إسرائيل تمنع مفوض «أونروا» من دخول رفح... ومصر تُجدد دعم الوكالة

شكري أكد مواصلة جهود «وقف إطلاق النار»

وزير الخارجية المصري (يمين) والمفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني (الاثنين) في القاهرة (رويترز)
وزير الخارجية المصري (يمين) والمفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني (الاثنين) في القاهرة (رويترز)
TT

إسرائيل تمنع مفوض «أونروا» من دخول رفح... ومصر تُجدد دعم الوكالة

وزير الخارجية المصري (يمين) والمفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني (الاثنين) في القاهرة (رويترز)
وزير الخارجية المصري (يمين) والمفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني (الاثنين) في القاهرة (رويترز)

استُؤنفت، الاثنين، في العاصمة القطرية الدوحة مفاوضات «التهدئة» في قطاع غزة بمشاركة مصرية؛ في وقت أعربت فيه مصر عن «دعمها الكامل» لمواصلة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، دورها وعملها، بينما منعت إسرائيل مفوض «أونروا» فيليب لازاريني من زيارة مدينة رفح الفلسطينية.

ووصف وزير الخارجية المصري سامح شكري دور «الأونروا» بأنه «لا غنى عنه في تقديم المساعدات لقطاع غزة والفلسطينيين»، منوها بأن الدور المحوري الذي تقوم به الوكالة «يجب أن يستمر دعمه».

وأشار شكري خلال مؤتمر صحافي عقده في القاهرة، الاثنين، مع المفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني، إلى القرارات المتخذة لوقف تمويل الوكالة من جانب دول عدة نتيجة بعض الاتهامات، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك أدلة، ويجب ألا يجري تشويه مصداقية 40 ألفاً من الموظفين والمنظمة التي عملت عقوداً طويلة لدعم الفلسطينيين ليس فقط في فترة الأزمة، ولكن أيضاً لدعم اللاجئين الفلسطينيين في سوريا والأردن والمناطق المختلفة.

وقامت نحو 14 دولة، الشهر الماضي، بتعليق تمويلها لوكالة «الأونروا»، في أعقاب مزاعم إسرائيل بأن 12 من موظفي الوكالة البالغ عددهم 13 ألفاً في غزة متورطون في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وضمت قائمة الدول التي أعلنت وقف تمويلها لوكالة «الأونروا»، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليابان وأستراليا وفرنسا والنمسا وسويسرا وفنلندا وكندا ورومانيا وهولندا ونيوزيلندا.

شعار «الأونروا» على شاحنة إغاثة تمر عبر معبر رفح (أرشيفية - رويترز)

وأشاد وزير الخارجية المصري بدور «الأونروا» في تقديم المساعدات رغم استمرار العمليات العسكرية، وفقدان سبل الحياة الأساسية بقطاع غزة، مؤكداً دعم مصر مفوض عام «الأونروا» بصورة كاملة، وإدارته للمنظمة والعاملين، ولفت إلى أن تمويل الوكالة «يجب أن يستمر وعلى المجتمع الدولي أن يدرك أن (الأونروا) إن اختفت من الوجود فعليهم أن يضطلعوا بالعبء المعنوي وعواقبه والمسئولية التي تضطلع بها الوكالة».

ورداً على سؤال بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار، قال شكري هناك مناقشات تجري في قطر بمشاركة مصر والولايات المتحدة، مؤكداً مواصلة الجهود لوقف إطلاق النار، وخلق الظروف الملائمة، وتقديم المساعدات الإنسانية بالمستوى المطلوب، لمواجهة الوضع الإنساني «السيئ جداً هناك، والمجاعة التي تلوح في الأفق».

أزمة غير عادية

ومن جانبه، وصف المفوض العام لـ«الأونروا» الأزمة التي يشهدها قطاع غزة بأنها «أزمة غير عادية» بالنظر للعدد الكبير من المدنيين الذين فقدوا حياتهم بخلاف عدد الأطفال والذي يتخطى عدد الأطفال الذين قُتلوا في الحروب الأخرى، فضلاً عن الصحافيين وموظفي الأمم المتحدة الذين فقدوا حياتهم خلال هذه الأزمة.

وكشف لازاريني عن أنه كان يعتزم زيارة مدينة رفح الفلسطينية، لكن جرى إبلاغه برفض دخوله إلى المدينة من جانب الحكومة الإسرائيلية، وهو ما علق عليه وزير الخارجية المصري واصفاً القرار الإسرائيلي بمنع دخول مفوض «الأونروا» إلى رفح بأنه «خطوة غير مسبوقة تجاه مسؤول بمثابة مساعد للأمين العام للأمم المتحدة أن يجري منع دخوله للاضطلاع بمسؤوليته».

وأشار مفوض «الأونروا» إلى أن الإسقاط الجوي للمواد الغذائية على بعض المناطق في غزة «عملية تكميلية، ولا تعبر عن الاستجابة الكاملة، لكن الاستجابة الحقيقية هي فتح المعبر، وأن تتدفق المساعدات الإنسانية والشاحنات».

وأضاف أن محكمة العدل الدولية أصدرت في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي أمراً تضمن دعوة لزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة، ومع ذلك انخفضت المساعدات بنحو 50 بالمائة، ثم زادت في مارس (آذار) الحالي، مشيراً إلى «أننا نتسابق مع الزمن لمواجهة تأثير انتشار المجاعة والجوع في غزة».

فلسطينيون ينتظرون تلقي مساعدات (الاثنين) خارج مستودع لـ«الأونروا» في غزة (رويترز)

وأوضح لازاريني أن الأمم المتحدة دفعت ثمناً باهظاً خلال الحرب الجارية في غزة؛ حيث إنه بالإضافة إلى موظفي «الأونروا» الذين قُتلوا، فإن هناك 150 من المنشآت التابعة للأمم المتحدة التي جرى تدميرها تماماً، وأكثر من 400 شخص من الأمم المتحدة قُتلوا أثناء سعيهم للحصول على الحماية، فضلاً عن إصابة نحو 1000 آخرين.

وتتجاوز أهمية «الأونروا» بالنسبة للفلسطينيين مجرد الحصول على الخدمات الحيوية، فهم ينظرون إلى وجودها على أنه يرتبط بالحفاظ على حقوقهم بوصفهم لاجئين خصوصاً أملهم في العودة إلى ديارهم التي طُردوا منها هم أو أسلافهم خلال الحرب التي صاحبت قيام إسرائيل على أرض فلسطين عام 1948.

وتأسست «الأونروا» عام 1949 لتقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين، وتقدم حالياً خدماتها لنحو 5.9 مليون فلسطيني في جميع أنحاء المنطقة، كما يلتحق بمدارسها أكثر من نصف مليون طفل، وتستقبل عياداتها أكثر من 7 ملايين زيارة كل عام وفق موقعها الإلكتروني.

سلاح التجويع

ويشير السفير حازم خيرت، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، وسفير مصر الأسبق لدى إسرائيل، إلى أهمية الدعم الإقليمي والدولي لمنظمة «الأونروا» بوصفها أبرز المنظمات الأممية المعنية بدعم الفلسطينيين، ليس فقط داخل الأراضي المحتلة فقط، ولكن أيضاً في كثير من الدول التي يقيمون فيها مثل لبنان والأردن.

وأوضح خيرت لـ«الشرق الأوسط» أن استخدام إسرائيل سلاح التجويع وحرمان ملايين الفلسطينيين من الحصول على المساعدات الكافية يمثل «جريمة حرب»، لافتاً إلى أهمية أن تسهم جميع دول المنطقة والعالم في الضغط على إسرائيل لوقف إعاقتها دخول تلك المساعدات.

واعتبر أن لجوء دول عدة من بينها مصر لإسقاط المساعدات جواً «دليل على ما تواجهه منظومة إدخال المساعدات من عقبات إسرائيلية»، وأضاف أن ضرب مقار «الأونروا» ومحاولة إخراجها من قطاع غزة يمثل «محاولة إسرائيلية متعمدة للإمعان في حصار الشعب الفلسطيني سعياً لتهجيره قسرياً».

نازحون فلسطينيون في مدرسة لـ«الأونروا» قبل أسبوع في رفح جنوب غزة (أ.ف.ب)

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال في 31 يناير الماضي إنه «يجب أن نستبدل بـ(الأونروا) وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة ووكالات مساعدات أخرى إذا أردنا حل مشكلة غزة حسبما نخطط».

وانتقدت مصر مرات عدة سواء في تصريحات لمسؤولين أو في بيانات رسمية وضع إسرائيل عراقيل أمام دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطلع الأسبوع الماضي، على أن مصر «لم تغلق معبر رفح نهائياً»، مؤكداً أن بلاده حريصة على فتح معبر رفح 24 ساعة يومياً.

وسبق أن حمّل السيسي إسرائيل المسؤولية عن وضع عقبات أمام تدفق المساعدات بكميات كافية وبوتيرة منتظمة، وأشار في يناير الماضي، إلى أن الإجراءات الإسرائيلية «جزء من كيفية ممارسة الضغط بخصوص مسألة إطلاق سراح الرهائن».


مقالات ذات صلة

«الصليب الأحمر»: الوضع في غزة مروّع... ولن نكون بديلاً لـ«أونروا»

خاص حثّّت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لاعتماد قواعد ملزمة قانوناً بشأن منظومات الأسلحة ذاتية التشغيل (الصليب الأحمر)

«الصليب الأحمر»: الوضع في غزة مروّع... ولن نكون بديلاً لـ«أونروا»

في المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا، تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أهمية التمسك بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين، باعتبارهما حجر الزاوية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزّعته وكالة «الأونروا» في دير البلح بقطاع غزة (رويترز)

السويد توقف تمويل «الأونروا» وتزيد إجمالي المساعدات إلى غزة عبر قنوات أخرى

قالت السويد إنها ستتوقف عن تمويل وكالة «الأونروا»، وستزيد بدلاً من ذلك إجمالي المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر قنوات أخرى.

شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الجامعة العربية تُحذر من تدهور سريع للوضع الإنساني في قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجامعة العربية تُحذر من تفاقم «المجاعة المروعة» في غزة

حذرت جامعة الدول العربية، الأحد، من تفاقم «المجاعة المروعة» و«الكارثة الإنسانية» في قطاع غزة، جراء العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

شهدت العاصمة المصرية، الاثنين، مؤتمر «القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، بتنظيم مصري - أممي وحضور فلسطيني، ومشاركة 103 وفود لدول ومنظمات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نتنياهو يجيز للمفاوضين استكمال محادثات وقف إطلاق النار في غزة

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يجيز للمفاوضين استكمال محادثات وقف إطلاق النار في غزة

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

أجاز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الخميس، للمفاوضين مواصلة المباحثات في الدوحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال مكتب رئيس الوزراء، في بيان، إن نتنياهو «أجاز لوفد من الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجية) والشين بيت (جهاز الاستخبارات الداخلية) والجيش، مواصلة المفاوضات في الدوحة»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويأتي ذلك عقب تبادل إسرائيل والحركة الفلسطينية الاتهامات بشأن عرقلة مساعي التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المستمرّة منذ أكثر من عام في القطاع المدمّر.

وتقول الإحصاءات الإسرائيلية إن الهجوم الذي شنه مسلحون بقيادة حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل 1200 شخص واختطاف 251 رهينة والعودة بهم إلى قطاع غزة.