقة».

مقاتلو «حزب الله» يؤدون القسم خلال تدريب عسكري مُنظم في معسكر بقرية عرمتى جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

ويتناقل مناصرو «حزب الله» روايات عن قتالهم في سوريا في الشوارع والمقاهي، فضلاً عن أن الحزب في السنوات الماضية نشر فيديوهات لعملياته، ولا سيما الهجوم على القُصير وقرى القلمون في ربيع وصيف 2013، والقتال في حلب والزبداني والغوطة في 2016. وباتت تلك العمليات العسكرية جزءاً من مأثورات الحزب الذي يعترف بأن هجوم حلب ما كان ليتم لولا الإسناد الناري الروسي، وأن القتال في ريف اللاذقية تصدره الجيش السوري الموالي للأسد آنذاك.

وينقل مناصر للحزب عن مقاتل في التنظيم كان قد تعرّض لإصابة طفيفة في سوريا، قوله إن الجيش السوري «لم يكن يدرك كيف يوقف الهجمات في 2012 في جنوب دمشق، خصوصاً في الديابية والحسنية المتاخمتين للسيدة زينب، قبل أن يضع الحزب الخطط ويوزع المجموعات».

صورة من فيديو لقيادي في المراسم يقدم بندقية هدية للأمين العام الراحل لـ«حزب الله» هاشم صفي الدين خلال عرض في جنوب لبنان (أرشيفية - إعلام الحزب)

ويشير إلى أن هجوم مقاتلي المعارضة آنذاك في درعا البلد «صدّه الحزب وحده، وبعض المقاتلين السوريين الذين يقاتلون إلى جانبه»، مضيفاً أنه في الغوطة الشرقية، حيث أصيب المقاتل السابق، «كان مقاتلو جيش النظام يتراجعون، بينما كان أفراد من الحزب يقاتلون لساعتين وحدهم، قبل أن يعيد قادة في الحزب تنظيم المقاتلين على المحاور». وتابع: «كان على الشبل أن تقول من وضع خطط السيطرة على قرى القلمون والزبداني، ومن قاتل فيها قبل أن تقول إن الحزب لم يُسمع صوته».

رسالة لمن يدافع عن الأسد

هذا الاحتقان تفجّر أيضاً في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال أحد مناصري الحزب: «الحمد لله لم يخب ظني بهذا ومن معه في النظام»، في إشارة إلى الأسد وأركان نظامه. فيما أعاد آخر التذكير بأن الخصومة بين «حزب الله» والنظام السوري «تعود إلى الحرب الأهلية في لبنان، وتم تصحيحها شكلاً، لكنها بقيت مخفية ما دام النظام كان بحاجة للحزب». وقالت مغردة أخرى: «هذه رسالة لمن لا يزال يدافع عن الأسد».

علاقة متوترة

ولم تكن علاقة «حزب الله» بالأسد في فترة ما قبل سقوطه، مستقرة، فقد اتهم قياديون في الحزب في مجالسهم الخاصة، الأسد، بالتخلي عنهم في «معركة الإسناد» مع غزة، ولم يتخطَّ موقف موسكو وتعليماتها.

وخلال الأشهر الماضية، بدأت تتكشف فصول من العلاقة المتوترة مع النظام؛ إثر معلومات عن أن الأسد «لم يسمح لـ(حزب الله) بإطلاق الصواريخ الدقيقة من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل»، وأن مقاتليه «تعرضوا لمضايقات، شملت أيضاً القيود السورية على إمداد الحزب بالأسلحة خلال المعركة الموسعة» التي يُطلق عليها الحزب اسم «معركة أولي البأس»، واندلعت في 23 سبتمبر (أيلول) 2024، وتوقفت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إثر توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية برعاية أميركية.


«تسريبات الأسد»: شتائم للغوطة وسخرية من جنوده

الأسد يقود سيارته في الفيديوهات التي بثتها قناة «العربية/ الحدث» (الشرق الأوسط)
الأسد يقود سيارته في الفيديوهات التي بثتها قناة «العربية/ الحدث» (الشرق الأوسط)
TT

«تسريبات الأسد»: شتائم للغوطة وسخرية من جنوده

الأسد يقود سيارته في الفيديوهات التي بثتها قناة «العربية/ الحدث» (الشرق الأوسط)
الأسد يقود سيارته في الفيديوهات التي بثتها قناة «العربية/ الحدث» (الشرق الأوسط)

وسط انشغال السوريين، على المستويين الرسمي والشعبي، باحتفالات الذكرى الأولى لإطاحة نظام الرئيس بشار الأسد، ظهرت مقاطع فيديو له وهو يتحدث إلى مستشارته الإعلامية لونا الشبل، خلال جولة وهو يقود سيارة في محيط العاصمة دمشق قبل سنوات.

وبينما أشار سوريون إلى أن الأسد تحدث عن سوريا بقرف وخجل، أظهر آخرون عدم اكتراثٍ بما جاء في التسريبات، وحمدوا الله على أنه «أصبح في خبر كان».

واعتبر آخرون أن ما كشفته التسريبات بصوت الأسد يشير إلى أنه سقط مرة ثانية الآن في أعين مناصريه والذين قاتلوا إلى جانبه في سوريا ومن دول الجوار، بعدما سقط في المرة الأولى عسكرياً بدخول فصائل المعارضة دمشق، وإطاحة نظامه قبل سنة من الآن.

وبثت قناة «العربية/ الحدث» السبت، تسجيلات مصوَّرة حصرية تجمع الأسد بمستشارته السابقة لونا الشبل، التي قُتلت في ظروف غامضة عام 2024؛ إذ قيل وقتها إنها توفيت بحادث سير؛ لكن معلومات أخرى أشارت إلى أن الحادث كان مدبراً.

وظهر الأسد في أحد المقاطع وهو يوجِّه شتائم حادة متعلقة بالغوطة، قائلاً: «يلعن أبو الغوطة»، قائلاً لفريقه من الغوطة: «سندخل (منطقة) سقبا وكأني لا أعلم أنها (تحررت)».

كما تتضمن التسجيلات التي بثتها «العربية» مشاهد يسخر فيها الأسد ولونا الشبل من جنود سوريين ظهروا وهم يقبِّلون يد الرئيس المخلوع خلال لقاءات سابقة.

وفي مقطع آخر، قال الأسد للونا الشبل إنه لا يشعر بشيء عند رؤية صوره بالشوارع، وذلك بعد سؤالها له عمَّا يشعر به عند رؤية صوره بالشارع.

دمار من جرَّاء المعارك بين قوات الأسد وفصائل المعارضة السابقة في مخيم اليرموك بضواحي دمشق (إ.ب.أ)

كما أظهرت التسجيلات أن بشار الأسد ولونا الشبل وجَّها سخرية لاذعة تجاه الشرطة السورية ووزير الداخلية، وقالت مستشارته: «شو مبسوط وزير الداخلية بالشرطة تبعه، وكل شوية ينزلوله خبر على الفيس».

وعن الوضع في سوريا، قال الأسد: «لا أشعر بالخجل فقط؛ بل بالقرف». أما لونا الشبل فسخرت -من جهتها- من اللواء سهيل الحسن، قائلة: «مو فاضي، حاطط رجله على جبل قاسيون وعم يتصوَّر، ومعه مرافقون روس».

وفي مقطع آخر، ظهر الأسد وهو يسخر من اسم عائلته، قائلاً: «يجب تغييره باسم حيوان آخر».

واستقبل بعض السوريين تلك التسريبات باستخفاف؛ إذ عبَّر الصحافي وائل يوسف (40 عاماً) عن عدم اهتمامه، قائلاً إن «أصحاب هذه (الفيديوهات) أصبحوا من الماضي»، مضيفاً أنه يزعجه النظر إليهم وسماع أصواتهم. وتابع مستدركاً: «لكن يبدو أن الخوارزميات تفرضهم علينا». وقال: «أنا شخصياً لم أقدر على الاستماع لبشار حتى عندما (كان) يلقي خطاباً يُفترض أنه مهم، وإذا كنت مضطراً فإنني أقرأه مكتوباً، واليوم -والحمد لله- أصبحوا في خبر كان».

وقال رضوان (50 عاماً)، وهو من أهالي حي جوبر بدمشق الذي دمَّرته قوات الأسد: «نحن نعرف أنه أهبل (عبيط)، ولذلك ثُرنا عليه. عندما كان يقصفنا بالطائرات كنا نقول: من المستحيل أن يكون بشار الأسد سورياً؛ لأن عداءه لسوريا والسوريين غير طبيعي، والفيديوهات أثبتت ذلك، وقد شتم الغوطة وأهلها لأنها كانت مخرزاً في عينه».

سوريون يحتفلون بذكرى سقوط الأسد في دمشق يوم 5 ديسمبر الحالي (أ.ب)

وقالت المحامية نبال حمدون التي تتحضر للاحتفال بـ«عيد التحرير» مع أصدقائها: «لم نفاجأ بكلام الأسد، فقد عبَّر عنه فعلاً خلال 14 عاماً من القتل والتدمير. وإذا كانت سوريا مقرفة فالسبب فساد حكمه وحكم أبيه (الرئيس الراحل حافظ الأسد)». وأردفت: «الذين استحوا ماتوا».

أما المهندس بدر رحمة، فعبَّر عن فضوله الشديد لمعرفة إحساس الأسد وهو يراقب من موسكو الاحتفالات التي تشهدها سوريا في ذكرى سقوط نظامه، و«هل سيرى صوره تحت أقدامنا ما دام لم يكن يراها وهي معلَّقة (في الشوارع السورية) رغماً عنا في كل مكان». وقال: «أمنيتي معرفة شعور من كانت تطلب منهم لونا الشبل الصمود، وهم يسمعون اليوم صوتها تضحك وتسخر من ولائهم لرئيسها»، وكذلك «شعور الذين ما زالوا يعلِّقون الآمال على عودته مع شقيقه (ماهر) المدمن».


التأخر بإعادة إعمار الجنوب يفجّر الاحتقان ضد الدولة اللبنانية و«حزب الله»

جنود من الجيش اللبناني أمام مبنى استُهدف بغارة جوية إسرائيلية في قرية دير كيفا جنوب لبنان الشهر الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني أمام مبنى استُهدف بغارة جوية إسرائيلية في قرية دير كيفا جنوب لبنان الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

التأخر بإعادة إعمار الجنوب يفجّر الاحتقان ضد الدولة اللبنانية و«حزب الله»

جنود من الجيش اللبناني أمام مبنى استُهدف بغارة جوية إسرائيلية في قرية دير كيفا جنوب لبنان الشهر الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني أمام مبنى استُهدف بغارة جوية إسرائيلية في قرية دير كيفا جنوب لبنان الشهر الماضي (أ.ف.ب)

عكست الوقفات والتحركات الاحتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين، ما اضطر كثيرين للخروج وبدء حياة جديدة خارج قراهم.

وقبل أسبوعين، قام أحد المواطنين في بلدة الطيبة (جنوب لبنان)، بقطع الطريق أمام منزله الذي تضرر جراء غارة إسرائيليّة طالت المكان.

وقبله، أقدم عدد من أهالي دير سريان على إقفال الطريق في البلدة، فأشعلوا الإطارات على أطراف الشارع، احتجاجاً على التأخر في تعويض أصحاب الآليات المستهدفة. أما في حولا، فظهر أحد المواطنين في مقطع فيديو، قائلاً إن خسائره لا تقل عن 6 ملايين دولار، مطالباً الدولة بالتعويض لأهل الشريط الحدودي، أسوة بما حصل في مناطق أخرى.

وتأتي هذه التحركات بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحياة المأساوية التي يعيشها سكان البلدات الحدودية، الذين ما زالوا يختبرون تجربة النزوح بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم، ولم يحصلوا على تعويضات إعادة الإعمار بعد، علماً بأن الاستهدافات الإسرائيلية لا تزال شبه يوميّة هناك، والأضرار قابلة للازدياد أكثر مع الوقت.

لحظة تدمير منزل في بلدة المجادل بقصف إسرائيلي يوم الخميس الماضي (أ.ف.ب)

ولا يكترث أبناء هذه القرى للجهة التي ستكون قادرة على تأمين الأموال ودفعها لهم، كي يتمكنوا من إعادة إعمار أحيائهم وبلداتهم هناك، فهم ينفذون احتجاجاتهم ووقفاتهم الفردية، أو على شكل مجموعات، في وجه «حزب الله» والدولة اللبنانية على حد سواء.

رفع الصوت

ويقول منسّق تجمع أبناء القرى الحدودية الجنوبية طارق مزرعاني، إن مثل هذه التحركات التي تُعد خجولة حتى الآن، ستتكرر دائماً بهدف رفع الصوت عالياً.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «مطالب الأهالي تذهب في الاتجاهين، الدولة والأحزاب؛ إذ لا يهم الناس من هي الجهة التي ستقوم بالتعويض»، ويتابع: «الدولة لا تزال غائبة هناك، ولكنها تقوم ببعض التقدم على مستوى الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه».

ويلفت مزرعاني إلى أمر آخر يسعى المحتجون إلى تحقيقه، وهو تحسين واقع النازحين من هذه القرى، الذين يواجهون أزمة حقيقية، بعد أن فقدوا ما لديهم من رزق ومال ومصالح، وباتوا غير قادرين على دفع كلفة معيشتهم الأساسية؛ كدفع بدل إيجارات المنازل التي نزحوا إليها، وكلفة الطبابة، وغيرهما من الأمور.

من هنا، يؤكد مزرعاني أن بعض أبناء هذه القرى يعلمون بصعوبة تحصيلهم تعويضات إعادة الإعمار، لكنهم يطالبون الأحزاب الفاعلة في المنطقة والدولة اللبنانية بالوقوف إلى جانبهم وتحسين واقعهم، ويضيف: «منذ تأسيس التجمع، قبل نحو ستة أشهر، لمسنا تأثيره الحقيقي، ولكننا حتّى اليوم لم نرَ أي قرارات فعلية على الأرض».

القرى شبه متروكة

وكانت «كتلة التنمية والتحرير» التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، استضافت، في الشهر الماضي، لقاءً تنسيقياً في «مجمع نبيه بري الثقافي» في المصيلح، لوضع استراتيجية لإعادة الإعمار، بحضور وزراء وممثلين عن جهات رسمية وأهلية، وتمت مناقشة الواقع الميداني.

ولا يزال الجنوبيون ينتظرون موافقة البرلمان اللبناني على قرض البنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار لإعادة إعمار البنى التحتية التي تضررت جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وتعثر إقراره إثر مقاطعة قوى سياسية، بينها «القوات اللبنانية» و«قوى التغيير»، لجلسات البرلمان؛ بسبب الخلاف على قانون الانتخابات.

لبنانيون يراقبون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وفي هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي الأمين، إن بروز مثل هذه التحركات «أمر طبيعي؛ لأن هذه القرى شبه متروكة»، ويتابع: «تأتي هذه الاحتجاجات في وجه من أدار ظهره للناس، وفي ذهنهم أن مواقفه أي (حزب الله)، تسهم في إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للمعالجة»، على اعتبار أن مسألة حصرية السلاح هي شرط أساسي من أجل تمكين لبنان من إعادة الإعمار.

وتأتي أيضاً في سياق الضغط على الدولة اللبنانية التي «هي إلى حد كبير عاجزة»، وفق ما يقول الأمين، والذي يرى أن «الموقف الإسرائيلي الذي يمنع أي محاولة لإعادة الإعمار، والحديث عن تحويل هذه القرى إلى منطقة عازلة وغير قابلة للعيش وتحت سيطرة إسرائيلية مباشرة أو غير مباشرة، كل هذا الوضع القائم يثبت أن لا إعادة إعمار في الوقت الراهن».

عقدة سياسية دولية

ويرى الأمين أن هناك أهمية كبيرة لمثل هذه التحركات؛ إذ «رغم كل ما سبق، ورغم القبضة الأمنية الممارسة من قبل (حزب الله) على الناس، والكلفة العالية التي قد يدفع ثمنها أبناء القرى المحتجين، مثل التهديد بعدم دفع التعويضات مستقبلاً، والذي قد يكون الباب الوحيد لهم، فإنهم يرفعون الصوت عالياً».

مع العلم أن منازل وأرزاق سكان هذه المناطق مدمرة بالكامل، على عكس المناطق الأخرى التي تضررت فيها المنازل والمصالح بشكل جزئي أو كامل.

ويضيف الأمين: «هناك عقدة سياسية إقليمية دولية، والناس على دراية بأن مطالبهم ليست سهلة التحقيق في ظل الظروف الراهنة، إلا أنهم يرفعون الصوت، وهذا أضعف الإيمان؛ للتعبير عن وجعهم مما أصابهم»، وبأن «تراكم الاحتجاجات سيساعد حتماً باتجاه تحريك ومعالجة هذا الملف في المستقبل».